` `

كيف تحوَّل فيديو "بوليغراف" من تكذيب خبرٍ لمصدر ترويجٍ لشائعة؟

حسام الهندي حسام الهندي
أخبار
2 مارس 2020
كيف تحوَّل فيديو "بوليغراف" من تكذيب خبرٍ لمصدر ترويجٍ لشائعة؟
بوليغراف وقع ضحيةً لمروِّجي الأخبار الزائفة حول فايروس كورونا (Getty)

يتعرَّض المهتمون بتتبُّع الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًّا لعشرات الأخبار الزائفة، التي تشغل مساحةً واسعة من المواد المُعاد نشرها، خاصة على موقعَي فيسبوك وتويتر. وأمام الانتشار المتصاعد للأخبار الزائفة في المنطقة العربية، توجَّهت بعض وسائل الإعلام لإنتاج محتوى قائمٍ على التحقق من الأخبار، كما هو الحال في "مسبار"، لكن المفارقة أن يختار مروِّجو الأخبار الكاذبة منصات التحقُّق لتكونَ مصدراً للشائعات، من خلال اقتطاع مواد مكتوبة وأخرى مصورة من سياقها الأصلي، أو استغلال عزوف البعض عن قراءة أو مشاهدة المحتوى.

"مسبار" اختار إحدى أبرز تلك المفارقات عن شهر فبراير/شباط الفائت، وكانت مقطع فيديو من برنامج "بوليغراف"، المذاع على شاشة التلفزيون العربي، ويهتم البرنامج بالتحقُّق من الأخبار المتداولة، لكن "بوليغراف" وقع ضحيةً لمروِّجي الأخبار الزائفة، إذ نشر البرنامج تكذيباً لخبرٍ حول فايروس كورونا في بداية شهر فبراير، تحت عنوان "رئيس الصين يطلب من المسلمين الدعاء لبلاده حتى يُرفع عنها فيروس كورونا.. ما حقيقة هذا الخبر؟". 

صورة متعلقة توضيحية

وفوجئ متابعو البرنامج بإعادة تداول مقطع الفيديو مرة أخرى على اعتبار أنه خبر صحيح، وبالرغم من تكذيب مُقدِّم البرنامج نضال حمدي الخبر في الفيديو الأصلي، فإن البعض استخدم العنوان لإيهام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بأنه خبر حقيقي.

تنوعت طُرق مروِّجي الشائعات في إعادة نشر الفيديو، منها اجتزاء للفيديو الأصلي، فيما استخدم البعض صورة ثابتة، من صفحة التلفزيون العربي بعنوان الخبر فقط، إضافة إلى نشر البعض الفيديو الأصلي دون توضيح لطبيعة البرنامج. عشرات التعليقات على الفيديو بعد إعادة نشره تشير إلى أن الغالبية لم تشاهد المحتوى، واهتمت بالعنوان فقط باعتباره خبراً مؤكداً.

صورة متعلقة توضيحية

علي الحمد، أحد مستخدمي موقع تويتر، علَّق على اقتطاع جزءٍ من الفيديو بتغريدة يوم 7 فبراير، قال فيها "ساهم اقتطاع فيديو من برنامج بوليغراف في ازدياد انتشار الخبر الكاذب، اليوم في خطبة الجمعة في مسجد مدينة كارديف، وباللغة الإنجليزية، تحدَّث الخطيب عن كيف اضطهدت الصين المسلمين وكيف ضربها الله بالوباء، مما دعا رئيسها لطلب الدعاء من المسلمين إلى الله لدرء الوباء"، وهو ما دفع مقدِّم البرنامج نضال حمدي للرد الحمد بتغريدة قائلاً "في مثل هذه الحالة ننصح الأخ -علي الحمد- أن يطلب من الشيخ مشاهدة المقطع كاملاً، وأن يدعوه كما ندعوه نحن إلى التبيُّن والتدقيق في ما يُحدِّث به الناسَ على المنبر".

صورة متعلقة توضيحية

ظاهرة إعادة تداول الأخبار دون قراءة المحتوى ليست جديدة، وسبق أن رصدتها دراسة أجراها خبراء في جامعة كولومبيا الأميركية والمعهد الوطني الفرنسي، وكشفت الدراسة أن 59% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعتمدون على العنوان دون قراءة المحتوى، وأطلقت الدراسة على الظاهرة اسم "المشاركة العمياء". وتشير الدراسة إلى أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يرغبون في قراءة عبارات قليلة حول أي قضية مطروحة، والبعض يقوم بنشر المادة دون قراءتها اعتماداً على العنوان.

كما خلصت دراسة أخرى أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حول رواج الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن انتشار الزيف أمر خطير، ويتداول أسرع وأعمق، وعلى نطاق أوسع في أنواع الأخبار كلها، وتتبعت الدراسة 126 ألف قصّةٍ أعاد تغريدها ثلاثة ملايين حساب عبرَ موقِع تويتر، في الفترة بين 2006 و2017. ووجدَ كلٌّ من سوروش فوسجي، وديب روي، وسِنان آرال، أنّ القصص الإخبارية الزائفة تنتشر سريعاً في موقع تويتر، مُقارنةً بالقِصص الحقيقيّة.

عزوف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن قراءة أو مشاهدة المحتوي يدفع المنصات والبرامج المهتمة بفحص الأخبار إلى تعديل طريقة ترويج إنتاجها المكتوب والمرئي، لتفادي الوقوع في شباك مروجي الشائعات، لذلك ينصح "مسبار" أن تكون العناوين المستخدمة في منصات التحقق مختلفة عن غيرها من المنصات الإخبارية، بحيث تكون واضحة، ومباشرة، مع العمل بقدر الإمكان على إبراز تصنيف الخبر في العنوان، وتفادي العناوين المثيرة.

المصادر

Rachels English

مسبار

الجزيرة

الأكثر قراءة