` `

خبراء وهميُّون قادوا حملات دعائية في الشرق الأوسط

أحمد بعلوشة أحمد بعلوشة
سياسة
13 يوليو 2020
خبراء وهميُّون قادوا حملات دعائية في الشرق الأوسط
الهدف الأساسي لهذه الشخصيات مهاجمة قطر وتشويه صورتها ودعم الإمارات وتلميعها (Getty)

نشرت صحيفة "Thedailybeast"، تقريراً عن شخصيات وهمية قادت حملات دعائية وتحريضية في الشرق الأوسط، وحملت هذه الشخصيات مسميَّات (محلل سياسي، خبير استراتيجي، وغيرها)، وكان الهدف الأساسي لهذه الشخصيات مهاجمة قطر وتشويه صورتها ودعم الإمارات وتلميعها. رصد "مسبار" ما جاء في التقرير، وقام بالتحقق من مصداقية المعلومات الواردة فيه. إذ ذكر التقرير أنَّ مواقع مثل "Newsmax" و"Washington Examiner"، نشرت تقارير وتحليلات سياسية من "خبراء" اتضح فيما بعد أنهم مجرد شخصيات وهمية غير موجودة في الواقع.

رافائيل باداني، كاتب عمود في "نيوز ماكس"، نشر مقالات حول أنَّ العراق يحتاج إلى التخلص من النفوذ الإيراني لجذب الاستثمار، وأخرى تتساءل لماذا تعتبر دبي واحة من الاستقرار في منطقة مضطربة كالشرق الأوسط؟ باداني الذي نشر في "نيوز ماكس" على أنه "مستشار مخاطر جيوسياسية ومحلل في العلاقات الدولية" هو في الحقيقة ليس سوى شخصية غير موجودة على أرض الواقع، كما أنَّ صورته المستخدمة مسروقة وتعود لشخص آخر.

وللتأكد من صحة هذه المعلومات، بحث "مسبار" عن اسم رافائيل باداني على محركات البحث؛ ليجد أنَّه فعلاً لديه ملف شخصي في موقع نيوز ماكس، وما زال الملف يظهر في محركات البحث. لكن عند الدخول إلى الموقع؛ تجد أنَّ الملف تم حذفه.

صورة متعلقة توضيحية

صورة متعلقة توضيحية

 أما عن الصورة التي تم استخدامها في حساب باداني، وجد "مسبار" أنها في الحقيقة لرجل أعمال يدعى Barry Dadon وهو مؤسس شركة Ziply الناشئة، كما وجد حسابات دادون على لينكد إن، وإنستغرام. وبحث "مسبار" في موقع Muckrack الذي يسوِّق أسماء الصحفيين والكتاب، ووجد أنَّ لدى هذا الخبير الوهمي عدد من المقالات المنشورة والتي ينظر فيها عن التوسع الإيراني في الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات المتعلقة بالمنطقة.

صورة متعلقة توضيحية

موقع صحيفة Washingtonexaminer، قام بحذف مقالة منشورة للخبير الوهمي، وكتب ملاحظة أنه تم حذف هذه المادة بعد التحقق من مصدر تأليفها.

صورة متعلقة توضيحية

لكن مواقع مثل "Neweurope" لم تقم بحذف مقالات باداني أو الإشارة إلى زيفها، وأبقت عليها موجودة في الموقع، كهذه المادة التي ما تزال منشورة حتى وقت كتابة هذا المقال.

مقال آخر من هذه المقالات، كان يستهدف ما أسماه أثر الوجود الإيراني في العراق على تهميش السنة، وتم نشره على صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيلية، ومن ثم تم حذفه من الصحيفة.

صورة متعلقة توضيحية

وبحث "مسبار" في الروابط المؤرشفة على "غوغل" للتأكد ما إذا كان فعلاً تم حذف حسابات أشخاص ينشرون مقالات على أنهم خبراء ومحللين، ليجد أنَّ تويتر فعلاً قام بإيقاف حساب باداني، كما تم حذفه أيضاً من موقع لينكد إن.

صورة متعلقة توضيحية

ليسا موري، هي شخصية أخرى ذكرها التقرير، وقمنا في "مسبار" بتقصي أثر هذه الشخصية والبحث عنها، لنجد أنَّ مقالات لموري نشرت على حساب باسمها أيضاً في موقع Muckrack الذي نشر عليه حساب باداني مقالاته. كما وجد أنَّ حسابها على تويتر تم إيقافه، بينما أُبقي على حسابها في موقع لينكد إن.

صورة متعلقة توضيحية

أما سلمى محمد التي نشرت مقالاتها على موقع العربية، فهي أيضاً شخصية وهمية تم حذف حسابها من موقع لينكد إن، إلا أنَّ موقع العربية لم يقم بحذف مقالاتها. وكانت تهاجم تركيا وتسوِّق للخطر الذي قد يلحق بالاتحاد الأوروبي جراء الوجود التركي في ليبيا.

صورة متعلقة توضيحية

هذا الموضوع تطرقت له عدد من الصحف والمواقع الأجنبية، إذ جاء في تقرير نشره موقع Middleeasteye أنَّ الشخصيات الوهمية ساهمت بشكل كبير في مواقع مثل The Arab Eye و Persia Now وأنَّ الصفات الشائعة لهذه الشخصيات المزيفة هي مدحها لدولة الإمارات والحديث عن "مرونتها المثالية" في التعامل مع فايروس كورونا، وعلاقاتها الدبلوماسية القوية مع الاتحاد الأوروبي، عوضاً عن الادعاء بأنها تدعم المساواة بين الجنسين في معرض إكسبو 2020 في دبي، والذي ما زال مؤجلاً حتى الآن. هذا كله من جهة، وفي الجهة الأخرى مهاجمة دولة قطر ومؤسساتها الإعلامية ودورها في الشرق الأوسط. ومن الأمثلة على هذه المقالات، هذا المقال الذي تحدث عن المرونة النموذجية للإمارات في التعامل مع كوفيد-19.

يذكُر تقرير Thedailybeast أنَّ باداني هو جزء من 19 شخصية وهمية على الأقل، أمضت حوالي السنة في نشر قرابة 90 مقالة رأي في 46 وسيلة إعلامية مختلفة، وكانت هذه المقالات تثني على الإمارات العربية المتحدة، وتدعو إلى اتباع نهج أكثر صرامة تجاه قطر وتركيا وإيران ووكلائهم في العراق ولبنان.

للاطلاع بشكل أكبر على الهدف من وراء هذه البروبغندا الإعلامية والحسابات المزيفة لخبراء ومختصين، أجرى "مسبار" مقابلة مع الدكتور عبد الهادي العجلة، باحث ما بعد الدكتوراة في المعهد الألماني للدراسات الشرقية، والذي أكد أنَّ ما جرى هو متابعة لشخصيات ظهرت فجأة وخلال فترة قصيرة، وكان واضحاً عليها أنها تكتب في مجال معين وتستهدف مواضيع وبلدان بعينها، وهو ما أثار الشكوك حولها. وأضاف العجلة "وجود شخصيات وهمية يتحكم فيها جهاز واحد، يعطي فرصة أعلى للمناورة لهذه الأجهزة، ويزيد من قدرتها على فرض البروبغندا التي تراها مناسبة بشكل كامل ودون صعوبات قد تواجهها مع الشخصيات الحقيقية، خاصة وأنَّ هذه الجهات لو حاولت استمالة أحد الخبراء الحقيقيين فإنَّ ذلك سيكون أكثر صعوبة، ولا يمكن من خلاله تحقيق ما تحققه الحسابات الوهمية من تطبيق لهذه الأجندة".

ونوه العجلة إلى أنَّ توجهات الشخصيات الحقيقية للخبراء والمحللين المنحازين باتت معروفة، وبالتالي لن تؤخذ بعين الاعتبار لدى القراء أو الجهات الإعلامية وستكون تحليلاتهم وآراءهم مثال جدل وشكوك.

وعن طبيعة الهجوم الوارد في تحليلات ومقالات الشخصيات الوهمية، أشار العجلة إلى أنَّ "الأكاديميين والخبراء الغربيين، يكونون في الغالب ملتزمين بمعايير وأسس أخلاقية لا يمكن تجاوزها، ومن المستهجن أن تجد خبراء يقومون بالهجوم على دولة على حساب أخرى، وهو ما زاد الشكوك حول هذه الشخصيات المزيفة".

في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت، قامت إدارة موقعي فيسبوك وتويتر، بعدة حملات لإغلاق مئات الحسابات في المنطقة العربية. هذه الحسابات كانت تدار بواسطة شركات دوت ديف وتشارلز كوميونيكيشن اللتين تتخذان من الإمارات العربية المتحدة مقراً لهما. هذه الحسابات التي تديرها شركات، تهدف بشكل أساسي إلى شن حملات تضليل للرأي العام وفبركة أخبار والترويج لها بغرض خدمة أجندات سياسية. وكان موقع تويتر أصدر بياناً في أيلول/سبتمبر الفائت أغلق 4248 حساباً وهميًّا إماراتيًّا روّج أخباراً كاذبة متعلقة بالحرب في اليمن، وشارك في حملات تضليل طالت بشكل أساسي دولة قطر.

المصادر

DailyBeast

Barry Dadon

Cnet

Aljazeera

Twitter

Middleeasteye

بيان تويتر 2019

مسبار

الأكثر قراءة