` `

ما العلاقة بين تفشي فايروس كورونا في الهند وانتشار المعلومات المضللة؟

إن الفايروس لا يعرف الحدود أو الجنسيات أو العمر أو الجنس أو الدين، وما يجري الآن في الهند للأسف، حدث في بلدان أخرى
نور حطيط نور حطيط
صحة
1 يونيو 2021
ما العلاقة بين تفشي فايروس كورونا في الهند وانتشار المعلومات المضللة؟
تواجه الحكومة الهندية اتهامات حول مساهمتها في انتشار الفايروس والشائعات (Getty)

"إن الفايروس لا يعرف الحدود أو الجنسيات أو العمر أو الجنس أو الدين، وما يجري الآن في الهند للأسف، حدث في بلدان أخرى."

                                                                                الطبيبة سوميا سواميناثان

وصفت صحيفة ذا غارديان البريطانية، الموجة الثانية لفايروس كوفيد- 19 في الهند، أنّها جريمة ضد الإنسانية، إذ وصل عدد الإصابات إلى 400 ألف إصابة جديدة مسجلة، بالإضافة إلى آلاف الإصابات غير المسجلة، نظرًا لغياب التدقيق والسياسات المهمة للظروف الطارئة، وككل البلدان النامية لا تتوفر الإمكانات المادية واللوجستية لإجراء الفحوصات اللازمة.

كما لعبت العوامل الديمغرافية دورًا بارزًا في انتشار الفايروس، نظرًا للكثافة السكانية التي تقارب المليار والنصف مليار نسمة، ما يجعل فكرة التباعد الاجتماعي التي شددت عليها منظمة الصحة العالمية لتجنب تفشي الوباء، شبه مستحيلة، في بلاد تعاني من الفقر والإهمال إلى جانب التعثر الحاصل في قرارات الحكومة.

فالحكومة الهندية سمحت بإجراء الانتخابات بشكلها الطبيعي في الكثير من البلدان، وكأنها حالة إنكار واضحة للواقع المستجد، بالإضافة إلى سماحها بإقامة الاحتفالات الدينية الشعبية، ما أدى إلى انتقاد عالمي للحكومة الهندية، خصوصًا وأنًّ هذه الموجة الوبائية لها تبعات ليست محلية فقط بل وعالمية أيضًا.

متحورات مثيرة للجدل في الهند

وصفت منظمة الصحة العالمية السلالة المتحورة B.1.618 الناتجة عن فايروس كورونا المستجدّ بأنها مصدر قلق عالمي والسبب يعود لانتقالها السريع وشدة أعراضها، وعلى الرّغم من إثبات الدراسات لفعالية لقاحات فايزر وأسترازينيكا ضدها،  إلّا أنَّ المشاهد والصور التي وصلت إلينا عبر الإنترنت أثارت الخوف والرعب الشديدين في نفوس الكثيرين، ما حذا بالبعض إلى نشر الأخبار القديمة والصور التي تعود إلى أحداث سابقة بظروف مماثلة وإلى نشر الفيديوهات المضللة.

إل جانب ذلك، انتشرت خرافات حول علاج هذا المتحوّر منها؛ النصائح التي تفيد باستخدام البخاخات كبديل لاسطوانات الأوكسيجين الطبي، واستنشاق عرق السوس وتناول القرفة والثوم للشفاء من فيروس كوفيد 19، كما انتشرت أخبار على منصات التواصل الإجتماعي تُفيد بأنَّ الشعب الهندي يمتلك المناعة الكافية والطبيعية لمحاربة المتحورات.

وبحسب خبراء يعود هذا الانتشار الكبير لموجة الأخبار الزائفة، إلى ضعف الثقة في وسائل الإعلام المحلية، والاستخدام الكبير لمواقع التواصل بديلًا عنها، التي تعتبر تربة خصبة للمعلومات المضللة.

وكان الظهور الأول لهذا المتحور يعود إلى ولاية غرب البنغال على الحدود الشرقية للهند مع بنغلادش في العام الفائت، التي رُصدت في كل من بريطانيا وسنغافورة وغيرها من البلدان. لكن إهمال الحكومة الهندية وشعبوية رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، حال دون منع انتشار هذه السلالة المتحورة من الفايروس بالشكل الذي وصلت إليه البلاد.

ورغم كل هذه التأكيدات إلّا أنَّ الحكومة الهندية تعيش في حالة إنكار لما يحصل في الهند وما توصف إعلاميًّا بالكارثة الحقيقية.

صراع الحكومة الهندية ومواقع التواصل الاجتماعيّ

بحسب ما أفادت به شبكة بي بي سي، فإنّ وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات، طلبت بأمر حكوميّ من منصات التواصل الإجتماعيّ، إزالة كل "محتوى يُسمي أو يُشير إلى السلالة الهندية لفايروس كورونا المسجدّ على الفور" وهذا ما ذكرته وكالة برس ترست الهندية. ونقلت عن المذكرة قولها "لقد علمنا أنه يتم تداول معلومات كاذبة على الإنترنت تُشير إلى أن"سلالة هندية "من فايروس كورونا تنتشر في جميع أنحاء البلاد. وهذا خطأ تمامًا". 

وتقول المذكرة أن منظمة الصحة العالمية "لم تربط بين مصطلح السلالة الهندية والسلالة بي.1. 617 من فايروس كورونا في أي من تقاريرها".

وفي سياق متصل طلبت الحكومة الهندية من موقعي تويتر وفيسبوك إزالة المنشورات التي تنتقد طريقة تعامل ناريندا مودي مع الجائحة في الشهر الفائت، كما اتهمت بعض تغريدات السياسيين الهنديين بأنّها مواد مضللة.

وهنا يأتي السؤال حول ما إذا كانت الحكومية الهندية تستخدم أسلوب التعتيم الإعلامي؟، خصوصًا وأنها رفضت عرض الأمم المتحدة؛ سلسلة التوريد المتكاملة الخاصة بها للمواد المتعلقة بفايروس كوفيد- 19، مع إصرارها على امتلاك نظام صحيّ قويّ للتعامل مع الموجة الثانية، وأسلوب القمع والهجمات المتتالية على حرية الرأي والتعبير خصوصًا وأنَّ الهند تُعبتر سوقًا واسعًا لشركات التواصل الاجتماعي مثل تويتر.

بين الإهمال وانتشار الفايروس

أدّى التقصير الحكومي في التعامل مع الأزمة إلى رفع الصوت عالميًا، ووُجّهت أصابع الاتهام مباشرة إلى رئيس مجلس الوزراء الذي سمح بالتجمعات الحاشدة وبممارسة جميع الطقوس التي تطلب تجمهرًا في البلاد، خصوصًا وأنَّ السلالة الهندية بحسب ما قال الدكتور الصيدلاني أحمد عيساوي ليست السبب الوحيد في انتشار الجائحة وذلك لوجودها من قبل، وأكد لموقع مسبار أنَّ التعاطي مع الفايروس ومعايير الحكومة هي التي سرّعت عملية الانتشار، بالإضافة لشعبوية مودي الواضحة.

رغم هذا الإهمال الواضح من قبل الحكومة إلا أنها لم تتوانَ عن ملاحقة منتقديها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدلًا من مطالبتها بالحد من انتشار الشائعات من قبل شركات التواصل العملاقة، طالبت الأخيرة بإزالة كل منشور ينتقد سياسة الحكومة المفضوحة، وتبرز هنا التساؤلات حول الصراع بين سلطة البلاد وسلطة شركات التواصل وشفافيتها في محاربة كل أشكال التزييف دون أن تقع في فخ القمع.

المصادر

Daraj

DW

BBC

الأكثر قراءة