` `

دور التربية الإعلامية في الحد من انتشار نظريات المؤامرة

محمد طلعت القيسي محمد طلعت القيسي
تكنولوجيا
15 أكتوبر 2022
دور التربية الإعلامية في الحد من انتشار نظريات المؤامرة
برامج محو الأمية الإعلامية أفضل الخيارات لمكافحة المعلومات المضللة (Getty)

هذه المدونة ترجمة لمقال من موقع فوربس

في الآونة الأخيرة، تغيّرت الوسائل التي يتعامل بها المجتمع مع وسائل الإعلام، فقد ولّت الأيام التي كانت فيها الصحف ومذيعو الشبكات مصادر المعلومات حول الأحداث الجارية. في يومنا الحالي، أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرًا كبيرًا على تشكيل آراء الناس، إذ تُتيح المنصّات للجمهور فرصة اختيار ما هو موثوق بالنسبة لهم بناءً على أفكارهم المُسبقة بدلًا من الاعتماد على الحقائق والتحاليل والبحوث الموضوعية.

وفي تلك البيئات، تزداد وتيرة نظريات المؤامرة، وغالبًا ما يتم الخلاف على الحقائق الموضوعية والمعروفة، ويزداد عمق حالات الاستقطاب. فكيف يبدأ المجتمع في مكافحة الحجم الهائل والخطير من المعلومات المُضللة؟ وكيف يمكن بناء مسار صحيح نحو تفاهم مشترك وجماعي حول ما هو صحيح وغير صحيح؟

تُعتبر برامج محو الأميّة الإعلامية أفضل الخيارات المتاحة لمكافحة المعلومات المُضللة، فهي مجموعة من المهارات تتماشى بشكلٍ وثيق مع مهارات التفكير النقدي. وأشارت منظمة Media Literacy Now أنّ التثقيف الإعلامي في القرن الحادي والعشرين يعني امتلاك القدرة على فك شيفرة الرسائل الإعلامية وتقييم تأثيرها على الأفكار والمشاعر والسلوكيات.

في السياق ذاته، فإن امتلاك تلك المهارات قد يُساهم في التأثير بشكلٍ كبير على قدرة الناس في الكشف عن المعلومات المُضللة والأكاذيب التي يواجهونها في منصّات التواصل الاجتماعي الحالية.

خلال الصيف الفائت لعام 2022، أجرَت مؤسسة Reboot استطلاع رأي على عينة بلغت أكثر من 500 شخص أميركي، لتحدد العلاقة بين المؤامرات والمعرفة العلمية والتفكير النقدي ومحو الأمية الإعلامية. أظهر الاستطلاع أنّ حوالي 25% من المشاركين كانوا مستعدين لتصديق واحدة على الأقل من نظريات المؤامرة التي اختبرها الباحثون. وكان الأشخاص الذين يعتمدون بشكلٍ كبير على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلوماتهم أكثر عرضة للتصديق، وكذلك الأشخاص الذين تم تصنيفهم على أنّهم محافظون سياسيًا. كما كشف الاستطلاع أيضًا عن مدى تعرّض المشاركين لمبادئ محو الأمية الإعلامية في المدرسة، وتبيّن أنّ الأشخاص الذين تلقوا بعض التثقيف الإعلامي كانوا أقل عرضة للتصديق بنظريات المؤامرة بنسبة 26%. وهنالك أيضًا دراسات أخرى تدعم تلك النتائج. بإيجاز، إنّ محو الأميّة الإعلامية يمنح الناس القدرة على مكافحة نظريات المؤامرة.

وفي استطلاع الرأي ذاته، أظهرت النتائج أنّ الغالبية العظمى من المشاركين ونسبتهم 84% يُؤيدون فكرة طرح برامج تربية إعلامية في المدارس، وأشار 90% من المشاركين إلى ضرورة تثقيف الطلبة في صفوف الثاني عشر على مهارات التفكير النقدي. من جهة أخرى، فإنّ قلة من المشاركين قد أفادوا بالفعل أنّهم تعلموا محو الأمية الإعلامية في المدرسة، إذ  أشار 42% فقط أنهم تعلّموا تحليل الأخبار العلمية في المرحلة الثانوية، وحوالي 38% صرّحوا بأنهم قدّموا أوراقًا نقدية حول الرسائل الإعلامية في نفس المرحلة.

إنّ تعليم الأجيال القادمة ليكونوا مُلمين بالثقافة الإعلامية يتطلب استثمارًا في الوقت والموارد التي تتناسب مع التحديات المستقبلية. تعمل بعض المؤسسات الأميركية مثل الرابطة الوطنية لتعليم محو الأميّة الإعلامية ومؤسسة “Media Literacy Now” جادّةً لإتاحة الموارد للمعلمين، وإنشاء شراكات مع المدارس، والدعوة إلى وضع لوائح وقوانين تضمن أن تصبح برامج محو الأميّة الإعلامية جزءًا أساسيًا من تعليم كافة الأطفال.

صرّحت إيرين ماكنيل، رئيسة مؤسسة “Media Literacy Now”، "نحن نعمل على المستويات المحلية والوطنية من أجل دعم المنتفعين، وإجراء التغييرات السياسية التي ترفع برامج محو الأميّة الإعلامية كأولوية. إضافةً إلى أنّ وجود أساس متين في مهارات محو الأميّة الإعلاميّة أضحى أمرًا ضروريًا لصحة فئة الشباب ورفاهيتهم، بما في ذلك المشاركة في الحياة المدنية والاقتصادية لديمقراطيتنا".

في العامين الفائتين، نجحت خمس ولايات أميركية بما في ذلك يوتا وديلاوير وإلينوي في إدراج صيغة تتطلب من أقسام التعليم معالجة برامج محو الأميّة الإعلاميّة. كما تضاعفت قوائم عضوية الرابطة الوطنية لتعليم محو الأميّة الإعلامية خلال السنوات الخمس الفائتة.

قبل عشرين عامًا، كتبت الصحفية ليندا إليربي "إنّ محو الأميّة الإعلاميّة ليس هامًا فحسب، بل إنه أمرٌ بالغ الأهميّة، وسيُحدث فرقًا بين ما إذا كان الأطفال بمثابة أدوات لوسائل الإعلام، أو ما إذا كانت وسائل الإعلام أدوات يستخدمها الأطفال". وما زالت تلك الكلمات يتردّد صداها حتى يومنا الحالي. وتُصنَّف برامج محو الأميّة الإعلامية كأفضل الأدوات المُتاحة لدينا لمكافحة المعلومات المُضللة، والتي يجب تفعيلها في كل مكان.

اقرأ/ي أيضًا

حول صحافة البيانات ودورها في تقصّي الحقائق

دراسة علمية: الشباب هم الفئة الأكثر تصديقًا لنظريات المؤامرة المرتبطة بجائحة كورونا

الأكثر قراءة