` `

دراسة: كيفية مكافحة الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة 1

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
تكنولوجيا
17 فبراير 2020
دراسة: كيفية مكافحة الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة 1

كيف يتلقى الجمهور الأمريكي الأخبار؟ وهل يثق بإعلام بلده؟

وصلت الصحافة في عصرنا الحالي إلى حالة من التدفق السريع -من ناحية– فقد أطلقت المنصات الإلكترونية الجديدة ممارسات صحفية مبتكرة تتيح أشكالاً جديدة من التواصل، وامتداداً عالميًّا أكبر من أيِّ وقت مضى في تاريخ البشرية. لكن من ناحية أخرى، فإنَّ التضليل والخداع المعلوماتي الذي يشار إليه على أنه "أخبار مزيفة" يتسارع ويؤثر على الطريقة التي يفسر بها الناس التطورات اليومية من حولهم، مُقادين بعناصر خارجية، وصحافة داخلية، وانتشار أخبار الراديو والفضائيات، لذا أصبحت العديد من أنظمة المعلومات أكثر استقطاباً وإثارةً للجدل من غيرها، في حين أنَّ هناك انخفاضاً حاداً في ثقة الجمهور بالصحافة التقليدية. تشكل الأخبار المزيفة وحملات التضليل الإعلامي مُشكِلة معقدة في الأنظمة الديمقراطية، وهناك جدل متزايد حول كيفية معالجة هذه القضايا دون إلغاء فوائد الوسائط الرقمية والإلكترونية؛ من أجل الحفاظ على نظام ديمقراطي منفتح، وهنا يصبح من المهم أن تعمل الحكومة وقطاع الأعمال والمستهلكون معاً لحل هذه المشاكل.

ينبغي للحكومات أن تروّج لتقوية المعرفة ومحو أمية وجهل الأخبار والصحافة المهنية في مجتمعاتها، كما يجب أن توفر صناعة الأخبار صحافة عالية الجودة من أجل بناء ثقة الجمهور، وتصحيح الأخبار الوهمية والمعلومات المضللة دون جعلها شرعية، ويجب أيضاً على شركات التكنولوجيا أن تستثمر في الأدوات والموارد التي تحدد الأخبار المزيفة، وتقلل من الحوافز المالية لأولئك الذين يستفيدون من المعلومات المضللة، وتحسين المهام والمسؤوليات الإلكترونية على الإنترنت.

يجب على المؤسسات التعليمية توعية الناس بأهمية محو أمية الصحافة والأخبار، وجعلها أولوية قصوى. أخيراً، يجب أن يتبع الأشخاص مجموعة متنوعة من مصادر الأخبار وعدم تركزيهم على مصدر واحد، وأن يشككوا فيما يقرؤونه ويشاهدونه دائماً حتى يتأكدوا من صحة الخبر.

حالة وسائل الإعلام والأخبار

تغير المشهد الإعلامي بشكل كبير خلال العقود الماضية؛ من خلال المصادر الرقمية والالكترونية، إذ أصبح هناك توسع هائل في مدى انتشار الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة العامة على مستوى العالم.

كما أصبح البحث عن الأخبار عبر الإنترنت -من خلال "غوغل" أو "تويتر" أو "فيسبوك" أو الصحف الرئيسية أو مواقع الإنترنت الإخبارية المحلية- في كل مكان، وأصبحت تنبيهات الهواتف الذكية وتطبيقات الأجهزة المحمولة تجلب أحدث التطورات للناس على الفور، وفي جميع أنحاء العالم؛ فاعتباراً من عام 2017، يقول 93% من الأميركيين، أنهم يتلقون الأخبار عبر الإنترنت، وعند سؤالهم، من أين حصلوا على الأخبار عبر الإنترنت خلال الساعتين الأخيرتين، قام 36% بتسمية موقع إنترنت أو تطبيق لمنظمة أخبار ما؛ 35% قالوا وسائل التواصل الاجتماعي (والتي تعني عادةً منشور من مؤسسة إخبارية، ويمكن أيضاً أن يكون تعليق لصديق)، بينما قال %20 محرك البحث على الإنترنت، وأشار 15% إلى رسالة بريد إلكتروني أو رسالة نصية أو تنبيه من مؤسسة الأخبار، وقال 9% أنه مصدر آخر، و7% ذكروا بريداً إلكترونياً أو رسالة نصية من أفراد العائلة. (انظر الشكل1).

الشكل1: مصدر حصول الناس على الأخبار عبر الإنترنت في الولايات المتحدة(2017)

صورة متعلقة توضيحية

*المصدر: مركز بيو للأبحاث، "كيف يصادف الأمريكيون ويتذكرون ويتصرفون الأخبار الرقمية"، 9 فبراير / شباط 2017.

بشكل عام، من المرجح أن يحصل الشباب على الأخبار من خلال مصادر عبر الإنترنت؛ فهم يعتمدون بشدة على الأجهزة المحمولة للاتصالات؛ فوفقاً لمركز بيو للأبحاث يتلقى 55% من مستخدمي الهواتف الذكية تنبيهات إخبارية على أجهزتهم، وحوالي 47% من الذين يتلقون هذه التنبيهات ينقرون عليها لقراءة القصة أو التقرير كاملاً؛ على نحو متزايد يمكن للناس تخصيص استلام المعلومات في تفضيلاتهم الشخصية.

على سبيل المثال يمكن الاشتراك في تنبيهات الأخبار عبر خدمات التطبيقات أو الرسائل القصيرة، من العديد من المؤسسات الإخبارية، حتى يسمع الأشخاص الأخبار ذات الصلة بمصالحهم الخاصة. إذن فإنه عبر مرور الزمن أصبح هناك تغييرات في مصادر الأخبار بشكل عام، يوضح (الشكل2)* النتائج من عام 2012 إلى عام 2017، حيث أنَّ الحاصل الأكبر كان في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في 2012-2013، بنسبة 27%، مقارنةً بـ51% في عام 2017؛ في المقابل، انخفضت نسبة الأميركيين الذين يعتمدون على الأخبار المطبوعة من 38 إلى 22%.

الشكل2: التغيير في مصادر الأخبار الإجمالية (2012-2017)

صورة متعلقة توضيحية

*المصدر: نيك نيومان، "مصادر الأخبار الرقمية"، معهد رويترز لدراسة الصحافة، 2017.

ووجد عدد من منظمات الأبحاث تحسينات كبيرة في سهولة الوصول الرقمي في جميع أنحاء العالم؛ على سبيل المثال، وثَّق مركز بيو للأبحاث من خلال استطلاعات الرأي في 21 دولة ناشئة، أنَّ استخدام الإنترنت قد ارتفع من 45% في عام 2013 إلى 54% في عام 2015، هذا الرقم لا يزال أقل من رقم الاستخدام البالغ 87%، الذي لوحظ في 11 دولة متقدمة، ولكن من الواضح أنه كانت هناك مكاسب كبيرة في العديد من الأماكن حول العالم.

وبالتالي يمكن الاستنتاج أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بشعبية كبيرة في العالم النامي؛ كما هو واضح في الشكل3، يعتمد 86% من مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط على شبكات الإنترنت الاجتماعية، مقارنة بـ 82% في أميركا اللاتينية، و76% في أفريقيا، و71% في الولايات المتحدة، و66% في آسيا والمحيط الهادئ، و65% في أوروبا.

الشكل 3: استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مناطق مختلفة (2016)

صورة متعلقة توضيحية

*المصدر: جاكوب بوشتر، "ملكية الهواتف الذكية واستخدام الإنترنت مستمر في الصعود في الاقتصادات الناشئة"، مركز بيو للأبحاث، 22 فبراير،2016.

بالإضافة إلى ذلك، أظهر معهد رويترز لدراسة الصحافة، تداولات مهمة في استهلاك الأخبار، فقد أظهرت حاصل كبير في الاعتماد على إشعارات أخبار الهاتف المحمول، وارتفعت نسبة الأشخاص الذين يستخدمون هذا المصدر في الولايات المتحدة بنسبة 8 نقاط مئوية، بينما كان هناك حاصل 7 نقاط مئوية في كوريا الجنوبية و4 نقاط مئوية في أستراليا؛ كما كانت هناك أيضًا زيادات في استخدام مجمّعي الأخبار، ومصادر الأخبار الرقمية، والمساعدين الرقميين الذين يتم تفعيلهم بالصوت.

انخفاض معدل الثقة في وسائل الإعلام

في الولايات المتحدة الأميركية، هناك تراجع في ثقة الجمهور بالصحافة التقليدية؛ سأل استطلاع لـ غالوب عدداً من الأميركيين، خلال العقدين الماضيين، عن مقدار الثقة والائتمان الذي لديهم في وسائل الإعلام التي تنقل الأخبار بالكامل وبدقة ونزاهة؛ كما هو واضح في (الشكل4)*، انخفضت النسبة المئوية للقول بأنَّ لديهم قدر كبير أو قدر لا بأس به من الثقة، من 53% في عام 1997 إلى 32% في عام 2016.

الشكل4: ثقة الجمهور في وسائل الإعلام التقليدية (1997-2016)

صورة متعلقة توضيحية

المصدر: غالوب، " ثقة الأمريكيين في وسائل الإعلام تغرق إلى مستوى منخفض جديد"، 14 سبتمبر، 2016.

يتساءل كثير من الأميركيين عن دقة أخبارهم، بين التغطية الإخبارية التي لا تعجبهم والأخبار المزيفة ذات الطابع المتلاعب، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً، أنَّ 37% فقط، يعتقدون أنَّ "المؤسسات الإخبارية تعطي الحقائق صحيحة بشكل عام"، هذا أقل من حوالي نصف سكان البلاد الذين شعروا بهذه الطريقة في عام 1998.

وهناك أيضاً فجوة حزبية مذهلة في التقييمات العامة،  14% فقط من أتباع الحزب الجمهوري يعتقدون أنَّ وسائل الإعلام تنقل الأخبار بدقة، مقارنة بـ 62% للديموقراطيين؛ والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنَّ "الغالبية العظمى من البلاد تعتقد أنَّ المؤسسات الإخبارية الرئيسية تنتج معلومات كاذبة بشكل روتيني".

هذا الانخفاض في ثقة الجمهور في وسائل الإعلام أمر خطير بالنسبة للديموقراطية؛ مع الوضع السياسي الحالي في الولايات المتحدة، وحول العالم الذي يعد في حالة من التدفق الهائل، هناك أسئلة تتعلق بجودة المعلومات المتاحة لعامة الناس، وتأثير المنظمات الإعلامية الهامشية على تقييمات الناخبين؛ لقد أدت هذه التطورات إلى تعقيد الطريقة التي يحاسب بها الشعب القادة، إلى جانب طريقة عمل النظام السياسي.

 

*الحلقة الأولى من دراسة مترجمة عن مؤسسة بروكينجز Brookings، وهي مؤسسة غير ربحية مكرسة للبحث المستقل والحلول السياسية، وتتمثل مهمتها في إجراء أبحاث مستقلة عالية الجودة، وبناءً على هذا البحث، يتم تقديم توصيات مبتكرة وعملية لكلا الطرفين من صناع السياسة والجمهور. إنَّ استنتاجات وتوصيات لأي من منشورات بروكينجز هي فقط استنتاجات مؤلفيها، ولا تعكس آراء المؤسسة أو إدارتها أو أي من علماءها الآخرين.كما تم توفير الدعم لهذا المنشور بواسطة موقع فيسبوك. كما تدرك مؤسسة بروكينجز، أنَّ القيمة التي تقدمها هي في التزامها المطلق بالجودة والاستقلالية والتأثير، والأنشطة التي يدعمها المانحون تعكس هذا الالتزام.

الأكثر قراءة