` `

مناظرة ترامب وهاريس وأبرز الادعاءات المضللة حول الحرب الإسرائيلية على غزة

فاطمة حماد فاطمة حماد
سياسة
11 سبتمبر 2024
مناظرة ترامب وهاريس وأبرز الادعاءات المضللة حول الحرب الإسرائيلية على غزة
ات مضللة قدمها المرشحان للرئاسة الأميركية حول الحرب على غزة

شهدت المناظرة الرئاسية الأولى بين المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترامب وكامالا هاريس، التي انعقدت أمس الثلاثاء العاشر من سبتمبر/أيلول، مواجهة محتدمة تناولت مجموعة من القضايا. تركَّز النقاش على ملفات حساسة مثل الاقتصاد، الهجرة، حقوق الإجهاض، والسياسة الخارجية، مع تركيز خاص على الحربين في غزة وأوكرانيا.

المناظرة التي جرت في فيلادلفيا تحت إشراف شبكة إيه بي سي، كانت مليئة الاتهامات المتبادلة. إذ سعى كل من ترامب وهاريس إلى توضيح رؤيتهما لمستقبل الولايات المتحدة، إلا أن النقاش سرعان ما تحول إلى تبادل حاد للانتقادات، مما كشف عن اختلافات جذرية في سياساتهما ونهجهما.

أحد أبرز محاور الاتفاق بين المرشحين كان دعمهما لإسرائيل، إذ جاء هذا التوافق في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتنافس المرشحان على إظهار دعمهما لإسرائيل بشكل أكثر حدة، واستخدما المناظرة للتروّيج لمزاعم تتعلق بالحرب على غزة وعملية طوفان الأقصى. في هذا المقال، سنلقي الضوء على أبرز الادعاءات المضللة التي أطلقها المرشحان فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة.

كامالا هاريس تروّج لمزاعم الاغتصاب في عملية طوفان الأقصى

عند سؤالها عن الحرب على قطاع غزة والأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، روّجت كامالا هاريس في إجابتها لمزاعم تتعلق بعملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأشارت إلى ادعاءات تفيد بأن مقاتلي كتائب القسام ارتكبوا جرائم اغتصاب، مؤكدة في الوقت نفسه أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها".

يمكن ربط هذه المزاعم بسلسلة تصريحات سعت إلى شيطنة فصائل المقاومة الفلسطينية وتشبيهها بالتنظيمات الإرهابية، وذلك بهدف زيادة الضغط عليها وتبرير المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وتضليل الرأي العام وتشويه فهم الجمهور لما يجري من أحداث. ورغم عدم توفر أي أدلة تدعم هذه الادعاءات حتى الآن، تستمر الجهات الإسرائيلية والأميركية في الترويج لها. 

وفي السياق، سبق لمسبار أن فند العديد من الادعاءات المرتبطة بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. كما لم تجد التحقيقات أي دليل يدعم هذه المزاعم. ومع ذلك، يتم الاستمرار في نشر هذه الادعاءات لتبرير الجرائم التي تُرتكب في غزة خلال الحرب الجارية.

وأفادت شهادات عدة لأسيرات إسرائيليات تم الإفراج عنهن من قِبل حماس، بأنهن تلقين معاملة إنسانية، ولم يتعرضن لأي نوع من الاعتداء، وجمع مسبار في تقرير سابق، شهادات الأسيرات، وكان آخرها تصريح الأسيرة نوا أرغماني، التي أكدت بشكل قاطع أنها لم تتعرض لأي اعتداء جنسي أو جسدي. كما أشارت إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قامت بتحريف تصريحاتها وإخراجها عن سياقها. وأكدت أرغماني أن الإصابة التي تعرضت لها جاءت نتيجة قصف إسرائيلي وقع بالقرب من المنطقة التي كانت محتجزة فيها داخل غزة، وليست نتيجة أي اعتداء مباشر عليها من قبل المقاومة.

انتهاكات جنسية موثّقة بحق الفلسطينيات في غزة

وعلى العكس، تشير العديد من التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية إلى تعرض النساء والفتيات الفلسطينيات في غزة، لإعدامات تعسفية واعتداءات جنسية، وترافق ذلك مع ممارسات مهينة وغير إنسانية، مثل حرمانهن من الفوط الصحية، والغذاء، والدواء، بالإضافة إلى تعرضهن للضرب المبرح، واحتجازهن في أقفاص تحت المطر والبرد دون طعام.

كما أفادت تقارير دولية وحقوقية بتعرض النساء الفلسطينيات لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي. على سبيل المثال، أشار تقرير صادر عن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في فبراير/شباط الماضي إلى أن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن لتفتيش مهين من قبل ضباط إسرائيليين ذكور، وتعرضت بعضهن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي. وورد في التقرير أن ما لا يقل عن معتقلتين تعرضتا للاغتصاب.

كما تحدثت ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، عن تزايد حالات الاغتصاب التي ارتكبها جنود إسرائيليون ضد الفلسطينيات، خاصة خلال الحرب على غزة في مارس/آذار الفائت.

كما وثّقت العديد من وسائل الإعلام، شهادات لفلسطينيات تحدثن عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرضن لها على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال الحرب الجارية على القطاع.

سياسة الاغتصاب في السجون الإسرائيلية

تشير تقارير وشهادات عديدة إلى تعرض أسرى فلسطينيين ذكور أيضًا من قطاع غزة، لاعتداءات جنسية واغتصاب على يد السجانين الإسرائيليين خلال الحرب الجارية.

 ومن أبرز تلك الشهادات ما نقله الأسير الصحافي محمد عرب للمحامي خالد محاجنة، إذ أفاد بأنه نُقل من معتقل سدي تيمان إلى معسكر عوفر العسكري، وأدلى بشهادات تفصيلية حول ممارسات التعذيب والاغتصاب التي تعرض لها أحد الأسرى.

موضحًا، أن طرق الاغتصاب المستخدمة في السجون تكون وحشية للغاية ولا يمكن تصورها، مما يعمق من معاناة الأسرى النفسية والجسدية.

وكان الصحافي محمد عرب، الذي يعمل مع التلفزيون العربي لتغطية الحرب على غزة، قد اعتُقل من مستشفى الشفاء في مارس/آذار الفائت. وفقًا لشهادته، تم اغتصاب شاب فلسطيني يبلغ من العمر 27 عامًا بإجباره على الاستلقاء على بطنه، وتعرض لهجوم من الكلاب البوليسية، ثم اغتصب باستخدام مطفأة حرائق.

وأضاف المحامي محاجنة، نقلًا عن عرب، أن بعض الأسرى في عوفر تعرضوا لتحرش جنسي بعد تجريدهم من ملابسهم، كما تم الاعتداء عليهم بالضرب في أماكن حساسة. هؤلاء المعتقلون يعانون حاليًا من ظروف صحية ونفسية قاسية نتيجة لهذه الانتهاكات.

المحامي خالد محاجنة يروي شهادات الأسرى وتعرضهم للاعتداء الجنسي والاغتصاب
المحامي خالد محاجنة يروي شهادات الأسرى وتعرضهم للاعتداء الجنسي والاغتصاب

ترامب يتهم هاريس بعدم دعم إسرائيل

خلال المناظرة وفي إطار السباق لإظهار الدعم لإسرائيل، ادعى دونالد ترامب أن كامالا هاريس لا تدعم إسرائيل، مشيرًا إلى غيابها عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس في 24 يوليو/تموز، مؤكدًا أن ذلك يعكس عدم دعمها لإسرائيل وكرهها لها.

وعند مراجعة خطاب نتنياهو، تبين أن هاريس بالفعل لم تحضر تلك الجلسة بسبب التزام مسبق بفعالية مجدولة مع جمعية "Zeta Phi Beta"، وفقًا لوسائل إعلام أميركية، إلا أنها التقت نتنياهو في اليوم التالي وأجرت معه محادثات، أكدت خلالها دعمها الثابت لإسرائيل.

عقب اللقاء، صرحت هاريس بأنها حثت رئيس الوزراء الإسرائيلي على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس في أقرب وقت، وذلك لضمان عودة العشرات من الرهائن المحتجزين إلى ديارهم بأمان، ووقف الأزمة الإنسانية في غزة.

تقرير عن لقاء هاريس بنتنياهو بعد يوم من خطابه أمام الكونغرس
تقرير عن لقاء هاريس بنتنياهو بعد يوم من خطابه أمام الكونغرس

العلاقات الأميركية الإسرائيلية في ظل قيادة هاريس

خلال المناظرة، صرّح ترامب بأن إسرائيل لن تبقى موجودة خلال عامين إذا فازت هاريس بالرئاسة. في ردّها على هذا الادعاء، أكدت هاريس مرة أخرى دعمها الثابت لإسرائيل. واستمرت في المناظرة بتكرار تأكيدها على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، حتى في سياق الحرب على غزة. وعلى الرغم من إشارتها إلى الكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة، فإنها أعادت التأكيد على موقفها.

ومنذ أن أصبحت عضوًا في مجلس الشيوخ، أبدت هاريس دعمًا واضحًا لإسرائيل. زارت إسرائيل للمرة الأولى كعضو في مجلس الشيوخ في عام 2017، حيث التقت نتنياهو واطلعت على نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية". خلال تلك الزيارة، أكدت على العلاقات القوية بين البلدين وأهمية استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل في القضايا الأمنية والعسكرية. هذا الدعم لم يتوقف، إذ شاركت هاريس في العديد من الفعاليات التي تعزز التعاون الأميركي الإسرائيلي، مثل تمويل القبة الحديدية وتخصيص مساعدات عسكرية كبيرة.

في مناسبات عديدة، أكدت هاريس التزام الولايات المتحدة بدعم أمن إسرائيل. في خطابها خلال مؤتمر AIPAC عام 2017، شددت على أهمية العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، ودعمت تخصيص 38 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل على مدى عقد. كما رفضت دعم بعض الجماعات الليبرالية مثل "جي ستريت"، التي تتخذ مواقف أكثر نقدًا تجاه إسرائيل، مما يعكس التزامها الثابت بدعم الدولة الإسرائيلية.

تأثير الادعاءات المضللة في المناظرات السياسية

تعدّ المناظرات السياسية فرصة للمرشحين، لتسليط الضوء على مواقفهم وتوجهاتهم بهدف التأثير على الناخبين. ومع ذلك، غالبًا ما تتخلل هذه المناظرات ادعاءات تفتقر إلى الأدلة الموثوقة.

وفي المناظرة بين ترامب وهاريس، ظهرت العديد من الادعاءات المضللة وغير المدعومة من كلا المرشحين، والتي تم استخدامها لتوجيه النقاش نحو قضايا حساسة وإثارة المشاعر لدى الناخبين، مما جعل الحوار يركز على نقاط جدلية غير موثقة بدلًا من الحقائق.

وكان جليًا أن كل مرشح حاول تعزيز موقفه، من خلال التركيز على قضايا الشرق الأوسط، وخاصة العلاقات مع إسرائيل. لكن التروّيج للادعاءات المضللة لا يُعدّ تحديًا للديمقراطية فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى تضليل الناخبين وتشويه المشهد السياسي، مما يجعل الحوار الانتخابي أقل موضوعية وأكثر استقطابًا.

اقرأ/ي أيضًا

مع اقتراب الانتخابات الأميركية: تبادل للمعلومات المضللة بين الأطراف السياسية المتنافسة

كيف يمكن لاستطلاعات الرأي توجيه الرأي العام وتضليل الناخبين خلال فترات الانتخابات؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة