` `

وباء كورونا: تنتشر نظريات المؤامرة عندما يشعر الناس بالعجز

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
صحة
12 مايو 2020
وباء كورونا: تنتشر نظريات المؤامرة عندما يشعر الناس بالعجز
يُصدّق الناس نظريات المؤامرة للتخفيف من التوتر (Getty)

مع انتشار جائحة كورونا حول العالم، ظهرت العديد من نظريات المؤامرة حول أصل فايروس كوفيد_19، وأخذت تلقى رواجاً بين الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. لنظريات المؤامرة نتائج مباشرة على الأفراد والمجتمعات على حدّ سواء، وتؤثر على مدى امتثال المواطنين للإجراءات الوقائية التي تفرضها الحكومات للحد من انتشار الوباء، وعلى جديّة تعاملهم مع طرائق الوقاية من الجائحة، فقد تُقلّل، إذا ما صدقوها، من رغبتهم في الحصول على لقاحٍ ما أو تدفعهم إلى عدم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة في تفشي الفايروس.

الأشخاص الذين يتبنون نظريات مؤامرة حول فايروس كورونا، يميلون بطبيعة الحال إلى تصديق نظريات المؤامرة حول أشكال أخرى من الأحداث الكبرى. منهم من يكون مشبّعاً بالسياسات الحزبية، مثل بعض أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذين يعتقدون أن الديمقراطيين، وبسبب خصومتهم مع ترامب، يروجون لأعداد مبالغ فيها في إصابات ووفيات فايروس كورونا.

خارج الصراعات السياسية، تستند نظريات المؤامرة إلى العلوم الزائفة، الأمر الذي يساعدها على الانتشار، كالقول إن كوفيد_19 هو سلاح بيولوجي صيني، أو إن تقنية 5G هي التي تسببت بظهور الفايروس. أو اتهام الأثرياء، مثل المدير السابق لشركة مايكروسوفت بيل غيتس، بإطلاق الفايروس أو بأنّه ينتهز فرصة انتشار الوباء لاختبار لقاحات على الفقراء دون غيرهم.  

الاعتقاد بنظرية المؤامرة يرتبط بعّدة عوامل اجتماعية وسياسية. على سبيل المثال، إنّ قسماً من أولئك الذين لم يكن لديهم حظوظ في الوصول إلى مبتغاهم، يكونون أكثر ميلاً إلى تبني نظريات مؤامرة تُفسّر وتشرح لماذا لم يحققوا أهدافهم. كذلك التحيّز الحزبي، يُعدّ أحد الأسباب التي تدفع إلى تبني نظرية المؤامرة، فعلى سبيل المثال إنّ الأميركيين من أنصار الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أشد ميلاً إلى تصديق نظريات المؤامرة التي تستهدف الحزب الآخر.

بشكل عام، تدعم تلك العوامل انتشار نظريات المؤامرة، إلّا أنّ ثمة مجموعة عوامل أكثر تحديداً ساهمت في انتشار نظريات المؤامرة حول فايروس كورونا.  

حدّد علماء النفس عدداً من السمات النفسية المرتبطة بمعتقدات التآمر، كالميل إلى رؤية النظام حيث توجد الفوضى، وإلى الاعتقاد أنّ هنالك خطة منهجية أو سلوك مقصود أدى إلى حدوث أمر ما، وجعلِه يحدث وكأنه نتيجة المصادفة، إلّا أنّه ليس كذلك. بالنسبة لجائحة كوفيد_19 فإن النتائج التي أدى إليها الوباء، كأعداد الوفيات والإصابات والعزلة الاجتماعية والركود الاقتصادي، كان لها دور في جعل الناس أكثر ميلاً إلى تصديق نظريات المؤامرة حول الفايروس، ويمكن اختصارها بثلاث نتائج هي: عدم التّيقن، القلق، والعجز.

وهنا يكون الدور النفسي لتبني نظريات المؤامرة، في التخفيف من حدّة التوتر والقلق الناتج عن الظروف التي سبّبها. فكلما ضَعُف إحساس الناس في السيطرة على عالمهم، ازداد البحث عن طرائق لاستعادة تلك السيطرة، ولمحاربة الإحساس بالعجز.

ولأنّ لا أحد منّا يعلم متى سينحسر الوباء وسيكون اللقاح متاحاً، ومتى ستتقلص تداعياته الاقتصادية والاجتماعية وتعود الحياة إلى طبيعتها، فإن البعض منّا يلجؤون إلى تبني نظريات المؤامرة لتخفيف العبء النفسي الناتج عن هذا الظرف الاستثنائي، وإلى الاعتقاد بأفكار غير علمية والبحث عن تفسيرات بديلة لمجريات الأحداث.

 

المصدر: The Washington Post

الأكثر قراءة