` `

عن تجربة فنلندا في مواجهة مشكلة المعلومات المضللة

محمد طلعت القيسي محمد طلعت القيسي
أخبار
5 يونيو 2022
عن تجربة فنلندا في مواجهة مشكلة المعلومات المضللة
لدى فنلندا برنامج لمحو الأميّة الإعلامية في كافة مستويات التعليم (Getty/تعبيرية)

هذه المدونة ترجمة لمقال من موقع سايكولوجي توداي.

 

يقول المُعلّم الفنلندي كاري كيفينين، في مقابلة مع صحيفة ذا غارديان البريطانية "القصص الخياليّة لها تأثير فعّال، فإذا أخذنا قصة الثعلب الماكر الذي يُخادع الحيوانات الأخرى دائمًا بكلماته الماكرة، أليس ذلك بمثابة استعارة لوصف نوع مُعين من السياسيين؟". يتحدث كيفينين عن علم التربية الذي يهدف إلى تطوير التفكير النقدي لدى فئة الشباب.

إنّ النموذج التعليمي الذي طُوّر في فنلندا، يساهم في تعليم الطلاب الصغار كيفيّة مواجهة الأخبار الكاذبة بدءًا من المراحل المبكّرة في التعليم الابتدائي. وقد بدأت الحكومة الفنلندية بإضافة تلك البرامج التعليمية منذ عام 2014، خاصةً عند انتشار المعلومات المُضللة الروسيّة بشكل متزايد في فنلندا آنذاك.

أشار كيفينين إلى ضرورة تلك البرامج التعليمية للطلبة في المرحلة الابتدائية، إذ يستهلك الأطفال الفنلنديون أخبارًا من مصادر غير موثوقة، كبقيّة نظرائهم في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك  تطبيقات واتساب وانستغرام وسناب شات. إضافةً إلى ذلك، هناك دور محوري للخوارزميات في تحديد الأخبار التي تظهر لفئة الأطفال، وبالتالي تبرز ضرورة أن ينظر الطلبة للمعلومات المعروضة على وسائل التواصل الاجتماعي بعينٍ ناقدة.

برامج محو الأميّة المُبكرة في مجال الإعلام له فعاليّة ملحوظة

تُشير الأبحاث إلى أنّ مبادرة فنلندا قد ظهرت في توقيتٍ مناسب. إذ يبدو أنّ تصديق نظريات المؤامرة يظهر في سن الرابعة عشر، فلماذا لا يتم إرساء أسس العمل على تلك الشكوك في وقتٍ أقرب؟

ولكن هل لبرامج محو الأمية المبكرة فعالية ملحوظة؟ باختصار، نعم. وتُعدّ فنلندا الدولة الأوروبيّة الأولى في مؤشر محو الأمية في مجال الإعلام. وقد أشار أحد التقارير إلى أنّ فنلندا وبعض الدول الأخرى التي حصلت على درجات عالية في المؤشر، هي"الأكثر جاهزيّةً للصمود أمام الأخبار الكاذبة، بسبب جودة التعليم ووسائل الإعلام المجانيّة وثقة الناس العالية بها"، إذ تُعدّ برامج محو الأمية المبكرة في مجال الإعلام جزءًا أساسيًا من نجاح فنلندا.

تُعدّ فنلندا دولةً غنيّة، وهذا ما قد يدفع البعض للتساؤل حول إمكانيّة تحقيق ذلك النجاح في الدول محدودة الموارد. تُشير تجربتان عشوائيتان منتظمتان في أوغندا أنّ المُعلّمين الأوغنديين قدّموا سلسلة من تسعة دروس حول محو الأميّة المعلوماتية المتعلقة بالمعلومات الصحيّة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عامًا. وقد بُلّغ الباحثون عن تحسّن ملحوظ في معرفة الأطفال بالمعلومات المتعلقة بالصحة. وخلصوا إلى أنه من الممكن تعليم أطفال المدارس الابتدائية مهارات التفكير النقدي في المدارس التي تحتوي على أعداد كبيرة من الطلاب، ومحدودة الموارد.

لا تُطلق عليها "أخبار كاذبة"

يُوضح المعلم الفنلندي كيفينين، أنّه ينبغي تجنّب استخدام مصطلح "الأخبار الكاذبة" مع الأطفال، ويؤكد على تفصيل وشرح مصطلحي المعلومات المُضللة والخاطئة الذين تمّت الكتابة عنهما سابقًا. ويردف موضّحًا أنّ المعلومات المُضللة (Misinformation) تتضمّن أخطاءً قد تكون غير مقصودة، أمّا فيما يتعلق بالمعلومات الخاطئة (Disinformation) فتشمل الأكاذيب الصريحة والمتعَمّدة. 

ويُطلق كيفينين مصطلح (Maiinformation) على ما يسمّى بالعربية بـ"القيل والقال" وهي معلومات من الممكن أن تكون دقيقة أو غير دقيقة، ولكن في كلتا الحالتين يكون الهدف منها إحداث الأضرار. وأضاف كيفينين حول ذلك التوضيح قائلًا "حتى الأطفال الصغار يمكنهم فهم ذلك، إنهم يحبون أن يكونوا مُحققين".

صرّح معهد المجتمع المفتوح أنّ "المناهج التعليميّة هي أفضل الاستراتيجيات لمكافحة الأخبار الكاذبة". وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الجهود المبذولة حول التعليم المُتعلق بالمعلومات المُضللة على المستوى الجامعي في الولايات المتحدة، ولكن هناك القليل من المحاولات واسعة النطاق لتعليم الطلاب الأصغر سنًا حول تلك القضايا.

 تُعدّ مبادرة Checkology واحدة من المبادرات القليلة المعنية بتثقيف الأطفال حول المعلومات المضللة، وهي مبادرة من مُنظمة News Literacy Project غير الحزبية ومقرها الولايات المتحدة. وفي ظل توافر الموارد، هنالك آمال حول إضافة تلك المحتويات الهامّة إلى مناهج المدارس الابتدائية والثانوية من قِبل صانعي السياسات.

اقرأ/ي أيضًا:

العلاقة بين تليغرام ومنظمات تقصي الحقائق قُبيل الانتخابات البرازيلية

كيف نحافظ على خصوصية بياناتنا في عالم مدعوم بالذكاء الاصطناعي؟

الأكثر قراءة