تحقيق مسبار
لا يزال الشوفان وكذلك نظام الكيتو الغذائي مصدرا حيرةٍ للكثيرين، لذلك يبرز سؤال هل الشوفان مسموح في الكيتو للذين يتبعون هذا النظام الغذائي.
يستعرض المقال الشوفان بأنواعه وقيمته الغذائية، ويشرح طريقة عمل نظام الكيتو الغذائي، ليُجيب على سؤال: هل الشوفان مسموح في الكيتو؟
الشوفان
الشوفان من الحبوب الكاملة، وهو نبات عشبي حولي. النوع الأكثر زراعة من الشوفان هو (Avena sativa)، تكثر زراعته في المناخات الرطبة والمعتدلة ومن الممكن زراعته في مناخات أُخرى. كان الشوفان يُستخدم في أوروبا الغربية كمحصولٍ لأعلاف الحيوانات كالخيل وثيران الجَر التي تعمل في الأراضي الزراعية، ونُقِل الى أمريكا الشمالية مع المستوطنين الجدد القادمين من أوروبا واقتصرت زراعته في بادئ الأمر في الأراضي الجديدة كعلف للحيوانات. لم تبدأ زراعة الشوفان للاستخدام البشري في أمريكا الشمالية بشكله الذي نعرفه اليوم إلّا خلال فترة الحرب الأهلية في أمريكا.
في أيامنا هذه أصبح الشوفان أكثر استخدامًا وانتشارًا، وأصبح يُزرع ويُستهلك على نطاق واسع جدًا. لعلّ أبرز استخدام للشوفان هو استخدامه كحبوبٍ للفطور أو في صناعة حلويات الرياضيين الصحية والبسكويت، ومؤخرًا انتشرت صناعة رغيف الخبز الصحّي من الشوفان. ويُصنّف الشوفان على أنّه من الأغذية الصحية عالية القيمة، لاحتوائه على الكثير من المعادن والفيتامينات والمكونات المهمة للنظام الصحي المتوازن.
أنواع الشوفان
للشوفان أنواع كثيرة ومتعددة، تاليًا أشهر أنواع الشوفان وأكثرها وفرةً في الأسواق:
- الشوفان المقطوع بالفولاذ (Steel-Cut-Oats)
ويطلق عليه أيضًا الشوفان الإيرلندي. يُعتبر هذا النوع هو الأقرب إلى محصول الشوفان الأصلي، فهو لا يُعالج بالبخار. يُقطّع محصول الشوفان باستخدام شفراتٍ فولاذيةٍ للحصول على حبةٍ أنعم من الشوفان، ويمتاز هذا النوع بسطحه الخشن وطعم أنقى وأنعم من الأصناف المُعالَجة.
يحتاج هذا النوع من 15-30 دقيقةً ليصل إلى القوام المطلوب عند الطهي أو لاستخدامه في تحضير الفطور، وبالإمكان نقعه قبل الاستخدام كي لا يستغرق وقتًا طويلًا عند الطهي.
- الشوفان الملفوف (Rolled Oats)
الشوفان الملفوف أو القديم كما يُطلق عليه أحيانًا، هو محصول الشوفان الذي يتعرّض للمعالجة بتبخيره ومن ثم تسطيحه. نكهته مُعتدلة وقوامه ناعم. يدخل هذا النوع في صناعة الكعك والخبز، ويستغرق من 2-5 دقيقة لتحضيره على شكل حبوب للفطور.
- الشوفان سريع التحضير (Instant Oat)
هو شوفان ملفوفٌ ومطهيٌ جزئيًا بالتبخير، ويتم لفّه بطريقةٍ أنعم وأصغر من الشوفان القديم المذكور أعلاه، يستغرق بضع ثوانٍ لتحضيره للفطور ويمتزج بسرعةٍ مع مكونات الطبخ الأخرى عند استعماله كعاملٍ مُثخّنٍ في بعض الوصفات أو في إعداد الحساء.
من الجدير بالذكر أنّ هناك بعض الأنواع من الشوفان السريع في الأسواق تحتوي على سكر ومُنكهات، لذلك يجب قراءة المكونات بصورة دقيقة عند شراء الشوفان.
القيمة الغذائية للشوفان
قد يكون الشوفان من أكثر الأغذية الصحية الموجودة، فهو كما ذكرنا مصدرٌ كبيرٌ للعديد من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، تُشكّل الكربوهيدرات 66٪ من الشوفان، حوالي 11٪ من الكربوهيدرات عبارة عن ألياف، بينما 85٪ من النشا، ويحتوي الشوفان على نسبة منخفضة جدًا من السكر، حيث يأتي 1٪ فقط من السكروز، ويعتبر الشوفان أيضًا مصدرًا جيدًا نسبيًا للبروتين، حيث يحتوي على البروتين أكثر من معظم الحبوب، علاوة على ذلك، فإنّ القيمة الغذائية ل 100 جرام من الشوفان هي كالتالي:
- السعرات الحرارية: 379 كيلو كالوري.
- الماء: 10.84 غرام.
- البروتين: 13.15 غرام.
- الكربوهيدرات: 67.7 غرام.
- السكر: 0.99 غرام.
- الألياف: 10.1 غرام.
- الدهون: 6.52 غرام.
الفيتامينات والمعادن في الشوفان
الشوفان غني بالعديد من الفيتامينات والمعادن، منها:
- المنغنيز: يوجد عادةً بكمياتٍ كبيرةٍ في حبوب الشوفان، وهذا المعدن النادر مهم للتطور والنمو والتمثيل الغذائي.
- الفوسفور: هذا المعدن مهم لصحة العظام والحفاظ على الأنسجة.
- النحاس: يعتبر النحاس معدنًا مضادًا للأكسدة، ويعتبر مهمًا لصحة القلب.
- فيتامين ب 1: يُعرف أيضًا باسم الثيامين، ويوجد هذا الفيتامين في العديد من الأطعمة، بما في ذلك الحبوب كالفاصوليا والمكسرات وفي اللحوم.
- الحديد: كعنصرٍ من مكونات الهيموغلوبين، وهو بروتين مسؤول عن نقل الأكسجين في الدم، فإن الحديد ضروري للغاية في النظام الغذائي للإنسان.
- السيلينيوم: يعتبر السيلينيوم من مضادات الأكسدة المهمة لعمليات مختلفة في الجسم، حيث ترتبط مستويات السيلينيوم المنخفضة بزيادة خطر الوفاة المبكرة وضعف وظائف المناعة والقدرة العقلية.
- الزنك: يشارك هذا المعدن في العديد من التفاعلات الكيميائية في الجسم وهو مهم للصحة العامة والمناعة.
طريقة عمل نظام الكيتو الغذائي
قبل الإجابة على سؤال هل الشوفان مسموح في الكيتو، لا بدّ من عرض نبذة تعريفية بسيطة عن نظام الكيتو الغذائي.
على العكس من الأنظمة الغذائية المشهورة الأخرى، يبتعد نظام الكيتو الغذائي عن أنماط الأكل الصحي، ويشجّع على اتباع نظام غذائي غني بالدهون ومتوسط في البروتين ومنخفض جدًا من الكربوهيدرات.
يتفق الكثير من أخصائيي التغذية على أنّ الحد الأعلى من الكربوهيدرات المسموح استهلاكه عند اتباع نظام الكيتو الغذائي هو 50 غرامًا، ومع ذلك فإنّ هناك بعضًا آخر من الخبراء وأخصائيي التغذية يوصون بأقل من هذه الكمية بكثير، فمنهم من ينصح بألّا تتجاوز كمية الكربوهيدرات 20 غرامًا يوميًا، مثل نظام آكتنز الغذائي على سبيل المثال.
يهدف الحد من استهلاك الكربوهيدرات في نظام الكيتو إلى الحدود المذكورة أعلاه هو إدخال الجسم في حالة استقلابية تسمى الحالة الكيتوزية. ففي حالة عدم وجود كميات كبيرة من الكربوهيدرات تدخل إلى الجسم، يتجه الجسم إلى تكسير الدهون المخزنة فيه، وينتج عن تكسير الأحماض الدهنية موادًا تسمّى كيتونات، يستخدمها الجسم كمصدر للطاقة.
من الجدير بالذكر أنّ نظام الكيتو الغذائي استُخدم تاريخيًا للمساعدة على إدراة حالة المصابين بالصرع. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدلة على أنه قد يكون مفيدًا لمرض الزهايمر واضطرابات الدماغ الأخرى، وكذلك مرض السكري، لكن الأبحاث العلمية والطبية في هذا المجال لا تزال في طور التكون.
وينطبق الشيء نفسه على فعاليته كنظام غذائي لإنقاص الوزن، والذي أصبح له شعبية متزايدة في السنوات العديدة الماضية.
هل الشوفان مسموح في الكيتو؟
الشوفان عادةً مسموح في الكيتو ولكن بشروطٍ صارمة، وذلك لأنّ كمية الكربوهيدرات الموجودة في الشوفان مرتفعة.
وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، تحتوي ثلاثة أرباع كوب من الشوفان المطبوخ على 21 غرامًا من الكربوهيدرات، 3 غرامات منها ألياف، لذلك فإن صافي كمية الكربوهيدرات هو 18 غرامًا، وهذا الرقم يقارب الحد اليومي للعديد من حمية الكيتو.
لكن يجدر الذكر، أنّ كمية الكربوهيدرات التي يمكن لمتبعي نظام الكيتو الغذائي تناولها يوميًا مع البقاء في الحالة الكيتونية تختلف من شخصٍ إلى آخر. ففي حين أن شخصًا ما قد يحتاج إلى تقييد تناوله بشكل صارم إلى 20 غرامًا من الكربوهيدرات الصافية يوميًا، فقد يتمكن آخر من تناول ما يصل إلى 50 غرامًا في اليوم. لذلك إذا كان الشخص من الفئة الأخيرة فالشوفان مسموح له في الكيتو بكمية صغيرة جدًا، يتم تحديدها اعتمادًا على كمية كربوهيدرات الأطعمة الأخرى التي يتناولها خلال اليوم.
إذًا يمكن القول أن الشوفان مسموح في الكيتو، لكن بكميات محسوبة وتختلف من شخصٍ إلى آخر.
الفوائد الصحية للشوفان
يَعزو الخُبراء الشوفان إلى مجموعة متنوعة من الفوائد الصحية، بما في ذلك خفض ضغط الدم وتقليل أخطار السُمنة ومرض السكري من النوع الثاني، ويذكر أيضًا من الفوائد الرئيسية للشوفان ما يلي:
- يُمكن أن يُخفّض الشوفان نسبة الكوليسترول
أكدّت الدراسات مِرارًا وتكرارًا أنّ الشوفان يُمكِن أن يخفض مستويات الكوليسترول، مما قد يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، فأمراض القلب تُعد السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، وارتفاع الكوليسترول هو عامل خطر جدًا يؤثر على اعتلالات القلب.
- قد يَمنع مرض السكري من النوع الثاني
أصبح داء السكري من النوع الثاني أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة، ويتميز هذا المرض بالتنظيم غير الطبيعي لسكر الدم، وعادةً ما يكون نتيجةً لانخفاض الحساسية لهرمون الأنسولين. وأظهرت الألياف القابلة للذوبان من الشوفان كالبيتا غلوكان (Beta Glucan) فوائدًا في التحكم في نسبة السكر في الدم، أيضاً في الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني ومقاومة الأنسولين الشديدة، قد أدّى التدخل الغذائي لمدة 4 أسابيع مع دقيق الشوفان إلى انخفاضٍ بنسبة 40 ٪ في جرعة الأنسولين اللازمة لتثبيت مستويات السكر في الدم، وتشير الدراسات إلى أن البيتا جلوكان قد يُحسن الحساسية تجاه الأنسولين، ويُؤخر ظهور مرض السكري من النوع الثاني أو يمنعه.
- يعزز الشوفان الشعور بالامتلاء
يلعب الشبع دورًا مهمًا في توازن الطاقة، حيث يمنعك من تناول الطعام حتى يعود الجوع، وترتبط إشارات الامتلاء المُتغيرة مباشرةً بالسُمنة، ففي دراسة صَنّفت تأثير الامتلاء لـ 38 نوعًا من الأطعمة الشائعة، احتل دقيق الشوفان المرتبة الثالثة بشكلٍ عامٍ والأول بين أطعمة الإفطار، حيث أنّ الألياف القابلة للذوبان في الماء، مثل البيتا جلوكان، تزيد من الامتلاء عن طريق تأخير إفراغ المعدة وتعزيز إفراز هرمونات الامتلاء. كما كشفت بعض الدراسات أيضاً، أنّ دقيق الشوفان قد يُعزز الشبع ويُقلل الشهية أكثر من حبوب الإفطار الجاهزة للأكل وأنواع أخرى من الألياف الغذائية. وبالإضافة إلى ذلك، الشوفان منخفض السُعرات الحرارية وغني بالألياف والعناصر الغذائية الصحية الأخرى، مما يجعله إضافة ممتازة لنظام غذائي فعال لفقدان الوزن.
- الشوفان خالي من الغلوتين إلى حد كبير
قد يكون النظام الغذائي الخالي من الغلوتين هو الحل الوحيد للأفراد الذين يُعانون من مرض الاضطرابات الهضمية، وكذلك للعديد من الأفراد الذين يعانون من حساسية الغلوتين، والشوفان ليس غلوتينًا ولكنه يحتوي على نوعٍ مشابهٍ من البروتين يسمى أفينين. وتشير الدراسات السريرية إلى أن كميات معتدلة أو كبيرة من الشوفان النقي يمكن تحملها من قبل معظم الأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية، وقد ثبت أن الشوفان يعزز القيمة الغذائية للأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين، مما يزيد من تناول المعادن والألياف.
سلبيات محتملة للشوفان
عادةً ما يكون الشوفان جيد للصحة، مع عدم وجود آثارٍ سلبيةٍ على الأفراد الأصحاء، ومع ذلك، قد يُعاني الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه الأفينين من أعراض سلبية مماثلة لأعراض عدم تحمل الغلوتين، ويجب عليهم استبعاد الشوفان من نظامهم الغذائي. أيضًا قد يكون الشوفان ملوثًا بحبوبٍ أخرى كالقمح، لأنه غالبًا ما تتم معالجته في نفس المرافق، لذلك، من المهم للأشخاص الذين يعانون من أمراض الاضطرابات الهضمية أو حساسية القمح أن يأكلوا فقط الشوفان الذي ثبت أنه نقي وخالٍ من الغلوتين.
اقرأ/ي أيضًا: