` `

هل الهندوسية ديانة سماوية؟

روحانيات ودين
9 نوفمبر 2020
هل الهندوسية ديانة سماوية؟
تختلف الهندوسية بالشكل العام اختلافات جذرية في بُنيتها عن الأديان السماوية (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

ينتشر في العالم المئات من المعتقدات الدينية، إذ تتنوع العقائد والطقوس والمقدسات، منها ما يُطلق عليه الديانات السماوية ومنها الديانات الأرضية، وهناك مجموعة قليلة من هذه الأديان يصل عدد مرتاديها إلى الملايين من البشر، مثل المسيحية والإسلام والهندوسية والبوذية واليهودية.

سيُعرّف هذا المقال بالديانة الهندوسية، تاريخها ونشأتها ومعتقداتها، وهل الهندوسية ديانة سماوية أم لا.

 

الديانات السماوية

وتُسمّى أيضاً الديانات الإبراهيمية، وهي الديانات التي انبثقت ممّا يُعرف عند الأكاديميين بالتقاليد الإبراهيمية، نسبةً إلى الدور المُهم للغاية الذي تلعبه شخصية النبي إبراهيم في كل من هذه الأديان، ويشيع تسميتها في البلدان العربية بمصطلح الأديان السماوية أو الشرائع السماوية.

 عندما يُشير الناس إلى الديانات السماوية أو الإبراهيمية فإنّهم يُفكّرون عادةً في اليهودية والمسيحية والإسلام، لكن هناك في الحقيقة المزيد من الديانات الإبراهيمية، مثل العقيدة البهائية واليزيدية والدرزية والسامرية والرستفارية، ويتناول المقال الحديث عن بعض هذه الديانات السماوية في نهاية المقال.

 

الديانة الهندوسية: 

تُعتبر الديانة الهندوسية واحدة من أقدم الديانات على الأرض، حيث تعود جذورها وعاداتها إلى أكثر من 4000 عام، ويُؤمن بها ما يزيد عن مليار شخص، حوالي 95 بالمئة منهم يعيشون في الهند، وبذلك فإنّ الهندوسية تُصنّف رابع أكبر مجموعة دينية بعد المسيحية والإسلام وغير المتدينين. 

 

نشأة وتاريخ الهندوسية:

نشأت الهندوسية في شبه القارة الهندية و وادي السند، و ليس لها مُؤسس محدد، لذلك فمن الصعب تتبع أصولها وتاريخها بدقة، إذ يعتقد معظم الباحثين أنّ الهندوسية بدأت في الفترة ما بين 2300 قبل الميلاد و 1500 قبل الميلاد.

الفترة الممتدة من حوالي 1500 قبل الميلاد إلى 500 قبل الميلاد تُعرف باسم الفترة الفيدية، وهي الفترة التي تم فيها تأليف "الفيدا"، وهي النصوص المُقدسة الهندوسية، حيث كانت طقوس مثل التضحيات والترانيم شائعة في تلك الفترة.

وفي الفترة الممتدة ما بين 500 قبل الميلاد و 500 بعد الميلاد، وقعت الفترات الملحمية والبورانية والكلاسيكية، حيث بدأ الهندوس في التأكيد على عبادة الآلهة، وخاصة فيشنو وشيفا وديفي.

 

معتقدات الديانة الهندوسية:

الهندوسية تتألف من عدة أنظمة مُتنوعة من الفلسفة والمُعتقدات والطقوس، لذلك يعتبرها البعض أحياناً على أنها أسلوب حياة أو عائلة أديان بدلاً من اعتبارها دين واحد مُنظّم.

مُعظم أشكال الهندوسية هي من الهينوثيين، أي أنّهم يعبدون إلهاً واحداً، يُعرف باسم "براهمان"، لكنّهم ما زالوا يعرفون آلهة أخرى، إذ يعتقد أتباع الديانة الهندوسية أنّ هناك طُرقاً مُتعددة للوصول إلى إلههم.

يُؤمن الهندوس بما يُسمّى "سامسارا"، وهي الدورة المُستمرة للحياة والموت والتناسخ. ويؤمن الهندوس أيضاً بما يُسمّى "الكارما"، وهي القانون الكوني للسبب والنتيجة.

كما يؤمن الهندوس بفكرة رئيسية تُسمّى "أتمان" أو الإيمان بالروح، تنُص هذه الفلسفة على أنّ كل الكائنات الحية لها روح، وكلّها جزء من الروح العُليا، وتهدف جميعها للوصول إلى "الموكشا" أو الخلاص، الذي يُنهي دورة الولادة الجديدة لتُصبح الروح جزءاً من الروح المطلقة.

من أهم المبادئ الأساسية للهندوسية هو أنّ أفعال الناس وأفكارهم تُحدِّد بشكل مباشر حياتهم الحالية والمستقبلية. ويسعى الهندوس إلى تحقيق ما يُسمّى "دارما"، وهي قوانين للحياة تُؤكّد على حُسن السلوك والأخلاق.

يُقدّس الهندوس جميع الكائنات الحية ويعتبرون البقرة حيواناً مُقدساً. ويُعد الطعام جُزءاً مهماً من حياة الهندوس، فمعظمهم لا يأكلون لحم البقر أو لحم الخنزير، والكثير منهم نباتيون.

يُقدّر الهندوس الكثير من الكتابات المُقدّسة وليس لديهم كتاب مُقدّس واحد، و تُقسَم النصوص الهندوسية المقدسة إلى نوعين:

  1. "شروتي": وهي الوحي الذي تلقّاه القدّيسون والحُكماء القُدامى، وتتمثّل في نصوص "الفيدا" أو المعرفة، وهي النصوص المُقدّسة الأساسية التي تم تدوينها حوالي عام 1500 قبل الميلاد، وقد تمّت كتابة هذه المجموعة من الآيات والترانيم باللغة السنسكريتية، وهي تتكوّن من أربع مجموعات هي "ريجفيدا"، "سامافيدا"، "ياجورفيدا"، و "أثارفافيدا"، ويعتقد الهندوس أن "الفيدا" تتجاوز كل الوقت وليس لها بداية أو نهاية.
  2. "سمريتي": وهي النصوص الدينية المُدوّنة بعد الحقبة الفيدية، وضعها الحُكماء من غير وحي، وحُفظت في الأغلب عن طريق التلقين لا الكتابة.

كما يوجد بعض النصوص المُهمّة الأُخرى مثل "الأوبنشاد"، "البهاغافاد جيتا"، "بوراناس"، "رامايانا" و "ماهابهاراتا" .

 

هل الهندوسية ديانة سماوية؟

رُغم أنّ الكثير من الهندوس يؤمنون بوجود إله واحد، إلا أنّ الهندوسية ليست ديانة سماوية، حيث تختلف الهندوسية بالشكل العام اختلافات جذرية في بُنيتها عن الأديان السماوية، وتفتقد الهندوسية إلى أهم العناصر المشتركة للأديان السماوية، لذلك يُمكن الجزم بأنّ الهندوسية ليست ديانة سماوية.

ومن أهم العناصر التي تفتقدها الهندوسية عن الديانات السماوية:

  • ليس لديها مُؤسس أو نبي واحد أو حتّى مفهوم النبوّة بشكل عام
  • ليس لها مفهوم واحد للإله وعقيدة ونظام أخلاقي مُحدّدان
  • ليس لديها نص مُقدّس واحد ولا سُلطة دينية مركزية

 

الديانة اليهودية:

الديانة اليهودية هي أقدم ديانة توحيدية في العالم، يعود تاريخها إلى ما يقرب من 4000 عام، ويُوجد اليوم حوالي 14 مليون يهودي حول العالم.

يعتقد اليهود أنّ هناك إلهاً واحداً فقط أقام لأجلهم ميثاقاً خاصاً، وإلههم يتواصل مع المؤمنين من خلال الأنبياء ويُكافئ الحسنات بينما يُعاقب على السيئات أيضاً، ويعتقد مُعظم اليهود أنّ "مسيحهم" لم يأت بعد ولكنّه سيأتي يوماً ما.

يتعبد اليهود في الأماكن المُقدسة المعروفة باسم "المعابد"، ويتّخذون من "نجمة داود" السداسية رمزاً لليهودية، ويُطلقون على قادتهم الروحيين اسم "الحاخامات".

 

الديانة المسيحية

الديانة المسيحية هي الديانة الأكثر انتشاراً في العالم، إذا يتجاوز عدد المؤمنين بها الملياري إنسان، يرتكز الإيمان المسيحي على المعتقدات المُتعلّقة بميلاد يسوع المسيح وحياته وموته وقيامته.

المسيحيون موحدون، أي يُؤمنون بوجود إله واحد، وأنّه خلق السماوات والأرض. تتكون هذه اللاهوتية من ثلاثة أجزاء: الأب (الله نفسه)، والابن (يسوع المسيح) والروح القدس.

يتضمن النص المقدس "الإنجيل" كُتباً مقدسة مُهمة تُوضّح تعاليم يسوع، وحياة وتعاليم الأنبياء والتلاميذ الرئيسيين، وتُقدّم إرشادات حول كيفية عيش المسيحيين.

رمز المسيحية هو الصليب، ومن أهم الأعياد المسيحية عيد الميلاد (الذي يحتفل بميلاد يسوع) وعيد الفصح (الذي يحيي ذكرى قيامة المسيح).

 

ديانة الإسلام

الإسلام هو ثاني أكبر ديانة في العالم بعد المسيحية إذ يُقدّر عدد المسلمين بحوالي المليار وثمانمئة ألف إنسان مسلم في جميع أنحاء العالم.

على الرغم من أنّ جذور الإسلام ترجع إلى أبعد من ذلك، إلّا أنّ العلماء يُؤرّخون عادةً ظهور الإسلام إلى القرن السابع الميلادي في زمن حياة النبي محمد في مكّة، في المملكة العربية السعودية المعاصرة. 

المُسلمون مُوحدون ويعبدون الله الواحد الأحد المُلقب في اللغة العربية بالله.

يهدف أتباع دين الإسلام إلى عيش حياة التسليم الكامل لله، إذ أنّهم يعتقدون أن لا شيء يُمكن أن يحدث بدون إذن الله، ولكن البشر لديهم إرادة حرة.

يعتقد المسلمون أنّ العديد من الأنبياء قد أُرسلوا ليعلموا شريعة الله، كما أنّهم يحترمون بعض أنبياء الديانات الأُخرى كاليهودية والمسيحية، بما في ذلك إبراهيم وموسى ونوح ويسوع . ويُؤكد المسلمون أنّ النبي محمد كان خاتم الأنبياء.

تُسمّى أماكن تعبد المسلمين بالمساجد.

النص المُقدّس الرئيسي للإسلام هو "القرآن"، وهو الذي أوحي الله به للنبي محمد من خلال الملاك جبريل.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على