` `

هل انطلقت الثورة الصناعية الأولى من إنجلترا؟

ثقافة وفن
22 فبراير 2022
هل انطلقت الثورة الصناعية الأولى من إنجلترا؟
انطلقت أُولى الثورات الصناعيّة من إنجلترا بالفعل عام 1760 تقريبًا (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يهدف هذا المقال إلى بيان مكان انطلاق الثورة الصناعية، بالإضافة إلى توضيح الإيجابيات التي نتجت عن هذه الثورة والآثار السلبية التي تسبّبت بها، وكذلك يتطرّق المقال إلى المُميّزات التي تمتعت بها كلُّ واحدة من الثورات الصناعية الأربع التي بدأت بعد منتصف القرن الثامن عشر، مع الإشارة إلى بعض التفاصيل حول الثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم خلال الفترة الحالية.

هل انطلقت الثورة الصناعية الأولى من إنجلترا؟

انطلقت أُولى الثورات الصناعيّة من إنجلترا بالفعل عام 1760 تقريبًا، ثم انتشرت في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد؛ إلّا إنّها كانت مُتركّزة داخل أراضي بريطانيا بشكل أساسيّ، وشهد العالم كثيرًا من الاختراعات الجديدة في هذه الفترة ممّا حسّن الإنتاج بالاعتماد على الآلات، ثم تبعتها الثورة الصناعية الأولى التي استمرت حتّى بداية الحرب العالمية الأولى واستطاعت توفير كثير من الصناعات الجديدة التي لا زالت مُستخدمة حتّى هذا اليوم.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي الثورات الصناعية الأربعة؟

مرّ العالم حتّى الآن بأربع ثورات صناعية، وفيما يأتي بعضًا من المَعلومات حول هذه الثورات:

  • الثورة الصناعيّة الأولى: انطلقت الثورة الصناعيّة الأولى من بريطانيا مع بداية ستينيّات القرن الثامن عشر، واستمرت حتّى بداية العقد الرابع من القرن التاسع عشر، وفي هذه الفترة ظهرت الميكنة وحلّت المِهن الصناعيّة مكان الزراعيّة.
  • الثورة الصناعيّة الثانية: بدأت الثورة الصناعية الثانية بعد أربعة عقود من انتهاء الثورة الصناعية الأولى، وأسهمت هذه الثورة في ظهور مصادر الطاقة الجديدة؛ مثل الكهرباء والغاز والنفط، وهي الثورة التي شهدت اختراع محركات الاحتراق الداخلي.
  • الثورة الصناعيّة الثالثة: ظهرت الثورة الصناعية الثالثة مع نهاية العقد السابع من القرن العشرين، وظهرت فيها الاتصالات السلكية واللاسلكية، كما استُخدمت الطاقة النووية كمصدر جديد لتوليد الطاقة في هذه الفترة أيضًا.
  • الثورة الصناعيّة الرابعة: الثورة الصناعية الرابعة آخر الثورات الصناعية حتى الآن، وبدأت هذه الثورة بالظهور مع بداية الألفية الجديدة، وكان الواقع الافتراضي وانتشار شبكة الإنترنت على نطاق واسع من أبرز مظاهرها.

بماذا تميّزت كل واحدة من الثورات الصناعية الأربع؟

تميّزت كلّ واحدة من الثورات الصناعية الأربعة بالعديد من الخصائص المُختلفة عن غيرها، مع اعتماد كلّ واحدة منها على التي سابقتها لابتكار التقنيات الجديدة؛ فإنّ الثورة الصناعية الأولى تميّزت بالاعتماد على الطاقة البُخارية لميكنة الإنتاج، فيما تميزت الثورة الصناعية الثانية باستخدام الطاقة الكهربائية لزيادة كميات الإنتاج، بينما تميّزت الثورة الصناعية الثالثة بإدخال الإلكترونيات واستخدام تكنولوجيا المعلومات لأتمتة إنتاج المصانع، وأما الثورة الصناعية الرابعة فتميزت بدمج كثير من التقنيات سعيًا إلى إلغاء الفواصل بين العناصر المادية والبيولوجية والرقمية.

ما هي إيجابيات الثورة الصناعية؟

تحتوي القائمة التالية على العديد من إيجابيات الثورة الصناعية:

  • ارتفاع الأجور: كان بعض الناس يعملون في الزراعة لجني الأموال قبل بداية الثورة الصناعية، واستطاعت هذه الثورة توفير أجور أكبر من الأجور التي حصل عليها الأفراد عند العمل في المجالات الزراعية؛ إلّا إنّها أثرت سلبًا على كثير من الأفراد أيضًا.
  • ظهور الاختراعات المُهمّة: ظهرت كثيرٌ من الأجهزة والآلات والأدوات خلال الثورة الصناعية، ولا زال البشر يستخدمونها بعضها حتى الآن؛ منها الآلات الحاسبة والمصابيح والأشعة السينية وآلات الخياطة.
  • زيادة فرص العَمل: احتاجت المصانع إلى عدد كبير من الأيدي العاملة مع ظهور الثورة الصناعية، ويشمل ذلك الفنيين والإداريين والموظفين والمدربين، وهو ما أدّى إلى زيادة فُرص العَمل بشكل ملحوظ.
  • تحسين تخطيط المُدن: انتقل كثيرٌ من الأفراد إلى المدينة للعمل في المهن الصناعية بدلًا من العيش في القُرى والأرياف، وأسهم ذلك في تحسين تخطيطات المُدن بشكل كبير لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الأفراد.
  • تعزيز التعليم: ازدادت مستويات الابتكار على نحوٍ ملحوظ مع بداية الثورة الصناعية، وهو ما أدّى إلى التحفيز على التعلّم وتسبّب في زيادة نسبة المُتعلمين.
  • ظهور النقابات العُمالية: أدّت ظروف العمل السيئة في بعض الأحيان -أثناء فترة الثورة الصناعية- إلى ظهور النقابات العُمالية، التي أسهمت في تحسين بيئة العمل وتحسين ظروفه بشكل كبير.
  • تحسين الزراعة: أسهمت الثورة الصناعية في كثير من التحسينات الزراعية التي كان لها دور في زيادة المحاصيل، إلى جانب توفير الغذاء لأعداد كبيرة من السكان الذين لا يعملون في مجال الزراعة.
  • انخفاض التكاليف: استطاعت الآلات التي تمّ تطويرها خلال الثورة الصناعية زيادة كميات الإنتاج من السلع الأساسية المُختلفة، إضافةً إلى التقليل من تكاليف إنتاجها، وهو ما أدّى إلى انخفاض أسعار البيع والشراء أيضًا.

ما التأثيرات السلبية للثورة الصناعية؟

بالرّغم من الآثار الإيجابيّة الكثيرة التي نتجت عن الثورة الصناعية؛ إلّا إنّ هناك بعضًا من التأثيرات السلبية لهذه الثورة أيضًا، وفيما يأتي قائمة بالعديد من الآثار السلبية للثورات الصناعية:

  • التفكّك الاجتماعي: انتقل الناس إلى المُدن للبحث عن فرص العمل مع بداية الثورة الصناعية، كما أنهم عملوا لأوقات طويلة أيضًا، وهو ما أثّر على علاقاتهم الاجتماعية مع الأُسرة المُمتدة والأقارب بشكل سلبي.
  • صعوبة رعاية ذوي الإعاقة: وجد الناس صعوبةً في رعاية الأفراد ذوي الإعاقة في بدايات الثورة الصناعية، ولم يتمكّنوا من توفير الرعاية التي تحتاجها هذه الفئة من أفراد المجتمع.
  • النقص في المساكن: أسهمت الثورة الصناعية في تطوير التخطيط داخل المُدن؛ إلّا إنّ انتقال الأفراد إلى المُدن بشكل كبير مع ظهور الثورة الصناعية أدّى إلى نقص في المساكن، وهو ما أسهم في انتشار الأمراض والجرائم، بالإضافة إلى التشرّد.
  • ارتفاع مستويات التلوث البيئي: ارتفعت مستويات التلوث البيئي كثيرًا بسبب التطور الذي أحدثته الثورة الصناعية، وذلك نتيجةً للدخان الذي يتصاعد من المصانع، بالإضافة إلى دخان وسائل النقل التي استُخدمت لنقل الناس إلى المدينة.
  • تلوث المُسطحات المائية: قامت كثيرٌ من المصانع التي ظهرت بعد الثورة الصناعية بإلقاء نفاياتها ومخلفاتها في المُسطحات المائية؛ مثل البحار والمُحيطات، وهو ما أدّى إلى تلويث هذه المسطحات.
  • سوء التغذية: شهد كثيرٌ من العاملين في المصانع مع بداية الثورة الصناعية سُوءًا في التغذية، وهو ما تسبّب في مشاكل الأمعاء وفقدان الوزن، كما أن كثيرًا من العاملين أصبحت جلودهم شاحبة اللون نتيجةً لسُوء التغذية أيضًا. 
  • زيادة مخاطر العمل: لم يكن تنظيم السلامة في أماكن العَمل ذا أهمية كبيرة مع ظهور الثورة الصناعية، أدّى ذلك إلى زيادة الحوادث وارتفاع المخاطر أثناء العَمل؛ ومن ذلك فُقدان الأطراف عند التعامل مع الآلات الدوّارة.
  • استغلال الأطفال: قامت الكثير من المصانع في بريطانيا باستغلال الأطفال الذين يعيشون في الملاجئ أو الأطفال المشردين؛ لتشغيلهم في ظروف عمل قاسية، وكثيرًا ما كان الأطفال يُعانون من الحوادث الخطيرة أثناء العمل.

هل أحدثت الثورة الصناعية أيّ تغييرات جديدة؟

أسهمت الثورة الصناعية في ظهور العديد من التغييرات الجديدة، وأبرزها ما يأتي:

  • استخدام مواد جديدة: اعتمدت الثورة الصناعية على كثير من المواد الجديدة في الإنتاج، وكان كلٌّ من الحديد والفولاذ أكثر المواد التي تمّ الاعتماد عليها.
  • الاعتماد على مصادر طاقة جديدة: ظهرت كثير من مصادر الطاقة الجديدة وتمّ الاعتماد عليها في التصنيع مع ظهور الثورة الصناعية؛ وأبرزها الكهرباء والنفط والفحم والبخار.
  • زيادة الإنتاج: كانت زيادة الإنتاج من أظهر السمات التي تميّزت بها الثورة الصناعية؛ فإنها اعتمدت على الآلات لتوفير مزيد من السلع أو المنتجات في وقت قصير مُقارنةً بالوقت الذي تستغرقه الصناعة اليدوية.
  • التنظيم الجديد للعمل: تغيّرت أساليب تنظيم العمل بعد ظهور الثورة الصناعية، وتمّ تطبيق نظام جديد عُرف باسم نظام المصانع؛ لتقسيم الأعمال على النحو المُناسب مع تخصّص الموظفين كلٌّ في مجاله.
  • تطوّر النقل والاتصالات: ازدهرت وسائل النقل والاتصالات بشكل كبير جدًا نتيجةً للثورات الصناعية؛ فإن هذه الثورات أدّت إلى اختراع السيارات والقطارات والطائرات والراديو وغيرها.

هل اخترعت السيارات خلال الثورة الصناعية الأولى؟

بدأت الثورة الصناعية الأولى عام 1760 واستمرت حتى بداية القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي ظهرت فيها أول سيارة بمحرّك بخاريّ، ولم تظهر السيارات التي تعتمد على محرك احتراق داخلي حتى بداية الثورة الصناعية الأولى، وتُبيّن القائمة الآتية التطوّر التاريخي لاختراع السيارات خلال الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية:

  • اختراع أول سيارة ذاتية الدفع: تمّ اختراع أول سيارة ذاتية الدفع عام 1769 من قبل الفرنسي جوزيف كونيو، وكانت سيارة بثلاث عجلات تعتمد على محرك بخاري، ووصلت سرعتها القصوى إلى 4 كم/ساعة تقريبًا.
  • اختراع السيارة الكهربائية: كان الإسكتلندي روبرت أندرسون أول من اخترع سيارة كهربائية على الإطلاق، وذلك بين العامين 1832-1839، وهذا يعني أنّ اختراع السيارة الكهربائية سبق الثورة الصناعية الثانية.
  • اختراع أول سيارة بمحرك احتراق داخلي: قام كارل بنز باختراع أول سيارة تعمل بمحرك احتراق داخلي بين العامين 1885-1886، ثم انتشرت هذه السيارات على نحوٍ واسعٍ فيما بعد مع تطوّرها بشكل كبير.
  • اختراع أول سيارة بمحرك رباعي الأشواط: تمّ ابتكار أول محرك احتراق داخلي رباعي الأشواط عام 1886 من قبل جوتمب دايملر، ويجدر الذكر بأن معظم السيارات غير الكهربائية في الوقت الراهن تحتوي على محركات رباعية الأشواط.
  • ابتكار أول سيارة بمحرك ثنائي الأشواط: استطاع الأخوان الأمريكيان الأخوان دوريا اختراع أول سيارة ناجحة تحتوي على محرك بنزينيّ ثنائي الأشواط عام 1893، ثم قاما بافتتاح أول مصنع سيارات في الولايات المتحدة الأمريكية.

هل الذكاء الاصطناعي من مجالات الثورة الصناعية الرابعة؟

يُعد الذكاء الاصطناعي واحدًا من مجالات الثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم في الوقت الحالي، وهي ثورة تتميّز بدمج التقنيات التكنولوجية الرقمية الحديثة؛ لإلغاء الخطوط التي تفصل بين المجالات المادية والمجالات الرقمية والبيولوجية، كما في الواقع الافتراضي وغير ذلك، كما أن هذه الثورة الصناعية الجديدة تعتني بالعديد من المجالات الأُخرى أيضًا؛ ومنها إنترنت الأشياء والحساب الكمومي والطباعة ثُلاثية الأبعاد، بالإضافة إلى التكنولوجيا الحيوية وتقنيات النانو والمُركّبات ذاتية القيادة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يمكن تعليم الحرف اليدوية عبر الإنترنت؟

هل بدأ استخلاص المعادن في العصر الحجري؟

هل تعود حضارة الأنباط إلى القرن الرابع قبل الميلاد؟

هل تعود بدايات فن العمارة الحديث إلى القرن الثامن عشر؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على