` `

هل مرض حمى البحر المتوسط خطير؟

صحة
2 أغسطس 2022
هل مرض حمى البحر المتوسط خطير؟
لا يمكن علاج حمى البحر المتوسط نهائيًا (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تبحث هذه المقالة فيما لو كانت حمى البحر الأبيض المتوسط تسبب الوفاة أم لا، وتقدم معلومات حول حمى البحر الأبيض المتوسط، وماهية مرض حمى البحر المتوسط، كما توضح أهم أعراض حمى البحر المتوسط، وأخيرًا تقدم طرقًا لعلاج حمى البحر المتوسط نهائيًا.

 

حمى البحر الأبيض المتوسط

حمى البحر الأبيض المتوسط، (Familial Mediterranean Fever)، هي أحد الأمراض الوراثية التي تصيب الشخص بنوبات من الحمى المتكررة كعَرَض أساسي، إلى جانب مجموعة من الأعراض المختلفة التي تصيب البطن والمفاصل في سنٍ مبكرة.
غالبًا ما تصيب حمى البحر الأبيض المتوسط الأشخاص الذين يقطنون مناطق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، أو المنحدرين منها كالأتراك والعرب، وهذا هو السبب خلف تسمية المرض بهذا الاسم، ولكن على الرغم من ذلك فهو يصيب أشخاص من مناطق مختلفة من العالم كالإيطاليين واليونانيين وغيرهم.

 

مرض حمى البحر المتوسط

يعتبر مرض حمى البحر المتوسط طفرة في جين MEFV، وهو مرض متنحي وراثي يحتاج لوجود نسختين غير طبيعيتين من الجين MEFV، واحدة من الأم وواحدة من الأب، وقد يصاب الطفل به أيضًا في حال كان هناك جين متحور واحد فقط، وفي حالات نادرة يُشخَّص المرَض عند أشخاص لا يملكون الجين بالفعل، ولا شك أنه يصيب الذكور والإناث على حد سواء.

في العادة، يصنع جين MEFV بروتينًا يسمى pyrin، يسيطر هذا البروتين طبيعيًا على الالتهاب. وفي مرض حمى البحر المتوسط، لا يعمل هذا الجين بالطريقة المطلوبة، فيصبح الالتهاب خارجًا عن السيطرة، فتبدأ الأعراض بالظهور، وقد تتفاقم في حالات معينة كالعدوى والحيض والتعرض للإجهاد النفسي.

 

أعراض حمى البحر المتوسط 

أكثر ما يميز أعراض حمى البحر المتوسط أن نوباتها تظهر قبل سن الـ20 سنة عند ما يقارب 90% من المرضى المصابين به. أما عن الحمى ذاتها فتظهر عند 75% من المصابين بها قبل سن 10 سنوات.

وفيما يلي توضيح لأهم أعراض حمى البحر المتوسط التي قد تتغير مع مرور الوقت، وقد لا تظهر جميعها عند الشخص المصاب:

  • نوبات متكررة من الحمى تستمر من يوم وحتى ثلاثة أيام وتذهب دون علاج، وهو العَرَض الوحيد الذي يظهر عند الأطفال المصابين بهذا المرض ممن هم دون سن 5 سنوات.
  • آلام حادة في البطن تشبه آلام الزائدة الدودية، إذ يخضع البعض لإجراء عملية الزائدة الدودية ظنًا منهم بأنها السبب خلف وجود الألم.
  • آلام في الصدر، وقد تكون شديدة لدرجة إيجاد صعوبات في التنفس.
  • آلام في المفاصل، إذ يتأثر مفصل واحد في العادة، فيتأثر الكاحل أو الركبة. كما وقد يتعرض المفصل للانتفاخ فلا يستطيع المصاب المشي، وقد يختلط الأمر مع الأمراض الروماتيزمية فيحدث خطأ في التشخيص على اعتبارها حمى روماتيزمية أو التهاب مفاصل غير معروف السبب. وإن أهم مخاطر آلام المفاصل التي يتعرض لها المصابين بحمى البحر المتوسط هو احتمالية تأزمها لتصبح مزمنة أو طويلة الأجل، وقد تصل مدة التورم من 5 وحتى 14 يومًا ومن ثم يزول.
  • أحد أعراض حمى البحر المتوسط الإصابة بالطفح الجلدي في مناطق الأطراف السفلية بالقرب من الكاحلين والقدمين، وهو عَرَض يصيب ثُلث الحالات المصابة بالمرض.
  • آلام في عضلات الساقين، خاصة في حالات الإجهاد البدني.

 

علاج حمى البحر المتوسط نهائيًا

لا يمكن علاج حمى البحر المتوسط نهائيًا، ولكن هناك طرق للسيطرة على أعراضه، من خلال دواء يتم تناوله عبر الفم مرة إلى مرتين يوميًا ويُعرف باسم كولشيسين (Colchicine).

وتتمركز طريقة علاج حمى البحر المتوسط  بشكل أساسي في الوقاية من النوبات المؤلمة التي تصيب المريض، ومن خطر الإصابة بالداء النشواني، ففي حالات الإصابة بالنوبات، يمكن تناول الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية، والتي قد لا تكون فعالة في بعض الأحيان.

وعلى الرغم من استحالة علاج حمى البحر المتوسط نهائيًا، إلا أن عقار كولشيسين فعال في منع النوبات من الحدوث عند 60% من المرضى، ويقلل منها عند  20 وحتى 30% من المرضى، ويتوجب تناوله بشكل مستمر، كون التوقف عن تناول ولو جرعة واحدة منه يزيد من احتمالية عودة النوبات في غضون 24 ساعة وحتى 72 ساعة حتى في الحالات المُسيطَر عليها لسنوات. ولكن في حال تم تناوله بشكل منتظم، يضمن المريض بذلك حياة مستقرة.

ويجدر القول أن لعقار الكولشيسين المستخدم في علاج حمى البحر المتوسط آثار شائعة، منها:

  • آلام في البطن وإسهال، ويمكن التعامل مع هذا العَرَض من خلال تقليل الجرعة المتناولة، والبدء تدريجيًا بزيادتها حتى يصل المريض للجرعة المطلوبة والمناسبة، بالإضافة إلى تقليل تناول منتجات الألبان والحليب.
  • الغثيان والتقيؤ، والشعور بتشنجات في منطقة البطن، إذ تضعف عضلات البطن عند بعض الحالات التي تتناول عقار الكولشيسين، إلى جانب المضادات الحيوية من فئة الإريثروميسين أو الستاتينات.
  • انخفاض في تعداد الدم، إلى جانب ارتفاعات بسيطة في إنزيمات الكبد، وهو أحد الآثار التي تختفي بمجرد تقليل الجرعة.

وأخيرًا، يدخل في علاج مرض حمى البحر المتوسط الدعم النفسي المتواصل للمرضى المصابين به، وهم فئة الأطفال كونهم يواجهون مرضًا بحاجة لعلاج مستمر ولمدى الحياة، على أن يكون هذا الدعم مشتَرَكًا ما بين الأهل والأخصائيين والمعلمين في المدرسة، حتى يشعر المريض بحالة من الاستقرار النفسي التي تؤهله للتعلم بشكل عادي وسليم.

 

هل مرض حمى البحر المتوسط خطير؟

صحيح، يعتبر مرض حمى البحر المتوسط خطيرًا عندما لا يتم السيطرة عليه، كون مضاعفاته لها نتائج لا تُحمد عقباها، والتي على رأسها الإصابة بالداء النشواني، إذ تعتمد خطورة الداء النشواني على بروتين الأميلويد الذي يترسب في أعضاء الأشخاص المصابين بالأمراض الالتهابية المزمنة، ويصيب الكلى على الأكثر، كما ويستطيع الوصول لأماكن أخرى كالجلد والأمعاء ليترسب فيها. 

إن ما يجعل مرض حمى البحر المتوسط خطيرًا، أو ما يجعل مضاعفاته خطيرة قدرة بروتين الأميلويد المُترَسِّب على إفقاد الكلى لوظيفتها، وبالتالي حاجة المريض لغسيل الكلى، وقد تتطلب بعض الحالات زراعة الكلى. وإن ما يمنع حدوث هذه المخاطر هو علاج حمى البحر المتوسط، والمتمثل بالعقار الذي تم توضيحه سابقًا ألا وهو كولشيسين، من خلال تناوله مدى الحياة والذي بدوره يمنع بروتين الأميلويد من التطور في الجسم.

ومن من مخاطر مرض حمى البحر المتوسط قدرته على زيادة معدلات الإصابة باضطرابات نظم القلب، ولكن تناول العلاج وامتثال الجسم له قد يقلل من حدوث هذه المشكلة، وذلك بحسب دراسة نشرت عام 2022.

 

هل حمى البحر الأبيض المتوسط تسبب الوفاة؟

صحيح، من الممكن أن تتسبب حمى البحر الأبيض المتوسط بالوفاة، وذلك في حال عدم التمكن من السيطرة عليها، وتفاقم الحالة ووصولها للإصابة بداء النشواني الكلوي. وبحسب دراسة نشرت عام 2013 كانت على مدار 30 سنة من المتابعة، تم تقدير 35٪ و60٪ من الوفيات بين الرجال والنساء على التوالي بسبب داء النشواني الكلوي.

وقد تتسبب حمى البحر المتوسط بالوفاة عندما ينخفض الامتثال لعقار الكولشيسين أو الاستجابة له، فيصبح المريض غير قادر على مواجهة المرض.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على