` `

هل بدأت المفاوضات حول اتفاقية أوسلو قبل عام 1994؟

سياسة
12 يناير 2023
هل بدأت المفاوضات حول اتفاقية أوسلو قبل عام 1994؟
بالفعل بدأت المفاوضات حول اتفاقية أوسلو قبل عام 1994 (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال شهدت الساحة كثيرًا من التغيرات الاستراتيجية داخل حدود فلسطين، ويعتني هذا المقال بتوضيح الكثير من التفاصيل حول هذه الاتفاقية والظروف التي أحاطت بها مع توضيح نتائجها السلبية والإيجابية، ويوضح أين تمت الاتفاقية ولماذا أطلق عليها هذا الاسم.

هل بدأت المفاوضات حول اتفاقية أوسلو قبل عام 1994؟

بالفعل بدأت المفاوضات حول اتفاقية أوسلو قبل عام 1994، وتم توقيع الاتفاقية عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بياسر عرفات ودولة الاحتلال ممثلة بإسحاق رابين، وذلك للاتفاق على العديد من القضايا بينهما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتبعتها اتفاقية أخرى فيما بعد عُرفت باسم أوسلو الثانية.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي اتفاقية أوسلو؟

يُمكن تعريف اتفاقية أوسلو بأنها اتفاقية تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال، وهي اتفاقية تُعرف رسميًا باسم اتفاقيّة إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، وتُعد بمثابة معاهدة سلام بين الطرفين الذَين قاما بتوقيعها، وحصلت السلطة الفلسطينية بعد هذه الاتفاقية على العديد من الصلاحيات الجديدة.

ما الفرق بين اتفاقية أوسلو الأولى والثانية؟

تم توقيع اتفاقية أوسلو الأولى المعروفة باسم اتفاقيّة إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي عام 1993 في حين تم توقيع اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995 وعرفت باسم الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة. بموجب هذه الاتفاقيّة تم إعطاء السلطة الفلسطينية سيطرة محدودة على جزء من غزة والضفة الغربيّة، وسمحت لدولة الاحتلال بالحصول على جزء كبير من الضفة الغربيّة مع تحديد أطر التعاون السياسي والتعاون الاقتصادي بين السلطة ودولة الاحتلال حسب موقع هيستوري.

هل توجد عدة ظروف سبقت مفاوضات اتفاقية أوسلو؟

لا شك بأنّ هُناك العديد من الظروف الدوليّة والإقليمية والمحلية التي سبقت مفاوضات اتفاقية أوسلو، ومنها ما يأتي:

  • انهيار الاتحاد السوفييتي: في عام 1991 تم انهيار الاتحاد السوفييتي، الذي كان بالنسبة للعديد من الدول العربية بمثابة الحليف، الذي يُمكن الاعتماد عليه في بعض المحافل الدولية، مما أدى إلى عدم التوازن الذي كان لصالح دولة الاحتلال.
  • نشوب حرب الخليج الثانية: نشبت حرب الخليج الثانية بين العامين 1990-1991 مما تسبب بتحجيم قوة الجمهورية العراقية، وبما أنها كانت من القوى التي تشكل ثقلًا كبيرًا في التوازن مع إسرائيل؛ فإن هذه الحرب أدت إلى إضعاف القضية.
  • الانحسار الاستراتيجي العربي: في عام 1979 وقّعت جمهورية مصر العربية اتفاقًا مع دولة الاحتلال، وكانت مصر واحدة من أقوى الدول العربية، وأدى خروجها من الصراع إلى انحسار التوازن الاستراتيجي بشكل كبير.
  • الضغط الأمريكي: تزعّمت الولايات المتحدة الأمريكية التحركات الدولية الساعية إلى إيجاد حل للصراع بين الدول العربية ودولة الاحتلال بعد حرب الخليج الثانية، وازداد ضغطها بعد الحرب لتوقيع اتفاقيات السلام مع الاحتلال.
  • محاصرة الثورة الفلسطينية: تم اتهام رئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات" بدعم الموقف العراقي خلال حرب الخليج الثانية؛ مما أدى إلى محاصرة الثورة الفلسطينية على الصعيد الماليّ والسياسيّ.
  • دخول الثورة الفلسطينية في مواجهات مع دول عربية: دخلت الثورة الفلسطينية في عدة مواجهات أو حروب مع دول عربية؛ مما أدى إلى تراجع قوتها، ومن ذلك الحرب الأهلية في لبنان وأحداث الأردن.

ما هي القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها في اتفاقية أوسلو؟

هُناك عدة قضايا مهمة لم يتفق عليها الطرفان عند التوقيع على اتفاقية أوسلو، وأبرزها ما يأتي:

  • قضية القدس: لم تتفق منظمة التحرير الفلسطينية على ملامح واضحة مع دولة الاحتلال حول القدس، وذلك بالرغم من التصريحات المتكررة لدولة الاحتلال بأن القدس عاصمة لها، وتم تأجيل الحديث عن القدس في مرحلة لاحقة.
  • المستوطنات في فلسطين: تم تأجيل الحديث عن مستوطنات دولة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية إلى مفاوضات المرحلة النهائية، ولم يتم الحديث عنها بشكل واضح في اتفاقية أوسلو.
  • قضية اللاجئين: لم تتطرق اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال إلى قضية اللاجئين لا من قريب ولا من بعيد، وإنما اكتفى الطرفان بتأجيلها إلى مفاوضات الوضع النهائيّ.

أين تمت اتفاقية أوسلو؟

تمت اتفاقية أوسلو في مدينة واشنطن العاصمة داخل حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وأما أوسلو الثانية؛ فتم توقيعها في مدينة طابا داخل جمهورية مصر العربية بعد ذلك بعامين، وذلك على الرغم من كونها تحمل اسم مدينة أوسلو عاصمة النرويج، وشهدت هذه الاتفاقية لغطًا كبيرًا في الأوساط العربية عند توقيعها بين الطرفين.

لماذا عُرفت اتفاقية أوسلو بهذا الاسم؟

بعد معرفة أين تمت اتفاقية أوسلو يتساءل الكثيرون عن سبب إطلاق هذا الاسم عليها، ويجدر الذكر بأن اتفاقية أوسلو عرفت بهذا الاسم نسبة إلى المفاوضات السرية التي تم إجراؤها بين دولة الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة أوسلو النرويجية. تضمنت هذه المفاوضات 11 جولة بدأت أولاها يوم 10 يناير/كانون الثاني 1993، وكانت آخرها يوم 25 يوليو/تموز 1993 بحضور وزير الخارجية النرويجي يوهان يورغن هولست.

هل توجد مفاوضات سرية جرت قبل مفاوضات مدينة أوسلو؟

تم إجراء العديد من المفاوضات السرية قبل مفاوضات مدينة أوسلو، وكانت أولى هذه المفاوضات في مدريد وبقيتها في مدينة واشنطن العاصمة، وفيما يأتي بعضًا من تفاصيل جولات هذه المفاوضات:

  • الجولة الأولى: تم إجراء هذه الجولة في مدينة مدريد الإسبانية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1991 بين الوفد الأردني الفلسطيني ووفد دولة الاحتلال، واستمرت يومًا كاملًا، وانتهت بالاتفاق على إجراء المفاوضات على أساس بعض قرارات مجلس الأمن.
  • الجولة الثانية: كانت الجولة الثانية في واشنطن خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 1991 لمناقشة الصلاحيات التي يتم إعطاؤها لكل من المسارين الأردني والفلسطيني خلال المفاوضات.
  • الجولة الثالثة: في شهر يناير/كانون الثاني 1992 أجريت الجولة الثالثة داخل واشنطن، ومن خلالها تم تحديد العديد من معالم المفاوضات؛ بما فيها طريقة تشكيل المسار الأردني والفلسطيني وطريقة افتتاح جولات المفاوضات واختتامها.
  • الجولة الرابعة: أجريت الجولة الرابعة من المفاوضات في واشنطن يوم 3 مارس/آذار 1992، وتقدم فيها الوفد الفلسطيني بورقة توضح تصوره للهدف من المفاوضات مع الإصرار على التزام دولة الاحتلال بأحكام القانون الدولي لمتابعة الماوضات.
  • الجولة الخامسة: في آخر آيام شهر أبريل/نيسان 1992 عُقدت الجولة الخامسة من المفاوضات، ولم تحرز هذه الجولة أي تقدم نتيجة لرفض دولة الاحتلال وقف الأنشطة الاستيطانية ورفضها بعض قرارات مجلس الأمن ضمن المفاوضات.
  • الجولة السادسة: أجريت هذه الجولة في سبتمبر/أيلول 1992، ولم تنته بتقدم يحقق التوقعات الفلسطينية؛ مما أدى إلى تقليص المشاركة الفلسطينية فيما بعد وتعليق المفاوضات حتى تم الاتفاق على حل وسط في الجولة التاسعة.

ما هي نتائج اتفاقية أوسلو السلبية؟

إن لاتفاقية أوسلو إيجابيات وسلبيات كثيرة بالنسبة إلى الباحثين في مجال العلاقات الاستراتيجية، وتتضمن القائمة الآتية عدة من نتائج اتفاقية أوسلو السلبية:

  • اقتصار الاتفاق على منظمة التحرير الفلسطينية: كانت الاتفاقية بين دولة الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ وذلك دون العودة إلى الشعب الفلسطيني والمنظمات الأخرى داخل حدود دولة فلسطين بالرغم من وجود عدة تيارات أخرى.
  • تأجيل العديد من القضايا الأساسية: تم تأجيل العديد من القضايا المحورية الأساسية، ولم تقم منظمة التحرير الفلسطينية بمناقشتها على النحو الكافي مع دولة الاحتلال عند توقيع الاتفاقية، ومنها مستقبل مستوطنات الاحتلال في فلسطين.
  • التعهد بعدم اللجوء إلى القوة: تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية بعدم اللجوء إلى القوة إطلاقًا عند توقيع اتفاقية أوسلو، وهو ما جعل ميزان القوة يرجح لصالح دولة الاحتلال، كما ألزم ذلك المنظمة بكبح أية مقاومة مسلّحة.
  • الاعتراف بوجود دولة الاحتلال: بموجب اتفاقية أوسلو اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بوجود دولة الاحتلال على حدود عام 1948، التي تشكل 77% من الأراضي الفلسطينية دون إجراء مفاوضات عليها.
  • منح دولة الاحتلال حق الأمن الخارجي وأمن الحدود: بموجب اتفاقية أوسلو أصبح حق منح أذون الدخول والتحكم في الأمن الخارجي وأمن الحدود لصالح دولة الاحتلال، ومنعت الاتفاقية دخول الأسلحة لمنظمة التحرير الفلسطينية دون إذن الاحتلال.

هل توجد إيجابيات لاتفاقية أوسلو؟

يرى العديد من المختصون بأن هُناك عدة من الإيجابيات التي نتجت عن توقيع اتفاقية أوسلو، وربما تكون لاتفاقية أوسلو إيجابيات وسلبيات متداخلة مع بعضها البعض أحيانًا، ومنها إيجابيات هذه الاتفاقية ما يأتي حسب دراسة اتفاقية أوسلو - الدوافع والمواقف:

  • الاعتراف بالشعب الفلسطيني: اعترفت دولة الاحتلال أول مرة بحق الشعب الفلسطيني بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وهي من الإيجابيات؛ إلا إن منظمة التحرير الفلسطينية كذلك اعترفت بدولة الاحتلال على أراضيها.
  • انسحاب الاحتلال من قطاع غزة وبعض المناطق الأخرى: تُلزم اتفاثية أوسلو دولة الاحتلال بالانسحاب من قطاع غزة إلى جانب بعض المناطق الأخرى في الضفة الغربية، مع الاعتراف باحتلالها جزءًا كبيرًا من الضفة الغربية.
  • فترة مفاوضات الوضع النهائيّ القصيرة: بعد توقيع اتفاقية أوسلو تم تحديد فترة لا تزيد على 3 سنوات لإجراء مفاوضات الوضع النهائي، وأسهم ذلك في تجنب التحولات من جانب دولة الاحتلال بشكل كبير.

ما هي أبرز أخطاء اتفاقية أوسلو؟

إن من أبرز أخطاء اتفاقية أوسلو قبول المفاوضة تحت رعاية الولايات المتحدة وروسيا، دون أي إشراف دولي تدعمه قرارات مجلس الأمن، مما أزال عنها صفة الاتفاقية الدولية، كما أن هذه الاتفاقية جرت بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال بدلًا من إشراك التيارات الأخرى في فلسطين، وكذلك قبول منظمة التحرير باستمرار المفاوضات دون توقف الاحتلال عن الاستيطان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل عدد أقطار الوطن العربي 22 قُطرًا؟

هل اتفاقية سيداو تابعة للأمم المتحدة؟

هل وثائق باندورا أكبر تحقيق استقصائي حول الأسرار المالية في العالم؟

هل روسيا عضو في جميع منظمات الأمم المتحدة؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على