` `

حزب الليكود يدّعي أنّه بيتٌ لفلسطينييّ الداخل.. لكن الحقائق تُظهر العكس

مريم هواري مريم هواري
سياسة
2 مارس 2021
حزب الليكود يدّعي أنّه بيتٌ لفلسطينييّ الداخل.. لكن الحقائق تُظهر العكس
يأتي تصريح ريغيف ضمن حملة الليكود الإنتخابية لكسب أصوات الفلسطينيين في الداخل (Getty)

"حكومة اليمين بخطر. المصوّتون العرب يتدفقّون بكميّات هائلة لصناديق الاقتراع"، هذا ما أعلنه نتنياهو يوم الانتخابات الإسرائيلية سنة 2015، بهدف ترهيب مناصريه من خسارة حزبه في الانتخابات، إذ يُعدّ هذا التصريح، أشهر تصريحات نتنياهو العنصرية في السنوات الأخيرة.

لاحقًا، وفي انتخابات سنة 2019، أعلن حزب الليكود عن توظيف موازنة قيمتها 600 ألف دولار، لنشر كاميرات مراقبة في المقرّات واللجان الانتخابية في البلدات الفلسطينية داخل "إسرائيل"، وتوظيف المئات من نشطاء الحزب والمستوطنين للعمل في هذه المقرّات، بهدف ترهيب وتخويف الناخبين الفلسطينيين من المشاركة في الانتخابات، إذ تجاوز حجم تصويتهم في الانتخابات التي سبقتها، سنة 2015، ما نسبته 70% من أصحاب حق الاقتراع، فقد حصلت القائمة العربية المشتركة، والمكوّنة من أربعة أحزابٍ فلسطينية، على أكثر من 90% من هذه الأصوات، وحازت نتيجة ذلك على 13 مقعدًا من ضمن 120 في البرلمان الإسرائيلي. ضمن حملته الانتخابية ذاتها، أرسل حساب نتنياهو في موقع فيسبوك لعدد من داعميه رسالة مفادها أنّ "العرب يريدون تدميرنا جميعًا"، بالإشارة إلى القائمة العربية المشتركة. كما صرّح نتنياهو في أحد مهرجاناته الانتخابية عام 2019، كجزء من حملته التحريضية ضد منافسه من حزب "أزرق أبيض" الإسرائيلي، وقال إنّه ينوي الاعتماد على القائمة العربية المشتركة، وأنّ هذا يُعتبر "تهديدًا وجوديًّا".

عشيّة الانتخابات الإسرائيلية المُقبلة، المقرّرة في 23 مارس/آذار الجاري، وهي الرابعة خلال عامين، يسعى حزب الليكود، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضمن حملته الانتخابية الحالية، لكسب أصوات الناخبين الفلسطينيين في "إسرائيل"، إذ أعلن نتنياهو ذلك بشكلٍ واضحٍ، محاولًا تجاوز انخفاض شعبيّته في المجتمع الإسرائيلي، بسبب إدارته لأزمة كوفيد-19، ولوائح الاتّهام الموجّهة ضدّه في قضايا رشاوي وفساد. إذ يعتبر ذلك تحوّلًا علنيًّا يأتي في ظل سنواتٍ من التحريض المستمر، والعنصرية ونزع الشرعية عن المجتمع الفلسطيني هناك. "حزب الليكود هو بيتٌ للجمهور العربي"، هذا ما قالته وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، في مقابلةٍ لها مع موقع واينت الإسرائيلي بتاريخ 23 فبراير/شباط الفائت، معلنةً بصريح العبارة عن الحملة الانتخابية التي يقودها الحزب الإسرائيلي الحاكم لكسب أصوات المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلّة عام 1948، كما أضافت ريغيف "هم يعلمون أنّنا الوحيدين الّذين اهتموّا بهم طوال السنوات العشر الماضية. من جلب 15 مليار شيكل؟ من افتتح مراكز شرطة [في البلدات الفلسطينية]؟".

تتناول هذه المدوّنة أبرز الممارسات والسياسات العنصرية التي اتّخذتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة حزب الليكود، في السنوات الأخيرة، تجاه مواطنيها الفلسطينيين، بهدف تفنيد تصريح ريغيف وتحوّل استراتيجية الليكود من التحريض، إلى التودّد.

قانوني "النكبة" و"الولاء في الثقافة"

عندما شغلت منصب وزيرة الثقافة والرياضة، سعت ميري ريغيف إلى تعديل قانون الثقافة والفنون، وطرحت مشروع قانون "الولاء في الثقافة"، الذي تُمنح بموجبه وزارتها صلاحية، إلى جانب صلاحية وزارة المالية، بإلغاء أو تقييد موازنات مؤسّسات ثقافية وتغريمها وفق عدّة معايير فضفاضة تخضع لتقييم السلطات الإسرائيلية مثل "إنكار وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، التحريض على العنصرية والعنف والإرهاب، دعم الكفاح المسلّح، إحياء يوم النكبة، انتقاص كرامة العلم الإسرائيلي ورموز الدولة"، حيث يعتبر القانون امتدادًا لـ"قانون النكبة"، والّذي صادق عليه برلمان الاحتلال سنة 2011، والذي بموجبه تمتلك وزارة المالية صلاحية سحب الميزانيات الحكومية وتغريم المؤسسّات التي تتلقّى دعمًا حكوميًّا، والتي تُحيي "يوم استقلال إسرائيل" على أنّه يوم حداد، إذ يعدّ هذان القانونان تقييدًا مباشرًا للنشاط الثقافي والسياسي للفلسطينيين في الأراضي المحتلّة سنة 1948.

ويُذكر أن ريغيف لاحقت كلّ من مسرح الميدان في مدينة حيفا ومسرح السرايا في مدينة يافا بموجب "قانون النكبة"، إذ ألغت وزارة الثقافة الإسرائيلية، برئاسة ريغيف، ميزانية مسرح الميدان لسنتي 2016 و2017 دون أي مبرّر قانوني، بعدما جمّدت ميزانيات المسرح بعد عرضه لمسرحية "الزمن الموازي" للأسير الفلسطيني وليد دقّة سنة 2018.

"قانون القومية"

صادق البرلمان الإسرائيلي سنة 2018، والذي ترأسه حزب الليكود حينها، على "قانون القوميّة"، والذي تُعرّف بموجبه "إسرائيل" دولة قومية للشعب اليهودي، كما أنّ حق تقرير المصير هناك هو حصري لليهود فقط، إضافةً لذلك، حوّل القانون اللغة العربية، اللغة الأم لقرابة 2 مليون فلسطيني هناك، والتي كانت لغة رسمية، إلى لغة ذات مكانة خاصة، ممّا جعل اللغة العبرية اللغة الرسمية الوحيدة، كما أقرّ القانون أنّ مدينة القدس هي عاصمة "إسرائيل". وفي سنة 2019 ردّ نتنياهو على الانتقادات التي طاولت القانون وقال إن "إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها، فوفق قانون القومية، هي وطن للشعب اليهودي – وفقط له".

قوانين عنصرية في حكومة "الليكود"

نشر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار، تقريرًا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، يُفيد بأن غالبية قوانين الكنيست هدفت إلى القمع السياسي وتقييد حريّة التعبير في الولاية البرلمانية بين 2015 و2018، والذي شكّل فيها "الليكود" الحزب الأكبر وتولّى فيها نتنياهو رئاسة الحكومة، كما كثرت الملاحقات السياسية ضد ناشطين وقيادات فلسطينية في الأراضي المحتلّة عام 1948، على خلفيّة خطابات ومنشورات، وواصل البرلمان الإسرائيلي تمديد القانون المؤقّت لمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية، والّذي يمنع منح إقامة دائمة في "إسرائيل"، لأحد الزوجين إن كان من الضفّة الغربية أو قطاع غزة، وتجدر الإشارة إلى أنه تم تمديد القانون العام الفائت.

قدّمت النائبة عن حزب الليكود، كيتي شطريت، خلال العام الماضي، مشروع قانون يفيد بمنح أفضليّة لمن خدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي للحصول على وظيفة في القطاع الحكومي، إذ يستهدف هذا المشروع المواطنين الفلسطينيين هناك، كما قدّمت النائبة عن حزب الليكود، شير سيغمان، في العام ذاته، مشروع قانون يمنع انتقال الإسرائيليين من مدن تتجاوز فيها نسبة الفلسطينيين 20%، لأن القانون يهدف إلى الحفاظ على التوازن الديموغرافي والأغلبية اليهودية في هذه المدن، والقصد منها مدن حيفا، وعكا، ويافا.

مراكز الشرطة في البلدات الفلسطينية وارتفاع معدّلات الجريمة.

تباهت ريغيف بإنشاء مراكز شرطة في المدن والقرى الفلسطينية، واعتبرتها معروفًا قدّمته حكومتها لخدمة المجتمع الفلسطيني، لكن في الوقت ذاته، تتفاقم معدّلات الجريمة داخل المجتمع، وسط تقاعس واضح للشرطة الإٍسرائيلية، المسؤولة عن مكافحة هذه الظاهرة ومحاربة عصابات الجريمة المنظّمة، وعلى الرغم من مزاعم الحكومة الإٍسرائيلية بقيادة نتنياهو، العمل على وضع حد لهذه الظاهرة، إلّا أن تقريرًا لجمعية الشباب العرب "بلدنا"، من العام الماضي، أفاد بأنّ معدّل ضحايا القتل بين السنوات 2011 و2019 آخذٌ في الارتفاع، ولربّما يمكن قراءة توجّه حزب الليكود ونواياه تجاه ظاهرة العنف في المجتمع الفلسطيني وفق تصريحات مسؤوليه، إذ صرّح وزير الشرطة السابق، غلعاد أردان، ردًّا على انتقاداتٍ وُجّهت لوزارته في هذا السياق، قائلًا "المجتمع العربي هو مجتمع عنيف جدًّا"، إذ جاء هذا التصريح لإعفاء نفسه من مسؤوليته وإلقاء اللوم على الضحايا.

"15 مليار شيكل للمجتمع الفلسطيني".. مبلغ غير دقيق لخطّة لم تنفّذ بأكملها

يُردد نتنياهو ونوّاب البرلمان الإسرائيلي عن حزب الليكود، أنّهم استطاعوا جلب 15 مليار شيكل للمجتمع الفلسطيني في "إسرائيل"، ضمن الخطّة الخماسية للتطوير الاقتصادي والتي كان من المتوقّع تنفيذها بين سنتي 2015 و2020، إلّا أنّ هذا الرقم غير دقيق، لأنّ قيمة هذا المخطط كانت 9.7 مليار شيكل، تم استغلال 6 مليار منها فقط، كما أعلن "المركز الإسرائيلي لتمكين المواطن" أنّه لم ينفّذ قرابة 48% من الخطّة.

إنّ تصريح وزيرة المواصلات الإسرائيلية "الليكود هو بيت الجمهور العربي" لا يمت للواقع بصلة، وعلى الرغم من أنّ عداء "الليكود"، وحاملي فكره، وممارساتهم العنصرية تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة عام 1948، تعود لما قبل لحظة تأسيسه، إلّا أنّ هذه المدوّنة تناولت أبرز الحقائق والوقائع الّتي تفنّد تصريح ريغيف وحملة حزبها الانتخابية، جملةً وتفصيلًا.

 

المصادر:

The Guardian – Benyamin Netanyahu: ‘Arab voters are heading to the polling stations in droves’

عرب 48 – بيتان على خطى نتنياهو: أفضل عدم وصول العرب لصناديق الاقتراع

الجزيرة – كاميرات المراقبة.. سلاح نتنياهو لخفض تصويت العرب

الجزيرة – القائمة المشتركة.. قوة سياسية تتحدى حكومة نتنياهو

ذا ماركر - "شات بوت" نتنياهو: "العرب يريدون تدميرنا جميعًا"  (المصدر بالعبرية)

واينت – نتنياهو في مؤتمر اليمين: "حكومة أقلية – تهديد وجودي على إسرائيل" (المصدر بالعبرية)

واينت – ريغيف : "الليكود هو بيت الجمهور العربي" (المصدر بالعبرية)

Haaretz – Israeli Sulture Minister to Propose ‘Loyalty Bill’ in Bid to Control Artistic Funding

عرب 48 – "قانون الولاء في الثقافة": جديد ريغيف للتضييق على المؤسسات العربية

عرب 48 – ريغيف تواصل ملاحقة مسرح يافا بـ"قانون النكبة"

ALJAZEERA – Benjamin Netanyahu: Israel is a state ‘only of the Jewish people’

مركز مدار - غالبية قوانين الكنيست الأخيرة تم سنّها بغرض قمع الحريات والملاحقات السياسية والعقوبات الجماعية

عرب 48 - "قانون منع لم الشمل يعتبر كل الفلسطينيين خطرا أمنيا على إسرائيل"

مركز مدار - مشروع قانون تفضيل من خدم في الجيش في التوظيف في سلك خدمات الدولة

مركز مدار - قانون يهدف لمنع هجرة اليهود من مدن فيها نسبة العرب تتجاوز 20%

الجزيرة - 1700 قتيل منذ عام 2000.. فلسطينيو 48 ضحية للعنف والجريمة

جمعية بلدنا - تسعُ سنواتٍ من الدّم: تقرير إحصائيّ عن جرائم القتل لدى فلسطينيّي الـ48 (2020)

The Jerusalem Post - Erdan: Arabs pull out knives instead of legally solving issues

ذا ماركر – رئيس الوزراء يغازل العرب – لكنّه لم يفِ بنصف الوعود التي قطعها (المصدر بالعبرية)

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة