` `

هل ينام النحل؟

علوم
21 يناير 2021
هل ينام النحل؟
ينام النحل كغيره من الكائنات الحية على وجه الأرض، ولكن تتفاوت ظاهرة النوم من كائن إلى آخر (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

هذا المقال يتحدث عن النحل، ويجيب على التساؤل الشائع: هل ينام النحل؟ كما يُقدم معلوماتٍ عن كيفية نوم النحل، وأهمية النوم للنحل. بالإضافة إلى توضيح أشكال النوم عند النحل.

 

النحل

يتشابه النحل بشكل كبير مع فصيلة الدبابير، لكن الاختلاف البيولوجي المهم والذي يميز النحل -باستثناء النحل الطفيلي- عن الدبابير هو قيام النحل بتزويد صغاره بحبوب اللقاح مع العسل، وليس الحشرات والعناكب كما تفعل الدبابير عند إطعام صغارها. 

تعتمد مملكة النحل على دور النحلة الأنثى الفعال، من خلال قيامها بالأعمال المتعلقة بصناعة العش وجمع حبوب اللقاح، على غير النحل الذكر الذي غالبًا ما يكون قصير العمر، كما لا يقوم بعمليات جمع حبوب اللقاح ولا يتحمل مسؤولية إعالة صغار النحل.

 

هل ينام النحل؟

تتشابه الكائنات الحية في كونها مخلوقاتٍ مجبولةً على الحركة من خلال أنشطتها الحيوية المختلفة التي تتداخل وتتشابك من أجل حياكة النسيج البيئي واستمراره. كما تتشابه جميعها في طرق البحث عن مسمى الراحة في نهاية المطاف. 

وكون النحل أحد الأنواع الاجتماعية المُساهِمَة في تعزيز وبناء النظام البيئي، فهو أيضًا يبحث عن تلك الراحة التي تُمكِّنُه من استكمال دورة حياته، الراحة التي يمكن اختزالها فيما يسمى النوم.

في الواقع، ينام النحل كغيره من الكائنات الحية على وجه الأرض، وذلك كون النوم ظاهرة ديناميكية تحدث وتتفاوت من كائن إلى آخر، ولأنه ضرورة من ضرورات البقاء على قيد الحياة، كما إنّ في عدم الحصول عليه نشوء لعدد كبير من العلل والاختلالات.

 

كيف ينام النحل؟

كما يدخل الإنسان في مراحل متعددة من أشكال النوم المتمثلة بالاسترخاء والنوم الخفيف والنوم العميق، فإن النحل أيضًا يمُرُّ بمراحل أثناء نومه. ويعتبر العالم والتر كايزر (Walter Kaiser) أول من اكتشف أنّ النحل ينام، كما ووصف حالة النوم لدى النحلة بكونها تقوم بعملية الاسترخاء والراحة بعد ثني رأسها نحو الأرض، وقيامها بانحناء قرون الاستشعار الخاصة بها إلى الأسفل، وإسنادها أجنحتها على جسدها.

تنخفض درجة حرارة جسم النحلة أثناء النوم، وهذا يشبه ما يحدث مع الإنسان أثناء نومه. بالإضافة إلى حاجة النحل للتعرض إلى سطوع قوي من الضوء من أجل الاستيقاظ كونه يتعرض للضوء طبيعيًا وبشكل مستمر. غير أنه ينام على الزهور أحيانًا ويستيقظ إذا ما شعر بوجود الخطر.

يعتبر نحل العسل (Apis mellifera) واحد من أول اللافقاريات التي تمت دراسة سلوك النوم لديها. إذ يتميز بارتفاع نسبة نشاطه أثناء النهار، ولجوئه إلى النوم أثناء الليل حتى عند النحل الصغير منه والذي لم يتجاوز عمره الثلاثة أيام.

 

لماذا ينام النحل؟

تتعدد الأسباب التي تجعل من النوم ضرورةً مُلِحُّة للنحل، والتي يمكن اختصارها فيما يأتي:

  • أثبتت دراسة أُجريت عام 2010 بأنه عند حرمان نحل العسل من النوم يحدث ضعف في دقة وقدرة النحل على تقديم إشارات الرقص الاهتزازية، وهي إشارات يصدرها النحل خلال عملية البحث عن مصادر الطعام (كالرحيق، حبوب اللقاح، الزهرة). وهذا يتسبب في إضعاف قدرة النحل على التواصل فيما بينه خلال هذه العملية ومن ثم تراجع كفاءة عمل النحل ككل. لذلك، يعتبر النوم عنصرًا أساسيًا عند النحل لتعزيز طاقة النحل وتوظيفها تجاه مسارها الصحيح أثناء عملها خاصة خلال النهار.
  • يتسبب حرمان النحل من النوم في تقليل ذاكرة النحل التي تعطل لديه مسارات التنقل الحيوية. وكون النحل مخلوقات اجتماعية فهي بحاجة مستمرة للتواصل المستمر، ولأنه لا يمتلك مخزنًا ذهنيًا لحفظ المعلومات، فهو يقوم بتحويل المعلومات من الذاكرة قصيرة الأمد إلى طويلة الأمد من خلال رحلة النوم التي يقطتعها والتي تُمكِّنه من تقوية الذاكرة لديه والعمل بشكل أفضل.
  • توصَّل باحثون إلى أن تكاثُف عمليات التواصل الاجتماعي فيما بين النحل، نحل العسل على وجه الخصوص، تزيد من ساعات حاجته إلى النوم. وذلك عندما تم عزل بعض النحل في المختبر، وترك البعض الآخر يتفاعل مع بعضه البعض. إذ نتج عن ذلك قيام النحل المتفاعل أي غير المعزول بالنوم خمس ساعات إضافية عن النحل الذي تم عزله. وهذا ما يتشابه بشكل كبير مع طبيعة البشر بعد انغماسهم في يوم عمل شاق أو بعد تفاعل مباشر لهم مع المجتمع خلال اليوم، فهم يحتاجون إلى وقت أطول من النوم والراحة.
  • ابتكر الدكتور باريت كلاين أداةً مغناطيسية تدعى بالإنجليزية (Insominato) تعمل من خلال تثبيت قطعة من المعدن على النحلة ومن ثم تمرير الآلة من فوق النحلة أثناء نومها من أجل إيقاظها. ومن ثم تكرار هذه العملية حتى يتم حرمان النحل من النوم كدراسة سلوكيات حرمان النحل من النوم. وقد تبين فيما بعد وجود تراجع في أداء النحل بعد حرمانه من النوم، كقلة قدرة النحل على عمل رقصاته الاهتزازية لإرشاد النحل الآخر عن مصادر الغذاء كما قلت لديهم مستويات الطاقة.

 

يمكن اعتبار أن جميع ما ذكر أسبابًا رئيسية تزيد من حاجة النحل للحصول على أكبر قدر كاف من النوم، وهي حاجة فطرية تلجأ إليها مجمل الكائنات الحية من أجل الحصول على الراحة والقدرة على الاستمرار.

 

أشكال النوم عند النحل

تختلف طرق النوم عند النحل بحسب عمر النحلة والدور الذي تقوم به داخل وخارج الخلية. إذ أن النحلة السارحة (Forager bee)، تتميز بكونها تنام في أوقات الليل، أما النحلة العاملة (Worker bee)، والتي هي أصغر سنًا من النحلة السارحة، فهي تنام بشكل غير منتظم بما يشبه القيلولة خلال النهار وقد تنام على الأزهار. ويعود هذا الاختلاف لاختلاف عمل وطاقة كل منهما، كما وينام النحل السارح على أطراف الخلية من أجل الحصول على أكبر قدر من الهدوء خلال النوم، وليس في مركز الخلية الذي يكون نشطاً في العادة.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على