` `

دراسة تتهم روسيا باختطاف التعليقات للتأثير على الرأي العام

من خلال اختطاف التعليقات.. الكشف عن حملة تضليل روسية معقدة
محمد العتر محمد العتر
أخبار
6 سبتمبر 2021
دراسة تتهم روسيا باختطاف التعليقات للتأثير على الرأي العام
وصُفت عملية التضليل التي تقوم بها الحملة باختطاف التعليقات (Getty)

منذ سنوات وجزء من الحديث عن المعلومات الزائفة والمضللة مرتبطُ بالحكومة الروسية سياسيًا، منذ الاتهامات التي وُجهت لها بالتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 بما ساعد على فوز دونالد ترامب.

مؤخرًا أيضًا ظهرت دراسة تشير إلى حملات منظمة للتأثير على الرأي العام الغربي لدعم مصالح روسية، يُعتقد أنّ من ورائها الكرملين.

الدراسة التي أعدها باحثون من معهد أبحاث الجريمة والأمن في جامعة كارديف البريطانية، وصفوا تلك الحملات بأنها "عمليات كُبرى للتأثير على الرأي العام". وأوضحوا أنها استهدفت أكثر من 30 مؤسسة إعلامية بارزة في 16 دولة، من بينها موقع صحيفة ذا تايمز البريطانية، وواشنطن بوست ودير شبيغل الألمانية ولو فيغارو الفرنسية.

استخدمت هذه الحملة تكنيكًا ليس جديدًا تمامًا، لكن يبدو أنه ذو فاعلية كبيرة، وهو التضليل من خلال التعليقات على المحتوى الذي تنشره هذه المؤسسات الإعلامية، ومن ثم إنشاء محتوى خاص من هذه التعليقات تنشره مؤسسات روسية.

ورغم أنّ حملات التضليل الإعلامي التي تُتهم روسيا بالوقوف وراءها، ليست أمرًا جديدًا، إلا أنّ هذه الحملة تحديدًا "تكتسب أهمية خاصة"، وفقًا لمارتن إينيس، مدير معهد أبحاث الجريمة والأمن، والذي أرجع السبب إلى "النطاق الدولي للحملة، واعتمادها أسلوبًا معقدًا للتضليل بشكل منظم".

اختطاف التعليقات

تشير الدراسة إلى أنّ الثغرة التي استغلها القائمون على هذه الحملة، هي التعليقات التي تسمح بها أغلب الوسائل الإعلامية على مواقعها الإلكترونية.

ورصدت الدراسة 242 تقريرًا وقصة صحفية، تعرضت لهذا السيل من التعليقات المضللة. للوهلة الأولى، قد تبدو التعليقات غير مريبة، لكن مع تجميعها، يظهر أنها منسقة بدرجة كبيرة. وبعد فترة وجيزة، تظهر تقارير على وسائل إعلام روسية من هذه التعليقات؛ تقارير بعناوين مثل "قراء دير شبيغل يقولون..." أو "قراء واشنطن بوست يقولون...".

يصف إينيس هذه العملية بـ"اختطاف قسم التعليقات في أبرز مواقع المؤسسات الإعلامية الغربية"، قائلًا إن هذه الحملة، ومن خلال عملية "الاختطاف" هذه، تمكنت من "تقديم سرديتها باعتبارها مؤشرًا للرأي العام السائد"، رغم أنها ليست كذلك.

عملية معقدة

يصف الباحثون حملة التضليل هذه بـ"المعقدة"، وذلك لعدة أسباب، من بينها أنّ كثيرًا من الحسابات القائمة عليها تُغيّر هويتها ومواقعها باستمرار. على سبيل المثال، رصدت الدراسة حسابًا، أُنشئ في يونيو/حزيران 2020، غيّر اسمه 549 مرة، وموقعه الجغرافي 69 مرة.

من تلك الأسباب أيضًا، أنّ هذه الحملة لم تعتمد فقط، مثل حملات أخرى سابقة للتضليل، على مواقع التواصل الاجتماعي، بل "اكتشفت نقاط ضعف جديدة"، بتعبير إينيس، متمثلة هذه المرة في قسم التعليقات في المواقع الصحفية. 

ولا يتوقف الأمر عند التعليقات، إذ تُستخدم هذه التعليقات بعد ذلك لصناعة محتوى موجه، تنشره وسائل الإعلام الروسية، بما يوحي بأنه يُعبر عن رأي عام سائد، غير مُوجّه. 

وباستغلال الحملة لأقسام التعليقات، فإنها قادرة بشكل كبير على التخفي، أو بالأحرى أن تزيح عن نفسها تُهم التبعية لجهات بعينها، مثل الكرملين، إذ إنّ الربط بين هذه التعليقات وجهة سياسية ما، يتطلب جهدًا بحثيًا طويلًا، ولا يمكن في أغلب الأحيان اكتشاف هذا الرابط من الوهلة الأولى.

وما قد يؤكد كون هذه الحملة أحد أكثر حملات التضليل تعقيدًا، أنها بدأت منذ 2018، رغم أنها لم تُرصد سوى هذا العام 2021.

حضور أفغانستان

كانت الأحداث الأخيرة التي شهدتها أفغانستان، بسيطرة حركة طالبان عليها ودخولها العاصمة كابول منتصف أغسطس/آب الفائت؛ حاضرةً في هذه الحملة، إذ وجدت الدراسة أنّ هناك 18 تقريرًا حديثًا عن أفغانستان، كتبت من تعليقات قراءٍ على مواد صحفية نشرتها وسائل إعلام بريطانية وأميركية. الـ18 تقريرًا ربطت بين سيطرة طالبان على كابول، وبين نهاية الليبرالية الغربية، أو فشل الناتو، أو نهاية الحضارة الغربية.

أخيرًا، يلفت لمارتن إينيس، مدير معهد أبحاث الجريمة والأمن، في حديث مع شبكة بي بي سي، إلى أنه بينما كان يُعتقد أنّ عمليات التضليل تركز على مواقع التواصل الاجتماعي، تبيّن أنها باتت تستخدم وسائط أخرى، مثل المواقع الإلكترونية للصحف والمؤسسات الإعلامية. ومع التركيز على مسألة التضليل عبر مواقع التواصل، عملت هذه المواقع على تنفيذ إجراءات للحد من التضليل أو اكتشافه والإعلام به، بينما المواقع التقليدية للصحف والوسائل الإعلامية، ليس لديها إجراءات مماثلة، ما يجعلها عرضة لحملات تضليل مثل هذه.

اقرأ/ي أيضًا:

دراسة: المعلومات المضللة على فيسبوك تحصل على تفاعل بستة أضعاف عن الحقيقة

هل يمكن الاستعانة بالجمهور غير المتخصّص لفحص الحقائق؟

المصادر:

High-Profile Western Media Outlets Repeatedly Infiltrated by Pro-Kremlin Trolls

Cardiff University

BBC

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة