` `

هل نظام إدارة النفايات موحَد حول العالم؟

علوم
25 أغسطس 2022
هل نظام إدارة النفايات موحَد حول العالم؟
هناك العديد من الطرق التي يتم استخدامها في نظام إدارة النفايات (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

أدّى النمو الاقتصادي السريع والتوسع الحضري وزيادة عدد السكان إلى زيادة استهلاك الموارد، وبالتالي إطلاق كميات كبيرة من النفايات في البيئة، فيتسائل الكثيرون عن آلية إدارة النفايات، وهل نظام إدارة النفايات موحَد حول العالم؟

في هذا المقال سيتم البحث في موضوع إدارة النفايات.

صورة متعلقة توضيحية

إدارة النفايات

أبسط تعريف لإدارة النفايات هو أنّها عملية جمع ونقل ومعالجة والتخلص من القمامة ومخلفات الصرف الصحي ومنتجات النفايات الأخرى، جنبًا إلى جنب مع المراقبة والتنظيم. كما تشمل الإطار القانوني والتنظيمي الذي يتعلق بإدارة النفايات، بما في ذلك التوجيه بشأن إعادة التدوير وما إلى ذلك. ويتضمن نظام إدارة النفايات معالجة النفايات الصلبة والسائلة، ويشمل جميع الأنشطة والإجراءات اللازمة لإدارة النفايات من بدايتها حتى التخلص منها بشكل نهائي.

وعملية إدارة النفايات لها العديد من الفوائد، وتعد أكبر فائدة لها أنها تؤدي في النهاية إلى بيئة أفضل وأنقى، حيث يتم التخلص من الأشياء غير الضرورية بطريقة سليمة وصحية، مما يساهم في رفاهية الناس من خلال مساعدتهم على التخلص من الأمراض. وبالنظر إلى المناخ البيئي، فإن هذه العملية مهمة للغاية لجميع الأسر والمنظمات في المجتمع.

إدارة المخلفات

يوجد العديد من طرق إدارة المخلفات، وفيما يلي الطرق الأكثر شيوعًا:

  • مقالب القمامة

يعتبر إلقاء النفايات/القمامة اليومية في مدافن النفايات الطريقة الأكثر استخدامًا حاليًا للتخلص من النفايات المستخدمة، حيث تركز عملية التخلص من النفايات هذه على دفن النفايات في الأرض. وتوجد مدافن النفايات بشكل شائع في البلدان النامية، لكنها تؤدي إلى تلوث الهواء والماء، مما يؤثر بشدة على البيئة، ويمكن أن يكون ذلك قاتلًا للبشر والحيوانات، لذلك تُعيد العديد من الدول النظر في استخدام مدافن النفايات.

  • الحرق/الاحتراق

أحد أساليب إدارة المخلفات والتخلص منها، حيث يتم حرق النفايات الصلبة في درجات حرارة عالية، لتتحول إلى بقايا ومنتجات غازية. ويُستخدم الحرق بشكل واسع في البلدان التي لم يعد فيها مكان متاح لطمر النفايات، مثل الولايات المتحدة واليابان.

  • إعادة التدوير

إعادة التدوير هي عملية أخذ العناصر المهملة المفيدة لاستخدامات تالية محددة، حيث تتم معالجة هذه العناصر المُهملة لاستخراج أو استعادة المواد والموارد، أو تحويلها إلى طاقة في شكل حرارة أو كهرباء أو وقود قابل للاستخدام، وبالتالي تقليل استخدام الطاقة وحجم مدافن النفايات وتلوث الهواء والماء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والحفاظ على الموارد الطبيعية للاستخدام في المستقبل.

  • تغويز البلازما

شكل آخر من أشكال إدارة المخلفات. والبلازما هي في الأساس غاز مشحون كهربائيًا أو شديد التأيّن يتم استخدامه في هذه العملية، مثلًا الإضاءة هي أحد أنواع البلازما التي تنتج درجات حرارة تتجاوز 12600 درجة فهرنهايت.

باستخدام طريقة تغوير البلازما، يتم تحويل النفايات الصلبة أو السائلة إلى غاز تخليقي، ويوفر هذا الشكل من أشكال إدارة المخلفات طاقة متجددة ومجموعة متنوعة من الفوائد الرائعة الأخرى.

  • السماد

يعتبر التسميد عملية سهلة وطبيعية للتحلل الحيوي بأخذ النفايات العضوية، أي بقايا النباتات ومخلفات الحدائق والمطبخ، وتحويلها إلى غذاء غني بالمغذيات للنباتات. ويعتبر التسميد أحد أفضل طرق التخلص من النفايات، لأنه يمكن أن يُحوّل المنتجات العضوية غير الآمنة إلى سماد آمن. 

  • تحويل النفايات إلى طاقة (استعادة الطاقة)

تُعرف هذه العملية أيضًا باسمها المختصر (WtE)، وتتضمن هذه العملية تحويل عناصر النفايات غير القابلة لإعادة التدوير إلى حرارة قابلة للاستخدام أو كهرباء أو وقود من خلال مجموعة متنوعة من العمليات.

ويمكن أن تساعد (WtE) أيضًا في تقليل انبعاثات الكربون، عن طريق تعويض الحاجة إلى الطاقة من المصادر الأحفورية، وبمرور الوقت يُقلّل هذا من ظاهرة الاحتباس الحراري ويجعل بيئتنا أفضل.

  • التخلص من النفايات الخاصة

هناك أنواع معينة من النفايات تعتبر خطرة ولا يمكن استخدامها، حيث يتم التخلص منها بدون مناولة، وتعد النفايات الطبية أحد الأمثلة عليها.

  • تقليل إنتاج النفايات

أسهل طريقة لإدارة المخلفات هي تقليل إنتاج مواد النفايات، وبالتالي تقليل كمية النفايات التي تذهب إلى مدافن النفايات، حيث يمكن الحد منها من خلال إعادة تدوير المواد القديمة مثل البرطمانات والأكياس وإصلاح العناصر المكسورة بدلًا من شراء واحدة جديدة، وتجنب استخدام المنتجات التي يصعب التخلص منها، مثل الأكياس البلاستيكية، وإعادة استخدام العناصر المستعملة.

نظام إدارة النفايات

نظام إدارة النفايات هو الاستراتيجية التي تستخدمها الدول والمؤسسات وغيرها للتخلص من النفايات وتقليلها وإعادة استخدامها. وتعتبر النفايات مسألة إدارية واضحة لأكثر من أربعة آلاف عام، وقد أفسح التخلص من النفايات في المحيط الحيوي الطريق للتفكير ومحاولة تطبيق نهج متكامل لإدارة النفايات، ففي عام 1996 عرّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة نظام إدارة النفايات المتكامل على أنه "إطار مرجعي لتصميم وتنفيذ أنظمة إدارة نفايات جديدة وتحليل الأنظمة الحالية وتحسينها".

ويوفّر نظام إدارة النفايات العديد من الفوائد، منها:

  • توفير الوقت والموارد الثمينة أثناء وقوع أي حادث.
  • السماح باتخاذ قرارات أكثر كفاءة وفعالية لإدارة النفايات أثناء وقوع الحادث.
  • تشجيع أصحاب المصلحة (على سبيل المثال حكومات الولايات والحكومات المحلية والقبلية والإقليمية وأصحاب مرافق التخزين والمعالجة والتخلص الخاصة والسكان) على العمل معًا قبل وقوع أي حادث.
  • تعزيز مرونة المجتمع مما يؤدي إلى تعافي أسرع وأقل تكلفة لحالة ما قبل الحادث.
  • تعزيز تكيّف المجتمعات مع الآثار المرتبطة بالنفايات لتغير المناخ.
  • التقليل إلى الحد الأدنى من الاستجابة وجهود الاسترداد والتأثير عليها بشكل طفيف بسبب التنفيذ الفعال لأنشطة إدارة النفايات.

وتشمل عملية التخطيط في نظام إدارة النفايات على أربع خطوات أساسية:

  • الخطوة 1: إجراء أنشطة التخطيط المسبق.
  • الخطوة 2: وضع خطة شاملة لإدارة النفايات قبل وقوع الحوادث (WMP).
  • الخطوة 3: الحفاظ على تحديث خطة إدارة النفايات (WMP)
  • الخطوة 4: تنفيذ خطة إدارة النفايات (WMP) أثناء وقوع حادث ما.

نظام إدارة النفايات الجديد

يُعد تحويل النفايات إلى طاقة (WtE) نظام إدارة النفايات الجديد في العالم، وهو عملية تهدف لاستعادة الطاقة عن طريق تحويل المواد الكيميائية من مخلفات النفايات إلى أشكال عملية أخرى من الطاقة مثل الكهرباء أو الحرارة أو البخار، والأشهر حاليًا بين تقنيات (WtE) هي تقنيات التحويل الحراري.

وتتكون تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة (WtE) من أي عملية معالجة للنفايات يتم إنشاؤها والحصول من خلالها على الطاقة في شكل كهرباء أو حرارة أو وقود النقل (مثل الديزل) من مصادر النفايات. ويمكن تطبيق هذه التقنيات على عدة أنواع من النفايات من المواد شبه الصلبة إلى السوائل (مثل مياه الصرف الصحي المنزلية) والغازية (مثل غازات المصافي).

ومع ذلك، فإن التطبيق الأكثر شيوعًا حتى الآن هو معالجة النفايات البلدية الصلبة (MSW)، وأكثر تقنيات (WtE) شهرة حاليًا في معالجة النفايات الصلبة البلدية هي الترميد في مصنع مشترك للحرارة والطاقة (CHP)، حيث أن النفايات الصلبة البلدية لديها الفرصة لتصبح الموارد والوقود الثمين لمزيج الطاقة المستدامة الحضرية. وتتأثر معدلات توليد النفايات الصلبة المحلية بالتنمية الاقتصادية ودرجة التصنيع والعادات العامة والمناخ المحلي، وبشكلٍ عام، كلما ارتفع المستوى الاقتصادي زادت كمية النفايات الصلبة المحلية المتولدة.

يتطلب تطوير مشاريع نظام إدارة النفايات الجديد (WtE)، مجموعة من الجهود من عدة زوايا مختلفة، جنبًا إلى جنب مع التطورات التقنية المستقبلية، بما في ذلك مراعاة جميع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

هل نظام إدارة النفايات موحَد حول العالم؟

لا يعد نظام إدارة النفايات موحد في العالم، حيث يوجد أكثر من طريقة لإدارة النفايات. وبناءً على بيئة وطبيعة ومعطيات كل دولة أو مجموعة دول، يتم اختيار أحد هذه الطرق والعمل عليها لإدارة النفايات.

على سبيل المثال، في بريطانيا يتم حاليًا التخلص من النفايات التي تُجمع من مدينة لندن في محارق خاصة تتولى إدارتها شركات خاصة، أو مدافن في مساحة من الأرض تشرف عليها شركات، حيث أن حوالي 75% من نفايات العاصمة البريطانية يتم التخلص منها بدفنها في حفر في الأرض خارج المدينة عادةً، ويتم التخلص من قرابة 20% منها عن طريق الحرق، والنسبة الباقية يتم إعادة تدويرها.

أما في الهند، تستند قواعد إدارة النفايات على مبادئ "التنمية المستدامة" و "الاحتياط" و "الملوث يدفع"، وتلزم هذه المبادئ البلديات والمؤسسات التجارية بالعمل بطريقة مسؤولة بيئيًا.

إدارة النفايات الطبية

النفايات الطبية عبارة عن مجموعة فرعية من النفايات المتولدة في مرافق الرعاية الصحية، مثل المستشفيات ومكاتب الأطباء والممارسات المتعلقة بطب الأسنان وبنوك الدم والمستشفيات/العيادات البيطرية، فضلًا عن مرافق البحوث الطبية والمختبرات. وبشكل عام، يمكن تعريف النفايات الطبية على أنها نفايات الرعاية الصحية التي قد تكون ملوثة بالدم أو سوائل الجسم أو غيرها من المواد التي يحتمل أن تكون مُعدية. ومن بعض الأمثلة على النفايات الطبية:

  • أي شيء مبلل بالدماء (قفازات، شاش، ثوب المريض، إلخ).
  • الأنسجة البشرية أو الحيوانية التي تم الحصول عليها أثناء الإجراءات الطبية.
  • مستعمرات العوامل المسببة للأمراض المعدية.
  • أي نفايات ناتجة عن غرف المرضى المصابين بأمراض معدية.
  • اللقاحات المهملة.

وتعد عملية إدارة النفايات الطبية أحد أكبر التحديات اليومية التي يواجهها مقدمو الرعاية الصحية، وغالبًا ما يكون الأمر معقدًا بسبب العديد من المخاوف مثل علم الأوبئة واللوائح الحكومية والمحلية. كما أن إدارة النفايات الطبية بشكل غير صحيح، مثل الإدارة غير السليمة للإبر المهملة والأدوات الحادة الأخرى، يمكن أن تشكل خطرًا على الصحة العامة، فعلى سبيل المثال قد تعرض الإبر الملوثة عمال النظافة لإصابات محتملة بوخز الإبر والعدوى، عندما تنفتح الحاويات داخل شاحنات القمامة أو يتم إرسال الإبر عن طريق الخطأ إلى مرافق إعادة التدوير، ويمكن أن تنقل الإبر المستعملة أمراضًا خطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) والتهاب الكبد.

وكانت الطريقة الأساسية لإدارة النفايات الطبية هي الحرق، وقد أصدرت وكالة حماية البيئة في عام 1997 لوائح تضع معايير محددة وصارمة لمحارق النفايات الطبية، بسبب مخاوف كبيرة بشأن الهواء الضار الذي يؤثر على صحة الإنسان، ولكن الآن يوجد طرق بديلة عن الحرق تشمل:

  • المعالجة الحرارية.
  • التعقيم بالبخار.
  • التحليل الكهربائي.
  • الأنظمة الميكانيكية الكيميائية، وعدة طرق أخرى.

إدارة النفايات الصلبة

إن معدل إنتاج النفايات في ارتفاع في جميع أنحاء العالم، حيث أنه في عام 2020، تم تقدير الإنتاج  العالمي بحوالي 2.24 مليار طن من النفايات الصلبة، أي ما يعادل 0.79 كيلوجرام للفرد في اليوم. ومع النمو السكاني السريع والتحضر، من المتوقع أن يزداد إنتاج النفايات السنوية بنسبة 73٪ من مستويات عام 2020 إلى 3.88 مليار طن في حلول عام 2050.

وهناك حاجة ملحة لإدارة النفايات الصلبة في الدول النامية، فبالمقارنة مع سكان الدول المتقدمة، يتأثر المقيمون في البلدان النامية وخاصة الفقراء بشدة بالنفايات الصلبة والأنواع الأخرى من النفايات، التي تتم إدارتها بشكل غير مستدام، ففي هذه البلدان منخفضة الدخل، غالبًا ما يتم التخلص من أكثر من 90٪ من النفايات في مكبات غير منظمة أو حرقها في العراء، وهذه الممارسات تخلق عواقب صحية وبيئية خطيرة تؤثر على السلامة العامة، حيث أن إدارة النفايات الصلبة بشكل سيء يجعل النفايات مكان مناسب لنقل الأمراض وتساهم في تغير المناخ العالمي من خلال توليد غاز الميثان، كما يمكن أن تعزز العنف الحضري.

بالتالي، إن إدارة النفايات الصلبة بشكل صحيح يعد أمرًا ضروريًا لبناء مدن مستدامة وصالحة للعيش، ولكنها لا تزال تمثل تحديًا للعديد من البلدان، حيث تعتبر الإدارة الفعالة للنفايات باهظة الثمن، وغالبًا ما تشتمل على 20٪ - 50٪ من ميزانيات البلدية، وبالتالي يتطلب تشغيل هذه الخدمة الأساسية أنظمة متكاملة ومستدامة ومدعومة اجتماعيًا.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على