` `

هل أضرار الهاتف المحمول حقيقية؟

تكنولوجيا
26 يناير 2021
هل أضرار الهاتف المحمول حقيقية؟
أضرار الهاتف المحمول الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن انتزاعها من سياق الأضرار التي يسببها (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

خلال السنوات الماضية ازداد استخدام الهواتف المحمولة بشكل كبير، وواكب هذا الازدياد تخوّفًا من أضرار الهاتف المحمول، بالإضافة إلى التخوفات والقلق التي تتركه الهواتف المحمولة وأبراج الاتصالات على الصحة العامة.

يناقش هذا المقال  التخوفات بشأن تلك الأضرار، ويبحث في أضرار الهاتف المحمول.

 

الهاتف المحمول

قد تختلف أسمائه من حولنا، لكنه في نهاية الأمر شيء واحد، الهاتف المحمول أو الموبايل أو الخليوي أو هاتف اليد جميعها مصطلحات تشير إلى أحد الأجهزة اللاسلكية التي تمكن المستخدمين من إجراء واستقبال المكالمات عبر رابط تردد لاسلكي أثناء تحرك المستخدم في نطاق منطقة البث، كانت أولى الهواتف المحمولة كبيرة الحجم وثقيلة الوزن، ومع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته البشرية، تم تقليل أحجام وأوزان تلك الهواتف بشكل كبير يمكن المستخدمين من حمله معهم في كل مكان.

بدأت أولى محاولات البشرية بتوصيل الأجهزة بشبكة الهاتف العامة PSTN في العام 1946 في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان الاتصال اللاسلكي بسيطًا جدًا بحيث يمكّن  طرفًا واحدًا فقط من التحدث في كل مرة، ويتم التحكم في اتجاه المكالمة بواسطة مفتاح الضغط والتحدث في الهاتف المحمول، تقيم الهواتف المحمولة حاليًا اتصالاتها مع بعضها البعض بإرسال موجات راديوية عبر شبكة من الهوائيات تُدعى محطات البث، وتُعد موجات التردّد الراديوي إحدى أنواع الموجات الكهرومغناطيسية التي تثير القلق حول أضرار استخدام الهاتف المحمول على الصحة العامة.

 

كيف يعمل الهاتف المحمول؟

تعمل أنظمة الهواتف المحمولة كراديو ثنائي الاتجاه، وتتضمّن الهاتف المحمول ومحطات البث الأساسية، والتي عادةً ما يتم تثبيت هوائياتها على أبراج مرتفعة عن الأرض للحصول على أوسع تغطية، ويحتوي الهاتف المحمول على جهاز استقبال لاسلكي وجهاز إرسال، عند إجراء مكالمة، يستخدم الهاتف المحمول إشعاع التردد اللاسلكي عبر الهوائي الخاص به للتحدث إلى محطة أقرب محطة بث، وبمجرد أن تتلقى المحطة الأساسية الإشارة الخاصة بالهاتف المحمول، يتم توجيه مكالمته من خلال نظام إلى جهة الاتصال المطلوبة، وتصدر محطات الهواتف المحمولة مستويات ثابتة نسبيًا من إشعاع التردد الراديوي، كما تصدر الهواتف مستويات من إشعاع التردد اللاسلكي  متغيرة، وتبلغ إشعاعات الترددات اللاسلكية من الهاتف المحمول التي يتعرض لها رأس المستخدم حوالي 100 إلى 1000 مرة أكثر من إشعاعات الترددات من المحطات الأساسية، وتختلف الإشعاعات بحجمها بحسب ثلاثة أشياء:

  1. المدة التي تم فيها استخدام الهاتف المحمول.
  2. مدى قرب الهاتف المحمول من جسد المستخدم.
  3.  مدى قرب محطة البث الأساسية من الهاتف المحمول، فإذا كان الارتباط بالمحطة الأساسية ضعيفًا فإن الهاتف المحمول يزيد من مستوى الإشعاع للتعويض عن ضعف الاتصال بالمحطة الرئيسية.

 

هل أضرار الهاتف المحمول حقيقية؟

على مدى السنوات الماضية أجريت الكثير من الأبحاث من أجل التوصل لإجابة واضحة بخصوص أضرار الهاتف المحمول على الصحة العامة، خصوصًا بعد تصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) في العام 2011 الأشعة الكهرومغناطيسية كسبب محتمل للإصابة في السرطان الدبقي، وهو أحد الأنواع الشهيرة لسرطان الدماغ، لكن وبحسب منظمة الصحة العالمية لم يتم إثبات أضرار الهاتف المحمول على الصحة العامة بشكل قطعي، وقد صنّفت منظمة الصحة العالمية الآثار الصحية المحتملة للهواتف المحمولة والتي تم دراستها لشقّين أساسيين:

  1.  الآثار قصيرة الأجل

حيث أنّ التفاعل الرئيسي بين الأشعة الراديوية وجسم الإنسان يتمثّل في تسخين تلك الأشعة للأنسجة القريبة  منها في جسم الإنسان، فعند استخدام الهاتف المحمول يمتص الجلد والأنسجة المحيطة والقريبة من الهاتف المحمول معظم الطاقة الصادرة عن الأشعة الكهرومغناطيسية، فيؤدي ذلك على ارتفاع طفيف بحرارة الدماغ وبعض الأعضاء الأخرى في الجسم، بينما تم  دراسة ذلك الأثر للأشعة الراديوية على النشاط الكهربائي للدماغ، والوظيفة المعرفية له، والنوم، ووتيرة نبض القلب، وضغط الدم على مجموعة من المتطوعين، وخلصت الدراسات إلى عدم وجود أضرار للهاتف المحمول جرّاء التعرّض لمجال التردّد الراديوي بمستويات أقل من تلك التي تتسبّب في ارتفاع حرارة النُسج.

  1. الآثار الطويلة الأجل

أُجريت العديد من الأبحاث لتحديد الآثار الطويلة الأجل على الصحة العامة لاستخدام الهاتف المحمول، إلا أنه وبالنظر أنّ تلك الأبحاث تحتاج لفترة طويلة جدًا لاستخلاص نتائجها وذلك نظرًا لبدء الاستخدام الكثيف للهواتف المحمولة مطلع تسعينات القرن الماضي، فقد تم عوضًا عن ذلك دراسة تطورات الأورام في فترات زمنية قصيرة للتعرض للأشعة الراديوية، لكن الدراسات أشارت أنه لا توجد أيّة زيادة في مخاطر الإصابة بالسرطان جرّاء التعرّض الطويل الأجل لمجالات التردّد الراديوي.

بالإضافة إلى ذلك، واستنادًا إلى مجموعة من التحاليل الدولية القائمة على بيانات تم جمعها من 13 بلدًا مختلفًا، تبيّن أنّه لا توجد أيّة زيادة في مخاطر الإصابة بالورم الدبقي بسبب استخدام الهواتف المحمولة لفترة تتجاوز عشرة أعوام، بينما هناك بعض المؤشرات على زيادة مخاطر الإصابة بالورم الدبقي بين الذين أبلغوا عن  فترات أكبر لاستخدام الهاتف الخلوي والتي قدّرت نسبتهم بنحو 10%.

 

لكن وبالرغم من كل ما ورد سابقًا، تبقى أضرار الهاتف المحمول نتيجة الاستخدام المفرط موجودة، فالأضرار الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن انتزاعها من سياق مجموع الأضرار التي يسببها استخدام الهواتف المحمولة، وتاليًا بعض أضرار الهاتف المحمول:

  1. ارتفاع مستويات التوتر

تسبب الهواتف المحمولة التوتر والإجهاد بعدة طرق وبأشكال مختلفة، فالاستخدام المفرط للهواتف المحمولة، يؤدي إلى أن يصبح هؤلاء المستخدمين معتمدين على هواتفهم، بحيث يصبح من الصعب جدًا الابتعاد عنها في أي فترة زمنية، ومن هنا تبدأ الزيادة في التململ والقلق عندما تكون هذه الأجهزة بعيدة عن متناول المستخدمين.

  1. قد يضعف جهاز المناعة

الكثير من الأبحاث تحدثت عن وجود بقايا دهنية على شاشات هواتفنا المحمولة، وتحتوي هذه البقايا على جراثيم مسببة للأمراض أكثر من تلك الموجودة في مقعد المرحاض، وتهاجم هذه الجراثيم الجهاز المناعي للإنسان وتضعفه، وبالتالي تجعل الفرد أكثر عرضة للأمراض.

  1. قد تسبب مشاكل في العين والرؤية

تظهر الدراسات الحديثة أنه في غضون خمس دقائق من الاستيقاظ، يقوم 90٪ من الأشخاص بفحص هواتفهم، ويمكن أن يؤدي هذا التعرض المفرط للضوء الصادر من شاشات الهواتف المحمولة خصوصًا بين الأطفال والمراهقين، إلى جيل قادم مليء بالمراهقين الذين يرتدون نظارة طبية.

  1. قد تعيق وتسبب مشاكل في النوم

استخدام الهواتف المحمولة في الألعاب ومشاهدة مقاطع الفيديو، واكتظاظ الهواتف المحمولة بتطبيقات المراسلة المتوفرة في آلة بحجم قبضة اليد، جعل من الصعب على المستخدمين الاحتفاظ بهواتفهم المحمولة بعيدًا عنهم في نهاية اليوم، لذلك أصبحت حقيقة أنها تعيق نوم المستخدمين وتغيّر من نمط النوم لديهم تدريجيًا.

  1. قد تؤثر على طريقة التفكير

منذ أن احتلت الهواتف المحمولة مكانًا مهمًا في حياتنا، فشلنا في إدراك أنها جعلتنا نعتمد عليها، فعندما نريد أن نفعل شيء ما، فإن البحث في محركات البحث ك google مثلًا حول كيفية القيام بذلك هو أول شيء نقوم به، ذلك بدوره أدى إلى إعاقة العملية الطبيعية للتفكير واستخدام إبداعنا بهذه التكنولوجيا الذكية.

  1. استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة سبب رئيسي لحوادث السير

تشير العديد من الدراسات إلى العواقب الضارة لإلهاء السائق المرتبط باستخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة، سواء كانت محمولة باليد أو بدون استخدام اليدين، ودورها الكبير في الخسائر البشرية والمادية التي تخلّفها، لذلك انتهجت العديد من دول العالم إجراءات صارمة للحد من أضرار الهاتف المحمول أثناء القيادة.

  1. خسارة المال

قبل تطور تكنولوجيا الهواتف المحمولة، كانت هناك هواتف محمولة بسيطة، والآن أصبحت هذه المجموعات البسيطة نادرة جدًا مع دخول الهواتف المحمولة الذكية التي تعمل باللمس إلى السوق، وهي باهظة الثمن وينفق الناس الأموال على هذه الأجهزة مما يمثل خسارة في المال، أيضاً الإطلاق المستمر لنماذج وإصدارات جديدة من هذه الهواتف قد يقلل من قيمة الهواتف السابقة بشكل كبير يصل للحد الذي قد تفقد فيه قيمتها في السوق.

 

كيف تقلل من نسبة التعرض للأشعة الكهرومغناطيسية التي تبثها الهواتف المحمولة؟

هناك الكثير من النصائح التي تقلل من الآثار المترتبة للتعرض للموجات الراديوية التي تبثها الهواتف المحمولة، أبرز هذه النصائح تمثلت بمجموعة خطوات تبنًتها دائرة الغذاء والدواء الأمريكية FDA:

  1. التقليل من مقدار الوقت الذي تقضيه في استخدام هاتفك الخلوي.
  2. استخدم مكبر الصوت أو سماعات الرأس أو سماعات الأذن أثناء المكالمات، وذلك لوضع مسافة أكبر بين رأسك والهاتف الخلوي.
  3. تجنب إجراء المكالمات عندما تكون الإشارة ضعيفة، لأن هذا يتسبب في زيادة طاقة إرسال التردد اللاسلكي للهواتف المحمولة.
  4. استخدم الرسائل النصية قدر الإمكان بدلاً من المكالمات، ولكن لا تراسلها أثناء القيادة.

 

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على