تحقيق مسبار
يبحث الآباء والأمهات عن نصائح للتعامل مع توحد الأطفال في المنزل، خاصة وأن أطفال التوحد يواجهون صعوبات في الانخراط مع العالم الخارجي. فما هو مرض التوحد؟ وما أسباب التوحد عند الأطفال وما هي أعراضه؟ وأخيرًا ما علاج التوحد عند الأطفال؟
مرض التوحد
مرض التوحد أو ما يُسمى باضطراب طيف التوحد (ASD) هو مرض عصبي ناتج عن اختلافات في الدماغ، يؤثر على النمو وعلى طريقة تفاعل وتواصل الشخص المصاب به مع الوسط المحيط، إلى جانب صعوبات في التعلم والتصرف.
يسمى مرض التوحد أيضًا باضطراب النمو، كون أعراضه تظهر في العامين الأولين من حياة المصاب. وتختلف شدة وأنواع أعراض مرض التوحد من شخص لآخر. وعلى الرغم من كونه مرضًا دائمًا ويستمر مع الشخص مدى الحياة، إلا أنه من الممكن التعامل معه للتخفيف من شدة أعراضه.
يُذكر أنّ عدد الأطفال الذكور المصابين بالتوحد أربع مرات أكثر من الإناث، كما وإنه من بين كل 100 شخص يوجد شخص واحد يعاني من طيف التوحد.
أسباب التوحد عند الأطفال
تتعدد أسباب التوحد عند الأطفال التي تجمع ما بين الجينات والجوانب البيئية التي تؤثر فيما بينها على التطور، لينتج عنها في النهاية ما يُعرف اضطراب طيف التوحد.
فيما يلي مجموعة من أسباب التوحد عند الأطفال:
- وجود أخ في العائلة مصاب باضطراب طيف التوحد، وإن احتمالية إصابة الأبناء بالتوحد في حال كان هناك ابن سابق مصاب به هي 2-18%. أما عن التوائم المتطابقة، فلو كان أحدهم مصابًا بالتوحد، فإن احتمالية تأثر الآخر به من 36-95%. أما لو كان أحد الأبناء مصابًا بالتوحد في التوائم غير المتطابقة، فإن احتمالية تأثر الآخر حوالي 31%.
- أن يكون الآباء أو أحد الآباء كبيرًا في السن يدخل ضمن أسباب التوحد عند الأطفال.
- ولادة طفل قليل الوزن عند الولادة.
- وجود حالات وراثية معينة كأشخاص مصابين بمتلازمة داون.
- وجود مضاعفات أثناء الولادة أحد أسباب التوحد عند الأطفال.
أعراض التوحد عند الأطفال
تظهر أعراض التوحد عند بعض الأطفال في الشهور الـ12 الأولى من حياتهم، وقد تظهر عند البعض الآخر خلال أول 24 شهرًا وأحيانًا بعد ذلك. وكيفما تتعدد الأعراض فإنه ليس من الضروري أن يواجه مريض التوحد كافة الأعراض المعروفة والواردة عن التوحد، كما من الممكن أن يصاب بجزء منها أو معظمها.
فيما يلي توضيح لأهم أعراض التوحد عند الأطفال:
- يبدو أن التواصل البصري غير المُتَّسق وغير المباشر أحد أهم أعراض التوحد عند الأطفال، إذ لا يستطيع الشخص المصاب بالتوحد استغلال خاصية التواصل البصري المستمر، كونهم يستمعون إلى الأشخاص دون النظر إليهم أحيانًا.
- صعوبة المشاركة في الألعاب التخيُّلية أو التي تتطلب إعمال الخيال، بالإضافة إلى وجود صعوبات في تكوين العلاقات والصداقات الاجتماعية.
- تكرار الأفعال أو السلوكيات، مثل تكرار كلمات وعبارات معينة.
- تختلف أعراض التوحد عند الأطفال فبعضهم لديه مهارات تحدث عالية، بينما البعض الآخر يواجه صعوبات لفظية.
- الاهتمام الشديد بمواضيع معينة مثل الأرقام، أو تفاصيل أمر ما.
- أحد أعراض التوحد عند الأطفال الالتفات والتركيز بالأشياء المتحركة مثل الكائنات.
- مواجهة صعوبات كبيرة في تغيير الروتين حتى لو كان تغييرًا بسيطًا، أو أمر قد اعتاد عليه فيما سبق.
- التحسس الزائد أو التحسس الأقل من العادي لبعض المُدخلات الحسية، مثل الضوء أو الصوت أو الحرارة أو الملابس، وهذا ما يجعلهم يواجهون صعوبات في حياتهم الاعتيادية عند الخروج في نزهة أو زيارة مطعم يوجد بداخله موسيقى خافتة قد لا يلتفت إليها الشخص العادي، بينما تكون مصدر إزعاج وتوتر للمصاب بالتوحد. حتى أن التلامس الجسدي كالحضن، قد يكون مصدر تحسس عند البعض منهم، الأمر الذي ينقل صورة بكونهم غير اجتماعيين أمام الناس.
- مواجهة بعض المشكلات عند النوم كالتهيج، كما ويعاني أكثر من نصف أطفال التوحد من مشاكل النوم المزمنة.
- التعبير بحركات وجه وإيماءات لا تتناسب مع ما يُقال.
- ملاحظة نبرة صوت غير عادية، فقد تكون غنائية أو تشبه صوت الروبوت.
- يتعرض أطفال التوحد للاضطرابات المزمنة المتعلقة بالجهاز الهضمي أكثر بـ 8 مرات من الأطفال غير المصابين بالتوحد.
- صعوبة فهم أو تنبؤ وجهات نظر الآخرين وردود أفعالهم.
- الاستمرار في الحديث عن موضوع معين دون توقف، ودون ملاحظة عدم اهتمام الشخص الآخر للموضوع المطروح، ودون تقديم مساحة لهم للرد.
- التعامل مع الأشياء بجمودها وليس بما تحتويه من معانٍ خفية، كاتخاذ معاني الكلمات حرفيًا، وهذا ما يجعلهم محتاجين طيلة الوقت لمساحة تمكنهم من معالجة المعلومات وفهمها والإجابة عليها.
علاج التوحد عند الأطفال
يدخل ضمن أهم طرق علاج التوحد عند الأطفال تشخيص المرض في وقت مبكر من وقت الإصابة به، إذ يصبح من الأسهل الإحاطة بالمرض والسيطرة عليه والبدء بعلاجه بسرعة، ويكون ذلك في سن الثانية من عمر الطفل، من خلال عرضه على الطبيب لتقييم حالته وسلوكه وأنماط تطوره.
ولا يوجد علاج واحد معين للتوحد عند الأطفال، كونه يتسبب بحدوث مشكلات عدة، بالتالي فالعلاج يتضمن أساليب وتركيبات مختلفة من العلاجات والخدمات. وبحسب الأعراض الظاهرة يتمكن الطبيب من التعامل مع الحالة، كتلك المتعلقة بالتهيَّج أو العدوانية أو السلوكيات المتكررة أو فرط النشاط أو الاكتئاب.
ويتضمن علاج التوحد عند الأطفال تقليل الأعراض المرتبطة بالأداء اليومي ونوعية الحياة. فعلى سبيل المثال، تعتبر الألعاب أحد الوسائل العلاجية، فهي طريقة يستطيع فيها المصاب بالتوحد التعبير عن نفسه، والتعلم والتواصل مع الآخرين. ويجدر الانتباه بأنهم أشخاص يلعبون بطريقتهم الخاصة، فالبعض منهم قد يركز على جزء معين من اللعبة وليس اللعبة بأكملها.
وإلى جانب العلاج باللعب يساعد العلاج النفسي الطفل المصاب بالتوحد على العلاج أو التخفيف من حدة الطيف، فالتقاء الطفل بمعالجه النفسي مدة 25 ساعة في الأسبوع الواحد يُحسِّن من حالته ويزيد من تطوره.
أما عن النطق عند بعض أطفال التوحد فيُعَالَج عند متخصصين في علاج النطق، وهو أمر مهم ليتمكنوا من التواصل والتفاعل مع الآخرين والوسط المحيط. وقد يتطرق المدربون لتعليم أطفال التوحد لغة الإشارة أو التعبير عن النفس من خلال الصور.
هل هناك نصائح للتعامل مع توحد الأطفال في المنزل؟
بالتأكيد، هناك نصائح جيدة للتعامل مع توحد الأطفال في المنزل، إذ يحتاج بعض المصابين بالتوحد، وخاصة الأطفال منهم، للإحاطة بأشخاص ذي علم ودراية بكيفية التعامل مع حالتهم الخاصة سواء في المنزل أو خارجه، بينما هناك بعض آخر لا يحتاج إلى ذلك الاهتمام المستمر وهذا بحسب شدة الاضطراب من شخص لآخر.
فيما يلي طرح لأهم النصائح للتعامل مع توحد الأطفال في المنزل:
- الاستمرار باللعب مع الطفل داخل المنزل لتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية، على أن يكون اللعب بالطريقة التي يحبها طفل التوحد، مثل ألعاب المطاردة أو الدغدغة أو نفخ الفقاعات أو التأرجح.
- يمكن التعامل مع توحد الأطفال في المنزل من خلال تعزيز عاطفة طفل التوحد بالطمأنينة والهدوء ضمن وسائل الرعاية النفسية.
- يتوجب على آباء وأمهات الأطفال المصابين بالتوحد القراءة حول مرض التوحد، والإلمام به وبتأثيره على المصابين به، حتى يحاطوا بقدر جيد من الصبر للتعامل مع أطفالهم واحتوائهم، سواء داخل المنزل أو خارجه.
- من المهم أن يتشارك الآباء والأمهات في مساعدة طفل التوحد على النطق داخل المنزل، من خلال التحدث معه أو أخذ دورات في التعامل مع طفل التوحد.
- تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، وهو أحد المعايير الهامة في علاج التوحد، وهو تدريب على الإنترنت يمكن الحصول على نتائج رائعة من خلاله ومن داخل المنزل. وفي حال كان الحصول عليه صعبًا، من الممكن تعلُّم أساليبه والتي تعتمد على التعليم التسلسلي لطفل التوحد وتقسيم المهمة لخطوات، وعند نجاح كل مهمة يتم مكافاة الطفل ومن ثم الانتقال لمهمة أخرى.