` `

كيف انتشرت شائعات حول الأديان مع فايروس كورونا؟

إسلام عزيز إسلام عزيز
روحانيات ودين
18 مايو 2020
كيف انتشرت شائعات حول الأديان مع فايروس كورونا؟
ليست فترة انتشار فايروس كورونا فقط التي تم فيها استغلال الأديان لترويج أخبار زائفة (Getty)

على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي عدد من المواقع الإلكترونية، انتشرت أخبار عديدة حول فايروس كورونا، وارتبطت بالأديان. قام "مسبار" بنشر عدد من المواد التي تناولت هذا الموضوع، وفنّدها. نأتي في هذه المدونة على ذكر بعضها.

صورٌ لجنود كوريين يؤدون صلاة المسلمين، حققت انتشاراً واسعاً على شبكات التواصل، وكان يرافقها تعليق، "جنود كوريون يظهرون أنفسهم للعالم اليوم ويدخلون الإسلام، بعد أن بحثوا في الإسلام من القرآن الكريم والحديث، ووجدوا فيه إن الإسلام وقاية من الفيروسات والأمراض المعدية".

صورة متداولة للبابا فرانسيس وهو يزور إحدى المستشفيات، مرفق معها تعليق، "قداسة البابا فرانسيس أثناء زيارته لمستشفى روما بإيطاليا لرفع معنويات الطاقم الطبي، والمرضى المصابين بفايروس كورونا رغم عمره المتقدم وتنفسه برئة واحدة فقط".

صورة متعلقة توضيحية

وجد "مسبار" أنَّ صور الكوريين، تعود لعام 2004، لحظة اعتناق سبعة وثلاثين جندياً كورياً الإسلام أثناء تواجدهم في مدينة أربيل الكردية في شمال العراق. أما عن صورة البابا فرانسيس، فتعود لعام 2016، أثناء زيارة مفاجئة له لمستشفى روما، ولا علاقة للموضوعين بالفترة الحالية.

ليست المرة الأولى التي يصحح فيها "مسبار"، شائعات وأخباراً متعلقة بالديانات والروحانيات، فمنذ انتشار فايروس كورونا، هناك عشرات القصص الزائفة تم نشرها خلال الأسابيع والشهور الفائتة، تم التحقق منها وتصحيحها على موقع مسبار. وتعتبر هذه المواضيع الأكثر انتشاراً بشكل أسرع من الأخبار الحقيقية منذ بداية انتشار فايروس كورونا، ويتفاعل معها ويشاركها الآلاف من الناس على مختلف المنصات.

ما الذي جعل الأخبار الكاذبة المرتبطة بالديانات تنتشر بشكل أسرع؟

ليست فترة انتشار فايروس كورونا فقط التي تم فيها استغلال الأديان لترويج أخبار زائفة. يوجد مئات المواضيع الأخرى التي كانت تنتشر بشكل واسع، وقمنا أيضاً في "مسبار" بالتحقق من بعضها سابقاً.

يميل معظم الناس الذين يقومون بنشر ومشاركة هذه المواضيع، إلى تحقيق رغبة خاصة بهم، بحيث يفضلون المحتوى الذي يوافق آراءهم ومعتقداتهم دون أن يبحثوا عن حقيقته، ما يجعل المحتوى شديد الانتشار وسط الفئات المتدينة والمحافظة، أو الذين لديهم ميول عاطفية تجاه الدين. حتى أصبح التحيز أو الميل إلى مشاركة المعلومات التي تدعم المعتقدات الراسخة يتفاقم على الشبكات الاجتماعية، وأصبح لا يمر أيُّ حدث سواء ديني أو غير ديني، إلا ويتم نشر العشرات وربما المئات من الأخبار والمواضيع المزيفة المتعلقة به، أو استغلال الأديان في حدثٍ ما لتوصيل رسالة معينة يرغب بها شخص أو جهة ما.

مثال على ذلك، في أهم الأحداث التي جرت في بداية شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، نشر موقع المرشد الأعلى في إيران، صورةً لرسم تُظهر ما وصف بـ "حضن الإمام الحسين لقاسم سليماني"، تداول آخرون صورة لرسم بالوضعية ذاتها، حيث المسيح يحتضن ترامب، على أنَّ الصورة جاءت رداً من البيت الأبيض على صورة سليماني. والحقيقة أنَّ الصورة مصدرها ليس البيت الأبيض، وانتشرت للمرة الأولى عام 2017، على أحد المنتديات المتدينة المسيحية. لكن أراد البعض استغلال الدين باستخدام صورة قديمة لإحداث تضليل ما، وحققت الصورة انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعيّ في حينها.

حتى ما قبل كورونا، كانت تنتشر العديد من الأخبار الكاذبة المتعلقة بالأديان، كخبر تصنّيف جامعة هارفارد للقرآن الكريم كأفضل كتاب للعدالة، الذي انتشر خلال شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، وحقيقة الخبر أنَّ طلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في كلية الحقوق في الجامعة عام 2012، قاموا بتنظيم معرض بعنوان "كلمات العدل"، يضمّن مجموعة مختارة من الاقتباسات القانونية التي تحث على تحقيق العدالة والكرامة، ومن ضمن هذه النصوص اختاروا، الآية (135) من سورة النساء، لتكون واحدة من الاقتباسات التي تحث على العدل. ولم يتم تصنيف القرآن كأفضل كتاب للعدالة، لكن الخبر لقى رواجاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعيّ حينها.

كان هناك الكثير الأخبار التي تحدثت عن قصص وروايات لم تحدث، أو استخدام صور وفيديوهات ومواقف قديمة لا علاقة لها بالمواضيع التي تنشر حينها.

من يقوم بنشر هذه المواضيع:

خلال تصحيحنا لأكثر من قصة لها علاقة بالأديان والروحانيات، يتبين لنا أنَّ معظم الصفحات والحسابات التي تقوم بنشر هذه المواضيع، غالباً ما تكون ذات توجه ديني معين. وغالباً ما تنشر الكثير من المعلومات المضللة التي تنتشر كالنار في الهشيم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن قصد. فمنشئي التضليل، ينشرون محتوى مصمماً لإثارة استجابة عاطفية لدى الجمهور تجاه دينيهم، أو تعاطفهم مع قضية معينة، أو تقوم بالنشر المتعمد للقصص الزائفة، لاستغلال الأحداث الضخمة للتأثير على الناس. أيضاً ينشرون أحيانا قصصاً مزيفة للحصول على أكبر قدر ممكن من التفاعل على منشوراتهم، بسبب سهولة مشاركة الناس وانتشار هذه المواضيع.

ما أنواع الأشخاص الأكثر عرضة لنشر وتصديق تلك المواضيع؟

أدلة كبيرة تشير على أنَّ نسبة كبيرة من كبار السن والشباب الأقل تعليماً، هم الأكثر عرضة لتصديق المواضيع الزائفة، خاصةً المتدينين المحافظين غير المتابعين للأخبار وآخر التطورات بشكل دائم، وأكثر من يحب أن يصدق قصة كاذبة، أو رواية خرافية يتمنى أن تكون حقيقية، بسبب التحيز والميل لتصديق القصص والروايات التي تعزز قناعاتهم، أو بسبب تعاطفهم مع قضية معينة، ليشعر الشخص بقوة تحيزه وتعاطفه.

في بحث نُشر عام 2017 لباحثين بلجيكيين، وجدوا أنَّ قدرة الأفراد على الإدراك، تحدد مدى قدرتهم على ضبط مواقفهم بعد تصحيح المعلومات الخطأ. وقامت الدراسة أولاً بتقييم حكم الناس على شخصية وهمية بعد تلقيهم معلومات سلبية عنها، ولكنها قامت في وقت لاحق بتصحيح تلك المعلومات، وتقييم ما إذا كانت التغييرات في الأحكام الأصلية للمستجيبين قد حدثت أم لا. اتضح أنَّ المشاركين من ذوي القدرات المعرفية الأعلى هم فقط من قاموا بتعديل آرائهم بعد تعرّضهم للمعلومات المتناقضة، بينما كان المشاركون من ذوي القدرة المعرفية المنخفضة مصرّين على نظرتهم الأولى، على الرغم من الحقائق الجديدة الواضحة.

وتشير هذه النتائج إلى أنه حتى في الظروف المثالية، لا يمكن التراجع عن التأثير الأولي للمعلومات غير الصحيحة، من خلال الإشارة إلى أنَّ هذه المعلومات كانت غير صحيحة، خاصة عند الأشخاص ذوي القدرات المعرفية الأقل نسبياً.

كيف نتخلص من نشر وانتشار هذه المواضيع:

أفضل نصيحة يجب اتباعها هي التوقف قليلاً قبل إعادة التغريد على تويتر، أو مشاركة المنشورات عبر فيسبوك، خاصةً إذا كان لديك رد فعل عاطفي أو لديك ميول وتوجهات معينة. وتذكر دائماً أنَّ منشئي التضليل يصنعون هذه الأخبار عن قصد، ويتعمدون كتابة محتوى مصمماً لإثارة استجابة عاطفية، لذلك إذا وجدت نفسك تعاني من ردود الفعل هذه، يرجى التوقف مؤقتاً والنظر في الأسئلة التالية:

من شارك هذا أو أنشأه؟ متى تم إنشاء هذا؟ ما الصفحة أو الحساب الذي يشارك هذا؟ هل ينشرون مواضيع حقيقية بالفعل أم لا؟. هذه الأسئلة لابد أن تفكر بها جيداً، خاصةً في الأيام التي تسلط الضوء على أحداث ضخمة، كحدث كورونا على سبيل المثال. إذا قمت بهذه الأمور، لن تكون أحد ضحايا التضليل على وسائل التواصل الاجتماعيّ.

 

المصادر

Extremelysmart

Sciencedirect

Dailymail

الأكثر قراءة