` `

هل ظهرت موسيقى الروك لأول مرّة في أربعينيّات القرن العشرين؟

موسيقى
15 فبراير 2022
هل ظهرت موسيقى الروك لأول مرّة في أربعينيّات القرن العشرين؟
ظهرت موسيقى الروك في بداية الخمسينيات من القرن العشرين (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تُعتبر موسيقى الروك نوعًا من الموسيقى الصاخبة التي ظهرت في منتصف القرن الماضي، وهي عبارة عن صوت سريع يجذب فئة الشباب بشكل كبير، وقد كانت هذه الموسيقى فرعًا من موسيقى البلوز الريفيّة المُثيرة للأمريكيين من أصل إفريقي، التي كانت تُعتبر موسيقى عِرقيّة، أمّا الروك فكانت مزيجًا من موسيقى البلوز وموسيقى الإيقاع الحضري، وكانت تستهدف الشباب والمراهقين في تلك الحِقبة الزمنية، كما كانت كلماتها تُعبّر عن مشاعر الحب التي يتم الرقص عليها بحُريّة وصخب. لكن ما هو تاريخ ظهور هذه الموسيقى، وما هي أنواعها؟ هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا الحالي بالتفصيل.

هل ظهرت موسيقى الروك لأول مرّة في أربعينيّات القرن العشرين؟

ظهرت موسيقى الروك في بداية الخمسينيات من القرن العشرين؛ حيث بدأ الشباب والمراهقين عند ظهورها بتغيير نمط لباسهم التقليدي المُتوافق مع القاعدة الأساسية في ذلك الوقت، وهي الشعر القصير والبناطيل الواسعة وغيرها من الأنماط السائدة، كما بدأوا بارتداء ملابس تتلائم مع موسيقاهم الجديدة؛ مثل الجينز الأزرق الضيّق والقمصان البيضاء، ثم بدأوا بتطويل شعرهم شيئًا فشيئًا وتمشيطه على كلا الجانبين بعد تثبيته بالفازلين.

انطلقت هذه الموسيقى في شيكاغو باعتبارها مركز موسيقى البلوز والإيقاع، وبدأ العديد من المُطربين بتبنّي أسلوب الروك؛ أمثال تشاك بيري الذي يُعتبر تأثيره الأقوى؛ حيث أطلق أغنيةً شهيرةً عام 1955 وكانت الأولى في سلسلة كلاسيكيّات الروك، وقد أصبح بفضلها واحدًا من أكبر النجوم من الأمريكان الأفارقة.

صورة متعلقة توضيحية

ما هي مراحل تطوّر موسيقى الروك؟

تُعتبر نوعًا من أنواع الموسيقى الشعبية التي استمرت في التطوّر وكان لها تأثيرًا واضحًا على مستوى العالم بحلول التسعينيات، كما أصبحت من أهم وأشهر الأنواع الموسيقيّة على الإطلاق. وظلّت في حالة ركود حتى نهاية الخمسينيات واستمرت شيكاغو بالتفرّد في رعاية وإنتاج التسجيلات عالية الجودة، وبرز عددٌ من المُطربين المشهورين في تلك الفترة. وعلى الرغم من كونها موسيقى ريفيّة من حيث الجذور؛ إلّا إنّ جمهورها منذ البداية كان حضريًّا يبحث بشكل أساسي عن الإحساس بالمجتمع والتواصل الاجتماعي في صالات ونوادي الرقص. لكنها واجهت أزمةً كبيرةً في كاليفورنيا عام 1956 حين أعلنت السُلطات عن حظرها تمامًا في التجمّعات العامة؛ نظرًا لوصفها بأنها موسيقى ضارّة بأخلاق وصحة الشباب. 

فترة الستينيّات

يُعتقد أن فترة الستينات هي الحِقبة الذهبية لموسيقى الروك؛ نظرًا لظهور أول مجموعة بيضاء البشرة تُغنّي الروك، كما تمّ إصدار أول ألبوم أمريكي لفرقة البيتلز، لعبت أعمال الموسيقى البيض دورًا هامشيًا في تاريخها المُبكّر في شيكاغو؛ إذ كانت التسجيلات الناجحة مُعتمدةً بشكل كليّ على الموسيقى الأمريكية الإفريقية، كما سجّل فريق باكنغهام مجموعةً كبيرةً من الأغاني الناجحة في الفترة الممتدة من عام 1966-1968 باستخدام البوق والجيتار وصوت يقترب من تقاليد موسيقى الجاز والبلوز، كما نشأت فرق جديدة تضمّنت تسجيلاتهم أبواقًا؛ مثل موسيقى الجاز، ثمّ ظهر هجين جديد من موسيقى البيض والسود عن طريق دمج الموسيقى مع الإمكانيات التكنولوجيّة؛ مثل استوديو التسجيل.

فترة السبعينيّات

أصبحت موسيقى الروك أكثر تطوّرًا وانتشارًا وهذا انعكس بشكل كبير على مبيعاتها؛ ممّا دعا أصحاب الأموال للاستثمار فيها وتحقيق أرباح كبيرة. لكن بحلول نهاية العقد بدأ الركود الاقتصادي في العالم وظهرت منافسات كبيرة على استثمار وقت الفراغ من قبل صانعي ألعاب الفيديو، هذا سبّب ركودًا في مبيعاتها بشكل كبير وكانت أوّل أزمة حقيقية لها.

فترة الثمانينيّات

بدأ السعي وراء إنقاذ الموسيقى من أزمتها الاقتصادية من خلال التسجيل الرقمي، واستُبدِلت سجلات الفينيل بالأقراص المضغوطة، وهذا حقّق انتعاشًا لها من خلال الاستماع لنفس الموسيقى بنظام صوتي فائق، وأصبحت موسيقى تستهدف الكبار، كما ظهر نمط جديد مُعتمد على التكنولوجيا الرقمية ومعالجة الأصوات، وبدأ استخدام البث التلفزيوني لتسويقها. وكان من أبرز نجوم هذه المرحلة مادونا ومايكل جاكسون؛ إذ كانت ألبوماتهم الأكثر شُهرةً ومبيعًا حول العالم، كما بدأت مرحلة إنتاج أعمال الفيديو وانتشار مُطربي الروك في الإعلانات التجارية لكبرى الشركات؛ مثل بيبسي وكوكا كولا، وبدأ الترويج لفكرة موسيقى واحدة في عالم واحد. لكن بحلول التسعينات بدأ ظهور الموسيقى المحليّة المُعتمدة على الاهتمامات المحليّة، التي أثّرت بدورها بشكل كبير على انتشارها عالميًا.

القرن الحادي والعشرين

بدأ الاعتماد في بداية القرن على الموسيقى الحيّة وبدأت صناعة الألبومات الغنائية تتراجع مقابل الحفلات الموسيقيّة؛ لذلك بدأت صناعتها تتحوّل إلى الأداء المُباشر للموسيقى لبيع الألبومات، وأصبحت الحفلات الحيّة المصدر الأساسي للأرباح، كما تمّ الاعتماد على الأغاني المُنفردة بدلًا من الألبومات.

ما هو تعريف موسيقى الروك؟

تتنوّع التعريفات حولها وتختلف قليلًا بين بريطانيا وأمريكا وبين المشرّعين الذين يسعون لتعريفها لأغراض تنظيميّة، لكن هناك إجماع على أنّها موسيقى ذات إيقاع قويّ، ويتم تعريفها كما يلي:

  • بحسب القاموس البريطاني-البريطاني: يُمكن تعريفها على أنها موسيقى ذات نغمات بسيطة وإيقاعات قويّة تُعزُف وتُغنّى بصوت عالٍ جدًا؛ ذلك عن طريق مجموعة صغيرة من عازفي الجيتارات الكهربائية والطبول. 
  • بحسب الحكومة الكندية: تُعرف على أنّها موسيقى ذات إيقاع قوي وتستخدم آلات متنوّعة؛ مثل الجيتار الكهربائي أو البيانو الكهربائي.
  • بحسب المُشرّعين البريطانيين: عرّفوها عام 1990 بأنّها جميع أنواع الموسيقى ذات الإيقاع القويّ، التي تعتمد بشكل كليّ على التضخيم الإلكتروني، وهذا ما أثار حفيظة مُصنعّي الموسيقى؛ لأن هذا التعريف برأيهم فشل في تقدير الاختلافات بينها وبين موسيقى البوب المُعتمدة على الأداء الفردي، وموسيقى الروك المعتمدة على الأداء الجماعي.
  • تعريفها العام: يُمكن القول أنّها نوعٌ من الموسيقى يعتمد على التكنولوجيا بدلًا من الاعتماد على الآلات؛ إذ كان النجوم الأوائل يعتمدون بشكل أساسي على مهاراتهم الصوتية، ثمّ أصبح الجيتار الآلة الأساسيّة للروك ويتم الاعتماد عليه في التضخيم بدلًا من الاعتماد على الصفات الصوتية. لاحقًا بدأ الاعتماد على التكنولوجيا في تخزين الأصوات واسترجاعها، أو التسجيل مُتعدّد المسارات، ثم تطوّرت التقنيات بشكل أكبر وبدأ استخدام التسجيل الرقمي، الذي يتيح للموسيقى التلاعب في الأصوات باستخدام تقنيات مُعيّنة بمهارات أفضل، هذا ساهم في الحصول على أصوات وإيقاعات قويّة دون ضوضاء.

من هم أشهر موسيقيي الروك؟

برز مجموعة من الموسيقيّين في فترة الخمسينيّات والستينيّات وما تلاها وكان لهم بصمات واضحة في تاريخها؛ وكان منهم:

  • إلفيس بريسلي: جسّد شكلًا جديدًا من الموسيقى الشعبية الأمريكية، التي كانت تعتمد على الجيتار مع إيقاع قوي مُستمد من تقاليد الأمريكيين من أصل إفريقي، كما اعتمد على البلوز وموسيقى الكنيسة وموسيقى الريف، وقد لمع نجمه بسرعة قياسية كأحد أهم الموسيقيين في تلك الفترة، هذا كشف عن القوة الثقافية والاقتصادية لوسائل الإعلام التي تستهدف المراهقين؛ مثل التسجيلات الصوتية والتلفزيون والإذاعة.
  • فرقة البيتلز: وهي فرقة من إنجلترا شكّلت نوعًا جديدًا من الموسيقى الشعبية البريطانية في فترة الستينيّات، كانت بمثابة تجربة للمزج بين موسيقى البيض والسود، تمّ فيها استخدام الجيتار الرئيسي والطبول وجيتار الإيقاع، وكان يتم تأدية أغانيها بواسطة مجموعة من الأفراد الذين عملوا على كتابة أغانيهم الخاصة وسجلوا أفكارهم الموسيقية المتنوعة، وحقّقت هذه المجموعة نجاحًا مبهرًا في تلك الفترة.
  • بوب ديلان: قدم بوب ديلان من مدينة مينيسوتا شكلًا جديًّا من الموسيقى جمع بين إيقاع الروك وأنماطًا من موسيقى البوب، كما أعطى وزنًا فتيًّا جديدًا للموسيقى الناشئة.
  • جيمي هندريكس: وهو عازف جيتار من سياتل، قدّم نوعًا وشكلًا جديدين متمثّلًا في حفلات الهواء الطلق وحفلات الاستاد، وأصبحت أصوات الجمهور العالية جزءًا من الإيقاع الموسيقي.
  • بوب مارلي: قدّم نوعًا جديدًا من الموسيقى الشعبية في السبعينيّات من القرن الماضي؛ حيث دمج الغناء المُستوحى من شيكاغو مع ضربات الروك، وأسّس شركةً تجاريةً كمصدر للمواهب الدولية وترك بصمة الريغي على موسيقى الروك.
  • مادونا: عملت على دمج الأصوات والأجهزة التقنية لتقديم مشهد فيديو نادي الديسكو في نيويورك، تمّ الترويج للفيديو عن طريق خدمات التلفزيون؛ ممّا أسهم في انتشار هذا النوع من الموسيقى الصاخبة.
  • فرقة ببليك إنمي (Public Enemy): قدّموا نوعًا جديدًا من الموسيقى الأمريكية الإفريقية في أواخر الثمانينيّات، استخدموا فيها تقنيات رقمية جديدة وأعادوا صياغة المشهد الصوتي من منظور جديد، كما شكّلوا موسيقى منسجمة مع الظروف السياسية.

ما هي أنواع موسيقى الروك؟

ظهرت أنواع مختلفة منها على مرّ السنين، وهي بمثابة أنواع فرعية من الموسيقى الرئيسية تتشابه قليلًا مع بعضها من حيث الجوهر؛ ومن أهم هذه الأنواع:

  • الروك البديل: حقّقت نجاحًا مبهرًا في الثمانينيّات وكانت بديلة لها، أيضًا احتوت على مجموعة من خصائص الروك الكلاسيكي إضافةً إلى عناصر فرعية أُخرى من أنواع الموسيقى فكانت خليطًا بينها، وكانت مشهورةً باستخدام الأجهزة والكلمات الحادّة. ومن أشهر الفِرَق التي أدّت هذا النوع فرقة ريد هوت تشيلي بيبرز وفرقة نيرفانا.
  • بلوز روك: تُعتبر مزيجًا بين موسيقى البلوز والروك؛ إذ يتم الدمج بين مقطوعات البلوز والإيقاع الصاخب مع أصوات الجيتار الثقيلة، ظهر هذا النوع في أوائل الستينيّات من القرن الماضي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة .
  • البروجريسيف روك: نوع ظهر في أواخر الستينيّات يتميّز بالأغاني الطويلة المُعتمدة على الكلمات العميقة، كما يتم فيها استخدام الأجهزة المُعقّدة.
  • إندي روك أو الروك المُستقلّة: تعتمد هذه الموسيقى على الآلات البسيطة والألحان الواضحة، ظهرت في السبعينيّات والثمانينيّات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكان الهدف من إطلاقها إيقاف النشاط التجاري للروك. 
  •  البانك روك: ظهر هذا النوع في السبعينيّات من القرن الماضي وتُعتبر مزيجًا من الأنواع الأُخرى؛ إذ تعتمد بشكل كبير على الغناء الشديد والإيقاع السريع، كما تدور كلماتها عادةً حول السخط الاجتماعي والاغتراب.
  • الروك المُخدّر: تعتمد هذه الموسيقى على تأثيرات الاستديو؛ مثل الصدى والصوت المعكوس والتشويه؛ حيث يتم دمج هذه التأثيرات مع الجيتارات الكهربائية.
  • الروك الناعم: ظهرت في أواخر الستينيّات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واستقطبت جمهورًا كبيرًا، يتم فيها الخلط بين عناصرها والآلات المتنوعة؛ لإخراج صوت ناعم نسبيًا مقارنةً بأصوات الروك الأُخرى.
  • الجاز روك: وهي مزيج بين الروك والجاز اشتهر في حقبة الستينيّات، تمزج بين خصائص موسيقى الجاز وآلات الروك من الطبل والجيتار الثقيلة.

ما هي ميّزات موسيقى الروك؟

لدى موسيقى الروك مجموعة من الخصائص أو الصفات التي تميّزها بشكل كبير عن أنواع أُخرى من الموسيقى؛ ومن أهمها:

  • الارتباط بالشباب: بدأت منذ انطلاقتها بالاهتمام بقضايا الشباب والمراهقين واهتماماتهم، وكانت مُوجّهة بشكل كبير لفئة الشباب؛ نظرًا لإيقاعها السريع، لكن بحلول منتصف الستينيّات أصبحت متعددة الوظائف ولا تقتصر فقط على المتعة والرقص، بل أصبحت تحمل معانٍ أكثر عُمقًا وتهتم بمسائل للفئة العمرية الأكبر من طُلّاب المدارس.
  • الأصالة: بدأت موسيقى الروك تحصد أرباحًا تجاريةً ضخمةً وتُباع من قبل شركات مُتعدّدة الجنسيات، لكنها بالرغم من ذلك ظلّت تُحافظ على أصالتها وهذا ما ميّزها عن موسيقى البوب؛ لأنها كانت تُعبّر عن مشاعر المؤدّي أو المُلحّن وتُمثّل الموقف الاجتماعي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يوجد فوائد للموسيقى الهادئة؟

هل يمكن تعلّم العزف على العود بسهولة؟

هل مؤلفات بيتهوفن من أشهر الموسيقى الكلاسيكية العالمية؟

هل يختلف تاريخ ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية عن الأجنبية؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على