` `

هل الجاحظ من مؤسسي علم البلاغة في اللغة العربية؟

ثقافة وفن
20 فبراير 2022
هل الجاحظ من مؤسسي علم البلاغة في اللغة العربية؟
إنّ الجاحظ واحدًا من أبرز الأعلام الذين أسهموا في تأسيس علم البلاغة (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يهدف هذا المقال إلى بيان بعض المعلومات حول نشأة علم البلاغة في اللغة العربية ومؤسسي هذا العلم، بالإضافة إلى ذكر تعريفات علوم البلاغة الثّلاثة؛ وهي البديع والبيان والمعاني، ويتطرّق المقال كذلك إلى بعض من أبرز مبادئ علم البلاغة، كذلك يعتني بذكر أبرز الكتب المؤلّفة في هذا الباب مع تزويد القارئ بأسماء عِدّة علماء بارزين في هذا الفنّ أيضًا.

هل الجاحظ من مؤسسي علم البلاغة في اللغة العربية؟

إنّ الجاحظ واحدٌ من أبرز الأعلام الذين أسهموا في تأسيس علم البلاغة، بل يعدّه البعض مؤسّس علم البلاغة نتيجةً لتأليف كتاب البيان والتبيين في هذا الباب من أبواب علوم العربيّة في وقت مُبكّر؛ إلّا إنّ الجاحظ سُبق بعِدّة عُلماء أشاروا إلى مسائل في هذا الفنّ أيضًا بالرّغم من إسهاماته الكبيرة في تأسيس البلاغة ووضع قواعدها. ومن العلماء الذين سبقوا الجاحظ سيبويه، الذي أقام بُنيان علم البيان قبل الجاحظ بقرابة قرن كامل من الزمن، كما أنّ سيبويه ذكر بعض المسائل في علم المعاني إلى جانب علم البيان.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي أبرز مؤلفات الجاحظ؟

للجاحظ العَديد من المُؤلّفات في علم البلاغة في اللغة العربية، بالإضافة إلى غيرها من العلوم أو الفنون، وفيما يأتي قائمة بأبرز مؤلّفات الجاحظ:

  • كتاب التبصرة بالتجارة: قام الجاحظ بتأليف هذا الكتاب لذكر أوصاف ما يُستظرف من الأمتعة الرفيعة، بالإضافة إلى الجواهر الثمينة والأعلاق النفيسة في البلدان كما يظهر من تكملة اسم الكتاب.
  • كتاب البُخلاء: يُعدّ هذا الكتاب واحدًا من كُتب الجاحظ المشهورة، وفيه ذكر كثيرًا من القصص حول البخلاء؛ ومنها قصّة صاحب الثّريدة وقصّة الاقتصاد في لُبّ الأخفاف وغيرها.
  • كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان: ذكر الجاحظ -في هذا الكتاب- بعضًا ممّا نُقل عن الأمراض الأربعة المذكورة وبعضًا ممّا اشتهر من الرجال المُصابين بها.
  • كتاب البغال: اعتنى هذا الكتاب من كتب الجاحظ بذكر ما يُمدح من صفات البغال وما يُذمّ منها، بالإضافة إلى ما يُنتفع به من البغال في البريد، وذلك إلى جانب عِدّة معلومات أُخرى حول البغال.
  • كتاب المحاسن والأضداد: قام الجاحظ بتأليف هذا الكتاب لبيان محاسن الأخلاق والأفعال والأحوال، بالإضافة إلى ذكر مساوئ بعضها؛ ومن ذلك ذكر محاسن الدّنيا ومساوئها، وذكر محاسن السّخاء ومساوئ البُخل.
  • كتاب التّاج في أخلاق الملوك: في هذا الكتاب ذِكرٌ للكثير من أخلاق الملوك في زمن الجاحظ؛ ومنها أخلاق الدخول على الملوك، وآداب مُطاعمة الملوك ومنادمتهم وذكر صفات المُنادمين للملوك.

من هم أبرز العلماء الذين ساهموا في تطوير علم البلاغة؟

أسهم عددٌ كبيرٌ من العُلماء في تطوير علم البلاغة بعد دراسة لغة العرب ومعرفة أشعارهم وتفحّصها وتمحيصها، وفي القائمة الآتية بعضًا من أبرز هؤلاء العلماء:

  • أبو عبيدة معمر بن المثنّى: كان مُعمر بن المثنّى واحدًا من أوسع النّاس معرفة باللغة والأدب في البصرة، واعتنى بذكر العديد من مسائل البلاغة في كُتبه بالرغم من إفراد كتاب يختصّ في علم البلاغة؛ فإنّ علم البلاغة كان في مرحلة النشوء تلك الفترة.
  • أبو زكريّا الفرّاء: توفّي الفرّاء عام 207 هـ، وهو أحد علماء الكوفة ذوي العلم الواسع في علوم اللّغة العربيّة، اعتنى بذكر الأساليب اللغويّة البلاغيّة في العَديد من تركيبات القرآن الكريم ضمن كتبه، ولم يُصنّف كتابًا مستقلًّا في علم البلاغة.
  • أبو عثمان الجاحظ: إنّ الجاحظ من أوائل العلماء الذين ألّفوا كتابًا مستقلًّا لدراسة مسائل البلاغة، وكثيرٌ من أهل الاختصاص يرون بأنّ الجاحظ واضع علم البلاغة في حين يُخالفهم آخرون بذلك.
  • أبو محمّد بن قتيبة الدّينوريّ: كان أبو محمّد الدينوريّ من تلاميذ الجاحظ في البصرة، وتوفّي هذا اللغويّ عام 276 هـ بعد تأليف كتاب مُشكّل القرآن، الذي اعتنى فيه بذكر كثير من الأساليب البلاغيّة في القرآن مُقسّمةً ضمن أبواب مُستقلّة تخصّ كلًّا منها.
  • أبو الهلال العسكريّ: توفي العسكريّ سنة 395 هـ بعد تأليف عِدّة كُتب مشهورة في علوم البلاغة؛ ومنها كتاب جمهرة الأمثال وكتاب الفرق بين المعاني، بالإضافة إلى كتاب الصناعتين.
  • أبو بكر الجرجانيّ: يرى كثيرٌ من المُختصّين بعلوم اللّغة بأنّ الجرجانيّ مؤسّس علم البلاغة في اللغة العربية، وهو أحد المتكلّمين والفقهاء الذين لهم إسهامات كبيرة في علم البلاغة؛ ومنها كتاب أسرار البلاغة.
  • سراج الدّين الخوارزميّ: برز نجم سراج الدّين الخوارزميّ بالكثير من العلوم المُختلفة؛ ومنها علم البلاغة، وقام بتأليف كتاب يشرح فيه كتاب الجمل لأبي بكر الجرجانيّ.
  • أبو يعقوب السّكاكيّ: كان السّكاكيّ واحدًا من العلماء البلاغيّين المشهورين لتأليفه كتاب العلوم، الذي قام فيه بوضع قوانين البلاغة مُستعينًا بعِدّة علوم للتّقعيد والتّقنين؛ بما فيها علم المنطق، وكان كتاب العلوم متخصّصًا في علميّ البيان والمعاني.

هل يوجد فرق بين علوم البلاغة الثلاثة؟

هُناك فرق ظاهر بين علوم البلاغة الثّلاثة، وفيما يأتي تعريف كلّ واحد من هذه العلوم حتى يتبيّن الفرق بينها:

  • علم البديع: يعتني علم البديع بمعرفة وجوه تحسين الكلام في اللّغة العربيّة بشكل أساسيّ بعد رعاية القائل للمطابقة، بالإضافة إلى مُراعاة وضوح الدّلالة، وهو ما يشير إلى ارتباطه الوثيق بين العلمين الآخرين من علوم البلاغة؛ وهما البيان والمعاني.
  • علم المعاني: يدرس علم المَعاني ما يُعرف باسم المُطابقة بشكل أساسيّ، وهي موافقة الكلام لما يقتضيه الحال، وعُرفت المُطابقة كذلك بعِدّة أسماء أُخرى؛ منها الاعتبار المُناسب أو المعاني الثانويّة.
  • علم البيان: في علم البيان يدرس البلاغيّون الطُرق التي تردّ على تراكيب الكلام العربيّ من التشبيه أو الكناية أو التّعريض أو الاستعارة، ويتعلّق هذا العلم بشكل أساسي كذلك مع وضوح دلالات الكلام.

ما هي مبادئ علم البلاغة؟

توجد مجموعة من المبادئ التي تنبغي معرفتها قبل الشروع في أيّ علم من العلوم؛ بما فيها علم البلاغة، حتّى يكون الدّارس على بصيرة فيما يتعلّق بالخطوط العريضة لهذا العلم؛ ومنها التعريف والموضوع والثمرة والواضع والاستمداد والمسائل، وتحتوي القائمة الآتية على أبرز مبادئ علم البلاغة:

  • التعريف: يُمكن تعريف علم البلاغة بأنّه علم يفيد في التعبير عن المعاني الصحيحة بما يناسبها من الألفاظ دون زيادة على المعنى المقصود أو انتقاص منه؛ وذلك باستخدام الألفاظ الرائقة من اللغة العربيّة.
  • الموضوع: يعتني علم البلاغة بدراسة ثلاثة مواضيع أساسيّة يُعبّر عنها بأقسام علم البلاغة أو علوم البلاغة؛ وهي البيان والبديع بالإضافة إلى المعاني.
  • الثّمرة: يُثمر علم البلاغة في فهم الكلام العربي، بالإضافة إلى تنمية قدرة الفرد على اختيار الكلام المُناسب في المواقف المُختلفة، وكذلك ينمّي هذا العلم مَلَكَة المرء في التفريق بين الكلام الحسن والرديء أيضًا.
  • النسبة: يُعنى هذا المبدأ ببيان العلم الأشمل الذي ينتسب إليه علم البلاغة، وهو علم اللغة العربيّة، وكذلك تنتسب علوم الصّرف والنّحو والأدب إلى اللغة العربيّة.
  • الواضع: اختلاف أهل البلاغة في مؤسّس هذا العلم؛ فقال بعضهم هو الجاحظ بينما عدّ الآخرون الجرجانيّ مؤسّس علم البلاغة؛ إلّا إنّهما سُبقا بالعديد من العُلماء في مرحلة النشأة والتطوير خلال القرن الهجري الثاني.
  • الاستمداد: يُستمدّ علم البلاغة من عِدّة مصادر ومواد؛ أبرزها القرآن الكريم والسنّة النبويّة، بالإضافة إلى آثار الخطباء المعروفين المشهورين وأشعار العرب التي نُقلت إلى المُشتغلين بهذا العلم.

متى يوصف الكلام بأنّه بليغ؟

يُوصف الكلام العربيّ بأنّه كلام بليغ إذا كان باللغة العربيّة الفصيحة الخالية من الأخطاء النحويّة أو الصرفيّة مع كونه كلامًا مُلائمًا للمقال الذي يتكلّم فيه المرء، وإذا لم يستوفِ الكلام هذين الشرطين لم يكن بليغًا، وهذا يعني أنّ الفصاحة جزءً مهمٌّ من البلاغة، ويمكن اكتساب الفصاحة من خلال التمرّن والتمرّس ودراسة فنون العربيّة.

هل توجد كتب في علم البلاغة؟

يوجد عددٌ كبيرٌ من الكُتب المُتخصّصة في علم البلاغة؛ ومنها الكُتب الآتية:

  • البيان والتبيين: يتألّف هذا الكتاب من عِدّة مُجلّدات، وهو واحد من الكتب التي ألّفها الجاحظ، واعتنى هذا الكتاب بتحليل الصور البيانيّة في كلام العرب وذكر كثيرًا من المُلاحظات حول هذا الموضوع، الذي عُرف فيما بعد باسم علم البلاغة.
  • كتاب البديع: قام عبد الله بن المعتزّ بتأليف كتاب البديع؛ لبيان تفاصيل الاستعارة والكناية والإيجاز والإطناب وغيرها من أساليب البلاغة العربيّة، وينقسم هذا الكتاب إلى قسمين؛ أحدهما البديع والآخر محاسن الكلام والشِّعر.
  • دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة: تمّ تأليف هذا الكتاب من قبل عبد القاهر الجرجانيّ الإمام، الذي نُسب إليه تأسيس هذا الفنّ، وهو الكتاب الذي وضع فيه الجرجانيّ نظريّة علم المعاني ونظريّة علم البيان.

كتب في تاريخ علم البلاغة

تضمّ القائمة الآتية بعضًا من الكتب التي اعتنت ببيان نشأة علم البلاغة وتطوّره حتّى أصبح علمًا مستقلّا:

  • كتاب الموجز في تاريخ البلاغة: قام الدكتور مازن المبارك -أستاذ البلاغة في جامعة قطر- بتأليف هذا الكتاب؛ لتوضيح نشأة علم البلاغة؛ بداية من الظّواهر البلاغيّة في العصر الجاهلي وحتى مرورها بمراحل النّقد وانتهائها بما أُطلق عليه اسم الانحراف والجمود.
  • كتاب المُختصر في تاريخ البلاغة: مرّ هذا الكتاب بكثير من العلماء البارزين في تأسيس علم البلاغة ووضع قواعده؛ بمن فيهم الجاحظ والجرجاني وسيبويه وابن المبرّد، وهو كتاب من تأليف الدّكتور عبد القادر حسين أستاذ البلاغة في جامعة الأزهر.
  • كتاب البلاغة تطوّر وتاريخ: صنّف الدكتور شوقي ضيف كتاب البلاغة تطوّر وتاريخ في قُرابة 400 صفحة، وبدأ فيه بذكر نشأة علم البلاغة، ثم انتقل إلى مراحل تطوّرها وانتهى بتقعيد هذا العلم ووضع نظريّاته وقواعده.

ما العلوم التي تطرّق إليها كتاب البلاغة فنونها وأفنانها؟

قام الأستاذ الدّكتور فضل إحسان عبّاس بتأليف كتاب البلاغة فنونها وأفنانها، وذكر فيه عِدّة من مواضيع علم البلاغة في اللغة العربية؛ إلّا إنّ هذا الكتاب اقتصر على علمي البديع والبيان ولم يعتن بذكر علم المعاني، واعتنى الكتاب كذلك بذكر تاريخ نشأة علم البيان، وذكر المؤلّف كثيرًا من المواضيع؛ ومنها التشبيه وأركانه وأقسامه، وكذلك تطرّق إلى المجاز والكناية والطِباق والجناس والسجع وغيرها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يوجد مفرد لكلمة نساء؟

هل يمكن جمع كلمة نعناع في اللغة العربية؟

هل تعود حضارة الأنباط إلى القرن الرابع قبل الميلاد؟

هل تعود بدايات فن العمارة الحديث إلى القرن الثامن عشر؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على