` `

هل التصحّر من أسباب العواصف الرملية؟

علوم
22 مارس 2023
هل التصحّر من أسباب العواصف الرملية؟
تصنّف العواصف الرملية في المملكة العربية السعودية إلى نوعين (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

كثيرًا ما نسمع بالعواصف الرملية ونشاهد الصور ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت خصوصًا في دول الخليج العربي، ولهذا قد يتساءل البعض عن أنواع وأسباب العواصف الرملية.

يستعرض هذا المقال ماهية العواصف الرملية وأنواعها، إضافةً إلى ذكر ارتباطها بالتصحر.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي العواصف الرملية؟

يُطلق على العواصف الرملية والغبارية أسماءٌ محليةٌ عديدةٌ: مثل الهبوب أو رياح الخماسين، أو الغبار الأصفر، أو رياح الهرمتان، أو العواصف البيضاء، وغيرها.

وعلى الصعيد الإقليمي، تعدّ العواصف الرملية ظاهرةً طبيعيةً وموسميةً شائعةً لكنّها تزداد مع ازدياد الاحتباس الحراري والتغير المناخي الذي يؤثر على زيادة معدل التصحر وخصوصًا في ظلّ سوء إدارة الأراضي والمياه وحالات الجفاف.

بصورةٍ عامةٍ، تصنّف العواصف الرملية ضمن الظواهر الجوية التي تحدث في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث تكون التربة السطحية فيها مفككةً أو رمليةً وبالتالي عندما تهبّ الرياح الشديدة فوق هذه المناطق التي لا يكتسيها غطاءٌ نباتيٌّ فإنَّها تتشبّع بجزيئات الرمال والغبار وتحملها معها لتتشكل حينها العاصف الرملية وتسير حسب اتجاه الرياح التي تحملها إلى مناطقٍ أخرى.

ومن أجل فهم ما هي العواصف الرملية بشكلٍ دقيقٍ، فإنّ العاصفة الغبارية أو العاصفة الرملية بحسب الأطلس الدولي للسحب هي مجموعةٌ من جزيئات الغبار أو الرمل المرفوعة بشدةٍ إلى ارتفاعاتٍ عاليةٍ بفعل رياحٍ قويةٍ ومضطربةٍ.

حيث أنّ العواصف الرملية تحدث بصورةٍ عامةٍ في المناطق القاحلة والمتصحّرة التي تكتسي فيها الأرض الأتربة المفككة أو الرمال.

لكن في بعض الأحيان، يمكننا مشاهدة العواصف الرملية في المدن القريبة أو حتى البعيدة عن الصحاري نسبيًا والتي لا يتواجد فيها رمالٌ حيث أنّ هذه العواصف الرملية تكون قد وصلت إليها بعد أن تكون قد قطعت مسافاتٍ كبيرةٍ.

حيث أنّ العواصف الرملية تتميّز بشكلها الفريد خصوصًا عندما يأخذ الجزء الأمامي من العاصفة الرملية مظهر جدارٍ عريضٍ ومرتفعٍ يتقدم بسرعةٍ كبيرةٍ. وفي الغالب تصاحب العواصف الرملية غيومًا ركاميّةً قد تبدو مخفيةً خصوصًا عندما تكون محمّلةً بجزيئات الغبار أو الرمل وتبدو داكنة اللون وقد تحجب ضوء الشمس. ومن ناحيةٍ أخرى، قد تحدث تلك العواصف الرملية أيضًا دون أن ترافقها أيّ سحبٌ على الجدار الأمامي للعاصفة.

أنواع العواصف الرملية

بالنسبة لأنواع العواصف الرملية، تصنّف العواصف الرملية في المملكة العربية السعودية إلى نوعين اثنين حسب مواسم حدوثها وهما:

  1. العواصف الرملية الشتوية – الربيعية: والتي تحدث نتيجة وجود الرياح المصاحبة لتقدم المنخفضات الجوية القادمة من البحر الأبيض المتوسط في اتجاه السعودية. وتبدأ عادةً في أواخر فصل الشتاء، وتمتـدّ طوال فصل الربيع حيث يكون تركيزها في شهري نيسان وأيّار.
  2. العواصف الرملية الصيفية: تبدأ مع هبوب الرياح القادمة من جهة بلاد الشام باتجاه الجنوب الشرقي وتعرف باسم البوارح. حيث أنّ تأثير هذه الرياح يشمل المنطقة الشرقية التي يتركز تأثيرها فيها وأجزاءً من المنطقة الوسطى، وكذلك المنطقة الشمالية الشرقية. وتحدث في أول 10 أيامٍ من شهر حزيران وحتى 20 تموز سنويًا.

وكذلك من أنواع العواصف الرملية حسب شكلها الزوبعة الرملية أو الغبارية، والتي هي عبارةٌ عن مجموعة من جزيئات الغبار أو الرمل ترتفع من الأرض على هيئة عمودٍ دورانيٍّ ذي قطرٍ صغيرٍ ومحورٍ عموديٍّ تقريبًا وارتفاعٍ متفاوتٍ أقلّ من 30 مترًا بحدوده القصوى مع العلم أنّه تمّ الإبلاغ عن ارتفاعاتٍ وصلت حتى 1 كم. وتحدث الزوبعة الرملية عندما يكون الهواء بالقرب من الأرض غير مستقرٍّ للغاية.

إحدى أنواع العواصف الرملية الخاصة هي الأعاصير الهبوبة، والتي تصنّف على أنّها نوعٌ خاصٌّ جدًا من الزوبعة الغبارية. وتكون هذه الأعاصير ضعيفةً وقصيرة المدة في معظم الأحيان، فنادرًا ما تكون قويةً بما فيه الكفاية للتسبب في أضرارٍ.

أسباب العواصف الرملية

لطالما يشيع هبوب العواصف الرملية والغبارية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، فإنّ أسباب العواصف الرملية تكون معروفةُ نسبيًا حيث أنّ العواصف الرملية عادةً ما تنتج بسبب تدرجات الضغط القوية المرتبطة بالأعاصير والتي تزيد من سرعة الرياح على مساحة واسعة.

تهبّ العواصف الرملية عندما يتسبب الهواء شديد السخونة فوق الصحاري في عدم استقرار الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، وهذا يتسبّب بهبوب رياحٍ قويةٍ تثير كمياتًا كبيرةً من الرمال التي تكون موجودةً في الطبقة السطحية.

حيث تقوم الرياح القوية برفع حبات الرمال والغبار والأتربة المفككة من التربة العارية الجافة إلى الجو وتتحمل بها، وبالتالي تنقلها معها لمسافاتٍ قد تصل إلى مئات أو آلاف الكيلومترات.

 تقسم أسباب العواصف الرملية إلى مباشرةٍ أو رئيسيةٍ وغير مباشرةٍ كامنةٍ، فبالنسبة لأسباب العواصف الرملية المباشرة، يمكن إيجازها ببساطةٍ بما يلي:

  1. وجود تربةٍ سطحيةٍ رمليةٍ أو مفككةٍ في المنطقة، وهذا يعود للطبيعة الطبوغرافية للمنطقة.
  2. توفر رياحٍ عاتيةٍ قادرةٍ على حملها واتجاه الرياح، وهذه تتأثر أيضًا بحركة الأنظمة الضغطية وخصوصًا المنخفضات السيارة وامتداد المرتفع السيبيري فوق المملكة والكتل الهوائية الباردة (خصوصًا بظل وجود رياح شمالية إلى شمالية شرقية).

أمّا الأسباب الكامنة وراء حدوث التفكٌّك في التربة وإمكانية انتقالها مع الرياح والتي تسهم في حدوثها، فتعود لعدّة أسبابٍ تشمل:

  1. التصحُّر.
  2. تدهور بنية التربة تفكُّكها نتيجة التعرية بفعل الرياح
  3. غياب الغطاء النباتي الذي يعمل على الحفاظ على تماسك التربة.
  4. تغيُّر المناخ الناجم عن النشاط البشري. 
  5. الممارسات البشرية المدمّرة للأراضي الزراعة.
  6. جفاف التربة.
  7. التغيّرات في كثافة وحجم الرياح في المنطقة.

هل التصحّر من أسباب العواصف الرملية؟

نعم، يُعدّ التصحّر من أسباب العواصف الرملية الرئيسية كونه يهيّئ العامل الأهم لحدوثها وهو وجود الرمال القابلة للتطاير والانتقال، إضافةً إلى دور التغيّر المناخي في زيادة وتيرته وخصوصًا أنّ العواصف الرملية تهبّ أساسًا في المناطق الصحراوية في الأقاليم الجافة وشبه الجافة وتنتقل إلى مناطقٍ أخرى.

أضرار العواصف الرملية

تتعدّد أضرار العواصف الرملية سواءً على صحة الإنسان أو الكائنات الحية الأخرى أو البيئة أو اقتصادات الدول حتى.

حيث تشمل أضرار العواصف الرملية على صحة الإنسان التأثيرات التالية:

  1. تهيج الجلد والعين والتهاب الملتحمة وزيادة التعرض لعدوى العين: يشكل الغبار المتطاير في الهواء مخاطرًا جسيمةً على صحة الإنسان. حيث تكون الجسيمات التي يزيد حجمها عن 10 ميكرومتر غير قابلةٍ للاستنشاق، وبالتالي يمكن أن تلحق الضرر فقط بالأعضاء الخارجية.
  2. اضطرابات الجهاز التنفسي: (مثل الربو والتهاب القصبات والالتهاب الرئوي والتهاب الأنف التحسسي وغيرها)، فالجزيئات القابلة للاستنشاق غالبًا ما يقلّ حجمها عن 10 ميكرومتر، وهي تنحصر في الأنف والفم والجهاز التنفسي العلوي.
  3. اضطرابات القلب والأوعية الدموية: من الممكن أن تخترق الجزيئات الدقيقة الجهاز التنفسي السفلي وتدخل مجرى الدم، حيث يمكن أن تؤثر على جميع الأعضاء الداخلية وتكون مسؤولة عن الاضطرابات فيها. 
  4. انتقال بعض الأمراض المعدية عن طريق الغبار: مثل التهاب السحايا بالمكورات السحائية، وهو عدوى بكتيرية تصيب طبقة الأنسجة الرقيقة التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، يمكن أن يؤدي إلى تلف في الدماغ، وفي حالة عدم علاجه، يؤدي إلى الوفاة في 50٪ من الحالات.
  5. تلف الغشاء المخاطي: يعتقد الباحثون أن استنشاق جزيئات الغبار في الطقس الجاف الحار قد يؤدي إلى تلف الغشاء المخاطي للأنف والحلق مما يخلق ظروفًا مواتية للعدوى البكتيرية.

طرق الوقاية من العواصف الرملية

تتمثّل طرق الوقاية من العواصف الرملية في الإجراءات التي يمكن للناس اتباعها لحماية ووقاية أنفسهم من مخاطرها المحتملة. ويمكن أن تشمل طرق الوقاية من العواصف الرملية ما يلي:

  1. تجنّب الخروج من المنزل إلّا للضرورة والمحافظة على ارتداء النظارات الشمسية عند الخروج من المنزل واستخدام القطرات لوقاية العيون من الأتربة والغبار تجنبًا لحدوث حساسيةٍ أو التهابٍ نتيجة دخول الرمال أو الغبار إليها.
  2. ارتداء قناع الوجه (الكمامة) عند الخروج من المنزل مع ضرورة تغييرها بصورة مستمرة لحماية الأنف والفم من دخول جزيئات الغبار والرمل وتجنّب المشكلات التنفسية التي قد تحصل نتيجة ذلك.
  3. الحرص على إغلاق نوافذ المنزل بإحكام، وأن تكون الأبواب والنوافذ مهيئة بإطار مطاطي (ربر) لمنع دخول الأتربة وحبيبات الرمل إلى داخل المنزل.
  4. الحرض على تأمين بخاخ الربو الإسعافي الموسع للشعب الهوائية والخاص بمرضى الربو للاحتياط.
  5. التوجه نحو أقرب مركز صحي أو مركز طوارئ في حال كانت الأزمة التنفسية شديدة ولم ينفع البخاخ في تدبيرها.

ومن أجل إنذار الناس والوقاية من العواصف الرملية وتداعياتها على الصحة وغيرها، قامت المنظمة العالمية للأرصاد (WMO) بتأسيس شبكةٍ من مراكز التنبؤ حول العالم لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي تهدف إلى التنبؤ بالعواصف الرملية وتحذير السكان حول العالم من حدوثها.

العواصف الرملية في السعودية

تم تصنيف العواصف الرملية في السعودية مـن حيث المنشأ وطرق التكوين إلى ثلاثة أنواع ترتبط جميعها بطبيعة المنطقة الطبوغرافية وهي:

  1. عواصف رملية محلية.
  2. عواصف رملية واسعة الانتشار.
  3. عواصف رملية منقولة وواسعة الانتشار.

وبحسب المركز الوطني للأرصاد في المملكة العربية السعودية، يتسم مناخ المملكة العربية السعودية بأنّه شبه جافٍ إلى صحراويٍّ جافٍ مع أيام حارةٍ وليالٍ باردةٍ، وانخفاضٍ شديد في هطول الأمطار السنوية، وهذه كلّها عواملٌ تهيئ حدوث العواصف الرملية في السعودية وتزيد من فرصها والتي ينتج عنها أضرارٌ على صحة السكان وعلى المزروعات وحركة الطيران إضافةً إلى الأضرار المادية واسعة النطاق أو الكارثية.

في إحدى الدراسات التي تعدو لعام 2008 والتي أجريت لدراسة العواصف الرملية في السعودية آنذاك، تم رصد وتتبع مصادر الرياح التي تجلب أو تتسبب في حدوث العواصف الرملية تلك في المملكة.

وبتحليل المسارات وعددها، يتضح من الدراسة أنّ أكبر تكرارٍ لحدوث العواصف الرملية في السعودية ظهر على المنطقة الشمالية والمنطقة الشرقية من المملكة، وأقلّها تكرارًا في المنطقة الجنوبية.

بينما كانت مصادر الرياح التي تتسبب في حدوث العواصف الرملية في المنطقة الشمالية من السعودية معظمها شمالية غربية أو غربية.

وهذا ما يؤكّد ارتباط حدوث العواصف الرملية في السعودية بمرور المنخفضات السيارة القادمة من فوق البحر الأبيض المتوسط والمتجهة شرقًا، أو نتيجة دخول الكتل الهوائية الباردة إلى تلك المناطق.

اقرأ/ي أيضًا:

هل ملوحة التربة من أسباب التصحّر؟

هل يوجد مظاهر لتكيُّف الجَمل في الصحراء؟

هل تقوية المناعة من فوائد اللعب بالتراب للأطفال؟

هل الرمل يسبب ألم في الرجلين؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على