تحقيق مسبار
نسمع كثيرًا بطائر الهُدهُد والتاج الذي يزين رأسه، حيث أنه استخدم في الكثير من الأساطير والروايات والحكايات الأدبية، كما أنه تم ذكره في القرآن الكريم.
في هذا المقال سيتم التعريف بطائر الهُدهُد، وبعض صفاته، إضافة إلى استعراض بعض من القصص المنسوجة عنه في التراث الإنساني والثقافة الإسلامية، كما سيتم البحث عن كلمة "هُدهُد" في بعض معاجم اللغة العربية والإجابة على سؤال هل يمكن جمع هُدهُد في اللغة العربية؟
طائر الهُدهُد
الهُدهُد، طائر متوج غريب المظهر لافت للنظر، لونه بنيّ مائل للوردي، على الرأس والكتفين وأجنحة سوداء وبيضاء، وله منقار أسود طويل منحنٍ إلى أسفل، وقمة على تاج الرأس طويلة بنية مائلة للوردي يرفعها الطائر في حالة الإثارة.
يتراوح معدل طول الهُدهُد بين 26 و28 سم، وطول جناحيه بين 42 و46 سم، ووزنه بين 47 و87 غرامًا. وتبلغ سرعة طيرانه نحو 40 كيلومترُا في الساعة.
يتغذى الهُدهُد على الحشرات والعناكب وغيرها من اللافقاريات الصغيرة وذلك عن طريق سبر الأرض بمنقاره الطويل المنحني.
تم العثور على طائر الهُدهُد في المناطق الممتدة من جنوب أوروبا وإفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، حيث يمكن للهُدهُد أن يهاجر بشكل موسمي لمسافات كبيرة تصل إلى 8000 كيلومتر باحثًا عن للطقس المعتدل، ومن الأمثلة على ذلك الصنف الأوراسي الذي يتنقل ما بين أوروبا وجنوب إفريقيا، أو ما بين الجزيرة العربية وجنوب القارة الهندية.
الهُدهُد في التراث الإنساني
يحتل طائر الهُدهُد مكانة مميزة في التراث الإنساني، حيث أن التاج الذي يعلو رأسه وقامته الممشوقة وألوان ريشه أعطوه الكثير من الأفضلية، وخاصة منذ أن بدأ الإنسان بإسقاط دلالات رمزية على عناصر الطبيعة وعالَم الحيوان والنبات.
المصريون القدماء مثلًا كانوا يقتنون الهُدهُد ويجدون رابطًا ما بينها وبين بعض مقدساتهم وخاصة "عين حورس" التي كانوا يعتقدون أنها قادرة على رؤية العوالم غير المرئية.
أما الإغريق فقد اعتقدوا أن الهُدهُد لديه قدرة على فتح الأماكن المغلقة، إضافة إلى اعتباره عقابًا حيث تقول الأسطورة أنه تمت معاقبة “تيريوس” ملك "تراقيا" بمسخه إلى هُدهُد.
وفي أوروبا في مرحلة ما يسمى القرون الوسطى، فقد كان الناس يعتبرون الهُدهُد علامة شؤم ينبئ بحلول كارثة طبيعية وخسارة المحصول الزراعي أو فناء قطيع المواشي، أو أنه ينذر بموت قريب.
أما العرب فقد نسبوا تاج الهُدهُد إلى أسطورة تتحدث عن برّ الوالدين، حيث قرر الطائر دفن والديه في وهدة خلف رأسه بعد أن جاب الأرض بحثًا عن مكان لدفنهما، وبالتالي فقد حصل على تاجه مكافأة ربانية على صنيع بِرِّه، حتى أنهم ربطوا رائحته النتنة بحمله للجيفتين.
أما في الشرق فكانت صورة الهُدهُد أكثر إيجابية، حيث تقول أسطورة فارسية أن الهُدهُد هو عروس هاربة تحمل مشطاً لصيقاً بشعرها، وفي أفغانستان اعتبروا الهُدهُد مرتبطاً بالسعادة والثراء، واعتبروا أن الذين يحط في بيتهم هُدهُد سيلحق بهم حظ سعيد.
الهُدهُد في الثقافة الإسلامية
أما في الثقافة الإسلامية فقد كان للهُدهُد مكانة استثنائية نظرًا لذكره في القرآن الكريم، حيث ورد ذكر الهُدهُد في القرآن الكريم في مسار تبليغ رسالة التوحيد في رحلته الأولى إلى قوم سبأ؛ إذ ساعدهم لخروجهم من ضلال عبادة الشمس إلى عبادة الله تعالى، كما أن "الهُدهُد" أتى النبي سليمان – عليه السلام – بالنبأ اليقين.
وبالتالي ترسخت مكانة الهُدهُد في الثقافة الإسلامية فأصبح قادرًا على أن يحمل من المهمات والرموز بصفته طائرًا مختارًا لتبليغ رسالة التوحيد، وحاملاً للخبر اليقين.
وتأثر الأدب الصوفي في الثقافة الاسلامية بالهُدهُد، ويُذكر في هذا السياق كتاب "منطق الطير" للشاعر "فريد الدين العطار"، (المتوفى عام 1221م)، حيث أن الكاتب يخصّ الهُدهُد بمكانة مركزية في عالم الطيور نظرًا لصفاته القيادية وبلاغة خطبه.
ففي قصة "منطق الطير" يبحث الطيور ويتقدمهم "الهُدهُد" عن طائر "السيمورغ" الأسطوري الذي يقيم في جبل قاف الأسطوري أيضًا، وبعد رحلة طويلة وشاقة يصمد عدد قليل من الطيور بينما لا يصل البقية بسبب التعب أو الجوع أوالموت أو اليأس؛ وحين يصل الطيور لا يجدون غير "مرآة" تنعكس فيها صورتهم.
تنهار الطيور في البداية من هول المفاجأة، لكن بعد برهة يستنتجون أن ما كانوا يبحثون عنه إنما هو موجود في داخلهم وليس في الخارج، ويستنتج الكاتب "عمران سلمان" في إحدى المقالات مغزى القصة بحسب تعبيره: «المغزى الأساسي من هذه القصة فهو أن الإنسان يبحث عن الله معتقدا أنه موجود في مكان ما، أو على هيئة ما، البحث عن الله هو بحث الإنسان في نفسه عن نفسه«.
هل يمكن جمع هُدهُد في اللغة العربية؟
نعم يمكن جمع هدهد، حيث وردت كلمة هُدْهُدُ في اللغة العربية في العديد من المعاجم، واتفق أغلب هذه المعاجم على أنه يمكن جمع هُدْهُدُ بكل من الكلمتين هَدَاهِد، و هَدَاهِيدُ.
ويمكن استعراض بعض مما ورد في بعض معاجم اللغة العربية حول جمع هُدْهُدُ كما يلي:
- في معجم القاموس المحيط
هُدْهُدُ: كُلُّ ما يُقَرْقِرُ من الطَّيْرِ، وطائِرٌ معروف،كالهُدَهِدِ والهُدَاهِدِ، والحَمامُ الكثيرُ الهَدْهَدَةِ، جَمْعُ هُدْهُدُ: هَداهِدُ وهَداهيدُ
- في معجم لسان العرب
وهَدْهَدَ الطائرُ: قَرْقَر.
وكلُّ ما قَرْقَرَ من الطير: هُدْهُدٌ وهُداهِدٌ؛ قالل الأَزهري: والهُداهِدُ طائر يشبه الخَمان؛ قال الراعي: كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جَناحَه،يَدْعُو بقارِعةِ الطَّريقِ هَدِيلا وجمع هُدْهُدُ هَداهِد بالفتح، وهَداهِيد؛ الأَخيرة عن كراع؛
- في المعجم الوسيط
الهُدْهُدُ: جنسُ طير من الجواثم الرَّقيقات المناقير، له قُنزُعة على رأْسه.
والهُدْهُدُ كلُّ ما يقرقر من الطَّير.
والهُدْهُدُ الحمامُ الكثير الهدهدة. وجمع هُدْهُد: هَدَاهِد، وهَدَاهِيدُ.
- في معجم اللغة العربية المعاصر
هُدْهُد: الجمع هَداهِدُ وهَداهيدُ
(الحيوان) جنس طير من فصيلة الجواثم الرَّقيقة المناقير، حسن الشّكل له ريش مجتمع فوق رأسه.
- سجود الهُدْهُد: مثَل لمن يكثر السجود
- عذاب الهُدهُد: مثَل لمن يسأم سوء العذاب
- هُدْهُد سليمان: مثَل للإنسان الصغير يدلّ على الشيء العظيم.
كُلٌّ ما يقرقر من الطَّير.
حمام كثير الهدهدة.
- في معجم الرائد
جمع هُدْهُد: هداهد وهداهيد.
هدهد: طائر ذو خطوط وألوان كثيرة.
هدهد: كل ما يردد صوته من الطير.
هدهد: حمام كثير الهدهدة.
- في معجم المعاني الجامع
الهُدْهُدُ (اسم):
جمع هُدْهُدُ: هَدَاهِد، و هَدَاهِيدُ
الهُدْهُدُ جنسُ طير من الجواثم الرَّقيقات المناقير، له قُنزُعة على رأْسه، والهُدْهُدُ كلُّ ما يقرقر من الطَّير، والهُدْهُدُ هو الحمامُ الكثير الهدهدة.
سجود الهُدْهُد: مثَل لمن يكثر السجود،
عذاب الهُدهُد: مثَل لمن يسأم سوء العذاب،
هُدْهُد سليمان: مثَل للإنسان الصغير يدلّ على الشيء العظيم.
- في معجم الغني
**هُدْهُدٌ**، ةٌ - ج:** هَدَاهِدُ**.[هـ د هـ د].: طَائِرٌ مِنْ فَصِيلَةِ الْهُدْهُدِيَّاتِ، مِنْ رُتْبَةِ الشَّقِرَّاقِيَّاتِ، جَمِيلُ الشَّكْلِ، ذُو خُطُوطٍ وَأَلْوَانٍ مُزَرْكَشَةٍ، يَتَمَيَّزُ بِقُنْزُعَةٍ، وَهِيَ بُنْدُقِيَّةُ اللَّوْنِ مُحْمَرَّةٌ، لَهُ مِنْقَارٌ طَوِيلٌ مُقَوَّسٌ، وَمِنْخَرَانِ مُسْتَدِيرَانِ، وَجَنَاحَانِ عَرِيضَانِ شِبْهُ مُسْتَدِيرَيْنِ.
- في معجم الصحاح في اللغة
هَدهَدَةُ الحمامِ: دويُّ هَديرِهِ هدهدة. والفحلُ يهَدهِدُ في هديره. وجمع الهَدهَدَةِ هَداهِدُ. قال العجاج: يَتْبَعْنَ ذا هَداهِدٍ عَجَنَّسا وهَدْدَتِ المرأة ابنَها، أي حرَّكته لينام. والهُدْهُدُ طائرٌ، والهُداهِدُ مثله. قال الراعي: كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُماةُ جناحَهُ والجمع الهَداهِدُ، بالفتح.