` `

الحرب في اليمن وتداعياتها ساحةٌ خصبةٌ للأخبار المضلّلة

وداد السعودي وداد السعودي
سياسة
28 مارس 2022
الحرب في اليمن وتداعياتها ساحةٌ خصبةٌ للأخبار المضلّلة
يعتقد غالبية اليمنيين أنّ الأخبار الزائفة تُشكّل مشكلة في بلادهم (Getty)

يواجه اليمنيون تحديًا في العثور على معلومات دقيقة وموثوقة فيما يتعلق بقضاياهم المختلفة، على خلفية الصراع في بلادهم وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.

أجرت مجموعة آرك ARK ،  في أغسطس/آب عام 2020، استطلاعًا، شارك فيه 705 شخصًا من سبع محافظات يمنيّة، هي تعز وإب والحديدة ومأرب وعدن وأبين وحضرموت، أجابوا خلاله عن أسئلة حول بيئة الإعلام المحلي، وظاهرة الأخبار المضلّلة في اليمن، والطرائق لتحسين وصول مجتمعاتهم إلى المعلومات الموثوقة.

أشارت نتائج الاستطلاع إلى أنّ غالبية اليمنيين يعتقدون أنّ الأخبار المزيفة تمثّل مشكلة في بلادهم، إذ أفاد أكثريّة المشاركين أنّهم سمعوا أو شاهدوا خبرًا يعدّونه مزيفًا مرّاتٍ عدة كل أسبوع. وكانت أكثر القصص المغلوطة شيوعًا في وسائل الإعلام المحلية، تلك التي تُغطي التطورات العسكرية وعملية السلام في اليمن وتوفير الخدمات الأساسية.

بدوره رصد فريق مسبار الكثير من الأخبار المضلّلة المتعلقة بالشأن اليمني مؤخرًا وخلال الأشهر الفائتة، منها فيديو مضلّل ادّعى ناشروه أنّه لخروج مظاهرات حديثة في العاصمة اليمنية صنعاء، تُطالب بإسقاط الحوثيين. إذ وجد تحقَّق "مسبار" أنّ مقطع الفيديو قديم ومنشور منذ 11 يناير/كانون الثاني عام 2015، على أنّه لمظاهرات نُظِّمت ضدّ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وضدّ الحوثيين في صنعاء، في حينها.

ومن بين المواد المضلّلة التي انتشرت، صورةٌ تداولها مستخدمون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، على أنّها من لقاء جرى بين الممثلة الأميركية أنجلينا جولي وعائلة يمنيّة في عدن. وأظهر تحقّق "مسبار" أنّ الادّعاء مضلِّل والصورة قديمة وتعود إلى عام 2018، من زيارة أجرتها الممثلة الأميركية وسفيرة النوايا الحسنة في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أنجلينا جولي، إلى مخيم دوميز للاجئين السوريّين في إقليم كردستان العراق.

A picture containing text, person, screenshot, people

Description automatically generated

الحرب بين الحوثيين والتحالف العربي 

تداولت حسابات على "تويتر"، حديثًا، مقطع فيديو ادّعت أنّه يُظهر غارات جوية شنّها التحالف العربي على معاقل الحوثيين في مدينة الحديدة. وأظهر التحقّق أنّ الفيديو قديم ومنشور على منصة تيك توك، بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، على أنّه من قصفٍ استهدف العاصمة اليمنية صنعاء. ولم يتسنَّ لـ "مسبار" التثبّت بشكل قاطع من مكان وتاريخ التقاط الفيديو، لكنّ الأكيد أنّه قديم وليس عقب انتهاء المهلة الأخيرة التي منحها التحالف للحوثيين.

ولم يُعلن الحوثيون الاستسلام عقب الغارات الأخيرة للتحالف العربي على مواقعها في اليمن. بل قدّموا مبادرة لوقف إطلاق النار من جانبٍ واحدٍ لمدة ثلاثة أيّام. وجاء إعلان جماعة الحوثي عن المبادرة عقب غارات جوية شنّها التحالف العربي بقيادة السعودية، على مواقع في مدينة الحديدة، قال إنّها تابعة للحوثيين، وذلك عقب تعرّض منشأة نفطية في مدينة جدّة غربي السعودية لهجوم حوثي يوم 25 مارس الجاري، أدّى لنشوب حريق بها. 

وأظهر تحقّق "مسبار" من فيديو انتشر على أنّه توثيق كاميرات مراقبة شركة أرامكو للحظة استهدافها بصواريخ جماعة الحوثي، أنّه مُضلّل، فهو قديم ونُشر في ديسمبر 2012، على أنه لانفجار وقع في منشأة نفطية تابعة لشركة PEMEX النفطية، في مدينة رينوسا المكسيكية في سبتمبر/أيلول 2012.

Graphical user interface, website

Description automatically generated

كما راج فيديو قديم على أنّه لاستهداف أبو ظبي بصواريخ من اليمن، وبيّن تحقّق "مسبار" أنّ الادعاء مضلّل وقديم، سبق أن نُشر في مارس/آذار 2018، على أنّه للحظة استهداف صواريخ باليستية حوثيّة للعاصمة السعودية الرياض. وجاء تداول هذا الادعاء بعد إعلان وزارة الدفاع الإماراتية، الأحد 30 يناير/كانون الثاني 2022، اعتراض وتدمير صاروخ بالستي حوثي، قائلةً إنّه لم يُسفر عن أيّ ضحايا أو خسائر.

كما انتشر على موقع تويتر مقطع فيديو، ادّعى ناشروه أنّه لمواجهات عنيفة وقعت على أبواب المجمّع الحكومي وسط مدينة مأرب شرقيّ اليمن، بين قبيلة آل الجلال من جهة، والسلطات المحلية، من جهة أخرى. ووجد "مسبار" أنّه مضلّل وقديم ومنشور منذ 20 أكتوبر/تشرين الأوّل عام 2021، على أنّه لمواجهات بين جماعة الحوثي وقوات الحكومة المعترف بها دوليًّا، جنوبي محافظة مأرب اليمنيّة. ولم يتسنَّ لـ "مسبار" تحديد مكان وتاريخ تصوير الفيديو، إلّا أنّ تداوله منذ أكتوبر الفائت، ينفي كونه لمواجهات بين مسلحي آل الجلال ورجال الأمن في مأرب.

صور مضلّلة

واستخدم مروّجو الأخبار المضلّلة صورًا عدّة من غزة على أنها من اليمن، منها صورة قديمة انتشرت على أنّها توثق معاناة أطفال اليمن جرّاء عمليات القصف. وتبيّن أنّ الصورة التُقطت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في يوليو/تموز 2014، للطفلة الفلسطينية أنسام جنيد خلال جنازة شقيقها سامح (4 سنوات)، في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، والذي فارق الحياة بعد إصابته بنيران دبابة إسرائيلية. 

كما تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لطفلة تلعب وسط الركام في غزة، على أنها لطفلة قُتلت مؤخرًا في حرب اليمن. 

وتحقّق "مسبار" من صورة ادّعى ناشروها أنها لطفلٍ يمنيّ الجنسية، ينام بين قبري والديهِ بعد موتهما جرّاء الحرب في البلاد، ووجد أنّ الادّعاء مُضلّل وأنّ الصورة قديمة تعود إلى عام 2014، وهي مأخوذة من مشهد تمثيلي لمصوّر سعودي يُدعى عبد العزيز العتيبي، يتناول فيه معاناة الأطفال الأيتام وشعورهم بالوحدة بعد موت والديهم.

 ومن أجل تحسين المشهد الإعلامي في اليمن وزيادة الثقة في وسائل الإعلام المحلية قال المشاركون في الاستطلاع الذي أجرته مجموعة آرك (ARK)، إنهم يأملون في إنشاء منافذ إخبارية محايدة سياسيًا، إضافة إلى زيادة التدريب للصحفيين المحليين. فيما يعتقد آخرون أنّ زيادة الوعي الإعلامي بين اليمنيين العاديين، سواء من خلال التدريبات أو تحسين التعليم، يمكن أن يساعد المواطنين على كشف المعلومات المضلّلة.

الأكثر قراءة