` `

كورونا سلاحاً بيولوجياً أم هي الحرب الإعلامية بين أميركا والصين؟

أسماء الغول أسماء الغول
صحة
10 فبراير 2020
كورونا سلاحاً بيولوجياً أم هي الحرب الإعلامية بين أميركا والصين؟

لا يمكن إثبات أنَّ انتشار فايروس كورونا جزء من مؤامرة كبرى في الحرب الباردة بين الصين وأميركا، لكن ما يمكن إثباته هي تلك الحرب الدعائية الدائرة الآن بينهما على الصفحات الإعلامية حيث يتهم كل منهما الآخر بأنه متسبب في الفايروس، وانتشاره.

فبعد أن انتشرت على صفحات صينية ثم عالمية أنباء أنَّ الفايروس صناعة أميركية، وحاصل على براءة اختراع، وهو ما أثبت "مسبار" في تقرير سابق أنه عار عن الصحة، فالفايروس الحاصل على براءة الاختراع هو فايروس التهاب الشعب الهوائية المعدي (IBV)، وهو فايروس كورونا يصيب الدواجن فقط، عندئذ بدأت المواقع الأميركية تروّج أنَّ الصين كانت تصنع سلاحاً بيولوجيًّا في معملها بمدينة ووهان حين هرب الفايروس من مختبراتها.

وما ساعد هذه المواقع على نشر الأخبار المشكوك بها تقرير على موقع " Nature" بعنوان "داخل مختبر صيني يدرس أخطر مسببات الأمراض في العالم"، فقد أُعيد نشرهُ مئات المرات على الرغم من أنَّ المقال منشور منذ عام 2017 لكن تم تداوله بكثافة من جديد.

 وهذا ما دفع كاتب المقال لتحديث ملاحظة في يناير/كانون الثاني المنصرم، قال فيها "عززت العديد من القصص نظرية لم يتم التحقق منها مفادها أنَّ مختبر ووهان الذي ناقشته في هذا المقال لعب دوراً في تفشي فايروس كورونا الذي بدأ في ديسمبر/كانون أول 2019. ولا يوجد أي دليل على صحة ذلك، ويعتقد العلماء أن المصدر المحتمل لفايروس كورونا هو سوق للحيوانات".

صورة متعلقة توضيحية

صورة متعلقة توضيحية

وكان المقال تحدث وقتها عن المختبر النادر مثيله في العالم، وأنه كلف الحكومة الصينية لبنائه في ووهان حتى الآن 44 مليون دولاراً أميركياً، ويركز على مكافحة الأمراض الناشئة، وتخزين الفايروسات النقية، كما يعمل بمثابة "مختبر مرجعي" تابع لمنظمة الصحة العالمية ويرتبط بمختبرات مماثلة في أنحاء العالم.

أما الموافقة على بناء المختبر فجاءت من الأكاديمية الصينية للعلوم في عام 2003، وتم تصميم المختبر وبناؤه بمساعدة فرنسية كجزء من اتفاقية تعاونية لعام 2004 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية الناشئة ومكافحتها. لكن تعقيد المشروع، ونقص خبرة الصين، وصعوبة الحفاظ على التمويل وإجراءات الموافقة الحكومية الطويلة جعلت البناء يكتمل في نهاية عام 2014.

ويضيف المقال أنَّ المختبر يدرس الفايروس الذي يسبب حمى نزيف القرم والكونغو: فايروس قاتل تنقله الماشية ويؤثر على الماشية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في شمال غرب الصين، ويمكنه الانتقال إلى البشر، ودراسة العوامل المسببة للأمراض التي تسبب السارس، قبل الانتقال إلى فايروس إيبولا وفايروس لاسا في غرب أفريقيا، وذلك لأن حوالي مليون صيني يقيمون في إفريقيا. يقول يوان مدير المعهد إنَّ البلاد بحاجة إلى الاستعداد لأي احتمال. "الفايروسات لا تعرف الحدود".

وحين أعادت المواقع نشر المقال، فعلت ذلك في سياق مختلف وضمن تأويلات مغايرة تماماً؛ فمثلا مقال في الموقع الأميركي نهاية الحلم الأميركي، بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني المنصرم، قال: "إن أول مختبر في الصين للسلامة الإحيائية على بعد 20 ميلًا فقط من السوق الذي نشأ فيه هذا المرض، وذكر تقرير إخباري عن هذا المختبر منذ بضع سنوات أنه يدرس فيه العوامل المسببة للأمراض التي تسبب السارس، بالطبع كان سبب مرض السارس هو فايروس كورونا، والآن تم إطلاق فايروس كورونا جديد في المدينة الصينية الوحيدة التي أجريت فيها أبحاث فايروس كورونا".

صورة متعلقة توضيحية

ولم يمر وقت طويل حتى قامت جريدة واشنطن تايمز، والتي من المفترض أنها من ضمن الصحف الأميركية العريقة بتأكيد هذه النظرية على صفحاتها بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني، حين استندت في فرضيتها على مقال موقع  Natureوبناء عليه صاغت أسئلتها التي وجهتها في مقابلة مطولة إلى داني شوهام، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية درس الحرب البيولوجية الصينية.

وقال في إجابته عبر البريد الإلكتروني أن المعهد مرتبط ببرنامج الأسلحة البيولوجية السري لبكين، مضيفاً " جرت دراسة فايروسات كورونا، وخاصة فايروس سارس في المعهد، وأدرج سارس في برنامج الأسلحة البيولوجية الصيني، بشكل عام، ويجري التعامل معه في العديد من المنشآت ذات الصلة".

وتابع أنه ليس معروفاً ما إذا كانت فايروسات كورونا التابعة للمعهد مدرجة على وجه التحديد في برنامج الأسلحة البيولوجية الصيني، ولكنه أمر ممكن.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان فايروس كورونا الجديد تسرب من المعهد، أجاب أنه من الممكن من حيث المبدأ، فقد ينتقل الفايروس إلى خارج المعهد، إما في صورة تسرب أو على صورة عدوى داخلية غير ملحوظة لشخص يدخل ويخرج عادة من المنشأة المعنية، وربما يكون هذا هو الحال بالنسبة لمعهد ووهان لعلم الفايروسات، مستدركاً "لكن حتى الآن لا يوجد دليل أو إشارة على وقوع مثل هذا الحادث".

ويشرح شوهام، الذي يعمل الآن مع مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية، بجامعة بار إيلان في إسرائيل، إن معهد علم الفايروسات هو الموقع المعلن الوحيد في الصين، والمعروف باسم P4 للعوامل المُمرضة من المستوى الرابع، وهذا يعني أن المعهد يستخدم أكثر معايير السلامة صرامة لمنع انتشار الميكروبات الأكثر خطورة وغرابة، التي يجري دراستها فيه.

وأضاف أن الشكوك أثيرت حول معهد ووهان لعلم الفيروسات، عندما أرسلت مجموعة من علماء الفايروسات الصينيين الذين يعملون في كندا عينات أكثر الفايروسات فتكاً على الأرض إلى الصين عن طريق الخطأ، بما في ذلك فايروس إيبولا.

صورة متعلقة توضيحية

 مجلة فويرن بوليسي سرعان ما ردت على هذه المعلومات التي أوردتها "واشنطن تايمز"، ورأت أنها ما هي إلا محل هراء ومؤامرات وتضليل، واصفة المقابلة بذات الميل الأيديولوجي خاصة ربط تفشي الفايروس بمختبر عسكري في ووهان.

ونبهت المجلة في مقالها بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني المنصرم، أن شوهام لم يدعم مطلقًا الادعاء الوارد في القصة بأن تفشي المرض نشأ عن سلاح بيولوجي بأي دليل لديه، إلا أن منافذ إعلامية أخرى التقطت الفكرة وتماشت معها كمحطة إذاعة تكساس KPRC التي نشرت القصة على موقعها، وخلصت إلى أن "بعض خبراء المخابرات يعتقدون أن قسم الأسلحة البيولوجية التابع للجيش الصيني ربما يكون مسؤولاً".

وسرعان ما تحدثت كاتبة العمود في "تورنتو صن" كانديس مالكولم خلال برنامجها على يوتيوب عن نظرية الأسلحة البيولوجية التي يؤكدها خبراء استخبارات، متسائلة: "لماذا لا تتحدث وسائل الإعلام الرئيسية عن أصل هذا الفايروس القاتل؟ هل يمكن ربطها ببرنامج الحرب البيولوجية في الصين؟ ".

صورة متعلقة توضيحية

وانتقدت "فورن بوليسي" ما قاله شوهام بقوة، مؤكدة أنه مجرد تخمين واستعراض لنظرية المؤامرة، وفعلها قبل ذلك في عام 2017 حين ذهب إلى راديو سبوتنيك، ذراع الدعاية للحكومة الروسية، حسب وصفها، للإشارة إلى أن تنظيم داعش نقل على الأرجح قدرات الأسلحة الكيميائية إلى خلاياه النائمة في الغرب.

وذكرت أنَّ موقع GameIndia Great الذي يحظى بأكثر من نصف مليون متابع على حسابه في تويتر أعاد كلام شوهام، وهو موقع صغير لبث نظرية المؤامرة والذي من بين أمور أخرى قال إن المخابرات البريطانية مسؤولة عن إسقاط شركة الطيران الماليزية رقم 17 فوق أوكرانيا في عام 2014، كما نشر تقارير الأسبوع الماضي تدعي بيع باحثين كنديين هذه السلالة من فايروس كورونا إلى الصين .

وأوضحت فورين بوليسي "هذه الادعاءات غير صحيحة بشكل واضح، فقد كانت الشحنة المفترضة لفايروس كورونا عام 2018 بالنسبة لسلالة MERS، وليست فايروس كورونا الجديد الذي ينتشر حالياً في ووهان".

وفي رد على نظرية الأسلحة البيولوجية وكون الفايروس تم تصميمه عمداً باستخدام متواليات بروتين فايروس نقص المناعة البشرية، قامت مجموعة من علماء المعلومات الحيوية في جامعتين مرموقين في دلهي بالهند، بنشر مخطوطة علمية أشارت إلى أن الفايروس ذو أصل حيواني المنشأ، وليس سلاحًا بيولوجياً، فلا يوجد أي دليل على ذلك.

وأوضحت الورقة العلمية أن تحليل التسلسل للعناصر الفريدة لجينوم 2019-nCoV لوحظ خلالها بعض أوجه التشابه مع عناصر فايروس نقص المناعة البشرية الجينوم، وأوجه التشابه هذه لم تكن قد نشأت بشكل عشوائي ما يغفر للناس القفز مباشرة إلى كونها سلاحاً حيوياً.

صورة متعلقة توضيحية

وبطبيعة الحال، ما هي إلا ساعات حتى انتقل هوس الحشود بوجود خطط لحرب بيولوجية إلى الشرق الأوسط، وبدأت المواقع والفيديوهات توجه أصابع الاتهام إلى مختبرات مدينة ووهان، وسباق الصين نحو امتلاك سلاح الحرب البيولوجية.

صورة متعلقة توضيحية

صورة متعلقة توضيحية

صورة متعلقة توضيحية

المصادر:

واشنطن تايمز

Nature

الفورين بوليسي

The prepared

 أيسر الخفاجي

أسامة قسوم

مجلة ميم

MoncefComputer

الأكثر قراءة