` `

الموضوعية والحياد في التغطية الإخبارية

مهيب الرفاعي مهيب الرفاعي
أخبار
1 مايو 2021
الموضوعية والحياد في التغطية الإخبارية
الموضوعية في الصحافة القدرة على انتقاد وإبراز الحقائق المهمة (Getty)

يُثير أداء بعض الصحافيين من خلال الكاميرا والتقارير الإخبارية المرئية والمسموعة أسئلة كثيرة حول التزامهم بمبادئ المهنة وأخلاقياتها. فانعدام الموضوعية في تغطية الأخبار أصبح شائعًا، لا سيما في ظل وجود أجندات معينة لبعض المنصّات (تقليدية أو حديثة)، التي لا تلتزم بمعيار الموضوعية بوصفه أحد أسس العمل الصحفي.

السعي وراء التزام الموضوعية

تعد الموضوعية من أهم أسس العمل الإخباري في أي مؤسسة إعلامية. وبحسب معهد الصحافة الأميركية، شاع استخدام مصطلح الموضوعية بين الصحفيين في عشرينيات القرن الماضي، بعد موجة من التحزبات والاستقطابات بفعل أحداث الحرب العالمية الأولى. وبالفعل ظهرت أصواتٌ تُطالب الصحافيين بالتزام نشر الأخبار الحقيقة، وعرض الدليل على صدقية الخبر، كما دعت إلى تجنّب إظهار الصوت الشخصي في نقله. 

أن يكون ناقل الخبر موضوعيًا فإن هذا يعني ألّا يكون الخبر خاضعًا لتقييماته الشخصية، ومن هذا المنطلق، فإن أيّ خبر أو صورة تقدّم على أنها موضوعية يجب ألا تتأثر بتجارب الناقل سواء كان صحفيًا أو مراسلاً في حالة العمل الإعلامي. ومن خلال التزام الموضوعية، يقدّم ناقل الخبر الحقيقة.

الموضوعية والقيمة الأخلاقية

نتيجة للتطور التقني واتساع المساحة أمام انتشار الأخبار بكل أنواعها، الحقيقية والكاذبة، أصبحت مؤسسات الإعلام الجماهيري، ومثلها وسائل التواصل الاجتماعي، مؤسسات عامة يتم من خلالها تداول الخبر والصورة وفق معايير تضعها المؤسسة، وشروط نشر يجب على أي صحفي مراسل أو مصور أن يلتزم بها. لدى هذه المؤسسات سلطة هائلة، في السياسة والمجتمع والاقتصاد؛ والأهم من ذلك القدرة على توجيه الرأي العام. البرامج الحوارية، المقالات، الصور ومقاطع الفيديو التي يعمل عليها المراسلون والصحفيون، المدوّنات في المواقع أو المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي، كلها تسعى أن تكون موضوعية، ووجود منصات التحقق من الأخبار الكاذبة والمضللة، وضع عبئًا كبيرًا على هذه المؤسسات التي باتت مطالبةً بالشفافية عبر الإفصاح عن مصادر حقيقية، ورؤية الخبر من جميع جوانبه لا بعين مفردة. 

في مقال "أخلاقيات الصحافة، الموضوعية، الصحافة الوجودية، نظرية المعرفة، والصحافة العامة"، يرى الباحث ميشيل رايان، أنه من الضروري إيجاد أرضية عمل مشتركة بين الصحفيين الموضوعيين والقنوات الإعلامية، كون الموضوعية والمصداقية لا غنى عنهما في العمل الصحفي في مجتمع حرّ، وبالتالي يتفادى الصحفيون الوقوع في فخ التضليل والدعاية.

موضوعية الأخبار والنقد المجتمعي

تأثّر مسار النقل الإعلامي والتغطية الصحفية للأحداث حول العالم بعد ظهور ما بات يُعرف بـ (المواطن الصحفي)، إذ انتقلت التغطية الحيّة من مجرد تجميع ونقل الخبار وتصنيفها Filtering ومن ثم نقلها إلى الجمهور، إلى مستوى الصحافة المستقلة التي لا تتبع لأجندة أي قناة إخبارية. بهذا يكون كل مواطن قادرًا على نقل صورة أو خبر ونشره عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكمثال على ذلك، الاحتجاجات التي اندلعت في إيران عام 2009، عقب الانتخابات الرئاسية، حين لم يكن للصحفي المراسل دور في تغطيتها بموضوعية بحكم طبيعة العلاقة بين السلطة والقنوات الإعلامية، والرقابة الصارمة التي تفرضها طهران على الصحفيين، والتي تفقد الصحفي موضوعيته في تغطية لأحداث؛ وبالتالي كان الاعتماد على الصحفي المواطن والنشطاء الذين عملوا على نشر مقاطع فيديو وصور من قلب الشارع، وترويجها على وسائل التواصل.

 

المصادر:

Borden, S. L., & Pritchard, M. S. (2001). Conflict of interest in journalism. Conflict of Interest in the Professions, 73-91.

Freedom-House Index 2021, Iran https://freedomhouse.org/country/iran/freedom-world/2021 

Ryan, M. (2001). Journalistic ethics, objectivity, existential journalism, standpoint epistemology, and public journalism. Journal of Mass Media Ethics16(1), 3-22.

Waisbord, S. (2018). Truth is what happens to news: On journalism, fake news, and post-truth. Journalism studies19(13), 1866-1878.

Wall, M. (2015). Citizen journalism: A retrospective on what we know, an agenda for what we don’t. Digital Journalism3(6), 797-813.

الأكثر قراءة