تحقيق مسبار
يهدف التحكم في المناخ إلى التقليل من الآثار السلبية الناتجة عن التغيّرات المناخية، التي يشهدها كوكب الأرض خلال الوقت الراهن، بفِعل الأنشطة البشرية إلى جانب العوامل الطبيعية المُختلفة. يتطرق هذا المقال إلى بعض الإرشادات والتقنيات التي تساعد على التحكم في مناخ كوكب الأرض، بالإضافة إلى بيان بعض الآثار السلبية للتغيّرات المناخية الراهنة.
هل يمكن التحكّم في المناخ؟
هُناك العديد من الخطوات والاكتشافات التي يمكن الاعتماد عليها للتحكم بالمناخ على العموم؛ ذلك للتقليل من الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى الحدّ من الأضرار التي تسببت بها التغيّرات المناخية الناتجة عن أنشطة البشر، وعلى الرغم من ذلك إلّا إنّ هُناك العديد من الكوارث المناخية التي لا يُمكن السيطرة عليها؛ مثل الأعاصير والبرق وغيرها.
ما هي أبرز الإرشادات للتحكم في المناخ؟
فيما يأتي بعضًا من أبرز الخطوات التي يُمكنها المُساعدة على التحكم في المناخ والحدّ من الأضرار الناتجة عن التغيّرات المناخية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن:
- توفير الطاقة في المنزل: كثيرًا ما يتم الاعتماد على الغاز أو الفحم أو النفط لتوليد الكهرباء، وإذا قام المرء بالتقليل من استهلاك الكهرباء فإن ذلك يُقلّل من الحاجة إلى التوليد، وبالتالي فإنه يحدُّ من التقلّبات المناخية المرتبطة بتصاعد الأبخرة من توليد الكهرباء.
- استخدام وسائل النقل العامة: يُمكن للمرء المشي أو الاعتماد على وسائل النقل العامة؛ للتقليل من الانبعاثات التي تخرج من عوادم السيارات وتؤثر على المناخ، وهي واحدةٌ من الخطوات المُهمة للمُساعدة على التحكم في المناخ.
- تناول المأكولات النباتية: عادةً ما تحتاج الأطعمة النباتية إلى كميات مياه أقل، كما أنها تتطلب مساحات أقل، ولا تُطلق الكثير من الغازات ذات التأثير السلبي على استقرار المناخ مقابل الأطعمة الحيوانية.
- عم إلقاء الطعام: يؤدي إلقاء المزيد من الأطعمة إلى زيادة إطلاق غاز الميثان في مَكبّات النفايات، إلى جانب الغازات التي تمّ إطلاقها عند الزراعة، وهو ما يُقلّل من فرصة التحكم بالمناخ والسيطرة عليه.
- إعادة التدوير: تزداد كميات الكربون التي تتصاعد في الجو مع كل عملية من عمليات الإنتاج للأدوات والملابس والأشياء التي يشتريها المرء؛ لذلك فإنه ينبغي الحرص على إعادة التدوير للإسهام في السيطرة على المناخ.
- الإمتثال للقوانين: تقوم الكثير من الدول بوضع قوانين الطاقة التي تهدف إلى التحكم في المناخ والتقليل من التغيّرات المناخية السائدة في الوقت الراهن، ولا بُد من التزام هذه القوانين والحدّ من تجاوزاتها لضمان الوصول إلى النتائج المرجوّة.
- زراعة الأشجار: تقوم الأشجار بامتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون الذي يُؤدي إلى التغيرات المناخية؛ فإن كل شجرة تُسهم في امتصاص طنٍّ كامل من ثاني أكسيد الكربون طيلة حياتها تقريبًا.
- التسوّق بذكاء: عند التسوّق ينبغي اختيار المنتجات التي لا تحتوي على كثيرٍ من العبوات، كما أنه من الضروري اختيار وحدات الإنارة التي تقوم بإطلاق كميات أقل من الانبعاثات الضارّة أيضًا عند شراء المصابيح الجديدة.
ما هي أسباب التغيّرات المناخية في الأرض؟
هُناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى التغيّرات المناخية على كوكب الأرض، وفيما يأتي بعضًا من هذه الأسباب:
- الأسباب الطبيعية: تتسبب بعض العوامل الطبيعية بالتغيّرات المناخية؛ منها أشعة الشمس وثوران البراكين، ذلك لأن هذه العوامل تؤدي إلى إطلاق الغازات التي تُسهم في التقلّبات المناخية.
- الأسباب البشرية: تُسهم الكثير من الأنشطة البشرية في تصاعد الغازات والأبخرة في الجو ممّا يتسبب بتغيرات مناخية متسارعة؛ إذ نسبة هذه الغازات ارتفعت بشكلٍ غير مسبوقٍ في الفترة الأخيرة، ومن الأمثلة على الأسباب البشرية ما يأتي:
- حرق الوقود الأحفوري: يتم حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة؛ بما في ذلك الطاقة الكهربائية، وينتج عن عملية الاحتراق بعض غازات الدفيئة التي تتسبب بتغيّر المناخ، ولا بُد من تقليل هذه الغازات لأجل التحكم في المناخ.
- إزالة الغابات: إن الغابات مُهمة في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُسهم في التغيّرات المناخية، هذا يعني أن إزالة الغابات تؤدي إلى زيادة مستويات هذا الغاز في الجو، وينتج عن ذلك زيادة التغيّرات المناخية.
- استخدام الأسمدة: تُستخدم الأسمدة لتعزيز نمو النباتات في الأراضي الزراعية، وينتج عن هذا الاستخدام إطلاق أكسيد النيتروز الذي يؤدي بدوره إلى تقلّبات في المناخ.
- الإنتاج الحيواني: يُعد الإنتاج الحيواني من مصادر الدخل للكثير من الأفراد؛ إلّا إنّ هذا الإنتاج يؤدي إلى إطلاق غازات الميثان في الجو، وخصوصًا عند تربية الماشية أو الأغنام أو الماعز أو الجاموس.
- العمليات الصناعية: تؤدي العمليات الصناعية إلى إطلاق العديد من غازات الدفيئة والمركبات التي تتسبب بالتقلّبات المناخية؛ أبرزها مركبات الكلوروفلوروكربون؛ إلّا إنّه تمّ حظر هذه المركبات لتأثيرها السلبي على الأوزون.
هل يوجد تأثيرات سلبية للتغيّر في مناخ الأرض؟
هُناك العديد من الآثار السلبية للتغيّرات التي يشهدها مناخ الأرض في الوقت الراهن، ومن أبرز هذه التأثيرات ما يأتي:
- ارتفاع مستوى سطح البحر: من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر بشكلٍ كبيرٍ؛ إذا استمرت مشاكل التغيّرات المناخية وارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض حتى عام 2050، ويُمكن أن يؤثر هذا الارتفاع على مليار نسمة.
- تبييض الشُعَبْ المرجانية: إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 2 درجة مئوية حتى حلول عام 2100؛ فمن المتوقع أن تتعرض جميع الشُعب المرجانية إلى التبييض، وإذا ارتفعت بمقدار 1.5 درجة؛ فيمكن أن تصل نسبة الإصابة إلى 70% تقريبًا.
- ذوبان القُطب الشمالي: يمكن أن يذوب القُطب الشمالي بالكامل في غضون عقدٍ واحدٍ إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 2 درجة مئوية عند حلول عام 2100، أمّا إذا ارتفعت بمقدار 1.5 درجة؛ فمن المتوقع أن يستغرق الذوبان قُرابة القرن.
- موجات الحرّ: عادةً ما يتعرض البشر إلى موجات الحر الشديدة بشكلٍ دوريٍّ كل 5 سنوات، ويُمكن أن تصبح هذه الموجات أكثر تواترًا في حال لم يتم التحكم في المناخ بشكل جيد حتى حلول عام 2100.
- الفيضانات: تزداد فرصة هطول الأمطار بشكلٍ متكررٍ بالإضافة إلى تساقط الثلوج إذا استمرت التغيّرات المناخية الراهنة دون تحكّم بها على نحوٍ جيد، وهو ما يؤدي إلى زيادة نسبة الفيضانات حتى تصل إلى أكثر من الضِعف بحلول عام 2100.
- القضاء على موائل الكائنات الحية: ربما لا تستطيع العديد من الكائنات الحيّة التكيُّف مع التغيّرات التي تطرأ على موائلها الطبيعية ممّا يؤدي إلى موتها، وهي إحدى المشاكل التي تتسبب بها التغيّرات المناخية الناتجة عن ارتفاع حرارة الأرض.
ما هي تقنيات هندسة المناخ التي تهدف إلى التحكم في مناخ الأرض؟
يتم تطوير العديد من تقنيات هندسة المناخ التي تهدف إلى التحكم في مناخ كوكب الأرض، وهي من أبرز التقنيات التي تسعى بعض المؤسسات إلى تطويرها لضمان التحكم في المناخ، وفيما يأتي بعضًا منها:
- أبراج تبييض السحاب: يمكن للسحب البيضاء عكس الحرارة القادمة من الشمس إلى الخارج مرة أخرى، مما يساعد على التقليل من كمية الحرارة التي تصل إلى كوكب الأرض، وهي أبراج يتم تركيبها على قوارب مستقلة في المحيط لرش المياه إلى السُحب.
- بناء الكُتلة الجليدية: تمكّنت إحدى المؤسسات من تصميم غواصة لبناء الكُتل الجليدية في القُطب الشمالي، كذلك الحدّ من آثار الذوبان الذي يشهدها القطب خلال الوقت الراهن، وهي إحدى تقنيات التحكم في المناخ.
- تغذية المحيط: في هذه التقنية يتم نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى قعر المحيطات، وتبدأ تقنية تغذية المحيط بإطلاق الحديد في المُحيطات؛ للمساعدة على نمو بعض أنواع الطحالب المجهرية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
- التحسين الصناعي: تهدف هذه التقنية إلى ضخ المياه العميقة في المحيطات إلى السطح عن طريق الأنابيب الصناعية الكبيرة، لكن هذه التقنية يمكن أن تؤدي إلى نتائج معكوسة إذا لم يتم استمرار الضخ بشكل دائم دون توقّف.
- حجب ضوء الشمس: سعى بعض العلماء المختصين إلى تطوير تقنية يمكن الاعتماد عليها لحجب أشعة الشمس والتقليل من وصولها إلى الأرض، لكن بناء الهيكل المطلوب لحجب الأشعة مُكلف للغاية وربما يحتاج إلى البناء والتشكيل في الفضاء.
هل من الجيد الاعتماد على هندسة المناخ؟
ليس من الجيد الاعتماد على هندسة المناخ للتحكم في التغيرات المناخية التي تتعرض إليها الأرض خلال الوقت الراهن، وإنما يُفضّل كثيرٌ من المختصين القيام بخطوات تهدف إلى الحدّ من العوامل البشرية التي تسببت بهذه التغيرات للتحكم في المناخ؛ ذلك نتيجةً للآثار السلبية المُحتملة عند التحكم في المناخ عن طريق الهندسة المناخية.
الآثار السلبية للاعتماد على هندسة المناخ
في القائمة الآتية بعضًا من الآثار السلبية التي تترتب على هندسة المناخ:
- استمرار تحمّض المُحيطات: لن يتوقّف تحمّض المُحيطات وما يتبعه من آثار سلبية؛ إذا لجأ البشر إلى الهندسة المناخية للتقليل من مشكلة الاحترار العالمي، إلى جانب التحكم في المناخ دون التقليل من معدلات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية.
- تسارع الاحترار العالمي في بعض الظروف: إذا تعرضت تقنيات هندسة المناخ إلى مشكلة تكنولوجية تسببت بتوقّفها؛ فيُمكن أن يؤدي ذلك إلى تسارع مشكلة الاحترار العالمي والتغيرات المناخية بشكلٍ كبيرٍ بدلًا من السيطرة عليها.
- الأخطاء البشرية: يمكن أن يقع البشر في بعض الأخطاء عند تصميم تقنيات الهندسة المناخية أو تنفيذها، وقد تتسبب هذه الأخطاء بالعديد من الكوارث التي تصيب كوكب الأرض كما حدث في مُفاعِل تشرنوبل النووي وغيره.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن النجاة من الحوادث الجويّة؟