` `

فراغات البيانات في نتائج البحث وعلاقتها بنشر المعلومات المضلّلة

محمد طلعت القيسي محمد طلعت القيسي
تكنولوجيا
7 فبراير 2022
فراغات البيانات في نتائج البحث وعلاقتها بنشر المعلومات المضلّلة
تُستغلّ مشكلة فراغات البيانات في نتائج البحث للترويج للمحتوى المضلل (Getty)

هذا المقال مترجم من النسخة الإنجليزيّة لموقع مسبار.

في ظل وجود نحو 1.18 مليار موقعٍ إلكترونيّ، أضحت شبكة الإنترنت أداةً لا غنى عنها في حياتنا اليوميّة، إذ تُوفّر مجموعة واسعة من المعلومات والموارد والخدمات. كما يتم الاستعانة بمحركات البحث كمحرّك غوغل أو محرّك مايكروسوفت بينغ من أجل الوصول إلى المواقع الإلكترونية. 

بخِلاف مواقع التواصل الاجتماعي، التي تُنظّم النتائج من خلال الاعتماد على الخوارزميّات ومعلومات المُستخدم، فإنّ مُحركات البحث تتطلّب من المُستخدمين عبارات على هيئة سؤال أو استفسار. تجدر الإشارة إلى أنّه على الرغم من توفّر كمّ هائل من المعلومات والبيانات على شبكة الإنترنت، إلا أنّ بعض المُدخلات تؤدّي إلى إفراغ البيانات، وفي ذلك إشارة إلى وجود نقصٍ في المعلومات الموثوقة. ويتبيّن أنّ هناك أنماطًا مُختلفة من الفراغات في البيانات، أحدها هو نقص البيانات الذي يحدث حين يوجد طلب هائل على المعلومات حول موضوع مُحدّد، لكن المعلومات الموثوقة عنه قليلة أو تكاد تكون منعدمة.

وفقًا لتقرير نُشر عام 2018، فإنّ فراغات البيانات تحدث عندما تكون لاستفسارات البحث الغامضة نتائج قليلة مُرتبطة بها، ما يجعلها عُرضةً للاستغلال من قِبل المُتلاعبين بوسائل الإعلام بأجنداتٍ أيديولوجيّة، حيثُ يستخدمها الأفراد والجماعات من أجل ترويج معلومات مُضللة ودعايات مغلوطة، ويتم ذلك من خلال إعادة توجيه الأشخاص إلى مواقع تحتوي على العديد من الإعلانات الوهميّة والفايروسات، أو لبعض الأفكار حول نظريات المؤامرة. 

وجدير بالذكر أنّه يُمكن إنشاء فراغات البيانات بشكل مُتعمّد من خلال التلاعب بتوافر المعلومات والمنطق الداخلي لمحركات البحث. وبناءً على ما ورد في التقرير، فإنّ محركات البحث تتعامل مع المُتلاعبين بوسائل الإعلام الذين يستخدمون تقنيات تحسين محركات البحث بهدف زيادة تقييم مواقع الويب الخاصّة بهم أو التوصية بمقاطع الفيديو التي ينشرونها عبر مواقعهم. إضافةً إلى ذلك، فإنّ محركات البحث تتعامل أيضًا مع أصحاب نظريات المؤامرة والقوميين البيض وغيرهم من أفراد الجماعات المُتطرفة الذين يعتمدون خوارزميات البحث كأداة لتعريض عامّة الناس لمحتوى إشكالي.

في حادثة إطلاق النار على كنيسة تشارلستون في الولايات المتحدة الأميركية عام 2015، والتي قُتل فيها تسعة أشخاص من ذوي البشرة السمراء على يد ديلان روف، تمّ اكتشاف بياناته الرسميّة عبر شبكة الإنترنت، إذ يُمكن تعقّب أيديولوجيته المُتطرفة من خلال ما شاهده على شبكة الإنترنت وتفاعلاته مع فراغات البيانات. 

ووفقًا لبيانه، فقد استعان بمحرك البحث غوغل للإجابة عن بعض التساؤلات مثل "جرائم السود ضدّ البيض"، ليتمكّن من العثور على عدّة نتائج تتعلّق بجرائم قتل وحشيّة ارتكبها السود ضدّ البيض، وقد فُوجئ بتلك النتائج التي عثر عليها.

مع ذلك، بيّنت الأبحاث أنّ تلك النتائج كانت عبارة عن فراغ في البيانات اكتشفه المُتعصبون البيض، واستغلوه وتلاعبوا به من أجل إطلاق حملة مستهدفة ضدّ من هم من غير البيض. وبسبب الافتقار إلى المعلومات الموثوقة، لم تتوفر معلومات صحيحة كافية حول جرائم السود بحقّ البيض.

جدير بالذكر أنّ مشاكل استغلال فراغات البيانات موجودة في لغاتٍ أخرى غير اللغة الإنجليزيّة، مثل اللغة العربيّة. وهناك مثال يُوضّح أضرار فراغات البيانات يتعلّق بتشويه الأعضاء التناسليّة الأنثوية أو ما يُعرف بختان الإناث. وعلى الرغم من خطورة الأمر وتهديده لحياة الإناث، إلّا أنّ الفعل ما يزال قائمًا، وله عواقب قصيرة وطويلة المدى. 

إنّ عمليات البحث في شبكة الإنترنت عن تشويه الأعضاء التناسليّة الأنثوية باللغة العربيّة يؤدّي إلى الولوج لمعلوماتٍ مغلوطة حول هذه الممارسات، والتي يُمكن أن تُساهم في إقناع أولياء الأمور بضرورة ختان بناتهم دون فهم كامل للأضرار المُصاحبة لذلك الفعل. وقد تمّ العثور على البيانات الديموغرافيّة لمستخدمي البحث في هذا الموضوع في المناطق التي يُمارس فيها تشويه الأعضاء التناسليّة الأنثوية على نطاق واسع في مصر، مثل محافظات الشرقيّة والقليوبيّة والدقهليّة.

منذُ اكتشاف فراغات البيانات في عام 2018، استمر الباحثون في توسيع نتائجهم بهدف الحصول على فهمٍ أعمق لمخاطر فراغات البيانات وكيفيّة الحدّ منها، بما في ذلك الباحثون في مركز بيركمان كلاين في جامعة هارفارد، الذين يعملون على تقييم الأضرار الناجمة عن فراغات البيانات، بالإضافة إلى إجراء دراسات علميّة حول وظائف البحث على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى، تسعى محركات البحث مثل محرّك غوغل إلى سدّ فجوات البيانات بقدر الإمكان؛ ففي عام 2021، نشرت "غوغل" إعلانًا لتسليط الضوء على نتائج البحث التي تتغيّر بسرعة فائقة وقد لا تحتوي على مصادر موثوقة. أيضًا، وسّعت “غوغل” مركز الأسئلة، وهو عبارة عن أداة تعمل على تحديد الثغرات في البيانات وتساعد في تنسيق الجهود لملئها. 

وفي حين أنّ هذه الجهود تتصف بالتفكير المُستقبلي، إلّا أنّه ينبغي العمل أيضًا على تثقيف وتوعية عامّة الناس حول تلك الظاهرة، حتى لا يقبلوا بأيّ نتيجة بحث على أنّها معلومات دقيقة وموثوقة. 

ومن أجل مكافحة ظاهرة فراغات البيانات وتجنّب استغلالها، ينبغي أن يتعاون صانعو المُحتوى مع مُحركات البحث من أجل إصدار محتوى توعوي عالي الجودة والعمل على تحديد مواطن الضعف. 

المصادر:

First Draft News
Google Blog
Question Hub
Data Voids
Securing Democracy
Data Society
Niemanlab
ReillyTop10
UNICEF
Dylan Roof Manifesto
WHO

الأكثر قراءة