تحقيق مسبار
تمركزت صناعة الفخار في عدد كبير من الدول حول العالم، وكان لها دور في تحسين سبل المعيشة من خلال توظيف المشغولات الفخارية في الحياة العملية اليومية، كتلك المستخدمة في الأواني وأكواب الشرب وغيرها.
توضح المقالة التالية ماهية الفخار، وتُقدم معلومات عن صناعة الخزف والفخار وأشكال الفخار، ومعدات وأدوات صناعة الفخار، وطريقة صنع الفخار في المنزل، وأهم المعلومات الواردة عن الفخار.
الفخار
الفُخَّار هو أحد أشكال الطين المصنوع من خلال تعريض الطين للنار، ويُصنع منه الأواني والأطباق والأكواب، ويمتهن صناعته مجموعة الحرفيين والمهتمين بهذا المجال.
صناعة الفخار
يتم صناعة الفخار من عنصر أساسي وهو الطين، والذي يمتلك خاصيتين تساعد في عملية تشكيله وتحويله من مجرد مادة إلى مُجسم، وهما قدرته على التشكُّل وإمكانية تصلُّبه بمجرد تعريضه للنار. وينتج عن تعريض الطين للحرارة مادة هشة ولكنها غير قابلة للتلف نسبيًا، كونها قادرة على محاربة الماء والتآكل الذي يصيب المعادن والمواد العضوية بمختلف أنواعها.
ويُعتبر التشكيل اليدوي للفخار أحد أقدم وأول طرق صناعة الفخار، وعلى الرغم من مدى قدمها، إلا أنها ما تزال تُستخدم عند اليابانيين في صنع أكواب شاي راكو، وذلك بالاعتماد على أصابع اليدين والإبهام بشكل خاص.
صناعة الخزف والفخار
تعتمد صناعة الخزف والفخار على درجة الحرارة التي تعرَّض لها الطين المُساهِم في صنع كلٍّ منهما، بالإضافة إلى المواد المضافة إلى لطين، إذ هناك فرق بين الخزف والفخار. وكون الطين مادة حرارية، أي تتأثر بالحرارة، فعندما يتم تسخينه لدرجة حرارة معينة، يتحوَّل الطين من حالته سهلة التشكيل إلى الحالة الصلبة والمتماسكة، والتي تُشكِّل في النهاية ما يعرف بالفُخار، ويصبح الطين في هذه الحالة غير قابل للذوبان في الماء، على عكس حالته الأولى. ويجدر القول أن الفخار يتميز بمساميته وخشونته.
أما عن صناعة الخزف فهناك نوعان رئيسيان من الخزف، وهما:
- الخزف الحجري: وهو شكل معتم وغير مسامي، يُصنع من مزج الطين مع مادة فيتزجَّج عند درجة حرارة 2200 فهرنهايت.
- البورسلان: وهو مُنتَج شفاف، يتم الحصول عليه بعد مزج الطين بالفلسبار، أو الحجر الصابوني، ثم تعريضه للحرارة من 2000 إلى 2650 درجة فهرنهايت.
ويصف البعض البورسلان بكونه مادة نصف شفافة، خاصة عند وضعه في الضوء. ويُشار إلى الخزف الحجري بكونه خزفًا غير شفاف، ومُزجَّجًا جزئيًا. بينما يصف الصينيون البورسلان بأنه المادة التي تعطي نغمة معينة بمجرد النقر عليها. ولا شك أن صناعة الخزف والفخار ككل صناعة مهمة حول العالم.
أشكال فخار
تختلف أشكال الفخار وأحجامه بحسب الهدف المصنوع لأجله. ولقد اعتمد اليونانيون على صناعة الفخار بأشكاله المتعددة منذ القدم، وكان أهم أشكال الفخار آنذاك والتي استخدمت فيما بعد لنفس الأغراض:
- الأواني الفخارية لتخزين الطعام ونقله، وشرب الماء والسوائل.
- الصواني الفخارية المستخدمة كحاوية للعطور والأكواب وغيرها.
- الأشكال الفخارية المرسومة بأشكال هندسية من دوائر وأقواس، وأشكال حيوانية وبشرية، والتي كانت تستخدم في الديكور.
- أشكال الفخار المصنوعة للتعبير الفني الإبداعي من قبل مجموعة الفنانين والحِرَفِيِّين، الذين طوروا من مهاراتهم في فن الرسم والتظليل على الفخار.
معدات وأدوات صناعة الفخار
من أجل صناعة الفخار، هناك معدات وأدوات يُستخدم كل منها لأداء مهمة ما خلال العملية. وتاليًا أهم معدات وأدوات صناعة الفخار:
- عجينة الطين: وهو المُكوِّن الأساسي والأول في صناعة الفخار.
- عجلة الفخار: ويُستلزم استخدامها في المنتجات الفخارية ذات الأشكال الدائرية والمتماثلة، وتحتاج لفترة من التدريب للعمل عليها بمهارة عالية. ويمكن الاستغناء عنها واستخدام اليد في حال لم تكن متوفرة.
- الفرن: لتسخين العجينة التي تم تشكيلها.
- إسفنجة: من أجل تنعيم الأسطح.
- مناشف قطنية: للتخلص من الرطوبة والماء خلال صناعة الفخار، إلى جانب منشفة الركبتين لمنع تلطخ الملابس بالطين، ويمكن ارتداء المئزر لتجنب التلطخ الكامل.
- إبر الخزاف: والتي تستخدم في قص حواف الفخار العلوية، عندما يكون الفخار على العجلة الدوارة، أو في مرحلة صنعها عن طريق اليد. وهي إبر ثقيلة وطويلة تُوضَع في مقبض، يمكن أن يكون خشبيًا أو معدنيًا أو بلاستيكيًا.
- خيوط القطع: خيوط ذات مقبضين من الطرفين، والتي تقطع الأشكال الكبيرة وتقوم بفصل الأدوات عن العجلة، لتسهل عملية نقلها من مكان لآخر. وهناك نوع مخصص من الخيوط للفخار، ويمكن استخدام الخيوط المرنة في حال لم تتوفر الأولى.
- سكاكين التقليب: وهي سكاكين ذات شفرات رفيعة، ويوجد منها أنواع صلبة ومرنة، تستخدم في تقليم وقص الألواح والأشكال الفخارية.
- جلد الشامواه: والذي يدخل في عملية ضغط وتنعيم الحواف، من خلال تبليله بقليل من الماء واستخدامه.
- فرجار الفخار: والذي يستخدم لقياس الأبعاد الداخلية والخارجية للأواني الفخارية، مثل قياس قاعدة إبريق الفخار مع أرضية الحوض الداخلية.
هل يمكن تعلّم صناعة الفخار في المنزل؟
من الممكن تعلُّم صناعة الفخار بسهولة وتطبيقها داخل المنزل، كأحد التدريبات والأنشطة البيتية المفيدة في تطوير الذات، واستخدامها كمصدر دخل في حال تم تعلمها بحرفية عالية، وبأنماط جديدة، نظرًا لوجود نسبة لا بأس بها من الأشخاص المحبين للفخار اليدوي المزخرف والملون بأشكال مختلفة، والذي يستخدم لأغراض متعددة.
طريقة صنع الفخار في المنزل
من أجل صنع الفخار في المنزل تستلزم العملية تحضير بعض معدات وأدوات صناعة الفخار البسيطة أولًا، ومن ثم البدء بالعمل كما يلي:
- تحضير عجينة الطين المُناسِبة للفخار، ومن الممكن تحضيرها منزليًا من خلال خلط أربعة أكواب من الطحين مع كوب من الملح، وكوب ونصف من الماء، وتشكيلها بالطريقة المطلوبة، ثم تسخينها لمدة ساعة على درجة حرارة 350 درجة فهرنهايت، أو عند ملاحظة تحوُّل حواف الطين إلى اللون البني. وهناك أنواع مختلفة من الطين كالصلصال منخفض النار، والذي يستخدم في صنع فخار بألوان زاهية، أو عالي النار المقاوم للماء وسهل التشكيل، وطين عجينة الفيمو التي تأتي بألوان متعددة ويتم خبزها في فرن عادي.
- في حال كان الهدف صناعة أواني دائرية الشكل أو لها تماثُل معين، يُفضَّل استعمال عجلة الفخار والتي تقدم نتائج مرضية في هذا المجال. وفي حال لم تتوفر عجلة الفخار في المنزل، يمكن استعمال طريقة الضغط باليد للحصول على الشكل المطلوب، من خلال أصبعَي الإبهام والسبابة، وقلب العجينة بين راحتي اليد مع الحفاظ على تساوي الجدران. أو الاستعانة بشكل دائري متواجد في المنزل كالأكواب على سبيل المثال.
- في الأشكال المُجوَّفة وغير المتماثلة، يمكن اختيار وسيلة لف الطين في سطور مُتراصَّة فوق بعضها البعض، بدلًا من صنع كومة واحدة من الطين.
- في حال تطلب الأمر صناعة أشكال مسطحة، يمكن فرد الطين أو الصلصال على كيس بلاستيكي لمنع الالتصاق، أو المسح بزيت الطهي.
- وضع الفخار في فرن كهربائي بدرجة الحرارة التي تتناسب مع نوع الطين المستخدم، ثم تركه حتى يبرد.
- يمكن سنفرة الفخار في حال لم تكن بعض المناطق ناعمة من خلال ورق الصنفرة، وإزالة الغبار المتبقي بإسفنجة.
وهكذا تبدو صناعة الفخار في المنزل أقل تعقيدًا بعد التعرف على خطواتها تدريجيًا.
معلومات عن الفخار
تتمحور أهم المعلومات الواردة عن الفخار في تاريخه، خاصة وأن الفخار تواجد منذ العصر الحجري أي ما قبل الميلاد وامتدت مراحل تطوره وصولًا بالوجود الإسلامي، وحتى ما بعد الثورة الصناعية. فيما يلي شرح لأهم المراحل التي تواجد فيها الفخار عبر التاريخ:
- مرحلة ما قبل الميلاد: تواجدت صناعة الفخار منذ العصر الحجري، وهذا ما أثبتته الحفريات الموجودة في مستوطنة على هضبة الأناضول، والتي تضمنت مجموعة من الأواني الفخارية التي قُدِّرَ عمرها بما يقارب 9000 عامًا. كما تم اكتشاف مجموعة متنوعة من الفخار المصنوع يدويًا يعود تاريخه 6500 قبل الميلاد، إلى جانب الفخار اليدوي، والذي تم العثور عليه في بلاد الرافدين، أسفل الرواسب الطوفانية ويعود أصله لـ 3000 قبل الميلاد.
وفي مرحلة 3100 ما قبل الميلاد، كانت مصر تصنع الفخار بأشكال متنوعة، الهندسية منها والحيوانية والزخرفية.
ويُذكر أن أول الفنون الخزفية كانت في منطقة بحر إيجة في العصر الحجري الحديث، حيث كانت تُصنع المزهريات الفخارية اليدوية بعناية بالغة. ولقد انقسمت المناطق المركزية لصناعة الفخار آنذاك إلى أساسيين يتواجد كل منهما في ثيساليا وكريت، يقدم حرفيو المركز الأول فخارًا أحمرَ بلون واحد، بزخرفات بسيطة، أما حرفيو كريت فقد تميزوا بإنتاج الفخار مصقول السطح. - مرحلة الوجود الإسلامي: تمكّن الفخار الإسلامي والذي كانت تنتجه عدد من الدول، منها بلاد الشام ومصر وبلاد الرافدين وأفغانستان والأناضول وبلاد فارس، من صناعة فخار عالي الجودة والذي طور من الفخار الأوروبي بشكل ملحوظ. وفي العصر العباسي، بدأت صناعة الفخار في تطور في الشرق الأوسط، بسبب استقبال هارون الرشيد لأواني تانغ الخزفية في سنة 800 ميلادي. وهو أحد أشكال الفخار الصيني الذي يركز على الشكل والقوام، والذي حسَّن من الإنتاج الإسلامي، الذي كان يركز على الألوان والديكور في تلك الفترة، حتى وصل تطور صناعة الفخار بهذه الطريقة إلى بغداد وبلاد الرافدين ومصر.
- مرحلة ما بعد الثورة الصناعية: ابتداءً من القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحالي، وهي مرحلة جيدة في تطور صناعة الفخار، بسبب استبدال صناعته يدويًا بالصناعة الآلية، التي لا يوجد فيها مجالٌ للأخطاء البشرية، أو حتى البصمة التي تقدمها المشغولات الفخارية المصنوعة عن طريق اليد. وتطورت سبل الصناعة حتى الوقت الحالي، وأصبح هناك مصانع خاصة في صناعة الفخار.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن صناعة الصابون الطبيعي في المنزل؟
هل يمكن عمل أشغال يدوية بالقارورات البلاستيكية؟
هل يوجد أكثر من طريقة لصناعة السكر؟
