تحقيق مسبار
بعد حدوث كل زلزال، تحدث العديد من الهزات الارتدادية لفترة زمنية معينة، وبعض هذه الهزات تكون لها نتائج تدميرية أو آثار نفسية مخيفة للناس، مما يدفع الكثيرين للبحث عن الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية في الزلازل.
سنتعرف في هذا المقال على الهزات الارتدادية وسبب حدوثها، ومعدل تكرارها ودرجة خطورتها، إضافة إلى توضيح الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية في الزلازل.
الهزات الارتدادية
تتحرك الصفائح التكتونية التي تتكون منها القشرة الأرضية ببطء شديد باستمرار، لكن نتيجة لوجود عدة صفائح تتكون منها القشرة الأرضية، فقد تصطدم هذه الصفائح ببعضها البعض أو تتعرض للالتواء والسحب أو كثرة الاحتكاك، مما يؤدي إلى حدوث ضغوط على أطراف هذه الصفائح.
عندما تزيد شدة الضغوط يمكن أن يحدث انكسار مفاجئ وكبير للصخور مما يؤدي إلى إطلاق الطاقة والضغوط المخزنة على شكل أمواج تنتقل عبر القشرة الأرضية مسببة اهتزازات في الأرض والأبنية وغيرها فيشعر بها البشر أي يحدث ما يسمى بالزلزال.
ويطلق على الهزة الأولى الناتجة عن مركز الزلزال والتي تكون الأعلى شدة اسم الهزة الرئيسية، بينما تسمى الهزات الأقل شدة التي تحدث بعدها بالهزات الارتدادية.
الهزات الارتدادية هي أيضًا زلازل، لكن تكون شدتها أقل سعة من الهزة الرئيسية للزلزال، فعندما يحدث الزلزال وتنطلق الطاقة المخزنة ينتقل بعض منها إلى الصخور التي تجاور الصخور المهدمة والتي تتعرض بالفعل إلى الشد والاصطدام والالتواء، وبالتالي عندما تصبح هذه الضغوط ذات شدة كبيرة على الصخور تتعرض عندها للكسر أيضًا، مما يؤدي إلى إطلاق الطاقة المخزنة التي تشكلت، ويطلق عليها اسم هزة ارتدادية.
ويمكن أن يستمر حدوث الهزات الارتدادية خلال الأيام أو الأسابيع أو السنة التي تلي حدوث الزلزال، كما يمكن أن تتكرر بعدد كبير من المرات، وعلى الرغم من أن شدة الهزات الارتدادية قد تكون قليلة إلا أنها من الممكن أن تسبب ضررًا كبيرة من ناحية تهدم الأبينة التي تضررت نتيجة الزلزال الرئيسي ولم تنهدم، مما يسبب تأخر إنقاذ الأشخاص الواقعين تحت الأنقاض، كما أن لها تأثير نفسي موتر للسكان الذين لم يتخطوا الهزة الرئيسية بعد.
هل يوجد فرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية في الزلازل؟
صحيح، لكن الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية في الزلازل يقتصر على شدة هذه الهزة فقط، حيث تكون الهزة الرئيسية عادة أقوى شدةً من الهزة الارتدادية التي يمكن أن تتكرر على مدى أيام وأشهر بعد حدوث الهزة الرئيسية.
الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية
حقيقة إن الفرق بين الهزة الرئيسية (mainshock) والهزة الارتدادية (Aftershocks) في الزلازل هو فقط في الشدة، حيث تكون قوة الهزة الرئيسية أكبر على مقياس ريختر وأوسع انتشارًا، بينما تكون الهزات الارتدادية أقل شدة أي عبارة عن زلزال أصغر تحدث في نفس منطقة حدوث الهزة الرئيسية أي الزلزال الأساسي.
وتحدث الهزات الارتدادية بشكل متكرر بعد الهزة الرئيسية، لكن يتناقص عددها مع الزمن حيث يتكرر فقط نصف عدد الهزات الارتدادية التي حدثت يوم الزلزال في اليوم التالي له، ويستمر ذلك لمدة من الزمن، كما تستمر هذه الهزات بالتناقص في الشدة تدريجيًا إلى حين إطلاق كافة الطاقة المخزنة وبالتالي هدوء واستقرار الصفائح التكتونية تمامًا.
ويتم تسمية جميع الهزات التي تحدث بهزات ارتدادية طالما كانت شدتها أقل من الهزة الرئيسية، والزلازل الكبرى ينجم عنها عدد أكبر من الهزات الارتدادية والتي قد تستمر لعقود من الزمن.
في بعض الأحيان وبنسبة تفوق المتوسط قد يأتي بعد الزلزال الذي اعتبر رئيسي زلزال بشدة أكبر منه، فيطلق عندها على الزلزال الأول وصف إنذار (Foreshocks)، واحتمالية حدوث هذا الأمر ينتهي بعد مرور ثلاث أيام على الزلزال الكبير الأول فبعد هذه المدة يزول هذا الخطر تقريبًا.
متى تأتي الهزات الارتدادية؟
تبدأ الهزات الارتدادية بعد حدوث الزلزال، وانتقال بعضًا من الطاقة التي وجدت في بؤرة الزلزال إلى الصخور المحيطة، وبالتالي يتم تخفيف الضغط المتشكل عن طريق عدد من الهزات الأصغر، والتي تدعى بالهزات الارتدادية.
الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية هو أن جميع الهزات الصغيرة التي تحدث بعد الزلزال في منطقة الصدع ذاتها أو خارج الصدع لكن على طوله، تعتبر هزات ارتدادية تتبع الزلزال.
وأشار العلماء أنه بالمقارنة ما بين الزلزال الرئيسي وأكبر هزة ارتدادية من حيث كمية الطاقة المنبعثة أثناء الزلزال وباستخدام قانون باث تبين أن نسبة الفرق ما بين الحدثين تكون عادة ما بين 0.1 إلى 3 مرات في الحجم، ويعد متوسط الفرق في الحجم ما بين الاثنين هو 1.2 مرة.
وعادة ما يكون تواتر الهزات الارتدادية الصغيرة أكبر من تواتر الهزات الارتدادية الكبرى، وفي طبيعة الحال سوف تستمر هذه الهزات بالانخفاض إلى حين توقفها.
هل الهزات الارتدادية خطيرة؟
في الواقع لا يمكن وصف الهزات الارتدادية على أنها خطيرة، لأن ذلك الأمر يعتمد على مدى قوة الزلزال وقوة الهزات الارتدادية التي تليه حيث أن الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية غالبًا ما يكون الشدة، حيث أدت بعض الهزات الارتدادية سابقًا والتي ستبقى في ذاكرة التاريخ إلى أضرار جسيمة وبعضها تخطى أضرار الزلزال الرئيسي.
ومن الأمثلة على ذلك الزلزال الذي ضرب مدينة تانغشان في الصين بقوة 7.5 درجة على مقياس ريختر وتلته هزة ارتدادية بقوة 7.1 في مدينة لوانشان، الهزة الارتدادية أدت إلى حدوث العديد من الأضرار الإضافية والخسائر كما أنها تسببت بتأخير عمليات إنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض إضافة إلى انهيار مباني إضافية.
والهزات الارتدادية قد تؤدي إلى حدوث أضرار جسيمة في المباني التي تصدعت أو تضررت بفعل الزلزال الأول، لذا يجب أخذ الحذر عند دخول المباني أو المنازل المتضررة بفعل الزلزال لأنها تكون عرضة للانهيار سواء لوحدها أو بفعل هزة ارتدادية.
ومن أشهر الهزات الارتدادية المدمرة هي الهزة ذات العمق السطحي التي ضربت مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا، والتي بلغت شدتها 6.3 درجة على مقياس ريختر في تاريخ 22 فبراير من عام 2011، وكان مركز هذه الهزة هو المنطقة الحضارية للمدينة، وبالتالي كانت كفيلة بتدمير المباني وإصابة العديد من الضحايا، ووصفت بأنها هزة ارتدادية فتاكة، تغلبت على شدة الأضرار التي أحدثها الزلزال الرئيسي والذي ضرب منطقة ريفية.
الهزات الارتدادية كم تدوم؟
من المتوقع بعد حدوث زلزال قوي أن تستمر الهزات الارتدادية لمدة معينة من الزمن تختلف حسب شدة الزلزال والوقت اللازم للصفائح حتى تطلق كل الطاقة وتستقر نسبيًا، فقد تدوم الهزات الارتدادية لفترات تمتد من ساعات وأيام إلى أسابيع وأشهر وقد تصل إلى سنوات وعقود بعد الزلزال الأساسي.
وبشكل عام تحدث الهزات الارتدادية الأقوى في حال كان الزلازل على اليابسة، خلال الأيام الثلاثة الأولى التي تلي الزلزال، في حين إذا كان الزلزال في البحر فإن الهزات الارتدادية القوية من الممكن تستمر لمدة عشرة أيام قبل أن تضعف نسبيًا، حيث ينخفض عدد الهزات الارتدادية بعد مرور عشرة أيام من حدوث الزلزال الرئيسي إلى عشر الرقم التي كانت عليه، لكن بعد مرور هذه المدة تبدأ عملية تناقص عدد الهزات الارتدادية بالتباطئ، فبعد مرور عشرة أيام أخرى قد يتناقص عدد الهزات إلى النصف فقط، ولهذا السبب يشعر الناس بأن الهزات الارتدادية تستمر لمدة طويلة من الزمن.
الهزات الارتدادية المتتالية
تعرف الهزات الارتدادية المتتالية بأنها عدة زلازل تتبع زلزال رئيسي وتكون أضعف شدة منه وهو بشكل رئيسي الفرق بين الهزة الرئيسية والهزة الارتدادية، كما تختلف الهزات الارتدادية عن الهزة الرئيسية بإمكانية التنبؤ بحدوثها، فلا يمكن للدراسات أن تتنبأ بموعد حدوث زلزال لكن بعد حدوثه يمكن التأكد من فكرة قدوم زلازل أصغر في المدة الزمنية التي تليه.
على الرغم من أن الهزة الارتدادية تكون أضعف من الهزة الرئيسية إلا أنها قد تكون خطرة إلى حد ما، لذلك يجب أخذ احتياطات السلامة في وقت الهزة الارتدادية كتلك التي يجب أخذها وقت حدوث الزلزال الرئيسي، ومن هذه الاحتياطات حسب منظمة الصليب الأحمر ما يلي:
- أثناء وقوع الزلزال يجب على الشخص أولًا أن يجلس على الأرض واضعًا يديه وركبتيه عليها أي وضعية الزحف مما يحميه من إمكانية التعرض للسقوط.
- الانتقال زحفًا إلى مكان محمي أي تحت طاولة أو مكتب متين.
- بعد الجلوس في مكان آمن يجب أن يقوم بتغطية الرأس والرقبة بذراعيه لضمان عدم التعرض لإصابات في هذه المناطق.
ويجب الالتزام بهذه الوضعية إلى حين توقف الاهتزاز بشكل كامل.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن رصد الزلازل قبل حدوثها؟
هل أعلى درجة على مقياس ريختر 10 درجات؟
هل يمكن التنبؤ بموعد وقوع الزلازل؟
