` `

القدس: لماذا نستخدم صورًا قديمة إذا كان ما يجري كافيًا؟

أحمد بعلوشة أحمد بعلوشة
سياسة
10 مايو 2021
القدس: لماذا نستخدم صورًا قديمة إذا كان ما يجري كافيًا؟
الواقع نرى فيه بالصوت والصورة اعتداءات الاحتلال (Getty)

الآراء الواردة في هذا المقال لا تُعبّر بالضرورة عن رأي "مسبار".

 

خلال الأحداث الأخيرة في القدس المحتلة، تداولت وكالات أنباء، وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أخبارًا وصورًا على أنها للأحداث الجارية. إلا أنَّ جزءًا من هذه الأخبار والصور تحديدًا تعود إلى أحداث قديمة.

والسؤال هو، لماذا قد نحتاج إلى التضليل، في حين أنَّ الواقع فيه ما يكفي من الدلائل على أنَّ الاحتلال يرتكب جرائم يومية بحق الفلسطينيين في كلّ مكان، وآخرها ما يحدث في القدس المحتلة، وتحديدًا في المسجد الأقصى ومحيطه وحي الشيخ جراح. 

قد يتبادر إلى الأذهان أنَّ فائدة ما قد يجنيها الاحتلال إذا ما اختلطت الأحداث ببعضها؛ ليصبح المستخدم غير قادر على تمييز حابلها من نابلها، ولسنا هنا للادعاء أنَّ الاحتلال يقف وراء كل هذا التزييف، ولكن وجود هذه الفوضى بالضرورة سيفقد المتابع القدرة على المعرفة، وهو ما يخدم مصلحة الاحتلال في تمييع القضية.

يقول الزميل محمد الشيخ يوسف رحمه الله، في مقال نشره على موقع مسبار في فبراير/شباط من العام الفائت، إنَّ "خطورة هذه القصص المفبركة تكمن في تأثيرها على مخزون التعاطف وتلقائيته عند الناس، فحدوث مثل هذه الحالات التي تنتج شرخاً تشكيكيًّا في كل القصص التي تتبعها، يتسبب في تردد الجمهور لاحقاً في التعبير عن فطرته في التضامن والتعاطف مع الضحايا".

إذن لماذا لا يكتفي مروجو هذه الصور والأخبار بالواقع الذي نرى فيه بالصوت والصورة الاعتداءات المتكررة لجنود الاحتلال على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى المبارك، ونرى عمليات مصادرة المنازل الممنهجة في حي الشيخ جرّاح، والتي تم توثيقها بوسائل متعددة؟

الواقع يكفي

A picture containing person, outdoor, standing, people

Description automatically generated

هنا مثلًا، صورة ملتقطة في العام 2010، وتعود لمستوطنين يعتدون لفظيًا على سيّدة مقدسيّة في حيّ الشيخ جراح، فما الحاجة إلى نشرها على أنها حدثت خلال الأيام الفائتة؟ في الوقت الذي يوضح فيه المقطع التالي سيدة فلسطينية تخاطب مستوطنًا سرق بيتها مؤخرًا، ويتبجح عليها بالقول إنه إن لم يسرقه هو، فسيأتي آخر لسرقته. 

هذا مثال على عشرات الصور والأخبار التي انتشرت وكانت قديمة، في ظلّ وجود مئات الصور ومقاطع الفيديو التي توثق ما يجري في القدس يوميًا.

من يروّج الأكاذيب؟

ليست بالضرورة أن تكون محاولات من أناس يدعمون القضية الفلسطينية أو يعززون صمود الفلسطينيين أمام قوات الاحتلال في القدس، بل يمكن الولوج إلى ما هو أدهى من ذلك -وهنا تكمن خطورة نشر مواد زائفة أو مضللة- وهو أن يكون عدو هذه القضية هو من يسعى إلى ترويج الأكاذيب حولها، لجعلها محطًا للتفنيد، وهو ما يخلق هجومًا مُعاكسًا على الحقيقة. ولتبسيط الأمر، من الممكن أن يذهب مختصون يعملون لدى الجهة المعادية لنشر أخبار تتضامن مع القضية لكنها تستخدم محتوًى غير صحيح لشيطنة وإرباك ما هو صحيح، وهنا تنتج فوضى المعلومات التي يصعب تفنيدها، والخاسر الوحيد هنا هو صاحب القضية العادلة.

نشر مراسل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية للشؤون العربية روعي كايس، اليوم الاثنين 10 مايو، تغريدة على حسابه في موقع تويتر، تحدث فيها عن نشر قناة الجزيرة مقطع فيديو على تويتر يوثق ضابط في شرطة حرس الحدود الإسرائيلية يركل أحد المصلين، في حين كان هذا الفيديو قديم ومنشور منذ أكثر من 3 سنوات.

صورة متعلقة توضيحية

الحقيقة أنَّ الفعل نفسه حدث، لكنّ الماكينة الإعلامية الإسرائيلية ستكتفي بالقول إنَّه لم يحدث مؤخرًا وهذا كافٍ لتفنيد ما نُشر. بعد كل هذا، هناك من هم ما زالوا يسألون مستهجنين: وما المشكلة في نشر هذه الصورة، إذا كان العدو فعلًا يقوم بأفعال مشابهة؟ والرد على هذا السؤال باختصار: ما المشكلة في نشر الحقيقة، طالما أنَّها موجودة؟ 

ما يجري في القدس وغيرها من الأماكن لا يحتاج إلى محامٍ يستخدم مواد القانون بأيِّ طريقة لإنقاذ موكله، بل يحتاج عينًا تراه فقط، ولا شيء غير ذلك.

الأكثر قراءة