تحقيق مسبار
من خلال الزراعة البعلية يستطيع المزارعون توفير الكثير من التكاليف التي يتم دفعها عند الحاجة إلى شراء المياه لسقي محاصيلهم وأشجارهم؛ فإن الزراعة البعلية تعتمد على مياه الأمطار بشكل كامل، وعلى الرغم من إيجابياتها في توفير قدر كبير من تكاليف الزراعة إلا أنها لا تصلح للتطبيق أحيانًا نظرًا لقلة مياه الأمطار أو غير ذلك من العوامل.
لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم؟
سُميت الزراعة البعلية بهذا الاسم نسبة للإله بعل، الذي كان يأمر الغيوم بإنزال المطر حسب الاعتقادات التي كانت سائدة وقتها. يُطلق على هذا النوع من الزراعة اسم الزراعة المطرية أيضًا نسبة إلى المطر عوضًا عن الإله بعل، وذلك لأنها تعتمد على مياه الأمطار في توفير المياه التي تحتاجها.
من هو بعل الذي تنتسب إليه الزراعة البعلية؟
كان بعل الإله الذي يُعبَد في العديد من المجتمعات القديمة داخل منطقة الشرط الأوسط، وخاصة الكنعانيين الذين اعتقدوا بأنه إله الخصوبة حسب موسوعة بريتانيكا. فيما يأتي بعضًا من الحقائق والمعلومات حول بعل:
- بعل ملكًا للآلهة: تم العثور على العديد من القصص التي تحكي عن انتصار بعل على الموت، وكيف أصبح ملكًا للآلهة في بعد، كما تتطرق هذه القصص إلى نزول بعل ووصله إلى العالم السفلي ثم عودته.
- بعل في الكتب المقدسة: يُعرف بعل في التوراة بأنه خصم لعبادة الرب، كما أن القرآن نص على تحذير نبي الله نوح لقومه من عبادة بعل أيضًا، مما يعني أنه ذكر في الكتب السماوية أيضًا.
- أول إشارة إلى بعل: تعود الإشارة الأولى إلى بعل لعام 2300 قبل الميلاد تقريبًا، وتم العثور عليها في بلاد ما بين النهرين، وتم العثور على بعض الإشارات المكتوبة في القصص له فيما بعد.
- إشارة بعل إلى العديد من الآلهة: تم استخدام كلمة بعل للإشارة إلى العديد من الآلهة الذكور قديمًا، ولكنه غالبًا ما يستخدم للإشارة إلى بعل هدد، الذي كان إله العواصف والأمطار ثم أصبح إله الحرب في النهاية أيضًا.
- التعرف على شخصية بعل: اعتمد المختصون بشكل أساسي على العديد من الألواح التي تم العثور عليها عام 1929 في شمال سوريا للتعرف على شخصية بعل ووظائفه، ويعود تاريخ هذه الألواح إلى منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد.
ما هي الزراعة البعلية؟
يمكن تعريف الزراعة البعلية بأنها ممارسة زراعية تعتمد في إنتاج المحاصيل الحقلية على مياه الأمطار بشكل كامل دون استخدام أي من تقنيات الري، التي تعتمد على المصادر الأخرى في توفير المياه التي تحتاجها المحاصيل الزراعية المختلفة، وهي واحدة من طريق الزراعة القديمة التي لا زالت مستخدمة حتى الوقت الراهن.
هل توجد تحديات تواجه الزراعة البعلية؟
هناك محاصيل بعلية تتم زراعتها في الكثير من الأنحاء حول العالم، وتوجد العديد من التحديات التي تواجه هذا النوع من الزراعة، منها ما يأتي:
- الغلّة المنخفضة: تعاني الزراعة البعلية في بعض المناطق حول العالم من الغلة المنخفضة، مما يعني أن المحاصيل الزراعية التي تنتج من الزراعة البعلية متدنية مقارنةً بالمحاصيل الناتجة عن الزراعة المروية.
- توافر الأراضي: لا تكون الأراضي المناسبة للزراعة البعلية متوفرة دائمًا في المناطق المخصصة للزراعة، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا يقف حائلًا أمام الاستفادة الكاملة من مياه الأمطار في ري وسقي المحاصيل.
- التقلبات في الهطول: تعاني بعض المناطق من شح في هطول الأمطار كما أن بعضها يتعرض إلى موجات من الجفاف أحيانًا، وهو ما يتسبب بإجهاد المحاصيل الزراعية عند الاعتماد على الزراعة البعلية في ريها وسقايتها.
- بنية التربة: تُعرف التربة في بعض المناطق حول العالم ببنيتها الضعيفة، ولا تستطيع تخزين المياه بسبب عمقها المحدود، وهذا يعني أنها لا تكون صالحة للزراعة البعلية؛ نظرًا لعدم قدرتها على توفير المياه التي تحتاجها المزروعات.
كيف يمكن تعزيز نظم الزراعة البعلية؟
هناك الكثير من أنواع المحاصيل البعلية التي تتم زراعتها في الوطن العربي والعالم خلال الوقت الراهن، ويوجد العديد من الإرشادات التي يمكن اتباعها لتعزيز وتطوير نظم الزراعة البعلية، ومنها ما يأتي:
- تشجيع الاستثمارات: من الجيد تشجيع الاستثمارات في مجال الزراعة البعلية لضمان تطبيق التقنيات التكنولوجية الحديثة في هذا المجال؛ فعادة ما يكون العاملون في الزراعة البعلية فقراء، ولا يمكنهم تطبيق هذه التقنيات دون استثمار فيها.
- مراجعة البُنية المؤسساتية: يجب على المؤسسات التي توفر الدعم للمزارعين مراجعة سياساتها بشكل مستمر، حتى تستطيع صياغة أولوياتها بالشكل الذي يركز على الزراعة البعلية بشكل أكبر.
- توفير السياسات المناسبة: ينبغي على المسؤولين وصانعي القرارات توفير السياسات، التي من شأنها تعزيز البيئة التمكينية في مجالات الزراعة البعلية، لضمان تطوير النظم المتعلقة بها، وزيادة إنتاجية الأراضي البعلية.
- التعريف بتقنيات الزراعة البعلية: ينبغي على الجهات المسؤولية تعريف المزارعين بتقنيات الزراعة البعلية الحديثة وآليات استخدامها وكيفية التعامل معها، لأن بعض المزارعين يجهلون هذه التقنيات بالرغم من توفر تكاليفها لديهم.
- دعم المزارعين: في بعض الأحيان يحتاج المزارعون إلى الدعم المباشر لتمكينهم من تعزيز نظم الزراعة البعلية، والاعتماد على الأنظمة الجديدة في هذا الشأن مما يسهم في تحسين الإنتاجية بشكل أكبر.
هل تعتمد جميع الدول العربية على الزراعة البعلية؟
على الرغم من انتشار أنواع المحاصيل البعلية في الكثير من الدول العربية؛ إلا أن بعض هذه الدول لا تعتمد على الزراعة البعلية نهائيًا، ومنها: دولة قطر، ودولة الكويت، والإمارات العربية المتحدة، كما أن نسبة الأراضي التي تعتمد على الزراعة البعلية متدنية في كل من مملكة البحرين، ودولة فلسطين، والمملكة العربية السعودية حسب إحدى أوراق لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا.
هناك الكثير من الدول العربية التي تعتمد على الزراعة البعلية في النسبة الأكبر من محاصيلها الزراعية، وعلى رأسها: جزر القمر، والسودان، وتونس، وكذلك المملكة الأردنية الهاشمية، والجزائر، والجمهورية العربية السورية، والمملكة المغربية، واليمن، موريتانيا، وهذا يعني أن معظم الدول العربية تعتمد على الزراعة البعلية بنسبة أكبر مقارنة بالزراعة المروية.
ما الفرق بين الزراعة المروية والبعلية؟
إن الفرق بين الزراعة المروية والبعلية كبير جدًا؛ فإن المحاصيل تعتمد على مياه الأمطار وحدها في الزراعة البعلية، وأما في الزراعة المروية؛ فإنه يتم الاعتماد على السقي من خلال الأنابيب والمضخات والمرشات، وعادة ما تستخدم هذه التقنيات في المناطق التي تعاني من هطول غير منتظم للأمطار أو في الأوقات التي تعاني منها الأراضي من الجفاف، حتى يتمكن المزارعون من توفير كميات المياه المناسبة.
ما هي أبرز أنواع الري في الزراعة المروية؟
على خلاف الزراعة البعلية توجد العديد من أنواع وأنظمة الري المستخدمة في الزراعة المروية، وتتضمن القائمة الآتية عدة من أبرزها:
- الري السطحي: يطلق على الري السطحي اسم الري بالغمر أيضًا، في هذا النظام يتم توزيع المياه على الأرض وعبر الأرض بالاعتماد على الجاذبية دون استخدام المضخات الميكانيكية لهذا الغرض.
- الري الموضعي: في تقنية الري الموضعي يتم توزيع المياه على المحاصيل الزراعية وفق حاجتها بالاعتماد على شبكة من الأنابيب التي تقع تحت ضغط منخفض حتى تقوم بنقل المياه.
- الري بالتنقيط: إن نظام الري بالتنقيط واحد من أشهر وأبرز أنظمة الزراعة المروية، وفي هذا النظام يتم إيصال قطرات المياه إلى جذور النباتات أو بالقرب منها حتى تحصل على الكميات التي تحتاجها بشكل مستمر.
- الري بالرش: في نظام الري بالرش يتم استخدام مرشات علوية ذات ضغط مرتفع أو يقوم المزارع باستخدام بعض مدافع المياه من موقع مركزي في الحقل، أو من المرشات التي يتم وضعها على منصة متحركة لسقي المحاصيل.
اقرأ/ي أيضًا:
كم يبلغ متوسط عمر شجرة الزيتون؟
هل يمكن الزراعة بدون ضوء الشمس؟