` `

هل يعتبر تاريخ الثورة الفرنسية نقطة تحوّل في التاريخ؟

ثقافة وفن
30 مارس 2022
هل يعتبر تاريخ الثورة الفرنسية نقطة تحوّل في التاريخ؟
أسهمت الثورة الفرنسية بتغيير نظام الحُكم داخل الأراضي الفرنسية (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يهدف هذا المقال إلى توضيح تاريخ الثورة الفرنسية وأبرز وقائعها، وكيفية تطوّرها منذ وضع المُقترحات لسدّ العجز في خزينة فرنسا وحتى صعود نابليون بونابرت إلى سُدّة الحُكم بانقلاب عسكري، ويتطرق المقال كذلك إلى أسباب الثورة الفرنسية وآثارها، وكذلك يُبيّن أشهر الثورات التي شهدتها فرنسا في تاريخها.

هل يعتبر تاريخ الثورة الفرنسية نقطة تحوّل في التاريخ؟

أسهمت الثورة الفرنسية بتغيير نظام الحُكم داخل الأراضي الفرنسية، ثم امتد أثرها إلى العديد من الدول الأوروبية وغيرها من الدول التي وقعت تحت النفوذ الفرنسي، وهي بذلك نقطة تحوّل في التاريخ، وشهدت فرنسا العَديد من التقلُّبات السياسية بعد الثورة حتى استقرّ الأمر فيما بعد، وعلى الرغم من تحقيق بعض الغايات من ثورة فرنسا المَعروفة؛ إلّا إنّها فشلت في تحقيق بعضها الآخر.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي أسباب قيام الثورة الفرنسية؟

تظافرت العَديد من الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع بعضها البعض وأدّت إلى نشوب الثورة الفرنسية واستمرارها مُدّة 12 سنة تقريبًا، ومن أسباب الثورة الفرنسية ما يأتي:

  • الاستبداد: شهدت فرنسا أعوامًا مديدةً من الاستبداد وإقصاء أنواع المُعارضة المُختلفة، بالإضافة إلى تقييد الحُرّيات العامّة، وهي السياسة التي سار عليها الملك لويس السادس عشر مُتبّعًا أسلافه من الملوك الذين سبقوه.
  • النظام الاجتماعي: ساد في فرنسا نظام اجتماعي طبقي قبل قيام الثورة الفرنسية؛ إذ إن المُجتمع انقسم إلى ثلاثة طبقات؛ إحداها طبقة رجال الدين والأُخرى طبقة النُبلاء والثالثة طبقة العامّة، وعمَّ الفقر الطبقة الثالثة، في حين كانت الطبقتان الأولى والثانية فاحشتا الثراء.
  • قِلّة المحاصيل: شهدت الفترة التي سبقت تاريخ الثورة الفرنسية قِلّةً في المحاصيل الزراعية عند الفلاحين، وهو ما منعهم من توفير الأموال الكافية لتسديد الضرائب التي تطلبها الدولة.
  • تأثير حركة التنوير: انتشرت الكثير من الأفكار التنويرية داخل الأراضي الفرنسية خلال القرن الثامن عشر؛ بما فيها أفكار فولتير، وأسهمت هذه الحركات في صياغة قانون حقوق الإنسان نهاية ثمانينيات القرن الثامن عشر.
  • التأثّر بالثورات الناجحة: تأثر المجتمع الفرنسي بالثورة الأمريكية التي استطاعت طرد الاستعمار الفرنسي ونالت استقلالها؛ إذ إن هذه الثورة رفعت الروح المعنوية عند الأفراد، كما أنها تأثرت بثورة إنجلترا.
  • خفض الضرائب على النُبلاء: بالرغم من الأموال والثروات والمُميّزات التي تمتّع بها النُبلاء في المجتمع الفرنسي؛ صوتت جمعية الأعيان الفرنسية بالموافقة على خفض الضرائب عن النُبلاء، وهو أحد الأسباب المُباشرة للثورة.
  • إفلاس الخزينة الفرنسية: قام الملك لويس السادس عشر بدعم الثورة الأمريكية ضد بريطانيا، كما أن هناك من الحروب التي خاضها المَلِكان لويس الرابع عشر والملك لويس الخامس عشر؛ ممّا أدى إلى إفلاس الخزينة وزيادة الضرائب على العامّة.

كيف تطوّرت أحداث الثورة الفرنسية؟

بدأت جذور تاريخ الثورة الفرنسية عام 1787 واستمرّت ثورة فرنسا المعروفة حتى تولّى نابليون بونابرت السلطة عام 1799 بعد انقلاب عسكري، وفيما يأتي بعضًا من التفاصيل حول تطوّر الثورة وأحداثها:

  • اقتراح الإصلاحات المالية: قام المُراقب العام للمالية في فرنسا باستدعاء النُبلاء ورجال الدين، بالإضافة إلى قِلّة من أفراد الطبقة البرجوازية عام 1787 لاقتراح سدّ عجز الميزانية عن طريق رفع الضرائب على الطبقات الأكثر تميزًّا؛ إلّا إنّ الحاضرين رفضوا تحمّل مسؤولية الإصلاحات.
  • انتشار الاضطرابات في الدولة: أدّت العديد من الأسباب؛ بما فيها الإصلاحات المالية، إلى نشأة الاضطرابات في العديد من الأراضي الفرنسية؛ ومنها باريس وغرونوبل وديجون وتولوز.
  • محاولة إحباط التمرّد الأرستقراطي: أدّت مُقترحات الإصلاحات المالية إلى تمرّد أرستقراطي في فرنسا؛ لذلك قام الملك باستدعاء مجلس العقارات العام للاجتماع عام 1789 حتى يحشد الدعم ضد الأرستقراطيين، وتمّ جمع المُرافعات والمَظالم لعرضها على الملك في الاجتماع.
  • اعتماد لقب الجمعية الوطنية: قامت الطبقة الثالثة من طبقات المُجتمع الفرنسي باعتماد لقب الجمعية الوطنية، ودعت الطبقتين الأولى والثانية إلى الانخراط معها عام 1789، ثم قامت الطبقة الثالثة باحتلال ملعب تنس والتعهّد بعدم التفرّق حتى إجراء الإصلاح الدستوري.
  • احتواء الجمعية الوطنية: اضطر الملك إلى الموافقة على الإصلاحات الدستورية المطلوبة حتى يتمكّن من احتواء الجمعية، وأدّى ذلك إلى إنشاء الجمعية التأسيسية الوطنية بشكل رسمي.
  • جمع القوات لحلّ الجمعية الوطنية: بالرغم من موافقة الملك على تأسيس الجمعية الوطنية؛ إلّا إنّه حاول جمع القوات لحلّ هذه الجمعية على صعيدٍ آخرٍ.
  • الخوف الكبير: انتشرت الشائعات في فرنسا حول رغبة الملك والطبقات المُتميّزة بالإطاحة بالطبقة الثالثة، وأدّى ذلك إلى ما يُعرف باسم الخوف الكبير، وكان الفلاحون وقتها في حالة شديدة من الخوف.
  • بدء التمرّد: بدأت الطبقة الثالثة بالتمرّد في العاصمة بعد إقالة جاك نيكر من قِبل الملك، بالإضافة إلى اجتماع القوات حول مدينة باريس، واستطاع المتمردون إسقاط سجن الباستيل بعد إلحاق الهزيمة بالحَرس.
  • انهيار السُلطة: انتشر العُنف في عموم فرنسا بعد بداية التمرّد وإسقاط سجن الباستيل، وقام الناس بتشكيل جماعات مُسلّحة لحماية أنفسهم، كما أن الغارات بدأت تُشَنُّ على بعض النُبلاء وتبع ذلك إنهاء النظام الإقطاعي.
  • إقرار قانون حقوق الإنسان والمواطن: مع انتشار الفوضى وخروج الأمور عن سيطرة الملك، تمّت الموافقة على إقرار حقوق الإنسان والمُواطن؛ لترسيخ قيم المساواة وحرية التعبير وسُلطة الشعب.
  • سقوط هَيْبة الملك: في عام 1791 حاول الملك لويس السادس عشر الفرار خارج الأراضي الفرنسية، وهو ما أدّى إلى ضعف صورته أمام عامة الناس.
  • إعدام الملك: تمّ إقرار الدستور الفرنسي عام 1791 لتشكيل ملكية دستورية؛ إلّا إنّ ذلك لم يُعجِب الراديكاليين الذين حشدوا الدعم لمُحاكمة الملك، وتمّ بالفعل القبض على ملك فرنسا عام 1792 ثم إعدامه عام 1793 بتهمة الخيانة العُظمى.
  • الفترة الأكثر عُنفًا: استطاع الراديكاليون الأكثر تطرُّفًا من اليعاقبة الوصول إلى سُدّة السُلطة في فرنسا، أدّى ذلك إلى انتشار سفك الدماء والأحكام بالإعدام؛ إلّا إنّ هذه الفترة استمرت قُرابة العام فحسب ثم تَبِعتها فترة أكثر اعتدالًا.
  • الموافقة على الدستور الجديد: وافق المؤتمر الوطني الفرنسي على دستور جديد عام 1795 بعد انتهاء الفترة الأكثر عُنفًا، وأدّى هذا الدستور إلى إنشاء أول مجلس تشريعي في فرنسا.
  • صعود بونابرت: تعرّض الدستور الجديد إلى الاعتراضات من قبل المَلكيين واليعاقبة؛ إلّا إنّه تمّ اسكاتهم من قِبل الجيش الذي قاده نابليون بونابرت، وفي هذه الفترة انتشر الفساد السياسي والاعتماد على الجيش للحفاظ على السُلطة مع التنازل عن كثيرٍ من السُلطة إلى الجيش.
  • انتهاء الثورة: انتهت الثورة الفرنسية بالكامل بعد الانقلاب العسكري الذي قام به نابليون بونابرت عام 1799، وتتميّز فترة نابليون بأنها الفترة التي سيطرت فيها فرنسا على أجزاءٍ كبيرةٍ من العالم.

ما هي آثار الثورة الفرنسية داخل فرنسا؟

فيما يأتي بعضًا من آثار الثورة الفرنسية:

  • انتهاء العهد الملكي: على الرغم من الانقلاب العسكري الذي أنهى تاريخ الثورة الفرنسية؛ إلّا إنّ الثوّار استطاعوا إلغاء النظام الملكي وبناء نظام جمهوري يتسم بالعديد من الخصائص، التي تُميزّه عن الجمهوريات الأُخرى حول العالم.
  • كتابة أول دستور لفرنسا: كان دستور عام 1791 أول دستور مكتوب في تاريخ فرنسا، وأقرَّ هذا الدستور بالفصل بين السُلطات الثلاث للحدّ من هيمنة أيّ سُلطة منها على الأُخرى.
  • المُناداة بحقوق الإنسان: رسّخت الثورة الفرنسية كثيرًا من المبادئ المعروفة باسم حقوق الإنسان، لكنها أغفلت الواجبات التي ينبغي على الفرد التزامها.

هل شهدت فرنسا عدة ثورات وتغييرات لنظام الحُكم في تاريخها؟

عُرفت ثورة عام 1789 باسم الثورة الفرنسية، ولم تكن هذه الثورة الوحيدة في التاريخ الفرنسي وإنّما تبعتها عِدّة ثورات أُخرى؛ أبرزها ثورة يوليو عام 1830، بالإضافة إلى ثورة فبراير التي تُعرف باسم الثورة الفرنسية لعام 1848 أيضًا، ونتج عن ثورة يوليو الإطاحة بآل بوربون من الحُكم وانتقاله إلى آل أورليان، وأما ثورة فبراير؛ فأنهت حُكم آل أورليان وكانت نقطة الانتقال من الجمهورية الفرنسية الأولى إلى الثانية.

هل يوجد تشابه بين أسباب الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية؟

لا شك بأن هُناك تشابهًا بين أسباب الثورة الفرنسية وأسباب الثورة الأمريكية التي شجّعت الفرنسيين على بدء ثورتهم، ومن الأسباب المتشابهة بين الثورتين ما يأتي:

  • النظام الاقتصادي: عانى أفراد الشعب الفرنسي وأفراد الشعبي الأمريكي من النظام الاقتصادي الذي يُثقل كواهلهم بالضرائب، ولم تكُن الأنظمة الاقتصادية في كلٍّ من الدولتين عادلةً  قبل قيام الثورة ممّا أدّى إلى نشوبها.
  • الحُكم الملكي: كان هُناك خلاف بين النظام الملكي في فرنسا وأمريكا؛ إذ إن الملكية في أمريكا كانت دستورية؛ إلّا إنّ كلًّا منهما أراد الثورة ضد النظام الملكي.
  • عدم تكافؤ الحقوق: تمّ تقديم بعض الحقوق إلى طبقات مُحددة من المُجتمع الفرنسي أو المُجتمع الأمريكي قبل الثورة، وكانت الحقوق الأكبر في فرنسا مُقدمة طبقات النُخبة أو الأرستقراطيين.

هل هنالك كتب عن الثورة الفرنسية؟

هُناك العَديد من الكُتب عن الثورة الفرنسية وتاريخها؛ منها كتاب الثورة الفرنسية للمؤلف لويس عوض، بالإضافة إلى كتاب تاريخ الثورة الفرنسية للمؤلف ألبير سوبول، وكتاب روح الثورات والثورة الفرنسية للمؤلف غوستاف لوبون، وكتاب الثورة الفرنسية للمؤلفين فرانسوا فوريه وديني ريشيه، وهو كتاب من جزأين اثنين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يوتوبيا هو اسم مدينة أفلاطون الفاضلة؟

هل بدأ استخلاص المعادن في العصر الحجري؟

هل تعود حضارة الأنباط إلى القرن الرابع قبل الميلاد؟

هل هرم زوسر المدرج هو أقدم أهرامات مصر القديمة؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على