` `

كي لا نقع في الأخبار الزائفة حول كورونا.. إليكم بعض ما توصل إليه العلماء

أسماء الغول أسماء الغول
صحة
31 مايو 2020
كي لا نقع في الأخبار الزائفة حول كورونا.. إليكم بعض ما توصل إليه العلماء

تتضارب الأنباء الطبيّة حول التطورات التي توصّل إليها الأطباء والباحثون في موضوع فايروس كورونا المستجد (كوفيد_19) ، وهذا ما جعل كثير من المتابعين يصدّقون إشاعاتٍ وأخباراً مزيّفةً حول كونه بكتيريا، أو بأنّ هناك هجوماً على منظمة الصحة العالميّة؛ لأنها لم تُبلّغ منذ البداية عن طبيعة المرض، وجميع هذه الأنباء تدخل في خانة الأخبار المزيّفة، وتحقَّق "مسبار" منها في فحصٍ سابقٍ للحقائق، وفي هذه المدوّنة نُلخّص للقرّاء التطورات التي توصّل لها العلماء حول مضاعفات الإصابة بالفايروس المستجد، وكيف تم اكتشاف هذه المضاعفات والأعراض الجديدة للفايروس عبر محض الصدفة خلال "شات" بين مجموعة من الأطباء، وذلك بتتبّع تطور مراحل الفايروس من خلال مجموعةٍ من المقالات العلميّة في الصحف العالميّة.

حين بدأ الحديث عن فايروس كورونا كان أهم عارض له وأخطره هو انخفاض مستويات الأكسجين بما يكفي ليتسبب عادةً بفقدان الوعي أو الموت، هذه الظاهرة التي يُعرّفها البعض باسم "نقص الأكسجة الصامت"، تُثير أسئلة حول كيفية مهاجمة الفايروس للرئتين وما إذا كان يمكن أن تكون هناك طرق أكثر فعالية لعلاج هؤلاء المرضى؟.

ووصف الأطباء المرضى الذين أصيبوا بالفايروس في بدايات ظهوره، بأنّهم يعانون من مستويات منخفضة من الأكسجين بشكل مذهل، بل منخفض جداً لدرجة أنّهم عادةً ما يفقدون الوعي أو يقتربون من الموت.

في السياق ذاته قال الدكتور جوناثان بانارد سميث، استشاري في الرعاية الحرجة والتخدير في مستشفى مانشستر الملكيّ: "من المثير للاهتمام أن نرى الكثير من الناس إلى أي مدى هم يعانون من نقص الأكسجين"، مضيفاً "نحن نرى تشبّع الأكسجين منخفض جداً، ولن نرى هذه الظاهرة عادةً في الأنفلونزا أو الالتهاب الرئوي. إنّه أعمق بكثير ويحدث أمام أعيننا ".

في شهر يناير/كانون ثاني الماضي حين أغلقت البلاد للاستعداد للموجة الأولى من حالات الإصابة بالفايروس التاجي، اعتقد العديد من الأطباء في أنّهم يعرفون ما الذي يتعاملون معه، استناداً إلى التقارير المبكرة، وبدا وقتها أن covid-19 فايروس تنفسي، وإن كان معديّاً وقاتلًا بدون لقاح ولا علاج. فقد رأوا منذ ذلك الحين أنّه يؤثر مباشرة على الرئتين.

وبشكلٍ تدريجيّ وجد الأطباء أنفسهم يبلغون بشكل متزايد عن حالات غريبة ومقلقة لا يبدو أنّها تتبع أيّاً من الكتب المدرسيّة التي تدربوا عليها، ولم يعد الأمر يقتصر على الرئتين بل أيضاً الكلى والقلب والأمعاء والكبد والدماغ، وفجأة تتوفّى النساء الحوامل بدون أعراض بسبب السكتة القلبيّة، وكثير من الشباب بالسكتة الدماغية، مع عدم وجود أنماط واضحة من حيث العمر أو الحالات المزمنة، إلى أن بدأ يفترض بعض العلماء أنّ بعض هذه التشوهات على الأقل يمكن تفسيرها بالتغيرات الحادة في دم المرضى.

وذلك كله بدأ حين استيقظ الطبيب Craig Coopersmith في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم كالمعتاد، وكتب استفساره اليوميّ في هاتفه، "صباح الخير يا فريق كوفيد"، طالباً تحديثات من قادة فريق وحدة العناية المركزة الذين يعملون عبر 10 مستشفيات في النظام الصحيّ بجامعة إيموري في أتلانتا.

رد أحد الأطباء بأنّ أحد مرضاه يعاني من مشكلة غريبة في الدم، على الرغم من وضعه على مضادات التخثر، وكان المريض لا يزال يطور الجلطات. وقالت الثانية إنّها قد رأت شيئاً مشابهاً، والثالث أيضاً. وسرعان ما أبلغ كل شخص في الدردشة النصيّة الشيء نفسه.

يقول كوبر سميث، جراح الرعاية الحرجة "عندها عرفنا أنّ لدينا مشكلة كبيرة، وبينما كنا نتفحص الأمر مع نظرائنا في المراكز الطبيّة الأخرى، أصبحنا نشعر بالقلق بشكلٍ متزايد، فقد وجدنا ما يصل إلى 20 أو 30 أو 40 في المائة من المرضى يعانون من الحالة ذاتها".

وتظهر الجلطات الدمويّة، التي يتحول فيها السائل الأحمر إلى مادة هلاميّة، مع هذا الفايروس عكس ما يحدث في حالات الإيبولا وحمى الضنك، وغيرها من الحميّات النزفيّة التي تؤدي إلى نزيفٍ غير منضبط، لكنّها في الوقت ذاته جزء من نفس الظاهرة، ومن الممكن أن تكون عواقبها وخيمة.

هنا بدأت المخاوف حادة للغاية، وزادت الحيرة، وأثارت بعض مجموعات الأطباء الجدل بعد قرار إعطاء مُميّعات الدم الوقائيّة لكل شخص مصاب بـالفايروس حتى أولئك الذين لديهم ما يكفي لتحمّل مرضهم في المنزل.

وكانت عمليات التشريح لجثث مصابي الفايروس المتوفيين، أظهرت أنّ رئتي بعض الناس تمتلئ بمئات الجلطات الصغيرة، كما يمكن للجلطات الدمويّة الخاطئة ذات الحجم الأكبر أن تنفصل وتنتقل إلى الدماغ أو القلب، مما يتسبّب في سكتة دماغيّة أو أزمة قلبيّة.

قال لويس كابلان، وهو طبيب في جامعة بنسلفانيا ورئيس جمعية طب الرعاية الحرجة "إنّ الأطباء يعالجون كل عام الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات التخثر، من المصابين بالسرطان إلى ضحايا الصدمات الشديدة، ولم يقابلوا مثل هذه الجلطات".

وأضاف كابلان "المشكلة التي نواجهها أنه بينما نفهم أنّ هناك جلطة، فإنّنا لا نفهم حتى الآن سبب وجود هذه الجلطة".

وختم كلامه بالقول "نحن لا نعرف. وبالتالي، نحن خائفون ".

(تورم الساقين، والقسطرة المسدودة والموت المفاجئ، والجلطات الدمويّة، الكبيرة والصغيرة) جميعها مضاعفات متكررة لـ COVID-19، والباحثون بدأوا للتو في فك تشابك الأسباب بعد أسابيع من البحث، وتدفقت التقارير حول آثار المرض في جميع أنحاء الجسم، والعديد منها اتفق أنًّ أساس ما يحدث يعود إلى الجلطات.

 يقول BehnoodBikdeli زميل أمراض القلب في السنة الرابعة بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك: "إنّها مثل عاصفة من الجلطات الدمويّة"، متابعاً أنَّ أي شخص مصاب بمرض شديد معرض لخطر الإصابة بالجلطات، ولكن يبدو أنّ المرضى في المستشفى الذين يعانون من COVID-19 أكثر عرضة للإصابة بها.

تشير الدراسات من هولندا وفرنسا إلى أنّ الجلطات تصيب ما بين 20-30 ٪ من مرضى COVID-19خاصة المصابين بأمراض خطيرة، وبدأ العلماء للتو في إطلاق دراسات تهدف إلى اكتساب رؤى ميكانيكيّة لما يحدث، ولكن مع ارتفاع عدد القتلى، تدافعوا لاختبار أدوية كبح الجلطات.

هنا توصل الأطباء إلى أنّ التجلط سمة أساسيّة من سمات COVID-19، لكن ليس فقط وجود هذا التجلط هو الذي حير العلماء: بل الطريقة التي تظهر بها الجلطات التي هي عبارة عن آليّة الجسم لوقف النزيف، عبر تكوين كتل الخلايا والبروتينات الشبيهة بالهلام.

وتضيف التقارير والأبحاث بأنَّ المشكلة تكمن في كون أدوية تمييع الدم لا تمنع بشكل موثوق التجلط لدى الأشخاص المصابين بـ COVID-19، ويموت الشباب من السكتات الدماغيّة الناجمة عن الانسداد في الدماغ. والعديد من الأشخاص في المستشفى لديهم مستويات مرتفعة بشكلٍ كبير من جزء بروتين يسمى D-dimer، والذي يتم إنشاؤه عندما تذوب الجلطة، ويبدو أنّ المستويات المرتفعة من D-dimer هي مؤشر قوي للوفيات في المرضى في المستشفيات المصابين بالفايروس التاجيّ.

كما لاحظ الباحثون أيضاً وجود الجلطات المصغرة في أصغر أوعية الجسم، وقد قام جيفري لورانس أخصائي أمراض الدم في Weill Cornell Medicineبمدينة نيويورك وزملاؤه بفحص عينات الرئة والجلد من ثلاثة أشخاص مصابين بـ COVID-19 ووجدوا أنّ الشعيرات الدموية كانت مسدودة بالجلطات، وأَبلغت مجموعات أخرى بنتائج مماثلة.

والآن بالذات استطاع الأطباء تفسير السبب في الانخفاض الشديد في قراءات الأكسجين في الدم لدى المرضى الذين يحملون الفايروس، ولماذا لم تكن تساعد أجهزة التنفس الميكانيكيّة المرضى.

وتضيف التقارير العلمية أنّCOVID-19 يؤثر على الخلايا المناعيّة بإطلاق سيل من الإشارات الكيميائيّة التي تزيد من الالتهاب، المرتبط بالتجلط والتخثر من خلال مجموعة متنوعة من المسارات، فالفايروس ينشط في نظام مكتمل لتدمير الجسم السليم، وهنا تظهر الآليّة الدفاعيّة التي تؤدي إلى التجلط.

تقول مديرة برنامج أبحاث أمراض الدم بجامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر بكندا " إنّ العملية مترابطة فهناك التهاب ثم تخثر".

ويُؤكد العلماء والأطباء أنّهم حتى الآن هذا ما يعرفونه على وجه اليقين بأنّ مضاعفات تخثر الدم تظهر بسرعة كتهديدٍ كبير في حالات مرضى COVID-19، لكن لا يزال لديهم الكثير لتعلمه عن الفايروس، وكيف يؤثر على تخثر الدم، وما هي أفضل الخيارات للوقاية والعلاج من هذه الجلطات الدموية؟.

المصادر:

nature

washington post

the guardian

theconversation

الأكثر قراءة