` `

لماذا يعتبر كبار السن أكثر تصديقاً للأخبار الزائفة؟

أسماء الغول أسماء الغول
علوم
5 ديسمبر 2020
لماذا يعتبر كبار السن أكثر تصديقاً للأخبار الزائفة؟
يميل كبار السن إلى مشاركة المعلومات الزائفة أكثر من غيرهم من الفئات العمرية الأخرى (Getty)

تتسبّب المعلومات المضللة في أضرار جسيمة خاصة على كبار السن وأحياناً تصل إلى التأثير على صحتهم في حال كانت هذه المعلومات تتعلق بالطب والمرض، والتفسير الأكثر بديهية لهذا النمط يقع على العجز المعرفي. وعلى الرغم من أن كبار السن تتراكم لديهم المعرفة عبر عقود ما يساعدهم على تقييم الادّعاءات المفبركةـ إلا أن التدهور المعرفي لا يزال يعتبر سبباً رئيسياً لذلك دون إمكانية تفسير كامل لتفاعل كبار السن مع الأخبار المزيفة.

ومن المهم الإشارة أيضاً أن الكبر في السن غالباً ما يقترن بزيادة الثقة بالمعلومات المقدمة من مصادر المعرفة المحيطة، وصعوبة اكتشاف أكاذيبها، وتقليل التركيز على الدقة عند التواصل، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر كبار السن من الوافدين الجدد نسبياً على وسائل التواصل الاجتماعي وقد يواجهون صعوبة في اكتشاف المحتوى المضلل، أو الصور التي تم التلاعب بها.

ومن المهم الإشارة إلى إنه في عالم تجاوز الحقيقة وأصبح الاهتمام بالحكاية المروية أكبر من الحقائق والبيانات، يجب مراعاة الفجوات في محو أمية كبار السن الرقمية.

وتشير دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكبر هم أكثر عرضة بنحو أربع مرات لمشاركة الأخبار المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالشباب، وكانوا مسؤولين عن نشر المزيد من المعلومات المضللة خلال الحملة الرئاسية لعام 2016.

ووفقاً لهذه الدراسة التي نُشرت الأسبوع الفائت في مجلة Science Advances، شارك 11٪ من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر أخباراً مزيفة على "فيسبوك" خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، بينما شارك 3٪ فقط من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاماً الأخبار المفبركة، بالإضافة إلى ذلك، شارك المزيد من كبار السن أيضًا أخباراً مزيفة أكثر من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و 65 عاماً.

في حين أن متوسط ​​عدد مشاركات المنشورات التي تم تحديد أنها أخبار مزيفة كان 0.26 لمن تتراوح أعمارهم بين 45 و 65 عاماً، كان متوسط ​​عدد المشاركات للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً 0.75، وكانت الدراسة أجراها باحثون في مختبر المشاركة السياسية والشبكات الاجتماعية بجامعة نيويورك وجامعة برينستون.

الشباب أكثر قدرة على تحديد المزيف

 جوناثان ناغلر، أستاذ السياسة والمدير المشارك لمختبر SMaPP بجامعة نيويورك، أفاد أيضا بأن الافتقار إلى المعرفة الرقمية أو الإعلامية يمكن أن يكون عاملاً في زيادة عدد المشاركات بين كبار السن، مضيفة أن الشباب "قد يكونون أكثر ذكاءً في تحديد ما قد يكون مزيفاً".

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحلل الانتماءات السياسية لمن شاركوا أخباراً مزيفة من كبار السن بشكل مباشر، إلا أن ناغلر يشير إلى "أدلة دامغة" على أن معظم الأخبار المزيفة كانت في صالح المرشح آنذاك دونالد ترامب ، مما يجعل الجمهوريين والمحافظين أكثر عرضة من الليبراليين لمشاركة الكذب.

يقول ناغلر إنه على الرغم من الاهتمام الواسع الذي تلقاه الأخبار المزيفة أثناء الانتخابات، فإن العدد الفعلي للأشخاص الذين يقومون بتداول مثل هذه المواد كان منخفضاً، وحظيت ظاهرة الأخبار المزيفة "باهتمام أكبر مما تستحق" لأن الناس كانوا أكثر عرضة لمشاهدة القصص الإخبارية الحقيقية من المزيفة. ويعتقد ناغلر أن الأخبار الكاذبة حظيت باهتمام كبير لأن عام 2016 كان "أول مرة تحدث فيه على هذا المستوى"؛ حيث لم يكن أحد يبحث عنها خلال انتخابات 2012 الرئاسية.

على الرغم من أن قلة من الناس الذين شاركوا في الكذب، إلا أن ناغلر يقر بأن الكثير منهم كان بإمكانهم رؤية هذا الكذب، وأن انتشار الأخبار الكاذبة "يحتمل أن يكون سيئاً حقاً لإدارة الديمقراطية"، لافتاً إلى أن الدراسات المستقبلية يجب أن تركز على سبب جذب الأخبار الكاذبة لأشخاص معينين وما الذي يدفعهم إلى مشاركتها.

ويزيد ناغلر: "إذا لم تكن مقيداً بالحقيقة، فيمكنك كتابة أشياء مثيرة للاهتمام حقاً". يمكن للناس أن يكونوا أكثر إبداعاً بالخيال من الحقائق ما يجعل القصص الإخبارية المزيفة مختلفة عن معظم المحتوى المتاح.

يلاحظ ناغلر أن الاستنتاج القائل بأن كبار السن أكثر عرضة للتضليل يشير إلى أنه من غير المرجح أن يتم معالجة المشكلة بالكامل من خلال الجهود المبذولة لتعليم محو الأمية الرقمية في المدارس. ومع ذلك، يقول إن هذا لا يعني أنه لا يمكن تعليم كبار السن.

ومن هنا نستنج أنه يتم تغذية المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل كبار السن؛ فهم يشاركون الأخبار المزيفة والروابط المشبوهة أكثر من الفئات العمرية الأخرى.

النظرة النمطية لكبار السن

ويُظهر تحليلاً جديداً أن الناس غالباً ما يضعون افتراضات غير صحيحة حول سبب حدوث ذلك، ما يؤدي لفشل بعض محاولات وقف انتشار المعلومات المضللة ، ويعود السبب في هذا الفشل إلى الصورة النمطية التي تتعلق بالعمر، و هذا ما تشرحه نادية براشير،بروفيسور في قسم علم النفس بجامعة هارفارد بقولها " إن هناك تفسيرين شائعين لسبب مشاركة كبار السن في الكثير من المعلومات المضللة عبر الإنترنت، غالباً ما يكون السبب الأول هو التدهور المعرفي: هذا العمر يجعل المستخدمين الأكبر سناً أقل قدرة على اتخاذ خيارات مستنيرة من المستخدمين الأصغر سناً، والسبب الثاني هو الشعور بالوحدة: أن المستخدمين الأكبر سنًا هم عرضة لمشاركة المعلومات الخاطئة أثناء محاولتهم إجراء اتصالات مع أشخاص آخرين. لكن لا يفسر أي منهما ما يحدث بشكل كامل".

 وتضيف إنه وفقاً لتحليل Current Directions in Psychological Science  فمن الصحيح أن التذكر يمكن أن يتراجع مع تقدم العمر، لكن القدرة على معالجة المعلومات وفهمها تظل كما هي مع التقدم ​​في العمر، بل وتتحسن المعرفة العامة.

وتتابع "القدرات المعرفية المختلفة تنخفض في الواقع بمعدلات مختلفة، وبعضها لا يتراجع على الإطلاق"، كما تقول براشير "يمكن لهذه القدرات المحفوظة أن تساعد كبار السن على تعويض النواقص التي يعانون منها".

 وفيما يتعلق بالوحدة، تقول: "كبار السن ليسوا الفئة العمرية الأكثر وحدة، ولا يوجد لدى العلماء حالياً أي دليل على أن الأشخاص الوحيدين يشاركون المزيد من القصص المزيفة". يكشف عمل براشير عن نقص الأدلة لدعم الافتراضات الشائعة حول كبار السن والمعلومات الخاطئة، وينظر في العوامل الأخرى مثل العلاقات الشخصية إلى معرفة القراءة والكتابة الرقمية.

خصوصية كبار السن

لا يوجد مفتاح واحد لشرح سبب مشاركة كبار السن للكثير من المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت، ولكن تحليلها يشير إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى أساليب مختلفة لتقليل تضخيم المعلومات المضللة عبر الإنترنت.

وفي محاولة لفهم المقصود لنأخذ مثالاً واحداً: عمليات التحقق من صحة الأخبار، غالباً ما تعتمد منصات الوسائط الاجتماعية لتوفير سياق للمعلومات المضللة أو الخاطئة التي يتم مشاركتها عبر الإنترنت. لكن بالنسبة إلى الجماهير الأكبر سناً، قد يكون لها عكس التأثير المقصود؛ فإن رؤية ادّعاء مرتبط بعلامةٍ خاطئة بشكلٍ متكرر يزيد من إيمان كبار السن بهذا الادّعاء لاحقاً لكن هذا لا يعني أن كبار السن هم أسوأ في معرفة ما إذا كان هناك شيء ما صحيح أم لا.

 في إحدى الدراسات التي تستشهد بها براشير، كان كبار السن في الواقع أفضل في تقييم صحة العناوين الرئيسية في بيئة الدراسة. لذا فإن مناهج التحقق من الحقائق الحالية ليست بالضرورة أفضل طريق لإبطاء انتشار المعلومات السيئة، بدلاً من ذلك.

وتقول براشير إذا أرادت المنصات أن تستهدف بشكل أكثر فعالية الطرق التي ينشر بها كبار السن المعلومات المضللة، فسيتعين عليهم النظر عن كثب في العلاقات الشخصية ومحو الأمية الرقمية، فإن كبار السن أقل تفاعلاً مع وسائل التواصل، كما يميلون إلى أن يكون لديهم عدد أقل من الأشخاص على أطراف مجالاتهم الاجتماعية، ويميلون إلى الثقة في الأشخاص الذين يعرفونهم أكثر.

المصادر/

Journals.sagepub

Usnews

Technologyreview

الأكثر قراءة