` `

هل المعلومات المضللة مشكلة لا يمكن القضاء عليها؟

عبد المؤمن سليخ عبد المؤمن سليخ
أخبار
16 يناير 2023
هل المعلومات المضللة مشكلة لا يمكن القضاء عليها؟
يقترح المقال أن الحل الوحيد لمواجهة المعلومات المضللة هو التعليم (Getty)

هذه المدوّنة ترجمة لمقال رأي لأستاذ نظم المعلومات وإدارة التكنولوجيا نيلسون غراندوس من موقع فوربس.

 

لا شك أنّ تشكيل المشهد الإعلامي سيشهد تطورًا هامًا في عام 2023 وما بعده، خاصة في ظل انتشار الأخبار الزائفة، ففي حين ساهمت التقنيات الرقمية بانتشار المحتوى الحقيقي، ساهمت أيضًا بنشر المعلومات المضللة.

ولكن هل المعلومات المضللة موجودة لتبقى، أم يمكن القضاء عليها أو على الأقل السيطرة عليها؟ برأيي فإنّ الإجابة هي لا، ولكن هناك حل محتمل طويل الأجل للتخفيف من المشكلة.

التضليل: بين الترفيه والخداع 

فيما يتعلق بالإعلام والمحتوى الإبداعي، هناك تطورات كبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي تمكّن من إنشاء محتوى غير حقيقي يبدو واقعيًا للغاية. على سبيل المثال، هناك تطور كبير في تقنية التزييف العميق، الذي يستخدم لإنشاء صور وصوت ومقاطع فيديو تبدو حقيقية.

من ناحية ترفيهية، من الجيد التعديل على مشهد في فيلم أو لعبة ليشبه مشهدًا حقيقيًا، ولكن المشكلة تكمن في أن هذه التقنيات نفسها التي تستخدم للترفيه هي التي تستخدم لخداع الناس وتضليلهم.

الأكاذيب وتشويه الواقع

بات مصطلح "الأخبار الزائفة" يستخدم بشكل متزايد للإشارة إلى مشاركة الأكاذيب، ولكن كثيرًا ما يُستخدم بشكل فضفاض، لذلك من الممكن أن تساعد المصطلحات الأكثر تقنية مثل Misinformation  أو Disinformation في حل المشكلة.
في الماضي كان نشر المعلومات المضللة أكثر صعوبة، إذ كانت الطرائق محصورة في الوسائل الإعلامية التقليدية مثل الراديو والتلفزيون، عندما كانت بيئة الإعلام أكثر موثوقية وقابلية للتنبؤ ويسودها صحفيين موثوقين.

ولكن مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، أصبح الفضاء الإعلامي أرضًا خصبة للمعلومات المضللة، يمكن لأي شخص أو روبوت أن يدعي معرفة الحقيقة وينشر الأكاذيب التي تشوه الواقع، من خلال المقاطع المصورة أو الصوت أو النص، لتنتشر كالنار في الهشيم. 

وفي حين أنّ معظم منصات التواصل الاجتماعي ليست مصادر موثوقة ومهنية للأخبار والمعلومات، إلا أن أكثر م نصف مستخدمي هذه المنصات يعتمدونها كمصدر للأخبار.

وما يدعو للقلق أنّ هناك حملات متعمدة لنشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة وتشويه الحقيقة، وهكذا قد يقع العديد من الأفراد عن غير قصد في فخ المشاركة في حملات التضليل، من خلال مشاركتهم للمحتوى المضلل الذي يبدو لهم حقيقيًا وموثوقًا به.

هل المعلومات المضللة موجودة لتبقى؟

يشير بحثي (المتحدث هو نيلسون غراندوس) مع ألوك جوبتا وروب كوفمان، باختصار، إلى أنه كلما كانت السوق تنافسية أكثر، زادت شفافية المعلومات. 

ولكن بالنظر إلى الحال الواقع، ستستمر الصناعة في التطور باتجاه احتكار القلة، إذ ستحصل قلة من المنصات على نصيب الأسد من السوق، مثل يوتيوب وفيسبوك وتويتر و تيكتوك وانستغرام، وستستمر منصات التواصل الاجتماعي في تغذية الأخبار بناءً على نقراتنا واهتماماتنا، خاصة وأنّ الشركات الكبرى تستخدم قوتها السوقية للتخلص من المبتكرين، الذين يحاولون تقديم نماذج أعمال قائمة على الشفافية.

ولكن، ماذا لو أصبحنا أذكياء بما يكفي لتمييز المحتوى المضلل والحقيقي والمتحيّز وخطاب الكراهية؟ في الحقيقة، أنا لست متفائلًا جدًا فأولًا من السهل جدًا الانغماس في قراءة الأخبار على هذه المنصات، على سبيل المثال، وفقًا للدراسات، ينتهي المطاف  بـ 78٪ من مستخدمي منصة فيسبوك بقراءة الأخبار على المنصة، على الرغم من أنهم لم يكونوا يقصدون ذلك. 

ثانيًا، نحن نفرط في الثقة بشكل خطير عند محاولة تقصي حقيقة خبر ما، فقد أظهرت دراسة حديثة نّ ثلاثة أرباع الأميركيين لديهم ثقة مفرطة عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين عناوين الأخبار الصحيحة والكاذبة، وكلما زادت الثقة زاد الميل إلى مشاركة الأخبار مع الاعتماد على مصادر غير جديرة بالثقة.

التعليم قد يكون الحل لمواجهة المعلومات المضللة

مع الوقت، ستصبح المعلومات المضللة جزءًا من الواقع في صناعة الإعلام وممارسة الأعمال التجارية بشكل عام. وردًا على ذلك تلوح في الأفق صناعة مزدهرة مكرسة لمكافحة المعلومات المضللة. 

أنا حقيقة، لست متفائلًا بالأنظمة التي تنتجها منصات التواصل لتمييز المعلومات المضللة مثل تقنية مراقبة التغريدات التي قدمتها منصة تويتر مؤخرًا، ولكن على الصعيد الآخر تعد التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة المعلومات المضللة أكثر قابلية للتطبيق إذ يمكن توسيع نطاقها للتعامل مع المشكلة على مدى واسع.

من جهة ثانية، فإنّ إحدى أهم الطرق لمواجهة انتشار المعلومات المضللة على المدى الطويل هو تثقيف الأجيال الشابة، التي تتمتع بالذكاء الرقمي حتى يتمكنوا من رؤية المحتوى بشكل نقدي للتمييز بين الحقائق والخيال والأكاذيب، والتفكير مثل الباحثين الذين يقيّمون مصادر متعددة خارج نطاق منصات التواصل الاجتماعي ويعترفون بتحيزاتهم في هذه العملية. 

تبدو هذه أيضًا معركة شاقة، لأنه كلما كنت أكثر ذكاءً رقميًا، زادت ثقتك في قدرتك على التمييز بين الحقائق والأخبار الزائفة، وبالتالي زادت احتمالية وقوعك بالخطأ. 

وفي السياق نفسه، توضح الدراسات أنّ 42٪ من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا يحصلون على الأخبار غالبًا من مواقع التواصل الاجتماعي، مقارنة بـ 15٪ للأعمار من 50 إلى 64 عامًا. ومن المفارقات التي  تظهرها الأبحاث مؤخرًا أنه عندما تشارك منشورًا إخباريًا عبر الشبكات الاجتماعية، فإنك تصبح أكثر ثقة بشأن صحته.

قد لا تملك شركات وسائل التواصل الاجتماعي دوافع كافية لمهاجمة المعلومات المضللة حتى زوالها، ولكن على الأقل يجب عليهم تحذير المستهلكين من استخدام منصاتهم كمصدر للأخبار. 

وعلى الجانب التجاري، هناك واجب على الشركات لتطوير تدريب موظفيهم لتمييز المحتوى المضلل والإبلاغ عنه، أما على صعيد المجتمع، فإنّ معلمي المدارس الثانوية والجامعات أمامهم مهمة كبيرة لتدريب الشباب على التفكير النقدي وامتلاك عقلية استقصائية عند رؤية المحتوى عبر الإنترنت. إنها ليست معركة قصيرة الأمد، بل حرب طويلة لا بدّ لنا من خوضها ضد المعلومات المضللة.

 

المصادر:

Forbs

Forbs

Pew Research Center

Forbs

Pew Research Center

Pnas

Twitter

Just Security

Pew Research Center

UT News

اقرأ/ي أيضًا

عصر ما بعد الحقيقة كما يعرّفه لي ماكنتاير

حول أنظمة المحادثة الاصطناعية وعلاقتها بانتشار المعلومات المضللة

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة