` `

الأخبار الزائفة أكثر خطورة ممّا نعتقد

نذير ملكاوي نذير ملكاوي
علوم
19 أغسطس 2021
الأخبار الزائفة أكثر خطورة ممّا نعتقد
يعتقد الناس أنهم قادرون على التعرف على الأخبار الزائفة حين يرونها (Getty)

هل تهدد الأخبار الكاذبة المجتمع حقا؟ أليست مجرد مقاطع فيديو يتم التلاعب بها بشكل سيئ ثُمّ تُتشارك من أجل المتعة، مثل الميمز؟ أليست الأخبار الكاذبة مجرد كلمة طنانة، أم إنها تُعدّ إهانة عندما لا تعجبك قصة ما؟ ألا نعلم أن الأخبار الزائفة تنشرها المصادر ذاتها، ما يسهل التعرف عليها؟

ليس بالضرورة، إذ وفقًا لتقرير أعدّته مجلة فوربس، الذي استطلع آراء 2000 شخص من الولايات المتحدة الأميركيّة وأوروبا حول وجهات نظرهم عن المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت، يظهر أن الأخبار الزائفة أكثر خداعًا مما نعتقد - وتشكل تهديدًا أكبر بكثير مما ندرك.

يبدو أن الناس يلقون مصطلح "الأخبار الزائفة" اليوم كما يحلو لهم، لكن ماذا يعني في الواقع؟ وفقًا لمجلة كولومبيا للصحافة، هناك ستة أنواع من الأخبار المزيفة. أولاً: المحتوى الذي يُتلاعب به، وهو ما يعتقد المشاركون الأميريكيون أنهم تعرّضوا له كثيرًا بناءً على تقرير فوربس، وهو عبارة عن صور أو مقاطع فيديو مزيفة تخلق سيناريو مزيف وتجري مشاركته على أنه يُمثّل الحقيقة.

 ثانيًّا، المعلومات المزيفة، وهو ما اعتقد المشاركون الأوروبيون أنهم تعرّضوا له أكثر من غيرهم، وهي عبارة عن مجرد رسومات أو منشورات تحتوي على معلومات خاطئة إلّا أنّها تُشارك دون التحقق من صحتها. 

ثالثًا: المواد الموثوقة التي تُستخدم في سياق خاطئ، والتي صنّفها كلا المشاركين في المرتبة الثانية من حيث التّعرّض لها، وهي صور ومقاطع فيديو مأخوذة من حدث آخر، مثل اعتقال أو تجمع، ويجري التعليق عليها كما لو كانت تصف أمرًا حديث الوقوع، الأمر الذي يضلل المشاهد.

الأشكال الأخرى للأخبار الزائفة هي المواقع الإخبارية المحتالة التي تتظاهر بأنها مواقع حقيقية، ومواقع إخبارية حقيقيّة تنشر أخبارًا زائفة ومحتوى ساخر.

وهذا يعني أن الأخبار المزيفة ليست مجرد نوع واحد من المحتوى يأتي من مصدر واحد، لكنها أنواع مختلفة من الوسائط التي المتلاعب بها، والتي غالبًا ما تكون مثيرة بصريًا للأعين غير المرتابة، والتي تقدم حقيقة مختلقة. يرى المشاهدون هذا الواقع المزيف ثم يشاركونه، ما يخلق حالة دائمة من الانتشار السهل للأخبار الزائفة.

تكمن المشكلة في أن الناس يعتقدون أنهم قادرون على التعرف عليها حين تظهر على شاشاتهم. 

وجد تقرير صدر عام 2019 عن مركز Pew للأبحاث أنه في الوقت الذي كان فيه المستجيبون واثقين من قدرتهم على التعرف على الأخبار الزائفة عندما رأوها، اعترف حوالي 60٪ منهم بمشاركة معلومات مضللة، دون أن يعرفوا أنها كانت أخبارًا مزيفة قبل إقدامهم على ذلك. 

تخلق الأخبار المزيفة حقيقة خاطئة لا يتّبعها شخص أو اثنان وحسب، بل الآلاف، وهي تخلق واقعًا يمكن لأولئك الذين يختلقون أخبارًا زائفة أن يتلاعبوا به كما يشاؤون. هذه الأكاذيب، إذا استمر ارتكابها، بإمكانها أن تصير مميتة أو مهددة للاستقرار المجتمعي.

وجد التقرير سالف الذّكر أن الأميركيين يصنفون مشكلة الأخبار والمعلومات المختلقة في مرتبة أعلى من جرائم العُنف وتغير المناخ والعنصرية. إنه تهديد حدّ أن أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع في التقرير يريدون اعتبار نشر الأخبار الزائفة جريمة.

في حين لم يرَ المشاركون الأوروبيون أن الأخبار الكاذبة تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمع مثل تغير المناخ أو سرقة البيانات أو الإرهاب، إلا أن 60٪ منهم ما زالوا يعتقدون أن الأخبار الزائفة أثرت على نتائج الانتخابات في بلدانهم المختلفة. 

ويعتقد عدد أكبر بكثير من المشاركين من الولايات المتحدة الأميركيّة أن الأخبار الزائفة أثرت أيضًا على الانتخابات العامة، وما نسبته 70٪ منهم مقتنعون أن الأخبار الزائفة أثرت على الانتخابات الرئاسية لعام 2020. 

مع ارتفاع المخاطر ووضوح الخطر، كيف يمكننا التفكير حتّى بحل هذه المشكلة التي، وفقًا لمركز Pew للأبحاث، يعتقد 75٪ من الأميركيين أنه يمكن إحراز تقدّم فيها؟

يبدأ حل مشكلة الأخبار الزائفة، ببساطة، في توفّر مزيد من الشفافية سواء حول المؤلّف أم المنظّمة المُنتجة للمحتوى الإلكتروني. في الواقع، ذكر 44٪ من المشاركين في لبتقرير المذكور سابقًا أن ثقتهم في جزء من المحتوى ستزداد إذا عرفوا من هو صاحبه ومن أين أتى، كما رغب 64٪ منهم بسجلّ للتغيرات التي طرأت على المحتوى مع مرور الوقت.

اعتبارًا من الآن، وكما هو الحال منذ البداية، لا يوجد على الإنترنت نظام مطبق للشفافية والمساءلة. من المهم أن يبدأ الأشخاص في التحقق مما يرونه، وهي ممارسة رائعة لكي يصبحوا مستخدمين أكثر اطّلاعًا على وسائل الإعلام. إظهار الشخص الذي أعدّ محتوًى ما أو المنظمة المسؤولة عنه بإمكانه أن يساعد على زيادة الثقة أيضًا بالمحتوى المنشور. كما إأنّ هناك شركات تكنولوجية تبتكر حلولًا تهدف إلى المساعدة على "تشجيع الثقافة الإعلامية" والكشف عن الأخبار المزيفة عند ظهورها.

تتمثّل الطرق الأخرى لزيادة الثقة في منح القراء إمكانية الوصول إلى سجل التغييرات التي طرأت على المحتوى لإظهار كيف تغير منذ إعداد نسخته الأولى، وامتلاك طرق سهلة لمعرفة المزيد عن صانع المحتوى. 

يشعر المشاركون في التقرير كذلك أن بإمكان محركات البحث اتخاذ خطوات لتقليل المحتوى الذي لا يُذكر صُنّاعه أو ذاك الذي لا يرتبط بمؤسسة. إنها ليست مسألة إسكات للأصوات بل تشجيع على مزيد من الشفافية لمعرفة الأصوات التي تقبع خلف المحتوى أو ما إذا كان ما تقوله صحيحًا.

من المسؤول في النهاية عن التدخل وحل مشكلة الأخبار الزائفة؟ يعتقد المشاركون الأوروبيون أن الأمر يجب أن يُترك للحكومات والمنظمين للتخلص من المعلومات المضللة والتأسيس لشفافيّة غير مسبوقة. الحل ذو شقين: المزيد من المصادر الواضحة والشفافية والمزيد من المعرفة حول كيفية التنبه للأخبار الزائفة في المقام الأول. هذا ما يمكن أن يحقق قفزة نحو تقليل المعلومات المضلّلة وتخفيف التهديد الذي تواجهنا به جميعًا.

 

المصادر:
Forbes

Columbia Journalism Review

Pew Research Center Logo

Pew Research Center 

Defense One

الأكثر قراءة