` `

هل يمكن علاج اضطراب نقص الانتباه عند الأطفال؟

صحة
27 فبراير 2022
هل يمكن علاج اضطراب نقص الانتباه عند الأطفال؟
هذا الاضطراب ناتج عن مُشكلة في الجهاز العصبي (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يُعاني بعض الأطفال من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط وتظهر عليهم مجموعة من المشاكل والاضطرابات السلوكية، التي تستمر مدى الحياة؛ إلّا إنّ السيطرة عليها مُمكنة عن طريق بعض الأدوية والعلاجات السلوكية، التي تُقلّل بدورها من هذه الأعراض والمشاكل المُرتبطة معها. لكن قبل الحديث عن طُرق العلاج ومدى فعاليتها يجب تعريف هذا الاضطراب ومعرفة أسبابه وكلّ ما يتعلّق به من ناحية علمية؛ تبعًا لدراسات وأبحاث مُؤكّدة.

ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند الأطفال؟

اضطراب نقص الانتباه هو مشكلة مُرتبطة بالسلوك تظهر على شكل فشل الطفل في الحفاظ على الانتباه أو التصرّف ضمن النطاق الطبيعي في المنزل أو خارجه، بالإضافة إلى العجز عن الجلوس بهدوء لفترة من الزمن بحسب ما يُتوقّع منه مُقارنةً مع أقرانه بنفس العمر، وهذه السلوكيات تتضارب مع الحياة اليومية للطفل وتُسبّب له مشاكل متنوعة، وهذا الاضطراب ناتج عن مُشكلة في الجهاز العصبي؛ إذ تظهر مشاكل الاضطراب عادةً في سن السابعة وتستمر حتى فترة البلوغ، كما يواجه البالغون نفس المشاكل؛ مثل صعوبة الانتباه وصعوبة تذكّر المعلومات وتنظيم المهام، هذا يُسبّب لهم مشاكل سلوكية وأكاديمية في المستقبل تنعكس سلبًا على جودة الحياة.

تصنيفه

الحقيقة لا يُعتبر هذا الاضطراب مرضًا عقليًا بل يُشار له على أنه إصابة أو خلل في النمو العصبي، كما يُعرف أيضًا بأنه نمط سلوكي مُرتبط بالمسارات العصبية في عمل الدماغ؛ أيّ أنّه خطأ في فهم الطفل أو تقديره أو تمييزه بين الخطأ والصواب، وهذا يُسبّب سلوكيات غير مسؤولة في مختلف مراحل الحياة، وكثيرًا ما يربط الأهل بينه وبين مرض التوحّد باعتبارهما اضطرابات عصبية لكنّهما مختلفان من حيث التشخيص والعلاج والسلوك؛ إلّا إنّ العديد من أطفال التوحّد يُعانون من اضطراب فرط الحركة.

تأثير الاضطراب على التعليم

يُسبّب هذا الاضطراب مشاكل متنوعة في التعليم تتمثّل في إضعافه؛ إذ يُعاني حوالي 30-40% من الأطفال المُصابين بالاضطراب من إعاقات في التعليم ويحتاجون في كثيرٍ من الأحيان لتلقّي تعليم خاص مُناسب لاحتياجاتهم؛ إذ يصعُب دمجّهم مع الأطفال الطبيعيين.

هل يمكن علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والتركيز عند الأطفال؟

لا يمكن علاج اضطراب نقص الانتباه عند الأطفال، بالرغم من استخدام الأدوية أو العلاج السلوكي أو الجمع بين العلاجين؛ إلّا إنّ هذه العلاجات تعمل على تخفيف الأعراض والسيطرة عليها، لكنّها لا تُعالج الاضطراب، وهذه الأدوية تُساعد المُصابين في تركيز أفكارهم وتجنّب المُشتّتات بنسبة 70-90%؛ إلّا إنّ لها مجموعةٌ من الآثار الجانبية المُتمثلة في فقدان الشهية واضطرابات النوم؛ ومن هذه العلاجات:

  • الأدوية المنشطة: والمُنبهات النفسية التي تُعزّز مُستويات الناقلات العصبية، وهي عبارة عن مواد كيميائية تُقلّل من أعراض نقص الانتباه. هذه الأدوية متوفرة على شكل لصقات طويلة تُوضَع على الورك؛ ومنها:
    • الأمفيتامينات: ومنها ديكسترو أمفيتامين.
    • الميثيلفينيديت: ومنها الميثيلفينيديت وديك الميثيلفينيديت.
  • مضادات الاكتئاب: تؤثر على الناقلات العصبية في الدماغ وتُحسّن المزاج والانتباه.
  • الأدوية غير المُنشطة: يُمكن أن تُساعد هذه العلاجات في السيطرة على الأعراض، وتُستخدم للأطفال الذين يعانون من بعض الآثار الجانبية للأدوية المُنشطة؛ ومن أمثلتها إينتونيف (جوانفاسين) وستراتيرا (أتوموكسيتين)؛ وتعمل عن طريق تأثيرها على أحد النواقل العصبية والمُساعدة في تنظيم العواطف.
صورة متعلقة توضيحية

العلاج السلوكي

لا يكفي استخدام الأدوية لعلاج اضطراب نقص الانتباه، بل يجب دمجه مع العلاج السلوكي؛ ومن أهم أساليبه:

  • تعديل السلوك: عن طريق تحليل سلوك الطفل وتصميم الاستراتيجيات؛ لزيادة السُلوكيات الجيّدة وتقليل السلوكيات الضارّة.
  • تدريب الوالدين السلوكي: يجب تدريب الوالدين على طريقة الاستجابة لسلوكيات الطفل وتعزيز نموّه وتطورّه وتشجيع العلاقات الإيجابية مع الوالدين.
  • تدريب الطفل على المهارات الاجتماعية: تعليم الطفل المهارات الاجتماعية، التي تُحسّن قدرته على التعامل الإيجابي مع الآخرين وتوفير بيئة مُناسبة لمُمارسة المهارات في جوّ مقبول وآمن.
  • التدخلات المدرسية: التعاون بين مُقدّم الرعاية الصحية والمدرسة في تطوير خطة تعليمية مُناسبة للطفل.
  • التدريب على المهارات التنظيمية: تعليم الطفل المهارات الضرورية لإدارة الوقت واستخدام المهارات التنظيمية؛ لزيادة الكفاءة وإتمام العمل في المنزل والمدرسة.
  • العلاج بالكلام: عن طريق تحفيز الطفل والتركيز على كفاءته الذاتية.
  • التدريب على الاسترخاء: يُساعد في تقليل الإجهاد والقلق والتوتر.
  • التوجيه السلوكي: توجيه سلوك الطفل نحو الأعمال المُفيدة والسلوكيات المُنظِمة للأنشطة المنزلية.

ما هي أنواع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

حدّدَ المُختصّون ثلاثة أنواع من هذا الاضطراب بناءً على الأعراض؛ هي:

  • الغفلة: يُصاحبه مجموعة من الأعراض دائمة الظهور؛ منها:
    • كثرة النسيان.
    • صعوبة الانتباه إلى التفاصيل.
    • صعوبة التركيز على المهام والأنشطة.
    • صعوبة اتباع التعليمات واستكمال المهام المطلوبة.
    • التملمُل والانزياح بسهولة.
    • صعوبة التنظيم وإدارة الوقت.
    • تأجيل أو تجنّب المهام اليومية.
    • فقدان الأغراض الشخصية.
    • ارتكاب نفس الأخطاء وبشكل مُتكرر أثناء أداء المهام.
  • الاندفاع والنشاط المُفرط: تُصاحبه مجموعة من الأعراض؛ منها:
    • الصعوبة في الجلوس أو الهدوء لفترات طويلة وفي مكان واحد.
    • صعوبة الانتظار.
    • الكلام المُفرط.
    • تحريك اليدين والقدمين بإفراط.
    • الميل للركض أو التسلّق في المواقف غير المناسبة.
    • صعوبة في اللعب بهدوء أو الاسترخاء.
    • الإجابة قبل الاستماع للسؤال كاملًا ومُقاطعة الآخرين أثناء الكلام.
  • مزيج من عدم الانتباه وفرط النشاط: يُعاني المُصابون بهذا النوع من أعراض مُشتركة بين النوعين السابقين.

نسب الإصابة

يحتاج الأطفال دون سن السابعة عشر إلى ظهور ستة أعراض على الأقل من كلّ فئة ليتم تصنيفهم بالإصابة، فيما يحتاج البالغون لظهور خمس أعراض على الأقل؛ إذ يُشير الخبراء إلى زيادة الإصابة بالنوع المُشترك خصوصًا عند البالغين حسب ما أكّدت دراسة نُشرت مُسبقًا.

الحقيقة أن هذا الاضطراب مُنتشر بشكل أو بآخر؛ إذ يُعاني منه قُرابة 11% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-17 عامًا، وتظهر عليهم الأعراض لأوّل مرة بين سن الثالثة والسادسة، كما يُصيب الذكور أكثر من الإناث، فضلًا عن أن 4% من البالغين في أمريكا يُعانون من سلوكيات اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.

كيف يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة؟

يجب على الطبيب المُختص القيام ببعض الاختبارات التشخيصيّة؛ لتحديد حالة الطفل، ويتم ذلك باتباع بعض الخطوات؛ مثل:

  • تحديد وجود الأعراض.
  • استبعاد الأسباب الأُخرى لهذه الأعراض.
  • تحديد الحالات المَرضيّة الناتجة عن الاضطراب؛ مثل الاكتئاب أو القلق.
  • التأكّد من وجود الأعراض في مكانين أو أكثر؛ مثل المدرسة والبيت والشارع.
  • التأكّد من شدّة الأعراض وعدم حدوثها في أوقات قليلة.
  • التأكّد من إصابة الطفل في الأعراض في الطفولة قبل سن 12 عام.
  • استبعاد حالات طبية وسلوكية قد تكون ناتجة عن اضطرابات أُخرى؛ مثل:
    • القلق.
    • الاكتئاب.
    • صعوبات التعلّم.
    • اضطرابات طبيّة تؤثر على الدماغ.
    • اضطرابات الغدة الدرقية.
    • التسمّم بالرصاص.
    • اضطرابات النوم.
    • التغيّرات المُفاجئة في الحياة؛ مثل طلاق الوالدين أو الموت.
  • الاضطرابات المزاجية.
  • اضطرابات شرب الكحول وتعاطي المخدرات.
  • اضطرابات تقلّبات الشخصيّة.

ما هو الاختلاف بين اضطراب نقص الانتباه واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة؟

يُعتبر اضطراب نقص الانتباه (ADD) المُصطلح القديم لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، وقد قسّمه الخبراء إلى نوعين رئيسيين هما: اضطراب مع فرط النشاط واضطراب دون فرط النشاط؛ إلّا إنّه تم دمج النوعين تحت مُصطلح واحد عام 1987.

ويُعتبر هذا الاضطراب من أكثر الحالات النفسية شيوعًا لدى الأطفال بحسب إحصائيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ إذ أن قُرابة 9.4% من الأطفال والمراهقين يعانون من هذا الاضطراب، كما أن الإحصائيات ذاتها تُشير إلى إصابة 6 ملايين طفل في الولايات المتحدة به، كما تُشير دراسة أُخرى نُشرت عام 2021 أن قُرابة 2.6% من البالغين حول العالم مُصابين بهذا الاضطراب منذ مراحل الطفولة، فيما يُعاني 6.7% من البالغين بهذه الأعراض؛ إلّا إنّ الحقيقة أن الأعداد تُعتبر أعلى بكثير؛ لأن هذه الإحصائيات تُشير إلى الحالات المُشخّصة فقط.

ما الذي يجعل أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أسوأ؟

إنّ دماغ الطفل المُصاب بالاضطراب يتطوّر بوتيرة أقل من أقرانه بنفس العمر؛ فقد يمتلك الطفل البالغ من العمر عشر سنين قُدرات عقليّة الطفل بعمر الثمان سنوات؛ لذلك تزاد السلوكيات سوءًا مع تقدّم العمر؛ بسبب عدم تطوّر قدراته كما يجب، كما تزداد الأمور سوءًا لأن مهام الطفل تزداد صعوبةً وتعقيدًا؛ لذلك فإن اضطراباته تتطوّر لعدم قدرته على أداء المهام فيتأخر في جميع نواحي الحياة العلميّة والعمليّة، ومن هذه المضاعفات:

  • مواجهة تحديات جديدة: يُواجه الطفل تحديات كبيرة في المدرسة وفي المهام الأكاديمية؛ مثل زيادة عدد ساعات الدراسة وتطوير المناهج؛ فتصبح المُهمة أكثر صعوبةً مُسببةً تراجعًا في مستواه الأكاديمي؛ لذلك يحتاج إلى دعم أكبر من والديه ومن المعلمين.
  • التعرّض للعقاب على سلوكيات لا يستطيع السيّطرة عليها: قد يُسيء الطفل السلوك ويتعرّض العقاب والتأنيب على أفعال لا يستطيع إيقافها، وهذا يزيد حالته سوءًا إذا لم يتم تشخيص حالة الطفل والتعامل معه بناءً على معاناته من الاضطراب.
  • مشاكل في العواطف والتفكير والسلوك: يُصاب الأطفال بمشاكل نفسية شائعة مثل الاكتئاب والقلق، بنسبة 62% أكثر من الأطفال الطبيعيين؛ لذلك يكونون مُعرّضين أكثر من غيرهم لتعاطي المخدرات أو شُرب الكحول.
  • الإجهاد النفسي: تُسبّب الاضطرابات النفسية مشاكل أشدّ خطورة؛ منها زيادة العُنف وتطوّره مع مرور الوقت مُسببًا فُقدان الوظيفة والطلاق عند الكَبر.

عوامل الخطر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

يعتبر هذا الاضطراب حالةً وراثيةً بشكل كبير؛ إذ يتم وراثته من أحد الوالدين بالرغم من عدم وجود أسباب واضحة له؛ إلّا إنّ نسب الخطر تزداد بالعوامل التالية:

  • عامل بيولوجي: يرتبط غالبًا بطريقة عمل النواقل العصبية، وهي المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ التي تُساعد في التحكّم في السلوك؛ ومنها الدوبامين والنورادرينالين.
  • عوامل بيئية: ومنها المُلوّثات والسموم؛ مثل الرصاص، التي تُسبّب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
  • التعرّض للمُلوّثات أثناء الحمل: قد يُصاب الأطفال بهذا الاضطراب نتيجة سلوك الأم أثناء الحمل؛ مثل التدخين وشرب الكحول.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يمكن علاج سلس البراز عند الأطفال نهائيًا؟

هل العمر يُحدّد مدى تأثير الطلاق على الأطفال؟

هل يمكن تعليم الحساب الذهني للأطفال بسهولة؟

هل هنالك مخاطر لانغلاق فتحة اليافوخ عند الأطفال مبكرًا؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على