` `

ماذا قد يحمل لنا عام 2022 على صعيد المعلومات المضللة؟

إسماعيل الغول إسماعيل الغول
تكنولوجيا
5 يناير 2022
ماذا قد يحمل لنا عام 2022 على صعيد المعلومات المضللة؟
استند المقال إلى آراء ثلاثة خبراء (Getty)

كان من المتوقع أن يكون عام 2020 أكثر الأعوام تفشيًا للأخبار المضللة، نظرًا لحدة الانتخابات الرئاسية الأميركية وتفشي وباء كوفيد-19، لكن عام 2021 أثبت عكس ذلك، فقد وصل لنفس المستوى من الأخبار المضللة، بدءًا من تمرد 6 يناير/كانون الثاني، واستمرارًا بالكثير من الأكاذيب حول الفايروس واللقاحات.
ولفهم ما يمكن أن يحمله لنا عام 2022، سألنا ثلاثة باحثين عن تطور الأخبار المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في غياب المراقبة والتنظيم، يزداد تفشي الأخبار المضللة:
قالت الباحثة الأولى، أنجانا سوسارلا، وهي أستاذة نظم المعلومات في جامعة ولاية ميتشيغان "المعلومات المضللة كانت موجودة من قبل في وسائل الإعلام، مثلًا خدعة القمر عام 1835، التي ادّعت أن هناك حياة على سطح القمر، ولكن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ساعد على انتشار الأخبار المضللة بشكل كبير، فقد تحولت منصات وسائل التواصل إلى مرافق معلومات عامة تسيطر على عقول معظم الناس وتروج لهم الأخبار المضللة، مما جعل منها مشكلة أساسية للمجتمع.
وهناك تحديان رئيسيان في معالجة الأخبار المضللة، الأول هو ندرة الآليات التنظيمية التي تعالجها، إذ إنّ وجود الشفافية ومنح المستخدمين وصولًا أكبر إلى بياناتهم قد يساعد في معالجة الأخبار المضللة، ولكن هناك أيضًا حاجة لعمليات تدقيق مُستقلة، تشمل الأدوات التي تقيّم خوارزميات الشبكات الاجتماعية، والتي قد تساعد في الربط بين وسائل التواصل الاجتماعي من جهة وبين تنسيق وتقديم محتوى إخباري ملائم للناس من جهة أخرى.

التحدي الثاني هو أن التحيز العرقي والجنسي الكامن خلف الخوارزميات المُستخدمة في وسائل التواصل يؤدي إلى تفاقم مشكلة الأخبار المضللة، فقيام شركات وسائل التواصل الاجتماعي بالتحقق من مصادر المعلومات؛ لمعرفة هل هي مضللة أم لا، لا يعالج التحيز العرقي والجنسي، بل إنه يقيّم جودة المصادر فحسب. على سبيل المثال، نشر المعلومات الصحية يتطلب مستخدمين ذوي ثقافة صحية عالية، وليس أشخاصًا ذوي إلمام صحي منخفض.
وهناك مشكلة أخرى أيضًا وهي ضرورة النظر بشكل منهجي إلى المكان الذي يجد فيه المستخدمون معلومات مضللة. 
على سبيل المثال، أفلت تطبيق تيك توك إلى حد كبير من تدقيق الحكومة، والمعلومات المضللة التي تستهدف الأقليات، وخاصة محتوى اللغة الإسبانية، أسوأ بكثير من التي تستهدف مجتمعات الأغلبية. 

ومن الواضح أن الافتقار إلى عمليات تدقيق مستقلة، وعدم تقصي الحقائق والتحيز العرقي والجنسي، يشير إلى ضرورة أخذ إجراء تنظيمي وفوري في عام 2022.

تزايد الانقسامات المجتمعية والسخرية:
قالت الباحثة الثانية، دام هي كيم، وهي أستاذة مساعدة في حقل الاتصال في جامعة أريزونا “ليست الأخبار المضللة ظاهرة جديدة فحسب بل أيضًا كبّدت المجتمع خسائر فادحة في السنوات الأخيرة. حيث أدّت المعلومات المضللة المتعلقة بفايروس كوفيد-19 إلى مقتل عدد كبير من الناس، كما المعلومات المضللة عن الانتخابات التي تهز أسس الديمقراطية، وذلك لدورها في نزع ثقة المواطنين في النظام السياسي”.

وتابعت بقولها "كشفت الأبحاث التي أجريتها مع الباحث S Mo Jones-Jang والباحثة Kate Kenski حول المعلومات المضللة أثناء الانتخابات، والتي نُشر بعضها والبعض الآخر قيد التنفيذ، عن ثلاث نتائج رئيسية:
أولًا: هو أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والمُصممة في الأصل لتقوية صلة الناس مع بعضهم البعض تساعد على الانفصال الاجتماعي، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالأخبار المضللة، ما يُعزز من تشاؤم متابعي الأخبار من المواطنين تجاه السياسيين ووسائل الإعلام، وزملائهم الناخبين. 

ثانيًا: أصبح السياسيون ووسائل الإعلام والناخبون كبش فداء لأضرار الأخبار المضللة، بالرغم من أن قلة منهم تروج للأخبار المضللة،. إلا أن معظمها يتم إنتاجها وترويجها من قبل الكيانات الأجنبية والجماعات السياسية الفرعية لأغراض مالية أو أيديولوجية. ومع ذلك، فإن متابعي الأخبار المضللة من المواطنين يلقون اللوم على السياسيين ووسائل الإعلام والناخبين الآخرين.

ثالثًا: أن المفكرين الذين يهتمون بالإعلام المستنير ويرغبون في فهم الأخبار الصحيحة ليسوا محصنين ضد الأخبار المضللة، ويكونون عرضة للسخرية في المجال السياسي عند تعرضهم للأخبار المضللة بخلاف غيرهم، إضافة لشعورهم بالإحباط لحاجتهم إلى معالجة الكثير من المعلومات المفبركة، وهذا يعد أمرًا مقلقًا لأن الديمقراطية تتطلب المزيد من الوعي والالتزام".

بالنظر إلى عام 2022، من المهم إيجاد طرق لفهم معضلة الأخبار المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدًا الجهة التي تقوم بإنتاجها وترويجها، وأسباب قيامهم بذلك، ومن هم الأميركيون الذين يصدقونها، وقد يعزز ذلك التفاؤل عند الناس من الناحية السياسية، فهناك الكثير من الكلام عن تدخلات محو الأمية في وسائل الإعلام، لمساعدة الأشخاص الأقل تطورًا من الناحية السياسية.

يحتاج الناس إلى استعادة الثقة فيما بينهم، بدلًا من إلقاء اللوم على بعضهم البعض بسبب الأضرار الناجمة عن الأخبار المضللة التي تنتجها كيانات ومجموعات أجنبية، وعند معالجة مشكلة الأخبار المضللة سوف يتحقق الهدف الأكبر المتمثل في التغلب على الانقسامات المجتمعية.

التضليل دعاية ولكن باسم آخر:
قال الباحث الثالث، إيثان زوكرمان، وهو أستاذ مشارك في السياسة العامة والمعلومات في جامعة أمهيرست “أتوقع أن تتحول الأخبار المضللة إلى فكرة دعاية عام 2022، كما اقترحت عالمة الاجتماع والباحثة الإعلامية فرانشيسكا تريبودي في كتابها القادم The Propagandist’s Playbook”. 

معظم الأخبار المضللة ليست نتيجة لسوء فهم بريء، إنها نتاج حملات محددة للنهوض ببرنامج سياسي أو أيديولوجي.

بمجرد أن تفهم أن "فيسبوك" والمنصات الأخرى هي عبارة عن ساحات للعراك السياسي، يمكنك التخلي عن تصحيح فهم الناس، ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي ونتائج البحث هو مزيج معقد من الطائفية والانتماء القبلي.
ومع احتدام انتخابات التجديد النصفي 2022، وبقاء مشكلة الأخبار المضللة أتوقع أن تنهار منصات مثل "فيسبوك"، لأن بعض الأكاذيب أصبحت خطابًا سياسيًا هامًا لكل الأحزاب. والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف تدير منصات التواصل الاجتماعي المعلومات عندما يكون الكلام الكاذب كلامًا ناجمًا عن جهة سياسية؟

المصدر: 

The Conversation

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف يمكن لحكمة الجماهير أن تحل مشكلة المعلومات المضللة على فيسبوك؟

لماذا يُعدّ تويتر الأكثر مقاومة للمعلومات المضللة من باقي مواقع التواصل؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة