` `

مؤشر مسبار: أبرز الأخبار الزائفة حول فايروس كورونا في شهر أبريل

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
صحة
3 مايو 2020
مؤشر مسبار: أبرز الأخبار الزائفة حول فايروس كورونا في شهر أبريل
نشر "مسبار" 171 مادة خلال شهر أبريل، من بينها 119 موضوعاً حول كورونا (Getty)

نشر "مسبار" خلال شهر أبريل 171 مادة تحقّق من الأخبار والمعلومات المنشورة في مختلف وسائل الإعلام العربيّة والدوليّة، من بينها 119 مادة فحص حقائق تتعلق بوباء فايروس كورونا المستجد (كوفيد_19).

ولاحظ "مسبار" أنّه على الرغم من كون الفايروس حالة طبيّة بيولوجيّة إلّا أنّ الشائعات أحاطت به من كل جانب، بل امتد تأثير الوباء ليبرز حالة من الاستقطاب السياسيّ والاجتماعيّ، ما زاد من انحراف تفسير الحقائق والبيانات، وتجاوز الخط الفاصل بين الرأي والحقيقة.

ومن أهم هذه التفسيرات التي جَانَبها الصواب وتتكرر في كل شهر منذ يناير/كانون الثاني الفائت، كون الفايروس تم تصنيعه ليكون سلاحاً بيولوجياً أو يأتي ضمن مؤامرة، إلّا أنّ من قاد مثل هذه الآراء سواء من المشاهير أو العامة فقد قام بتفسير الحقائق عبر سرده المفاهيميّ الخاص به، ووجهة نظره عن العالم، وانحيازه المعرفيّ، مهملاً البيانات والحقائق المعارضة له، ما يجعل الجمهور أمام اتجاه متعصّب من الأفكار والتحليلات المتدفّقة ويؤدي إلى إيجاد بيئة مغلقة تكثر فيها المعلومات الخاطئة، وهنا يأتي دور "مسبار" للعمل على فكفكة مثل هذه البيئات والتحليلات وتفنيد المعلومات وتقديم الحقائق الموضوعيّة كما هي بعيداً عن أيّة استقطابات سياسيّة أو معرفيّة.

ويتحدى "مسبار" كل يوم القناعات الراسخة لدى الآلاف الذين قد يسلمون بالأخبار المضلّلة والمعلومات المزيفة أو الحقائق المنقوصة التي تبدو صحيحة وكاملة في سياقهم الثقافيّ والمفاهيميّ، الأمر الذي يحث المُتلقي يناقش انحيازاته الخاصة، وقد يبدأ بالتخلي عنها، وهذه اللحظة من مساءلة الذات لدى كل قارئ يصل إليه "مسبار" هي الهدف في تغيير سلوكيات تلقي المعلومات ومعالجتها أو القبول بها ونشرها.

صورة متعلقة توضيحية

جزء من الحقيقة

ما تشترك به الغالبيّة من المعلومات والأخبار غير الصحيحة التي تَتَبَعها "مسبار" خلال شهر/نيسان حول فايروس كورونا المستجد هو أخذ جزء من الحقيقة وإضفاء سياق معين عليها وصياغة المعلومة بناء على ذلك، وهو ما يسمى بـ"المخطط التفسيريّ" وهذا ما نراه على سبيل المثال في الخبر الذي تناول أنّ بيل غيتس يستغل أزمة كورونا لزرع رقائق تحت الجلد، والحقيقة أنّ غيتس نادى بنظامٍ صحيّ قائم على شهادات صحيّة ذات قواعد موحّدة عالميّة تساعد المؤسسات والشركات في تخطّي فترة فايروس كورونا المستجد، وهذا التغيير الفادح في الحقائق يجعل الخبر زائفاً كلياً.

وفنّد "مسبار" 59 خبراً من مجموع 119 عن كورونا أي قرابة النصف، كأخبار مضلّلة، والتي تعتبر مشاركتها بين الجمهور وتصديقها الأكثر من بين التصنيفات الأخرى وذلك لأنّ في باطنها جزء من الحقيقة التي يتم حرفها عن المسار الموضوعي، أو إضفاء تفاصيل مزيّفة إليها، وفي كثير من الأحيان حين تختلط المعلومات الصحيحة بالمضلّلة يصبح من الصعب كثيراً إيجاد مسار الحقيقة بينها وهنا يتم تصنيفها كمشكوك بها، مثل المعلومة التي انتشرت في صحف عربيّة وعالميّة عن أول مريض بالكورونا، ونشر الجميع قصة امرأة تعمل في سوق المأكولات البحريّة كانت أُصيبت بالمرض في ديسمبر/ كانون أول، لكن الحقيقة أنّ هذه المرأة كانت من ضمن أول 27 مريضاً أصيبوا بأعراض كورونا في الفترة ذاتها، 23 منهم على علاقة بسوق المأكولات البحريّة ذاته، ولا تزال الصين تبحث عن الحالة الأولى بينها.

صورة متعلقة توضيحية

وقِس على ذلك كثير من أخبار كورونا المضلّلة التي تم بنائها من التفاصيل المزيّفة أو المبالغ فيها على أعمدةٍ من الحقائق مثل خبر حول توأم جزائريّ عمره 3 سنوات يدخل الحجر الصحيّ، وآخر حول أول فتاة صينيّة تدخل الإسلام بعد كورونا، وفي السعوديّة حول ظهور أمراض خطيرة لدى عمال أجانب، وآخر عن هروب رجل مصاب بالفايروس في مصر. وغيرها كثيرة على صفحات موقع مسبار.

انتفاء الحقيقة

في الماضي قيل أنّ النكتة رد الشعوب على الأزمات، إلّا أنّ في الحاضر من الممكن القول أنّ الفبركة غدت الرد على الأزمات، وهذا ما حدث خلال انتشار وباء فايروس كورونا، فكانت الصور والفيديوهات والمعلومات المفبركة في تصاعدٍ مطّرد مع اشتداد الأزمة، خاصة إذا ما تناول الإعلام دولة بعينها ينتشر فيها الوباء، ويرتفع عدد الوفيّات، فكانت إيطاليا في شهر مارس/ آذار الفائت أكثر الدول التي تمت فبركة الأخبار الخاطئة عنها، وفي شهر أبريل/ نيسان المنصرم الولايات المتحدة الأميركيّة إذ نالت 14 خبراً تم فحصهم، تليها مصر بـ13 فحص للحقائق حول ظروف فايروس كورونا فيها.

صورة متعلقة توضيحية

وغالبية هذه الأخبار لا توجد بها أي رائحة للحقيقة بل مفبركة بالكامل، ومن ضمنها خبر وصورة لطبيبةٍ تُدعى حبيبة عبد الغني توفيت بمصر بسبب فايروس كورونا المستجد، وتم تداول الصورة وهي لفتاةٍ ترتدي زيّ الأطباء، على مستوى واسع، ليكتشف "مسبار" أنّها صورة موديل لفتاةٍ محجبةٍ يتم استخدامها في الإعلانات منذ سنوات.

كذلك انتشرت صورة قيل إنّها لجَمْعٍ من المصريّين العالقين في الكويت، في ظل أزمة جائحة كورونا المستجد، إذ لا يستطيع هؤلاء الأشخاص العودة إلى بلدهم بعد إيقاف الرحلات الجويّة في الكويت، ولا مكان يؤويهم هناك، إلّا أنّ الصورة تعود إلى عام 2019 لمجموعة مهاجرين ينتظرون ترحيلهم من ماليزيا، بعد افتتاح برنامج "العودة إلى الوطن" الذي يسمح للمهاجرين بالعودة إلى أوطانهم مع تسهيلاتٍ تشجيعيّة.

صورة متعلقة توضيحية

كما تداولت صفحاتٌ وحساباتٌ على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك، بثّاً مباشراً حظي بعشرات آلاف المشاهدات، زعمت أنّه يصوّر ظهور "المسيح الدجال" في سماء العراق، وذلك بعدما أقدمت السلطات السعودية على منع الناس من أداء مناسك الحج والعمرة عقب انتشار فايروس كورونا، إلّا أنّ "مسبار" اكتشف أنّ المقطع مزيفٌ، فهو عملٌ فنيّ يعود لمصمّم غرافيك يُدعى جيسين كارلوس، وقد نشر المقطع الأصليّ على صفحته على "يوتيوب".

وفنّد "مسبار" 32 معلومةً مزيّفةً شملت مقاطع فيديو وصور وأخبار، ومنها صورة قيل إنّها لجثمان الزعيم الكوري كيم جونغ اون بعد وفاته.إلّا أنّها في الحقيقة تعود لوالد الزعيم الكوريّ عند وفاته في ديسمبر/كانون الأول 2011، كذلك صورة أخرى لزعيم كوريا الشماليّة كيم جونغ أون وهو مستلقٍ على السرير في المستشفى، إلّا أنّها صورة مفبركة بالكامل، ومن أبرز الأخبار المفبركة خلال الشهر المنصرم، كان تداول خبر وفاة الشاب خالد ملك الراي الجزائريّ في أحد مشافي العاصمة الفرنسيّة باريس بعد إصابته بفايروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وكان مفبركاً بالكامل إذ أكّدت عائلته كونه بصحةٍ جيدة.

تقمّص الحقيقة

لا يوجد توافق اجتماعيّ على الحقائق، بل هناك تناقضات كثيرة تجعلها تبدو عشوائيّة أو غير موثوقٍ بها، والأسباب لذلك كثيرة منها الخلط بين الرأيّ والحقائق أو بين التجربة الشخصيّة والحقيقة، كما لم تعد هناك الثقة ذاتها بمصادر المعلومات، وإضافة إلى ذلك زاد حجم الحكاية على المعلومة الصحيحة، وهذا كله جعل الأخبار والمعلومات والعناوين الانتقائيّة والمثيرة وأحياناً الساخرة تبدو وكأنّها الحقيقة لكنها ليست كذلك بل متقمّصة دورها.

وقد غطّى "مسبار" ستة أخبارٍ في تقصّيه للحقائق جاءت للإثارة، وخبرين كانا انتقائيين، وأربعة ساخرة، فقد تداولت مواقع إخباريّة، خبراً مفاده أنّ وكالة الفضاء الأوروبيّة أعلنت أنّ ثقب الأوزون الضخم فوق القطب الشماليّ الناتج عن انخفاض درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير سينغلق في أواسط ابريل/نيسان الجاري، إلّا أنّ الحقيقة وعند فحص هذه الأخبار العلميّة في موقع وكالة الفضاء الأوروبيّة، وجد "مسبار" أنّها تتحدث عن ثقبٍ جديدٍ في طبقة الأوزون فوق القطب الشماليّ تقدر مساحته بأقل من مليون كيلومتر مربع، سببه الانخفاض الشديد في درجات الحرارة في الغلاف الجويّ، ما أدّى إلى تحللٍ في غاز الأوزون، إلّا أنّه يعتبر صغيراً مقارنةً بثقب الأوزون الأشهر فوق القطب الجنوبيّ والذي تبلغ مساحته من 20 إلى 25 مليون كيلومتراً مربعاً. ومن هنا جاءت الأخبار عن توقع إغلاق الثقب، ووقف استنفاد غاز الأوزون فوق القطب الشماليّ مع منتصف شهر ابريل/ نيسان الحالي، ومن هنا نرى وكأنّ الحقيقة تبدو صحيحة لكنّه مجرد تقمّص لها بسبب الانتقائيّة.

ومن الأخبار التي جاءت في سياق الإثارة وتبدو كأنّها حقيقية لكن ما هو إلا تقمّص آخر، خبر أوردته بعض المواقع مفاده أنّك إذا عطست عمداً في بلجيكا ستدخل السجن وتدفع غرامة خلال أزمة فايروس كورونا المستجد "كوفيد 19". وحين دقّق "مسبار" وجد أنّه صحيحٌ لكن ليس بهذه الطريقة، فقد وجد أنّ العقوبات التي فرضتها الحكومة البلجيكيّة لا تشمل العطس أو البصاق، إلّا أنّ المدعي العام في مدينة أنتويرب أول من استخدم هذا النهج في العقاب، حين حكم بسجن شاب يبلغ من العمر 19 عاماً تم القبض عليه خلال تجمّعه مع بعض الأصدقاء، وكان رد فعله مضطرباً وبصق على الشرطة. كذلك في مدينة آلست، بصقت امرأة على ضابط أثناء التفتيش. وعلّقت الشرطة "إنّهم يستخدمون لعابهم كسلاح"، وهدّدت الشرطة بالإضراب عن العمل إذا لم يتم السماح لهم بارتداء أقنعةٍ طبيّةٍ خلال العمل.

وهكذا نلاحظ مدى انتشار الأخبار الكاذبة بحسب قربها وبعدها عن الحقيقة، فإذا كانت ملاصقة للحقيقة لم تلقَ الترويج ذاته الذي تلقاه حين تكون مفبركة بالكامل، ويفضل في هذه الحالة أن تأخذ القليل منها، لذلك فإن صناعة المعلومة المفبركة تغذي الكذب عن طريق العمل على عدم وضوح الخط الفاصل بين الحكاية والحقائق وبين الرأي والبيانات الصحيحة، وبين الزيف والموضوعية إلى أن يدرك الناس أن المعلومات التي يتعرضون لها هي مزيفة وهنا تأتي مهمة "مسبار" لسبر غور المتلقي ويدفعه إلى التساؤل "هل لمجرد أنه يناسب ما أعتقد به يعتبر صحيحاً؟".

الأكثر قراءة