` `

كيف استغلّ ترامب "الأخبار الزائفة" لتقويض وسائل الإعلام المُعارضة؟

نذير ملكاوي نذير ملكاوي
سياسة
9 سبتمبر 2021
كيف استغلّ ترامب "الأخبار الزائفة" لتقويض وسائل الإعلام المُعارضة؟
تدهورت ثقة الجمهوريين بوسائل الإعلام منذ عام 2016(Getty)

أظهر استطلاع حديث أجراه مركز Pew للأبحاث أن ثقة الجمهوريين في وكالات الأنباء الوطنية، تراجعت إلى النصف خلال السنوات الخمس الفائتة. وتُسلّط هذه الإحصائيّة الضوء على الأثر الأكثر ضررًا من فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ألا وهي زرع انعدام الثقة في واقعنا المُشترك.

تكمن خلاصة التحليل الرئيسية أنه في الوقت الذي تراجعت فيه ثقة الديمقراطيين في المنظمات الوطنية بمقدار 5% منذ عام 2016، تدهورت ثقة الجمهوريين حتّى "الحضيض". 

وقال ما يقرب من ثمانية بين كل عشرة من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية (78%) إن ثقتهم كبيرة أو إن لديهم بعض الثقة في المعلومات التي يستقونها من المؤسسات الإخبارية الوطنية، وهذه نسبة أعلى بـ43% من نسب الجمهوريين أو ذوي الميول الجمهوريّة (35%)، وفقًا للمسح الذي أجراه مركز Pew للأبحاث بين 14 و27 يونيو/حزيران 2021. هذه الفجوة الحزبية هي الأكبر منذ أن بدأ طرحُ هذا السؤال عام 2016. كما أنّ النسبة تتسع وصولًا إلى 53% بين الديمقراطيين الليبراليين (83٪) والجمهوريين المحافظين (30٪).

إنّ نسبة 35% من الجمهوريين الذين لديهم بعض الثقة في المؤسسات الإخبارية الوطنية في عام 2021 يساوي نصف النسبة التي امتلكوها عام 2016 (70%)، عدا عن أنّها انخفضت 14% منذ أواخر عام 2019 حيث بلغت حينها 49%. في المقابل، حافظ الديمقراطيون على ثباتٍ أكبر في السنوات الخمس الفائتة، حيث تراوحت نسبهم بين 78% و86%.

وفق الدراسة، كان الجمهوريون، بصورة غير متناسبة، متشككين في وسائل الإعلام الوطنية السائدة لعقود، على الأغلب لأنهم يرونها ملوثة بتحيز ليبرالي، لكن الأمر اشتدّ خلال عهد ترامب. و

وجدت استطلاعات الرأي التي قامت بها شركة Gallup المختصة في تقديم التحليلات في الفترة بين عام 1997 و2020 أن ثقة الجمهوريين في وسائل الإعلام لم تنهَر فقط خلال فترة ترامب، لكنها وصلت أيضًا إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. في الوقت نفسه، وجد استطلاع Gallup للرأي أن الديمقراطيين والمستقلين أظهروا زيادة كبيرة في ثقتهم بوسائل الإعلام خلال عهد ترامب.

هناك سبب وجيه، وفق نتائج البحث، للاعتقاد بأن ترامب نفسه لعب دورًا كبيرًا في تدمير الثقة في وسائل الإعلام خلال فترة وجوده في منصبه. إذ إنّه جعل مهاجمة وسائل الإعلام، بما يشمل التشجيع على الاعتداء على العاملين في وسائل الإعلام، موضوعًا رئيسيًا أثناء فترة رئاسته، كما أشاعَ بنفسه مصطلح "الأخبار الزائفة". ومنذ يومه الأوّل في منصبه، سعى إلى تقويض فكرة أنه بالإمكان الوثوق بقدرة أي وسيلة إعلام غير يمينيّة على الإبلاغ حتى عن حقائق أساسية تخُصّ الواقع، سواء في حديثها عن حجم الحشود المتجمّعة لحظة تنصيبه رئيسًا، والتي تسهُلُ ملاحظتها بوضوح، أم عن تصريحات أدلى بها سابقًا أم عن نتائج الانتخابات.

بشكل حاسم، لم يكتف ترامب بالترويج لانعدام الثقة في معظم وسائل الإعلام الوطنية؛ بل أشرف أيضًا على تصاعد الكراهية ضد الإعلام السائد باعتبارها جزءًا هامًّا من الهوية اليمينية، كما كتبت ميريديث كونروي، الأستاذة المشاركة في العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا، سان برناردينو، هذا العام لموقع FiveThirtyEight المُختصّ في استطلاعات الرّأي وتقديم التّحليلات: 

"أصبح العداء وانعدام الثقة في وسائل الإعلام ... نقطة تُعبّر عن الهوية السياسية بين الجمهوريين. نلحظ هذا بشكل خاص في كيفية حديث الناس عن السياسة عبر الإنترنت. لنأخذ، على سبيل المثال، دراسة حديثة للتغريدات التي تشير إلى "الأخبار الزائفة". على مدار 15 شهرًا، وجدت مؤلفتا الدراسة جيانينغ لي ومين شين سو- من جامعة ويسكونسن-ماديسون، ارتفاعًا طفيفًا في عدد التغريدات التي تستخدم الكلمات "نحن" أو "ملكنا" و "هم" أو "ملكهم" جنبًا إلى عبارة "الأخبار الزائفة". وبشكل أساسي، خَلُصَت الباحثتان إلى أن النقاشات عبر الإنترنت حول الأخبار الزائفة كانت وسيلة المحافظين لخلق شعور بالانتماء الجماعي، فيلجأون للقول مثلًا "هذا أحد أسوأ أنواع الأخبار الزائفة الممكنة. علينا إيقاف هذا الشيء"، في ذات الوقت الذي يرسّخون فيه عدوًّا مشتركًا بعبارات من قبيل "وسائل الإعلام الزائفة هي مجموعة كراهية. إنهم يكرهون الرئيس ترامب". 

وأضافت "استخدام الضمائر التي تدل على الانتماء إلى المجموعة، مثل "نحن"، ومعارضة جماعة أخرى، مثل "هم"، مفيدة على منصات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، حيث يتفاعل المستخدمون مع الغرباء. على الرغم من أن المستخدمين قد لا يعرفون بعضهم البعض بشكل شخصي، إلا أنهم ما زالوا يحاولون بناء مجتمع، وهذا ينطبق بالتأكيد على المستخدمين الذين يغردون عن السياسة".

وخلصت إلى أنّ عدم الثقة في المؤسسات الإعلامية الكبرى، ليس مجرد شعور فردي، بل أصبح أيضًا علامة دالّة على مجتمعٍ ما وآلية وإشارة يتداولها الفرد مع أفراد قبيلته السياسية. ليس هنالك شك، وفق تقديرها، أن ترامب ساعد في شحن هذا الوضع من خلال سياسته "نحن مقابل هم" وعدايه الذي لا يلين تجاه مراسلي القنوات الإعلاميّة.

المصادر:

MSNBC

Pew Research Center

FiveThirtyEight

The Guardian

VOA

The Guardian

SAGE journals

الأكثر قراءة