` `

هل لوحة غرنيكا مستوحاة من فيلم وداعًا للسلاح؟

ثقافة وفن
29 يونيو 2022
هل لوحة غرنيكا مستوحاة من فيلم وداعًا للسلاح؟
لم يتم استيحاء لوحة غرنيكا من أيّة أفلام (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

قام الرسام الإسباني بابلو بيكاسو برسم لوحة غرنيكا حتى يُعبّر عن أحد الأحداث الدموية التي شهدتها إسبانيا في ثلاثينيات القرن العشرين. يُبيّن هذا المقال الأحداث التي استوحى منها بيكاسو فكرة هذه اللوحة، بالإضافة إلى تبيين الكثير من الحقائق حول اللوحة والرسام أيضًا، وينتهي المقال بذكر مجموعة من اللوحات الأُخرى للإسباني بيكاسو.

هل لوحة غرنيكا مستوحاة من فيلم وداعًا للسلاح؟

لم يتم استيحاء لوحة غرنيكا من أيّة أفلام؛ وإنّما قام الرسام باستيحائها من واقعة حقيقية حدثت أثناء الحرب الأهلية الإسبانية؛ هي واقعة قصف المدينة التي تحمل اللوحة اسمها؛ إذ إن مدينة غرنيكا الإسبانية تعرضت إلى قصف شديد استمر عدة ساعات خلال الحرب، وأسفر القصف عن قتل عددٍ كبيرٍ من السكان.

صورة متعلقة توضيحية

حقائق تاريخية حول قصف غرنيكا

هُناك العديد من الحقائق حول القصف الذي استُوحي منه بيكاسو رسم لوحته  الشهيرة غرنيكا، وفيما يأتي بعضًا منها:

  • الدولة التي قصفت غرنيكا: تعرضت مدينة غرنيكا إلى القصف من قِبل القوات الألمانية النازية؛ ذلك بالنيابة عن فرانكو والحكومة القومية خلال الحرب الأهلية في إسبانيا.
  • موعد القصف: بدأت القوات الألمانية بقصف مدينة غرنيكا الإسبانية بحلول الساعة 4:30 مساءً في أحد الأيام الأخيرة من شهر أبريل/نيسان لعام 1937، وهذا يعني أنه سبق الموعد المعروف للحرب العالمية الثانية بقُرابة السنتين.
  • مدة القصف: شهدت مدينة غرنيكا قصفًا شديدًا لم يتوقّف حتى مرور مدةً تزيد على 3 ساعات، وهو ما تسبّب بتحويل المدينة إلى أنقاض؛ إذ إنه لم يبقَ في غرنيكا أي شيء تقريبًا بعد انتهاء القصف.
  • الهدف من قصف غرنيكا: كان هدف فرانسيسكو فرانكو من القصف إرهاب جميع الأفراد الذين لا يدعمون حكومته القومية، وأما بالنسبة إلى الألمان؛ فإنها كانت لاختبار ردّة فعل العالم حسب موقع هيستوري.
  • القتلى بعد انتهاء القصف: بحلول نهاية القصف كان عدد القتلى 1,600 شخص تقريبًا، وهو ما يساوي 15% من أعداد السكان الذين يعيشون في هذه المدينة، التي استوحِيَت أشهر لوحات بيكاسو غرنيكا من القصف الذي تعرضت إليه.
  • طلب رسم لوحة غرنيكا بيكاسو: قامت حكومة إسبانيا الجمهورية الموجودة في المنفى بطلب رسم لوحة تُعبّر عن قصف غرنيكا؛ حتى يتم عرضها في المعرض الدولي الذي أُقيم في نفس سنة القصف.

أسباب اختيار مدينة غرنيكا للقصف

لم يكن اختيار مدينة غرنيكا للقصف بمحض الصدفة، وإنما تم قصف هذه المدينة تحديدًا لعدة أسباب، وهي الأسباب الآتية:

  • الحجم المناسب: كانت مدينة غرنيكا كبيرة بالشكل الكافي حتى تكون هدفًا عسكريًا للقوات الألمانية، كما أنها صغيرة بالشكل الذي يكفي لتدميرها كاملةً حسب أعداد الطائرات وكميات القنابل المُتاحة، وهذا يعني أنها كانت ذات حجم مناسب.
  • القُرب من الجبهة: كانت غرنيكا على بُعد 23 كيلومتر من الجبهة فحسب، وهو ما أتاح فرصة تدميرها واحتلالها خلال أيام قليلة؛ ذلك قبل أن تتمكّن لجنة الصليب الأحمر الدولية أو أيّة لجان أو منظمات إعلامية أو دولية من الإبلاغ أو الحصول على الصورة.
  • عدم وجود دفاعات: لم يكن في مدينة غرنيكا الإسبانية أيّة دفاعات؛ لصدّ هجوم القوات الألمانية التي تريد قصفها بالنيابة عن فرانسيسكو فرانكو، وكذلك لم يكن في المدينة أيّ بطاريات مُضادة للطائرات أيضًا.
  • طبيعة المباني: كانت المباني في غرنيكا مُلتصقة مع بعضها البعض في تجمّعات مُغلقة وتفصل بينها شوارع ضيقة، وكانت تتمتع بهياكل داخلية خشبية؛ لذلك لن تستطيع الصمود أمام القنابل الحارقة الألمانية الجديدة التي أُلقيت.
  • تدمير عاصمة إحدى المقاطعات: في زمن الحرب الأهلية الإسبانية كانت غرنيكا عاصمةً لإحدى المقاطعات، وكانت تحتوي على سوق أسبوعي، بالإضافة إلى 3 مستشفيات تُمثّل موارد للجبهة في ماركينا، وهذا يعني أن هُناك بُعد استراتيجي لتدميرها.
  • عدم التعرض إلى القصف سابقًا: بما أن غرنيكا لم تتعرض إلى القصف في السابق؛ فهذا يعني أنها مدينةٌ مناسبةٌ لتجربة هجمات وحدات لوفتفافه الألمانية (بالألمانية: Luftwaffe) على أرض الواقع ومعرفة تأثيرها الحقيقي؛ حتى يتعرّف الألمان على كونها مناسبة للحرب أم لا.
  • تحطيم الروح المعنوية لقوات الباسك: إن غرنيكا موطنٌ لشجرة البلوط التي كانت رمزًا عند الباسك، كما أنها كانت رمزًا يُكرّمه شعب الباسك، وهو ما جعل منها هدفًا لتحطيم الروح المعنوية عند قوات الباسك بالنسبة إلى فرانكو والقوات الألمانية.

ما هي أبرز الحقائق حول لوحة غرنيكا؟

تُعد الجورنيكا واحدةً من أشهر اللوحات على مستوى العالم، وفيما يأتي بعضًا من أبرز الحقائق حول هذه اللوحة التي رسمها بابلو بيكاسو:

  • مقاس اللوحة: تكمن مُعظم القوة العاطفية للوحة غرنيكا في مقاسها الكبير؛ فإنها لوحةٌ جداريةٌ يبلغ ارتفاعها 3.33 متر تقريبًا، ويبلغ عرضها 7.62 متر، ويشعر الناظر إلى هذه اللوحة كأنها تلتف حوله وتغمره الغرنيكا بأحداثها.
  • الاختلاف عن التقليد للوحات التاريخ الأوروبي: على الرغم من المقاس المشابه للوحات التاريخ الأوروبي في الغرنيكا؛ إلا إنها تختلف بإشارتها إلى تحدي فكرة الحرب بدلًا من قبولها والاستسلام إليها، وربما أشار الحصان والمينوتور إلى هذا المعنى.
  • صعوبة فك اللوحة: إن الغرنيكا ليست سهلة عند الرغبة بفك رموزها؛ فإنها تحتوي على عدة عناصر تُعبّر عن إشارات مختلفة؛ منها المرأة التي تحمل جثة طفلتها ورأسها إلى الوراء مع الصراخ نتيجة لألمها وحزنها، وكذلك الثور الأبيض الهادئ وغيرها.

متى رسم بيكاسو لوحة غرنيكا؟

تم رسم لوحة غرنيكا للفنان بابلو بيكاسو عام 1937 لعرضها في المعرض الدولي الذي أُقيم في باريس خلال هذا العام، ومارسَ بيكاسو العديد من المهارات أثناء رسم هذه اللوحة التي تُعبّر عن القصف؛ منها التحكّم في الأشكال المُحددة بالخط خلافًا للأشكال التي يتم تحديدها بالتظليل، واستخدم بيكاسو بعض الرموز في هذه اللوحة؛ منها المينوتور الذي يُمكن أن يكون رمزًا للإمكانيات البشرية الوحشية، ويُمكن أن يكون الحصان رمزًا لتحدي وحش المينوتور الذي يُعبر عن وحشية الحرب بدلًا من الاستسلام.

أين تقع لوحة بيكاسو الشهيرة غرنيكا؟

تقع لوحة الجورنيكا في متحف الملكة صوفيا المركزي الوطني للفنون داخل إسبانيا خلال الوقت الراهن، ولكن هذه اللوحة تنقلت بين إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية حتى استقرت في هذا المتحف أخيرًا؛ إذ إن الرسام بابلو بيكاسو قرر إبقاء اللوحة في متحف الفن الحديث داخل نيويورك خلال الحرب العالمية الثانية لحفظها حتى نهاية الحرب، وبعد الحرب مدّد بيكاسو إعارة اللوحة لهذا المتحف إلى فترة غير مُحددة، واستمر ذلك إلى أن قامت إسبانيا باستعادة اللوحة عام 1981.

من هو صاحب لوحة غرنيكا؟

وُلد بابلو بيكاسو عام 1881 في مدينة مالقة الإسبانية، ودرس الفن في مدريد لفترة وجيزة خلال عام 1897 ثم انتقل إلى برشلونة عام 1899 لمتابعة دراسة الفن، وأنتج كثيرًا الأعمال فيما بعد. يعتقد بعض المختصين بأن بيكاسو أنتج أكثر من 50 ألف عمل خلال حياته، وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرضت إليها الغرنيكا عند عرضها عام 1937؛ إلا إن شعبية هذه اللوحة التي تُعد واحدةً من أشهر لوحات بيكاسو التي ازدادت بشكل كبير بعد تنقلها في العالم.

لم يتوقف بيكاسو عن تقديم اللوحات على مدى 80 عامٍ من عُمره حتى تُوفي عام 1973 ولديه من العُمر 91 عامًا، وهذا يعني أنه رسم أول لوحاته وهو بعمر 11 عامًا تقريبًا، ويُعزى إلى بيكاسو ابتكار الأسلوب التكعيبي إلى جانب الفرنسي جورج براك. وفي العقد الأخير من حياته استمر بابلو بيكاسو بتجربة الأساليب والوسائط المختلفة دون التزامه بحدود الأسلوبية.

هل هُناك لوحات غير لوحة غرنيكا للفنان بابلو بيكاسو؟

هُناك عددٌ كبيرٌ من اللوحات التي أنتجها بيكاسو سوى الغرنيكا، ومنها ما يأتي:

  • لوحة باقٍ على قيد الحياة: قام بيكاسو بإنتاج هذه اللوحة عام 1944، وفي عام 1988 نُقلت إلى متحف الملكة صوفيا المركزي الوطني للفنون الذي يحتوي على لوحة غرنيكا للفنان ذاته أيضًا.
  • لوحة دانيال هنري كاهنويلر: عاش دانيال هنري كاهنويلر بين العامين 1884-1979 وكان تاجرًا للفنون وكاتبًا وناشرًا ألمانيًا، وهو موضوع هذه اللوحة التي قدمها بابلو بيكاسو عام 1911.
  • لوحة التجريد - الخلفية مع سماء زرقاء غائمة: تم تقديم هذه اللوحة عام 1930 من قِبل بيكاسو، وهي لوحة اعتمدت على الطلاء الزيتي، وتتميز بألوان السماء الزرقاء، بالإضافة إلى تدرّجات اللون البُنّي للعناصر الأُخرى.
  • لوحة باقٍ على قيد الحياة مع الزجاج تحت المصباح: في عام 1962 قام بيكاسو بإنتاج هذه اللوحة التي تتمتع بمزيجٍ من الألوان المتميزة؛ بما فيها الألوان التي تُشع من المصباح الذي يتدلّى بواسطة حبل ليُنير ما حوله.
  • لوحة الزجاج تحت المصباح: كما يظهر من اسمها تتضمن هذه اللوحة كأسًا من الزجاج تحت مصباح، وهي لوحةٌ رسمها بابلو بيكاسو عام 1962؛ إلا إنه تم نشرها بعد ذلك بعامٍ واحد، وتتكوّن هذه اللوحة من نقشٍ مُشمّع على أوراق من النسيج العاجي. 
  • لوحة باقٍ على قيد الحياة مع الغداء I: رسم بيكاسو هذه اللوحة عام 1962 وتتضمن مصباحًا، بالإضافة إلى العديد من العناصر على مائدة الغداء، ولا تشتمل اللوحة على كثيرٍ من الألوان؛ وإنما هي باللونين العاجي والأسود.
  • لوحة الأصداف والطيور: في عام 1946 قدّم بيكاسو لوحة الأصداف والطيور، وهذا يعني أنه قدمها في السنة التي تبعت انتهاء الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد لوحة غرنيكا بقُرابة 9 سنوات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لوحة الفنان الروسي ريشيتنيكوف لا تصوّر ابناً مضطهداً من عائلته

اللوحة ليست للفنان برونو أماديو وغير مستوحاة من شخصية واقعية

هذه اللوحات على الثلج للفنان البريطاني سيمون بيك وليست لفنان روسي

اللوحة رُسمت بالفعل عام 2013 قبل ست سنوات من التقاط صورة ميسي وهو يجتاز خصومه

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على