تحقيق مسبار
يتساءل الكثير من المواطنين والمقيمين فيما لو كان البيتكوين مسموحًا في السعودية أم لا، إذ أصبحت عملة البيتكوين محطَّ أنظار الكثيرين خصوصًا في منطقة الخليج العربي ومن ضمنها السعودية، وذلك بعدما وصل سعرها إلى مستوياتٍ قياسية.
فما هو البيتكوين وكيف يعمل؟ وهل البيتكوين مسموحٌ في السعودية؟ يجب المقال عن السؤال السابق، كما ويبين مزايا البيتكوين إضافةً إلى الفروقات بينه وبين العملات التقليدية.
ما هو البيتكوين وكيف يمكن استخدامه؟
"نظام النقد الالكتروني القائم على مبدأ النظير مقابل النظير"، هكذا عنوَن ساتوشي ناكاماتو الورقة البيضاء عند إطلاقه للعملةِ الرقمية "بيتكوين" في أغسطس من العام 2008، والبيتكوين (Bitcoin)، هي عملة مشفرة غير ملموسة، لها قيمة رقمية محفوظة ومخزنة على شبكة الإنترنت، أتت كبديلٍ عن العملات التقليدية الملموسة في المعاملات المالية، الإلكترونية منها على وجه الخصوص.
وتستند البيتكوين في عملها على تقنية (Blockchain) أو ما تُعرف باسم تسلسل الكتل، وهي تقنية تقوم على مبدأ إلغاء المركزية في عملها، بحيث تجعل من كافة المعاملات عليها تتم بشكلٍ مباشرٍ بين متعاملٍ وآخر من دون وجود وسيط، وهذا ما قصده ساتوشي بالنظير مقابل النظير، وبالرغم من كُثرة التعقيدات في الجوانب التقنية لكيفية عمل البيتكوين، إلا أنها تأتي للمستخدم بشكلٍ مُبسَّط على النحو التالي:
- يقوم المستخدم بإنشاء محفظة إلكترونية، ومن ثم الحصول على عنوانٍ خاص بالمحفظة من أجل إيداع البيتكوين بها.
- عند إجراء معاملةٍ نقدية باستخدام البيتكوين، يتم تسجيل المعاملة على الشبكة، وتمنع الشبكة أي تعديلٍ عليها عند إتمامها.
- يتم إرسال البيتكوين بالقيمة التي حددها المرسل إلى عنوان المحفظة الإلكترونية، حيث يتم تسجيلها وإعطائها قيمة رقمية.
- بعد اكتمال المعاملة المالية، يتم إضافتها إلى سِجِل عمومي، بحيث يمكن للجميع الاطلاع عليها.
تمتاز المعاملات المالية باستخدام البيتكوين بمستوى عالٍ من الأمان، بحيث لا تسمحُ الشبكة لأي أحدٍ بالتحكم في التحويلات المالية أو إجراء أي تعديلٍ على البيانات المسجلة عليها والمتعلقة بالتحويلات، وهذا ما يجعل الإقبال على هذه العملة كبيرًا، فعلى الرغم من أن المعاملات يتم تسجيلها على الشبكة ليكون الاطلاع عليها متاحًا للجميع، إلا أنها أيضًا لا تحتاج وجودِ طرفٍ ثالث من أجل إتمامها، وهو ما يُعرف باللامركزية في التعاملات المالية، على عكس المعاملات المالية باستخدام الأوراق النقدية التقليدية.
هل البيتكوين مسموح في السعودية؟
البيتكوين مسموح في السعودية، حيث لا يُمنع السعوديين والمقيمين على حدٍ سواء من إجراء المعاملات المالية باستخدام البيتكوين، ولم يصدُر عن الجهات الحكومية أي قوانينٍ أو تشريعات تمنع التعامل بالعملات الرقمية، وبالرغم من ذلك، حذرت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" من مخاطر التعامل بالعملات الرقمية مثل البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، وذلك للأسباب التالية:
- كون التعامل بالبيتكوين غير خاضع لرقابة حكومية سعودية.
- عدم وجود جهات رسمية تُشرف على عمل العملات الرقمية.
- المخاطر المالية العالية المرتبطة بتداول البيتكوين بسبب تذبذب أسعاره.
- جهل الكثير من المستثمرين بآلية عمل البيتكوين وما يترتب عليه من مخاطر.
وفي ذات السياق، أوضحت جريدة الاقتصادية أن البيتكوين مسموح في السعودية ولا يوجد قيودٍ على تعامل الأفراد به، وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ "الاقتصادية"، فإن الأنظمة المعمول بها في السعودية لا تمنع المستثمرين من إدخال عوائدهم الناجمة عن الاستثمار في البيتكوين أو باقي العملات الرقمية إلى الأسواق السعودية، بشريطة إدخالها بالطرق النظامية ومع وجود ما يُثبت مشروعية هذه الأموال.
وعلاوةً على ذلك، أعلنت مؤسسة النقد السعودية -وهي أعلى السلطات المالية في البلاد- أنها تستخدم تقنية سلسلة الكتل "بلوكتشين" في إجراء التحويلات المالية مع البنوك العاملة في السعودية، كما وأوضحت أنها تعمل على استكشاف أبعاد هذه التقنية واستخداماتها في المجال المالي، كما وأشارت في بيانها إلى أنها من أوائل البنوك المركزية حول العالم التي تستخدم هذه التقنية في إجراء معاملاتها المالية، مما يُشير إلى أن تداول البيتكوين مسموحٌ في السعودية.
بماذا يتميز البيتكوين؟
إن السِّمة العامة التي يمتاز بها البيتكوين هو السرية العالية على التحويلات المالية، وقد دفع ذلك بالكثير من أصحاب الأموال إلى الاستثمار في مجال العملات الرقمية والبيتكوين على وجه الخصوص، وفي ظلِّ ارتفاع قيمتها المتزايد، أصبح سوق تداول العملات الرقمية من أهم الأسواق المالية في العالم، ممَّا دفع الأفراد وصغار المستثمرين أيضًا إلى الاستثمار في البيتكوين، خصوصًا بعدما تضاعف سعر العملة ليصل إلى أرقامٍ قياسية مطلع العام الجاري، ومع ارتفاع شعبيتها يومًا بعد يوم، ازداد الإقبال على المضاربة في سوق العملات الرقمية لما فيه الكثير من الخصائص التي ميزته عن غيره من الأسواق المالية، ومن أهم هذه الميزات:
- الشفافية التامة: من مزايا التداول بالبيتكوين، شفافية المعلومات حول الصفقات المالية، حيث تبقى هذه المعلومات مخزنة على الإنترنت ومتاحةً للاطلاع عليها في أي وقت.
- قيود تداول قليلة: حتى فيما يتعلَّق بتداول البيتكوين، تبقى للمستثمر حرية عقد الصفقات أو إلغائها كما يشاء، حيث يمكن إرسال أو تلقي الأموال بالبيتكوين بدونِ أية قيود.
- مستوى عالٍ من الأمان: تتميز عملة البيتكوين بالأمان العالي، فنظرًا لاستنادها على تقنية "بلوكتشين"، لا يمكن أن تتعرض العملة الرقمية للاختراق أو التعديل على قيمتها، مما يمنح المستثمر الشعور بالأمان تجاهها.
- لا يوجد ضرائب: إن عملة البيتكوين لا تخضع لأي نظامٍ ضريبي لأي بلدٍ كان، ما يجعل التداول بها أكثر مرونة، كما وأنها تتميز بقلة الرسوم المفروضة على إجراء المعاملات المالية باستخدامها.
جعلت هذه الخصائص وغيرها من تداول البيتكوين أو المضاربة في سوق العملات المشفرة ذو هامش مخاطرةٍ منخفض، حيث يمكن للجميع المتاجرة بها بعد أن يتعلموا أساسيات التداول، بالإضافة إلى بعض مهارات التحليل المالي التي تساعدهم على تحقيق الأرباح، مما يوفر لهم دخلًا إضافيًا، كما ويمتاز البيتكوين أيضًا بارتفاع قيمته بشكلٍ مستمر على المدى البعيد، نظرًا إلى الطلب المتزايد عليه واتساع رقعة الاعتراف به عالميا.
الفرق بين البيتكوين والعملات التقليدية
منذُ أن بدأت المجتمعات باستخدام الأوراق المالية في تعاملاتها المختلفة كبديلٍ عن المقايضة -مقايضة سلعة بأخرى-، احتكرت الدول والحكومات إصدار عملاتها، حيث أصبحت العملة النقدية لأي بلدٍ تُعبّر عن سلطة هذا البلد على نظامه المالي وعملته الرسمية، إلى أن جاء البيتكوين بمفاهيم جديدة مختلفةٍ عن تلك التي عرفها الناس حول الأوراق المالية.
- اللامركزية: العملات الرقمية غير مركزية، حيث لا يوجد بنك مركزي يتحكم بإصدارها، في حين أن العملات التقليدية تخضع لقوانين البنوك المركزية ومؤسسات النقد المختلفة في الدول.
- النُّدرة: من أكثر المميزات التي يتمتع بها البيتكوين هو عامل الندرة، حيث إن عددها محدودٌ ولا يمكن إصدار المزيد منها، على عكس العملات الورقية التي يمكن طباعة المزيد منها كما هو الحال في الولايات المتحدة.
- الأمان: لا يمكن التلاعب بعملة بيتكوين برمجيًا، حيث لا يمكن اختراقها أو تزويرها أو حتى التلاعب بقيمتها. في المقابل، يمكن تزوير العملات التقليدية أو حتى التلاعبُ بقيمتها في بعض الأحيان.
ورغم الفروقات الكثيرة بين العملات التقليدية من جهة والعملات المشفرة من جهة أخرى، إلا أن البيتكوين وغيره من العملات المشفرة جاءت كبديلٍ للعملات التقليدية، تمتاز العملات التقليدية بالاعتراف الحكومي، وإلزام التعامل بها داخل البلد، على عكس البيتكوين الذي لا يحظى باعترافٍ عالميٍ كامل، بالإضافة إلى أن إجراء المعاملات المالية باستخدام العملات المشفرة ليس إلزاميًا، وإنما يظل أحد خيارات الدفع عند إجراء المعاملة.
اقرأ/ي أيضًا: