` `

مؤشر مسبار: أبرز الأخبار الزائفة حول فايروس كورونا في شهر مارس

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
صحة
2 أبريل 2020
مؤشر مسبار: أبرز الأخبار الزائفة حول فايروس كورونا في شهر مارس

مع ظهور فايروس كورونا (كوفيد-19) أواخر العام الفائت في مدينة ووهان الصينيّة، بدأت الأخبار الزائفة تتفشّى تدريجياً، وكلما كان نطاق انتشار الفايروس يزداد توسعاً ليشمل دولاً أكثر حول العالم، كانت وتيرة انتشار تلك الأخبار وحملات التضليل والشائعات تزداد أكثر، في الفضاء الرقميّ عموماً وعلى وسائل التواصل الاجتماعيّ خصوصاً.

ومنذ تداول أنباء الفايروس في المحتوى الرقميّ العربيّ، بدأ "مسبار" برصد وتتبع أنماط تزييف أخبار انتشار الفايروس، وحرص على الإضاءة على أشكال اختلاق الأخبار والشائعات، وطبيعة التضليل الذي مارسته بعض وسائل الإعلام وجزء من مستخدمي وسائل التواصل، مثل انتزاع صور ومقاطع فيديو قديمة من سياقها، وإعادة نشرها وربطها بأخبار فايروس كورونا.

وقد استطاع فريق مسبار التحقق من مئات الأخبار المتعلقة بـ "كورونا"، إذ نشر على منصته 150 مقالاً (فحص حقائق) حول كورونا منذ ظهوره وحتى 31 مارس/آذار من العام الجاري، من بينها 112خبراً وشائعة متداولة حول فايروس كورونا من نحو 29 دولة-موضحة في جدول رقم3-، أي ما نسبته 74.6% من مجموع الأخبار الكاذبة المنشورة على الموقع خلال هذا الشهر. حصدت الأخبار الزائفة النصيب الأكبر بنسبة تقارب 50% من تقارير تقصّي الحقائق، ووصلت نسبة الأخبار المضلّلة قرابة 35% من إجمالي التقارير حول فايروس كورونا المستجد. موضحة في الشكل  (1)

صورة متعلقة توضيحية

الشكل :(1) يُوضح العدد والنسب لشهر مارس حسب نوع الخبر

وتجدر الإشارة أنّ هذه النسبة المرتفعة دفعت هيئة تحرير "مسبار" لاستحداث قسم خاص في الموقع مختص بالتحقق من أخبار الفايروس، وأطلقت عليه اسم "حقائق كورونا". لم يخرج مروجو الشائعات والأخبار الكاذبة خلال شهر مارس عن الأنماط المعتادة لنشرها، من حيث الشكل في مقاطع فيديو أو صور أو منشورات، وكانت موضوعات ذات أبعاد صحية وسياسية واقتصادية وفنيّة. كما هو موضح في الشكل (2)

صورة متعلقة توضيحية

الشكل (2): يوضح عدد التقارير والنسب لشهر مارس حسب بعد المادة

كما تنوّعت البلدان التي استهدفتها تلك الأخبار عربيّة كانت أم أجنبيّة، إلّا أنّ حصة إيطاليا منها كانت أكثر من الصين، التي تركزت حولها الأخبار المضلّلة خلال يناير وفبراير. إذ تحقّق "مسبار" من قرابة 18 مادة تعلقت بدولة إيطاليا، أي بنسبة 16%. موضحة في الجدول رقم  (3)

صورة متعلقة توضيحية

صورة متعلقة توضيحية

ربط حل أزمة كورونا بالدين

كان نصف المواد التي نُشرت عن إيطاليا تتحدث عن شائعات متعلّقة بأمورٍ دينيّة، وكان من أبرز تلك التقارير ذات المنحى الدينيّ "إيطاليا تدخل الإسلام بعد تفشي فايروس كورونا"، وزادوا مبالغةً بشائعاتهم بنشر مقطعٍ مصورٍ لإقامة الأذان عبر مكبرات الصوت في ألمانيا، وهذا خبر مضلّل، فقد رُفع الأذان ضمن حملةٍ مشتركةٍ بين مساجد وكنائس المدينة واقتصر على المسجد المركزيّ في دويسبرغ.

كذلك تم تداول صور لاقت تفاعلاً كبيراً لصلواتٍ في شوارع إيطاليا لحفظ شعبها من خطر فايروس كورونا، فالحل الوحيد للأزمة هو "الرجوع إلى الله والتوبة النصوح.." ولكن المنطق يقول عكس ذلك حيث إنّ دولة اشتدت بها أزمة الفايروس كيف ستترك الناس للاحتشاد والصلاة، وبيّن مسبار أنها صورٌ قديمة نُشر بعضها قبل 11 عاماً.

استخدم المروجون فيديو لحفلٍ أُقيم في إسطنبول عام 2011 ونشروه على أنّه أناشيدٌ إسلامية بأسماء الله الحسنى في إحدى كنائس نيوزيلاندا؛ ليكف الله عن الناس بلاء الفايروس، وفيديو آخر لإيطاليين يصلّون خلف المسلمين ليرفع الله عنهم بلاء كورونا وأظهر "مسبار" أنّ كلاً منهما مضلّل.

وحين اجتاح الوباء العالم كالنّار في الهشيم، نشر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعيّ صورة للوحةٍ فنيّةٍ لمصمم غرافيك أمريكي صمّمها ضمن مشروع beeple ونشرها في 7 آذار 2020، كان هدفه عدم لمس أي شيء؛ من أجل الوقاية من الفايروس، وليس كما فسّرها المروّجون أنّ الأمر خرج عن السيطرة وأصبح الأمر متروكاً لرب السماء.

يربط ناشرو الأخبار الكاذبة الإسلام بأزمة كورونا ويتهمون الشعوب بتقصيرها تجاه الرّب وتقصيرها بصلواتها، وهذا هو سبب تفشي الفايروس، وينسون كنه أفعالهم في نشر الخوف والمعلومات المغلوطة.

شائعات التوصل إلى علاج

من أبرز القضايا التي يتعامل معها "مسبار" في الأخبار التي تولدت عن أزمة الفايروس، الشائعات التي لم تتوقف حول التّوصل للقاح أو علاج، وكان هناك تسعة تقارير حول علاجات ادّعى البعض أنها تشفي من فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19). ابتدأت بخبرٍ زائفٍ عن نجاح مصل مصريّ بعلاج فايروس كورونا تم تسليمه للصين، وخبرٍ آخر لوزيرة الصحة هالة زايد تحمل سر علاج كورونا إلى إيطاليا، إذ نفت وزارة الصحة المصرّية الخبرين.

ثم هناك الترجمة المفبركة حول إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اكتشاف شركة روش السويسريّة علاجاً للفايروس، وما هو إلا جهاز اختبار للتأكد حمل المريض للفايروس من عدمه، وكذلك الادّعاءات المتكررة حول إنتاج علاج في الوطن العربي كما هو الحال في فلسطين أو مصر أو لبنان وتونس، فجميع ناشري هذه الشائعات يلعبون دور البطل ويريدون براءة الاختراع لدولهم.

كذلك تداولت مواقع إخباريّة عربيّة خبر اختراع أول دواء من قبل شركة فرنسيّة لعلاج مرضى فايروس كورونا، أما آخر هذه الأخبار الكاذبة المتعلقة بالعلاج في شهر مارس/آذار فكان خبراً زائفاً شاركه مئات الآلاف من المتابعين عن تصريحٍ للمستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل، بأنها تجري مفاوضاتٍ مع طبيبٍ تونسيّ للحصول على علاجٍ لـ كورونا، واتضّح من خلال "مسبار" أنَّ الترجمة غير صحيحة.

تهوّيل الكارثة

استثمر العديد من مستخدمي التواصل الاجتماعيّ أزمة كورونا عبر استغلال الكثير من مقاطع الفيديو والصور القديمة للمبالغة في حجم الكارثة التي يمر بها العالم، وبحسب ما تم نشره من مواد في "مسبار" لم تسلم أي دولة من هذه المبالغة، فإما تكون المبالغة بتشويه صورة دولة معينة بجعلها لا إنسانية، كما حدث في الفيديو الذي يُظهر دفن ضحايا فايروس كورونا بشكل غير لائق في إيطاليا، حيث وصفوه بالمرعب الوحشيّ، وأكّد "مسبار" زَيْف الخبر وأنّ هذا مقطع مأخوذ من فيلم Pandemic المُنتج عام 2007، ويتحدث فيه عن فايروس إنفلونزا الطيور.

وهناك اختلاق اللاإنسانية ونسبها إلى شخصيات بعينها كالتصريحات التي نُسبت إلى رئيسة الجبهة الوطنيّة في فرنسا مارين لوبان حول العرب والأفارقة بمنعهم عن مستشفيات فرنسا. كما نُشر في تاريخ 25 مارس/آذار خبرٌ مفاده استيلاء بولندا على شحنة أقنعة طبيّة متّجهة لإيطاليا، ودحضه "مسبار".

وما يُرعب أكثر تسريب أفكار وأخبار مفادها أن العالم استسلم للوباء واجتاحه اليأس، كالخبر الزائف الذي نُشر عن الأموال الملقاة في شوارع إيطاليا ما يدل على يأس الناس. وتشويه آخر لأميركا حيث اُتهم شعبها بالذعر من الفايروس والذي دفعهم لعمليات السلب والنهب في بعض ولاياتها، ما جعل الجيش ينتشر لوقف مثل تلك العمليات، وهنا يأتي "مسبار" ليوضّح أنّ هذه الأخبار ليس لها أساسٌ من الصحة.

ولا يمكن نسيان الأخبار الساخرة التي تعاملت معها بعض المنصات العربيّة على أنّها حقيقية، كخبر مقتل 14 شخصاً  في بابوا غينيا الجديدة بعد التهام مهندس صينيّ مصاب بفايروس كورونا المستجد، وأوضح "مسبار" أن هذا الخبر مجرد خيال.

وغالباً ما يكون الهدف من هذه المبالغة إثارة الرعب والخوف في نفوس الناس، فقد نشر بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي صوراً لعددٍ كبيرٍ من التوابيت، ونسبوها لجثامين ضحايا فايروس كورونا المستجد في إيطاليا، وآخرون هوّلوا من أمر فايروس هانتا باعتباره جديد وينتقل عبر الهواء وكلاهما زائف، فأظهر "مسبار" أن صورة التوابيت نُشرت عام 2013 عقب غرق قارب للهجرة غير الرسميّة، أما فايروس هانتا ليس له علاقة بسلالة فايروس كورونا وينتقل عبر ملامسة الفئران المصابة أو الاحتكاك بفضلاتها.

إجراءات قاسيّة للحجر الصحي وطرق غريبة للوقاية

أيعقل أن تتناول مطهر ديتول بغرض القضاء على فايروسٍ بداخلك؟! هذا ما حدث بالقصة المتداولة لشرب عددٍ من الأشخاص لمطهر ديتول، بيّن "مسبار" زِيْف هذا الخبر فالقصة تعود لعام 2016 وتوثق قصة واقعيّة من جنوب أفريقيا لرجل دين مسيحيّ أشار لأتباعه بشرب المطهّر للتخلص من أمراضهم، ولا يمكن هنا إخفاء الجنون في حقيقة القصة أيضاً.

ثم تدخلت التكنولوجيا لتلعب دورها في تضخيم الأمور، حين ألبس بعض هواة "الفوتشوب" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلة وقاية صفراء خلال اجتماعه مع أعضاء مجلس الأمن الروسيّ. كما انتشرت صورةٌ أخرى مفبركة للأمير تشارلز مفصولاً عن عائلته عقب إعلان أصابته بفايروس كورونا، وبالطبع إن كليّهما زائف، وإذا أردنا أن نفرض نيتهم الحسنة سنقول أن هؤلاء الهواة أرادوا توصيل رسالة للناس بأخذ الاحتياطات وعدم التهاون، لكن يبدو واضحاً حجم التسليّة المقترنة بهكذا صور وأخبار غير قابلة للتصديق.

ومثلها صورة الأسد الذي يتجول في شوارع روسيا لأن بوتين أراد إجبار الناس على عدم الخروج من بيوتهم، وما هي إلا صورة قديمة من تصوير سينمائي جرى في جنوب أفريقيا. وخبر آخر في روسيا أيضاً بعقاب السجن 5 سنوات لكل من لا يلتزم بالحجر الصحي لمدة أسبوعين، إلا “مسبار" وجد أن عقوبة الامتثال للحجر صحيحة إلّا أنّ الرئيس بوتين لم يصدر تصريحاً رسمياً بالقرارات ولم يتحدث بلغة التهديد.

كما لم يسلم لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو من الشائعات التي تبالغ في سُبل الوقاية، إذ انتشر خبر عن شرائه جزيرة لينعزل فيها وعائلته عن خطر فايروس كورونا، ووضح "مسبار" أن رونالدو عاد لمسقط رأسه في المحيط الأطلسي بعد تعليق مباريات الدوري الإيطالي، ولم يشترِ جزيرة.

كما كان للأخبار الصحيحة نصيبها والتي قد تبدو كأنها كاذبة لكنها ليست كذلك، كاتخاذ بعض الدول إجراءات فيما يخص الجرائم الإلكترونية وترويج المعلومات المغلوطة حول أزمة الفايروس عبر مواقع الإنترنت المختلفة أو في حق كل من لا يلتزم الحجر الصحي، كذلك نشر "مسبار" خبراً صحيحاً عن أنَّ ملامستك للنقود تصيبك بفايروس كورونا، وبحسب منظمة الصحة العالمية WHO، فإنه يجب غسل اليدين مباشرة بعد لمس أيّ عملة ورقيّة؛ لأن فايروس كورونا الجديد قد ينتقل عبرها من شخص إلى آخر، فهو يعيش على الأسطح الجافة.

من تنبأ بكورونا؟

أغلب الناس يحبون الركون إلى نظرية المؤامرة، فهي الأسهل في تفسير الأزمات الكُبرى، ربما هذا ما جعلهم يتخيلون أن مسلسلاً مفضلاً أو روايةً مفضلةً تنبأت بكارثة العالم اليوم مع كورونا، فقد أرادوا التصديق أن مصدر الفايروس ليس الحيوانات أو الطبيعة بل تم التخطيط له وتصنيعه، حتى أنّ هناك من تنبأ بذلك.

وكانت هذه التنبؤات من أبرز الشائعات المتداولة التي تصدى لها "مسبار"، سبعة أخبار عن كتب وأفلام ومراكز أبحاث اعتقد البعض أنها تنبأت بفايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قبل ظهوره بسنوات.

 ومن أبرز تلك الادعاءات، الادعاء الشهير الذي انتشر على نطاقٍ واسعٍ بعدة لغات، وكان صاحبه رجلاً فرنسيًّا قال إنّ مركز أبحاث اخترع فايروس كورونا المستجد وعلاجه عام 2004، وهو الادعاء الذي كذبه معهد باستر الفرنسيّ للأبحاث.

كذلك ما نجده في تداول مقطعٍ لممثلةٍ مصريّة تلفظ كلمة "كورونا" من مسلسل عُرض قبل 35 عاماً واتضّح من خلال تحقق "مسبار" أنّ المشهد من مسلسل الوتد المُنتج عام 1996 أي منذ 24 عاماً، تقول فيه الممثلة كلمة" كوريرا" في إشارةٍ خاطئةٍ لكلمة "كوليرا" وليس كورونا. وهناك خبر تنبؤ رواية "عيون الظلام" بفايروس كورونا، وتنبؤ الأديب المصريّ الدكتور أحمد خالد توفيق بالفايروس أيضاً، إذ نشر في كتابه "شربة الحاج داود" عام 2014، مقال "مقتل فايروس"، لكن الحقيقة أنّ الكاتب تحدث في مقاله الساخر عن فايروس كورونا المعروف بـ (MERS-CoV) أو (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن فايروس كورونا)، الذي سبق وانتشر في عام 2012 وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وكذلك الخبر المضلل عن تنبؤ مجلة سيدتي بفايروس كورونا والذي اتضّح أنه أيضاً أنّه فايروس المتلازمة التنفسية.

وفي الإطار ذاته من إشاعات التنبؤ نشرت بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً زعمت أنّه لـ الرئيس العراقيّ الأسبق صدّام حسين وهو يتحدث عن فايروس كورونا، وبيّن "مسبار" أنَّ المقطع الصوتي مفبرك ولا يعود للرئيس العراقيّ الأسبق.

الأكثر قراءة