تحقيق مسبار
يَعرِف الكثر أن الغدّة الدرقية وهي إحدى الغدد الصماء تقع في العنق قرب الحنجرة، لذلك فإن الشعور بالألم في هذه المنطقة يدفع البعض للتساؤل فيما إذا كانت الغدّة الدرقية تسبب ألمًا في الحنجرة.
يُعرّف هذا المقال بالغدّة الدرقية وأهم أمراضها، إضافة إلى التعريف بالحنجرة وأهم أمراضها واضطراباتها بما في ذلك الأسباب والتشخيص والعلاج، كما سيتم الإجابة على سؤال هل الغدّة الدرقية تسبب ألمًا في الحنجرة؟
الغدّة الدرقية
هي غدّة صغيرة لها شكل الفراشة تقع في الجزء الأمامي من العنق، لها قسمان أيمن وأيسر يدعى كل منهما بالفَص الدرقي الأيمن أو الأيسر، لونها بني محمر بسبب ترويتها الدموية الغزيرة.
وتكوّن الغدّة الدرقية جزءًا مهمًا من جهاز الغدد الصماء في الجسم، وتفرز بدورها نوعين من الهرمونات الضروريين لجميع خلايا الجسم، وهما التيروكسين (Thyroxine) والثيرونين ثلاثي اليود (Triiodothyronine).
تتحكم الغدّة الدرقية بعمليات الاستقلاب في الجسم وتنظّم حاجات الخلايا المختلفة من الطاقة بواسطة هرموني الدرق التيروكسين و الثيرونين ثلاثي اليود، ويتم التحكم بالغدّة وإفرازاتها بوساطة الغدّة النخامية الموجودة في الرأس والتي تطلق ما يسمى الهرمون الموجه للدرق، ويتحكم هذا الهرمون بالغدّة الدرقية عبر تثبيط أو تحريض إفراز هرموناتها تبعًا لحاجة خلايا الجسم.
أمراض الغدّة الدرقية
من الأمراض الشائعة التي تصيب الغدّة الدرقية:
- فرط نشاط الغدّة الدرقية: وهو عبارة عن زيادة إفراز الهرمونات الدرقية، ويسبب الكثير من الأعراض ومنها خسارة الوزن وترقق الجلد والضعف العضلي وتضخم العنق، ويتم علاج فرط النشاط إما باستخدام الأدوية المضادة للدرق أو باليود المشع أو الجراحة بالاستئصال الدرقي.
- داء غريفز: هو مرض مناعي ذاتي يسبب إفراز كميات كبيرة من الهرمونات الدرقية وظهور أعراض فرط النشاط، لا يوجد علاج نوعي له لذلك يتم العلاج بشكل عرضي.
- قصور الدرق: ينجم عن نقص في إفراز الهرمونات الدرقية بسبب استئصال الغدّة مثلًا أو أذيتها بآليات أخرى، ويكون العلاج عن طريق تعويض الهرمون الدرقي.
- التهاب الدرق لهاشيموتو: وهو مهاجمة الجهاز المناعي لنسيج الدرق مما يسبب تدميرها وبالتالي نقص إفراز هرموناتها وظهور أعراض القصور، وليس له علاج نوعي.
- تضخم الغدّة الدرقية: وهو ينتج عن عوز اليود في الغذاء، قد تتضخم الغدة كثيرًا مسببةً تورم في العنق وخشونة في الصوت وعسرة بلع وصعوبة تنفس، مما يؤدي في النهاية إلى العلاج الجراحي.
الحنجرة
تتموضع الحنجرة فوق القصبة الهوائية في الناحية الخلفية من الحلق، وتتكون من حلقات غضروفية مشكلةً ما يسمى بتفاحة آدم، وتعتبر الحنجرة مسؤولة عن إنتاج الصوت والبلع، إذ تحتوي على بنية تشبه الصمام تدعى بلسان المزمار، وهو مهم جدًا إذ أنه يمنع دخول الطعام والشراب إلى الرئتين بتغطيته للقصبة الهوائية أثناء البلع.
يوجد في داخل الحنجرة حبال نسيجيّة مطاطيّة تدعى الحبال الصوتية، وهي المسؤولة عن وظيفة التصويت عند الإنسان، وتتقلص هذه الحبال أو تسترخي مع حركات الغضاريف الحنجريّة.
تتعرض الحنجرة للعديد من الإصابات والأمراض مسببةً فيها آلام مختلفة، لذلك يوجد ما يُسمى بعلم الحنجرة وهو فرع من طب الأذن والأنف والحنجرة الذي يركّز على مشاكلها وأمراضها وكيفية العلاج.
أعراض وعلامات أمراض واضطرابات الحنجرة
تختلف هذه الأعراض والعلامات حسب المرض أو الاضطراب الحنجري، وتشمل بشكل عام ما يلي:
- ألم في الحلق.
- بحة في الصوت.
- فقدان الصوت.
- صعوبة في التنفس.
- إحساس بألم في نهاية الحلق.
- الشعور بشيء عالق في الحلق ورغبة مستمرة في تطهيره.
تشخيص أمراض واضطرابات الحنجرة
يعتمد تشخيص أمراض الحنجرة على تجميع الأعراض والعلامات بالفحص السريري وكذلك التاريخ الطبي للمريض، مع الاستعانة طبعًا بالأدوات التشخيصية مما يؤدي لتشخيص مبكّر وبالتالي علاج أكثر فاعلية، ومن الطرق المتبعة في تشخيص أمراض الحنجرة:
- الفحص الجسدي ورؤية الحنجرة بالعين من خلال فتح الفم.
- تنظير الحنجرة باستخدام أداة تسمى منظار الحنجرة.
- التصوير بالأشعة السينية مع استخدام التنظير الفلوري أحيانًا.
- الخزعة وتعني أخذ عينة من الأنسجة وإجراء الفحوص المخبريّة النسيجيّة عليها.
أسباب أمراض واضطرابات الحنجرة
تتعرض الحنجرة للعديد من الأمراض والاضطرابات التي ربما تكون مباشرة في الحنجرة، أو بسبب تأثير إصابة الأعضاء المجاورة لها بأمراض معينة، ومن الأمراض التي تؤثر في الحنجرة:
- الأمراض المُعدية أو الالتهابية (مثل التهاب الحنجرة).
- الأمراض العصبية (مثل خلل النطق التشنجي).
- الآفات السرطانية (مثل سرطان الحنجرة).
- أمراض المناعة الذاتية.
- تشوهات في حركة الحبال الصوتية.
- آفات الحبال الصوتية غير السرطانية مثل البوليبات والعقيدات: إن لإجهاد الحبال الصوتية وإصابتها تأثير مهم على الحنجرة، مثل سوء استخدام الصوت والإفراط في استخدامه، ومن العوامل المسببة لإجهاد الصوت:
- السعال.
- التدخين.
- الغناء.
- الإفراط في استخدام المطهرات في الحلق.
- التحدث بصوت عالٍ جدًا والصراخ.
ويمكن أن تصاب الحنجرة أيضًا بأسباب غير مرضية بسبب تموضعها المميز في العنق، ومن هذه الأسباب:
- جراحة الغدّة الدرقية.
- جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية.
- جراحة العمود الفقري.
- أنبوب التنفس الموضوع أثناء التخدير.
علاج أمراض واضطرابات الحنجرة
تختلف أساليب العلاجات المجراة على الحنجرة باختلاف الآفة المسببة للمرض، ومن هذه الآفات وبعض أمراضها:
- التهاب الحنجرة: قد يُشفى لوحده أو يحتاج لمضادات حيوية مناسبة.
- النزف في الحبال الصوتية: وينجم عنه فقدان مفاجئ للصوت بعد الصراخ مثلًا، ويتم علاجه بإراحة الصوت حتى زوال النزيف.
- عقيدات الحبل الصوتي: هي آفات حميدة على الحبال الصوتية، أكثر شيوعًا عند المغنين والمدرسين والأشخاص الذين يفرطون في استخدام الصوت، ويتم علاجها بتعديل السلوك واستخدام العلاج الصوتي، ويمكن اللجوء للجراحة باستئصالها عند فشل العلاجات الأخرى.
- خلل النطق التشنجي: حالة عصبية نادرة يحدث بها تشنج غير إرادي لعضلات الحنجرة، وتعالج دوائيًا، وكذلك باستخدام العلاج الصوتي ولكن فائدته محدودة هنا.
- الورم الحليمي الحنجري: وهو عبارة عن عدوى فايروسية تسبب نشوء أورام حميدة في الحنجرة، ويسبب مشاكل في التنفس وبحّة في الصوت، ويُعالج بشكل أساسي بالاستئصال الجراحي ويمكن استخدام الأدوية المضادة للفيروسات.
- الارتجاع المعدي المريئي: وهو رجوع محتويات المعدة إلى المريء والحنجرة مما يسبب حرقة في الصدر والتهاب في الحلق وبحة صوت، ويُعالج بالأدوية المضادة لحموضة المعدة.
- سرطان الحنجرة: نوع من السرطان الذي يصيب الحنجرة ويكون أكثر شيوعًا بعد عمر الستين وعند الرجال أكثر من النساء، ويصيب بشكلٍ رئيسي الخلايا الحرشفية في الحنجرة، ومن أعراضه الألم أثناء البلع وتورّم في العنق وصعوبات تنفسية مع تغير في لحن الصوت وحدوث بحة، ويكون العلاج الأساسي شعاعي وجراحي وكيميائي.
هل الغدّة الدرقية تسبب ألمًا في الحنجرة؟
نعم، الغدة الدرقية تسبب ألمًا في الحنجرة بسبب العلاقة الوثيقة بين الحنجرة والغدّة الدرقية وقرب المسافة بينما، فإن إصابات الغدّة الدرقية سوف تؤثر على الحنجرة والعكس صحيح.
إذ أنه تُصاب الغدّة الدرقية بالعديد من الأمراض بعضها يسبب تضخمًا في العنق، مما يضغط على مجاوراتها ويسبب آلامًا وعسرة بلع وصعوبة في التنفس، كما يمكن أن تكون الغدة الدرقية تُسبب ألمًا في الحنجرة عند القيام بعملية جراحة الدرق، التي قد يكون لها اختلاطات كبيرة تؤثر على الحنجرة.
جراحة الدرق وتأثيرها على الحنجرة
يوجد العديد من الأسباب التي تحتاج لاستئصال الغدّة الدرقية وكذلك أمراض فشل فيها العلاج الدوائي مما يجبر الطبيب على اللجوء للجراحة.
ومن الأسباب الأربعة الرئيسية للجراحة الدرقية:
- عقيدة يشتبه بها على أنها سرطان.
- سرطان الغدّة الدرقية.
- تضخم في الغدّة الدرقية مع وجود أعراض محلية كصعوبة البلع والتنفس.
- عقيدة أو تضخم في الغدّة الدرقية إما بسبب عقيدات سامة أو داء غريفز.
ويعتبر هذا النوع من الجراحة خطير ويحتاج لأيدٍ خبيرة بسبب الاختلاطات الشائعة وأهمها:
- الضائقة التنفسية الحادة التي تحدث بسبب إصابة العصبين الحنجريين الراجعين.
- بحة صوت دائمة أو مؤقتة بسبب إصابة العصب الحنجري الراجع في جهة واحدة.
- تلف في الغدد جارات الدرق مما يؤدي لقصور مؤقت فيها.
ويشيع حدوث هذه المضاعفات بشكل أكبر في الجراحة المجراة على سرطان الدرق الغازي وإصابته للأوعية اللمفاوية، وكذلك في تضخم الغدّة الدرقية الكبير.