عندما وضع إيلون ماسك رؤيته لـ "تويتر 2.0" بُعيد استحواذه على الشركة، كانت "ملاحظات المجتمع" إحدى الميزات الأساسية في هذه الرؤية، ووصفها بأنها ستغير قواعد اللعبة وسيكون لها تأثير قوي على الأكاذيب. في "تويتر 1.0" -أي ما قبل عهد ماسك- كان يطلق على الخاصية اسم "بيرد واتش" (BirdWatch). وأوضح ماسك أنه لم يكن قط من محبي اسم "بيرد واتش"، وأراد تغييره. وبالفعل، يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2022 أعلن تويتر عن طرح ميزة "ملاحظات المجتمع" عالميًا.
ملاحظات المجتمع في تويتر
"ملاحظات المجتمع" هو برنامج للتحقق من المعلومات يعتمد على مستخدمي تويتر أنفسهم، من خلال السماح لهم بإضافة سياقٍ إلى التغريدات وإرفاق روابط التقارير والمصادر والملاحظات ذات الصلة من أجل الحفاظ على جودة المحتوى وتقليل المعلومات المضللة على المنصة.
تعمل "ملاحظات المجتمع" على ثلاث مراحل، أو تتكون من ثلاثة عناصر بالأحرى، وهي الملاحظات والتقييمات وقسم "ملاحظات المجتمع" المستقل في موقع تويتر. إذ يمكن للأشخاص الاشتراك كمساهمين في البرنامج، ثم يمكنهم إضافة الملاحظات إلى أي تغريدة يعتقدون أنها مضللة أو تحتاج مزيدًا من الشرح.
حقل الملاحظات يحتوي على أسئلة متعددة الخيارات وحقل نص مفتوح، حيث يمكن للمساهمين شرح الأسباب وراء اعتقادهم بأن تغريدة ما مضللة وإضافة الروابط اللازمة لدعم ادعاءاتهم. وتكون هذه المساهمات عامة، أي يمكن لأي شخص تصفح موقع قسم "ملاحظات المجتمع" رؤيتها، لكن يوضح تويتر في إحدى مدوناته أن "الملاحظات التي حصلت على تقييم "مفيدة" تظهر مباشرة على التغريدات في الصفحة الرئيسية.
التقييمات هي شيء يساعد في تحديد الملاحظات الأكثر فائدة، وتسمح بإبراز ملاحظات المجتمع التي وجدها الأشخاص أكثر فائدة من وجهات نظر مختلفة، وبحسب تويتر، فإن التقييمات "تُعلّم أيضًا نماذج السمعة الآلية التي تميّز الأشخاص الذين يقدمون مساهمات مفيدة باستمرار".
أما قسم "ملاحظات المجتمع" في تويتر فهو المكان الرئيسي لجميع الملاحظات والتقييمات، وهو مستقل عن صفحة تويتر الرئيسية ويعمل بطريقة مختلفة بالنسبة لعرض المحتوى، فهو لا يأخذ في الاعتبار عدد التقييمات التي تلقتها الملاحظة فحسب، ولكن أيضًا ما إذا كان الأشخاص الذين صنفوها "مفيدة" يأتون من وجهات نظر مختلفة.
ويجب على مستخدمي تويتر الذين يتطلعون إلى أن يصبحوا مساهمين في "ملاحظات المجتمع" استيفاء معايير الأهلية المُدرجة في الأسئلة الشائعة حول الميزة، مثل عدم وجود انتهاكات حديثة لقواعد تويتر، والانضمام إليه قبل تقديم الطلب بستة أشهر على الأقل وامتلاك رقم هاتف تم التحقق منه ويعمل على مزود شبكة موثوق، وبحسب تويتر، فإن هذا يزيد من احتمالية أن يكون المساهمون "أشخاصًا حقيقيين بدلاً من روبوتات أو جهات فاعلة معادية".
مشاكل في الانضمام
اشتكى بعض المستخدمين على تويتر من أنهم لا يزالون غير قادرين على تلبية معايير الأهلية المطلوبة للانضمام كمساهمين، والتي يُحتمل أن تركز على الولايات المتحدة فقط حاليًا للمساهمة في "ملاحظات المجتمع"، وتحديدًا شرط وجود "شركة اتصالات خلوية موثوق بها".
لا يوفر تويتر حاليًا قائمة بأسماء شركات الاتصالات المعتمدة للرجوع إليها، ولكنه حظر مؤخرًا المستخدمين لعشرات شركات الاتصالات الخلوية المختلفة حول العالم لساعات أثناء عملية بدأها ماسك لحظر المحتوى العشوائي والاحتيالي، وفقًا لما أورده موقع Platformer الخاص بأخبار وسائل التواصل الاجتماعي.
وترجع تلك الحملة إلى ما ادّعاه ماسك حول أن تويتر كان يتعرض للاحتيال بما يتجاوز الـ60 مليون دولار سنويًا، يدفعها لشركات الاتصالات بسبب نشاطات الرسائل النصية الاحتيالية، وذلك حسب ما أفاد به أليكس هيث مراسل موقع ذا فيرج التقني في مساحة على تويتر مع خبير الأمن السيبراني جورج هوتز.
يبقى الحكم لمجتمع تويتر نفسه
ولكن الآن، مع المزيد من المساهمين وتدفق المزيد من الملاحظات، سيقول مستخدمو تويتر كلمتهم، حيث يكون مدققو المعلومات في النقاشات هم أنفسهم أولئك المشاركون فيها، وهذا سلاحٌ ذو حدين. فمن جهة، يعد هذا تمثيلًا أفضل لآراء المستخدمين ووجهات نظرهم، بدلاً من مركزية التدقيق من قبل الإدارة الداخلية لتويتر، لكن من جهة أخرى، فإن هذا يفتح الباب أمام تدعيم وجهات النظر المضللة بأدلة ضعيفة أو غير منهجية وتجييش المستخدمين المستقطبين لتأييد ذلك بهدف منحها مظهر الموثوقية.
من نواحٍ عديدة، يشبه الأمر خاصيات التصويت المؤيِّد والتصويت المعارض على موقع Reddit، حيث يستطيع المجتمع المساهمة في كيفية عرض المشاركات في التطبيق من خلال التصويت على كل منها. لكن تختلف "ملاحظات المجتمع" في تويتر من حيث أنها تتضمن أيضًا ملاحظات سياقية، ولن تؤثر على عرض التغريدات بنفس الطريقة.
ولكن من خلال السماح للمستخدمين بإضافة ملاحظات وتعديلات، والتصويت على دقتها، من المفترض أن يساعد ذلك في توفير مؤشرات قيّمة حول المواضيع المثيرة للانقسام، والتي يمكن أن تساعد في تسهيل المزيد من الفهم والسياق.
حاجة مالية لدى تويتر
بعد استحواذ ماسك على تويتر وبدئه إحداث التغييرات فيها، سرّح آلاف الموظفين في الشركة، بما في ذلك الأشخاص الذين يعملون على الثقة والأمان وتعديل المحتوى. وقد أثر ذلك على قدرة الشبكة الاجتماعية على تصفية المحتوى الضار، وعليه أصبحت تواجه صعوبة في إبقاء المعلنين الذين ينفقون مبالغ كبيرة للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم على المنصة. لذا، ليس من المستغرب أن نرى الشركة تدفع ببرنامج "ملاحظات المجتمع" الذي يضع عبء التحقق من الحقائق على عاتق المستخدمين.
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا:
