` `

كيف يؤثر وهم التفوق على تقبل المعلومات وفهمها؟

إيمان أبو عساكر إيمان أبو عساكر
أخبار
23 أغسطس 2022
كيف يؤثر وهم التفوق على تقبل المعلومات وفهمها؟
الأذكياء فقط لديهم القدرة على الاستفادة من المعلومات على الانترنت (Getty)

في ولاية بنسلافيا عام 1995، قام الشاب الأميركي مَكارثر ويلر بسرقة بنكية كبيرة، هاربًا بذلك من قبضة العدالة ولكن مفاجأة القبض عليه في غضون ساعات كشفت ستار الوهم عن عقله بعدما خُيِل إليه أن عصير الليمون قادر على إخفاء ملامح وجهه بعدما علم بإمكانية استخدامه لصنع حبر سري وإخفاء ما يريد الشخص إخفاءه، وعليه لم يرتد قناعًا ظنًا منه أنّ كاميرات المراقبة لم تلتقطه.

لم يتوان كل من عالمي النفس، ديفيد دونينج وجستن كروجر، فى تكريس جهودهما لدراسة هذه الظاهرة من خلال إجراء تجربة على طلاب جامعيين لاختبار اللغة الانجليزية وحس الفكاهة والمنطق، حيث تم سؤال الطلبة عن توقعاتهم حول النتيجة التي حصلوا عليها  والتي كانت أغلبها ما بين 60-80%. المفارقة أن لا أحد منهم توقع بأن تكون نتيجته دون 60% مع العلم بأن النتائج تتراوح بين 10-40%. اللافت في الأمر أن الطلاب لم يتوقفوا عند هذه النتائج فحسب بل أكدوا أن نتائجهم أفضل بنسبة 60%من نتائج أقرانهم، بمعنى أن نتائج الطلاب ستكون أقل من 20% من وجهة نظرهم.

استند العالِمان على هذه التجربة ليخلصوا إلى مايسمى بوهم التفوق، وهو الشعور الذي يترك معظمنا يبالغ ويتوهم بحجم قدراته حول موضوع معين وبهذا يصبح الشخص جاهلًا بجهله . قادت نتائج الدراسة إلى نظرية مهمة تعرف بنظرية تاثير الشخص الثالث التى أسس لها عالم النفس فيليبس دافيسيون لعام 1993 والتي تُفيد  بقناعة الشخص الشديدة بمدى تأثير الإعلام على الناس المحيطين أكثر بكثير من تأثيرها عليه هو شخصيًا اذ إنه يمتلك وعيًا خاصًا ويمكن أن يكون فريدًا يجنبه من أن يُخدَع.

ولكن لماذا يحدث مثل هذا الاعتقاد؟

حسبما توصل إليه كلُ من دانينج وكروجر، فإن الفرد فور حصوله على معلومات بسيطة، يبدأ بالشعور من تلقاء نفسه بأهميته وخبرته في هذا الموضوع، الأمر الذي يجعل منسوب الثقة يرتفع لديه بشكل كبير، حتى يخيل لبعضهم أنهم قد أصبحوا خبراء في المجال. على النقيض، تتضاءل ثقة الأفراد في حال زادت معرفتهم واستمر تعلمهم لفترة طويلة من الزمن حتى يصبح الشخص منهم خبيرًا بالفعل في المجال الذي يبحث فيه.

استنادًا إلى ذلك، يمكن تفسير ظاهرة دفاع الكثيرين عمّا يقومون بنشره على وسائل التواصل الاجتماعي وادّعائهم بمعرفتهم القاطعة فقط كونهم اعتمدوا في البحث على محرك البحث غوغل. وتباعًا لما نشرته الجمعية الأميركية لعلم النفس عام 2015 ، فإن الكثير من الأشخاص يعتبرون أنفسهم أكثر معرفة من غيرهم فقط لاستخدامهم الانترنت في البحث عن المعلومات حتى وإن لم يجدوها بالفعل . 

أكَد دانينج أن الأذكياء فقط لديهم القدرة على الاستفادة من المعلومات المتوفرة على الانترنت في حين يتم خداع الأغلب عادة بسهولة وهذ ما يُفسر انضمام آلاف المشاركين لمسابقات المواهب وتصفية الكثير منهم إلى العشرات فقط في حين يتوهم الكثير منهم بالظلم نتيجة لعدم اختيار لجنة التحكيم لهم وذلك لافتقارهم للموهبة الحقيقية.

وفي ضوء تفسير ظاهرة وهم التفوق، تم إحضار ما يقارب 600 شخصًا لسؤالهم عن ماهية وهم التفوق واحتمالية معاناة الأشخاص منه، إلا أن المفارقة في الأمر كانت أن 5% منهم أكدوا بشكل قاطع أنهم غير مصابين بهذا الوهم، في حين أن شخصًا واحدًا فقط أجاز احتمالية إصابته بوهم التفوق بالفعل.

لم يتوقف الأمر على ما أُسْلِف ذكره ولكن حسب دراسة أجراها كل من إم تابين وريان تي ماكاي في جامعة لندن، توصلا إلى أن أغلبنا يرى نفسه أفضل أخلاقيًا من محيطه وهو ما يسمى بوهم التفوق الأخلاقي وهذا قد يعطي بعض التفسيرات عن سبب رؤية النازيين أنفسهم الأفضل على صعيد الأخلاق  لتبرير أفعالهم آنذاك وتنطبق هذه المعادلة على كل "المجرمين" تقريبًا.

أخيراً، أكدت الأستاذة المساعدة بعلم النفس جوي تشينج أن وهم التفوق غالباً مايكون معديًا، بمعنى أنك إذا قمت بالاحتكاك مع شخص يعاني من هذا الوهم فمن المحتمل أن تصاب به، فينتشر بين الأفراد كفايروس مسببًا مرض الوهم الجماعي والذي يؤدي بدوره إلى مواجهة نتيجة مأساوية بوجود أشخاص جاهلين بجهلهم.

اقرأ/ي أيضًا

وثائقي المنصات الاجتماعية والأخبار الزائفة.. نضال من أجل الحقيقة

كيف تتحول السخرية إلى تضليل؟

الأكثر قراءة