` `

أي دور لملاحظي المجتمع المدني في الحد من الأخبار الزائفة وضمان نزاهة الانتخابات في تونس؟

هاجر عبيدي هاجر عبيدي
سياسة
25 سبتمبر 2024
أي دور لملاحظي المجتمع المدني في الحد من الأخبار الزائفة وضمان نزاهة الانتخابات في تونس؟
جمعيات تحذر من تأثير حرمان ملاحظين على مراقبة المسار الانتخابي

مع استعداد تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وانتشار العديد من الادعاءات المضللة وغير الدقيقة حول مسار الانتخابات، برزت مخاوف بشأن تأثير هذه الشائعات على الرأي العام، وخصوصًا على إرادة الناخب.

وكان "مسبار" قد رصد ادعاءات مضللة وغير دقيقة خلال المسار الانتخابي، تحقق منها في مقال منفصل، نشر في 26 أغسطس/آب الفائت.

صورة متعلقة توضيحية

وفي هذا التقرير تواصل مع جمعيات تعنى بملاحظة الانتخابات في البلاد، لمعرفة تأثير هذه الادّعاءات على الانتخابات والبحث في إسهاماتها لمكافحتها، وتأثير غيابها على العملية.

تعمل العديد من الجمعيات في تونس، منذ 2011، مثل “عتيد” ومرصد شاهد و"مراقبون" و"أنا يقظ"، على ملاحظة العملية الانتخابية وتقديم تقارير للرأي العام حول أي تجاوزات أو إخلالات قد تحدث، بهدف ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات. كما تسهم هذه الجمعيات في توضيح العديد من المسائل القانونية المرتبطة بالعملية الانتخابية. 

لكن مؤخرًا، قررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رفض اعتماد بعض الجمعيات، من بينها مراقبون وأنا يقظ، بعد تلقيها إشعارًا يفيد بتورطها في تلقي تمويلات مشبوهة من دول لا تربطها علاقات دبلوماسية بتونس. 

جمعيات تونسية تحذر من تأثير غياب ملاحظين على نزاهة الانتخابات وانتشار الأخبار المضللة

طالبت “مراقبون” بحقها في ملاحظة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم السادس من أكتوبر المقبل.

وأكدت الجمعية في بيان لها شاركته عبر حسابها على موقع فيسبوك في 12 سبتمبر الجاري، أنّها عملت منذ 2011 في إطار من المهنية والشفافية المطلقة مع الهياكل الرسمية للدولة، ملتزمة بالقوانين والتشريعات التونسية المعمول بها. وأضافت أنه ليس لديها ما تخفيه.

ووفق الجمعية فإنّ هيئة الانتخابات رفضت منحها 1220 مطلب اعتماد قدمته لملاحظة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وعبرت الجمعية عن أسفها للتشكيك في نزاهتها، مشيرة إلى أنّها "كونت الملاحظين المتطوعين للمشاركة في جميع المحطات الانتخابية منذ 2011، بحضور ميداني غطى كافة ولايات ومعتمديات الجمهورية". وبينت أنّ "هذا الانتشار لا يمكن إلا ان يُعزز من مصداقيتنا ويُؤكد على الأهمية البالغة لدورنا في ضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية".

وقال متحدثان من مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات وجمعية عتيد، إنّ غياب جمعية "مراقبون" عن مراقبة الانتخابات قد يساهم في انتشار الأخبار المضللة. 

واعتبرت عربية عباس عن مرصد شاهد أن نقص المراقبين يعزز انتشار الأخبار الزائفة، حيث إن الملاحظة الدقيقة وفق المعايير الدولية تساعد في نقل معلومات موثوقة. وعند مواجهة الأخبار الزائفة بنتائج الملاحظة، تتشكل لدى المتلقي صورة أوضح. وأضافت عباس أن الجمعيات تكمل بعضها البعض، وأن حرمان أي جمعية من ذلك يؤدي إلى تفشي الشائعات وانتشار الأخبار المضللة بسرعة.

من جهته، أكد بسام معطر ممثل “عتيد” أن حرمان جمعية "مراقبون" من الاعتماد الرسمي يؤثر سلبًا على دقة الأخبار، إذ لن تتمكن الجمعية من أداء دورها بشكل رسمي. وأوضح أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أشارت إلى تمويلات أجنبية مشبوهة، لكنه رأى أن هذه الشبهات لا تبرر قرار حرمان بعض الجمعيات من حقها في الملاحظة.

وفي بيان صادر عن منظمة "أنا يقظ" تعقيبًا على منعها من ملاحظة الانتخابات، اعتبرت المنظمة أن "الهيئة المكلّفة بالانتخابات تحاول إلهاء الرأي العام عن الخروقات التي ارتكبتها بعدم تطبيق القانون وتقييد إرادة الناخب في اختيار ممثليه". وأضافت أن الهيئة "تسعى إلى إقصاء منظمات المجتمع المدني من مراقبة الانتخابات بذريعة واهية، مما يعزز غياب النزاهة في المسار الانتخابي".

وفيما يتعلق بمسألة التمويلات الأجنبية المشبوهة، أوضحت "أنا يقظ" أن “أجهزة الدولة تراقب باستمرار جميع التمويلات الأجنبية المقدمة للمجتمع المدني، وأن المنظمة تمتثل للقانون والأحكام القضائية لأنها تؤمن بعلوية القانون، على عكس هيئة الانتخابات التي لم تطبق قرارات المحكمة الإدارية”. واعتبرت المنظمة أن الشكاوى والتتبعات الكيدية دليل على عدم حيادية واستقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات.

مرصد شاهد وعتيد: يحذران من تأثير الأخبار الزائفة ويقدمان التوصيات 

أوضحت رئيسة مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، عربية عباس، أن نشر الأخبار المضللة والزائفة يتم إما من قبل أفراد عاديين أو محترفين في هذا المجال، حيث يتم تداولها عبر وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمكتوبة. وأضافت أن هذه الأخبار قد تؤثر على إرادة الناخب وتضلله. 

وفي حديثها لمسبار، بينت عباس أن تداول الأخبار المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي يحدث بسرعة، بينما يتطلب كشف الحقيقة جهدًا أكبر. كما شددت على أهمية أن يتحقق المتلقي من المعلومات المتداولة قبل بناء موقفه.

وأشارت أنه الأخبار المضللة تتزايد في أي استحقاق انتخابي مع تزايد حدة المنافسة، وهو أمر لا يقتصر على تونس فقط. وأكدت أن مرصد شاهد يتابع المسار الانتخابي من بداية إعلان الترشح وحتى الإعلان عن النتائج النهائية، بما في ذلك مراقبة النزاعات الانتخابية لضمان توثيق العملية الانتخابية وتطبيق القانون. وأوضحت أن ملاحظي المرصد ملتزمون بالمبادئ الدولية مثل النزاهة والحياد.

من جانبه، أوضح رئيس جمعية عتيد لمراقبة الانتخابات، بسام معطر، أن الجمعية أولت اهتمامًا بموضوع الأخبار المضللة منذ عام 2014، إذ تناولت الإشاعات وخطاب الكراهية، خاصة خلال الحملات الانتخابية. 

وفي عام 2019، قدمت عتيد مشروعًا لرصد وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص موقع فيسبوك، وأنجزت تقريرًا قدمت فيه توصيات حول كيفية التعامل مع ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة الانتخابات. كما أوصت الجمعية بإنشاء وحدة لرصد هذه الوسائل تحت إشراف الهايكا، نظرًا لأن منصات التواصل تُعد من الوسائل الأكثر استخدامًا لنشر الإشاعات، إلا أن السلطات لم تُعطِ التوصيات الأهمية اللازمة، وفق رئيس الجمعية.

وأضاف معطر، في حديثه لمسبار، أن الجمعية طالبت بإطار قانوني ينظم مواقع التواصل الاجتماعي، مع الحفاظ على حرية الرأي والتعبير، ومراقبة الصفحات والمجموعات التي تنتهك حقوق الآخرين، خصوصًا خلال فترة الانتخابات، لما لها من تأثير كبير على توجيه إرادة الناخبين. وأعرب عن أسفه لغياب الجمعيات والهيئات المتخصصة في تفنيد الشائعات وكشف الأخبار الصحيحة، وسط نقص الوعي المجتمعي بأهمية التحقق من المعلومات المنشورة.

وأكد معطر أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على إرادة الناخب وتوجيهه في جميع المحطات الانتخابية، وأن الأخبار الزائفة غالبًا ما تنتشر أسرع من تصحيحها. كما أشار إلى أن تأثير منصات تدقيق المعلومات محدود، داعيًا إلى التنسيق بين هذه المنصات ووسائل الإعلام البصرية والسمعية، بالتعاون مع بعض الهيئات والوزارات، للقيام بحملات توعية حول أهمية التحقق من صحة الأخبار لتحسين الوضع بشكل كبير.

اقرأ/ي أيضًا

ادعاءات مضلّلة ترافق المسار الانتخابي في تونس

بين نفي سعيّد والواقع السياسي: ما هي التضييقات التي يواجهها مترشحو الرئاسة في تونس؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة