تحقيق مسبار
إن أربع دول في العالم تحمل اسم غينيا كاسمٍ للدولة أو جزء من اسمها، ثلاث منها في أفريقيا، فيما الرابعة تقع في المحيط الهادئ، هذه الأخيرة هي بابوا غينيا الجديدة.
بابوا غينيا الجديدة
يعود اكتشاف بابوا غينيا الجديدة إلى حوالي العام 1526، من قبل البرتغالي دون جورج دي مينيسيس، تلى هذا الاكتشاف العديد من البعثات الاستكشافية الأوروبية، والتي استمرت لمدة 170 سنة لاحقة، ولكن مع ذلك، بقيت المعلومات عن السكان الأصليين قليلة ومحدودة.
في نهاية القرن التاسع عشر بدأ استكشاف بابوا غينيا الجديدة يتوسع ويأخذ زخمًا إضافيًا، وهو ما يعود إلى حاجة الأوروبيين لزيت جوز الهند، حيث بدؤوا يتاجرون به مع سكان الجزيرة في عام 1883.
بعد فترة قصيرة من ذلك، سيطرت الحكومة الألمانية بشكل مباشر على الجزيرة، وهو ما استمر حتى 1914، حيث انتزع الأستراليون السيطرة على غينيا الجديدة، وفي عام 1920 أصبحت تحت الحكم البريطاني برعاية عصبة الأمم.
خلال الحرب العالمية الثانية، غزت اليابان مناطق من بابوا غينيا الجديدة، وأضحت البلد ساحة للصراع بين القوى المتقاتلة، وبعد الحرب استلمت أستراليا إدارة البلاد. استمر ذلك حتى نالت بابوا غينيا الجديدة استقلالها عن الحكومة الأسترالية، وذلك في العام 1975.
أين تقع غينيا الجديدة؟
تقع غينيا الجديدة في قارة أوقيانوسيا، وإلى الجانب الجنوبي الشرقي من قارة آسيا.
تشغل دولة بابوا غينيا الجديدة النصف الشرقي من جزيرة غينيا الجديدة، فيما يتبع النصف الغربي للجزيرة إلى دولة إندونيسيا، كما تضم مجموعةً من الجزر، أهمها: جزيرتا بريطانيا الجديدة وإيرلندا الجديدة في المحيط الهادئ.
يحدّها من الجنوب بحر كورال الذي يفصل بينها وبين أستراليا، أما من الشرق والشمال فتطل على الجزء الجنوبي من المحيط الهادئ، وفي الغرب تجاورها أندونيسيا.
عاصمة غينيا الجديدة
إن عاصمة غينيا الجديدة هي مدينة "بورت مورسبي"، وهي تقع على الساحل الشرقي لخليج بابوا.
قبل وصول الأوروبيين كانت المنطقة التي تحتلها المدينة الآن مسكونةً من قبل شعب "موتو" و"كويتابو"، والذين عملوا في صيد الأسماك والتجارة وفي زراعة "اليام".
في عام 1873، اكتشف الكابتن "جون مورسبي" هذه المنطقة، وقد سمّى جزأيها على اسم والده: "فيرفاكس" و"مورسبي"، لتُعرف المنطقة كاملة فيما بعد باسم "بورت مورسبي".
عندما نالت البلاد استقلالها في عام 1975، أصبحت "بورت مورسبي" هي عاصمة غينيا الجديدة، وهي الآن المدينة الأكثر كثافة سكانية على مستوى البلاد، وبفارق كبير عن المدن والمناطق الأخرى، وذلك على الرغم من أن عدد سكانها يبلغ 338 ألف نسمة فقط وفق إحصائية عام 2004.
عدد سكان غينيا الجديدة
يبلغ عدد سكان غينيا الجديدة 7,6 مليون نسمة، وهو تعداد يمثل حوالي ثلاث أرباع سكان أرخبيل ميلانيزيا.
يشكل عدد سكان المناطق الحضرية نسبة صغيرة من التعداد السكاني، فهي تقارب 13% فقط، وذلك بمعدل نمو حضري يبلغ 2.3%، حيث لا يزال معظم سكان بابوا غينيا الجديدة حتى الآن يسكنون المناطق الريفية.
معدل الخصوبة في البلاد هو 3,7 ولادة لكل امرأة، ومعدل وفيات المواليد هو 42,4 وفاة من كل 1000 ولادة، أما معدل العمر المتوقع للمواطنين في هذه الدولة فهو 65,4 سنة.
اللغة الرسمية في غينيا الجديدة
تُعتبَر اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في غينيا الجديدة، فهي لغة الحكومة والمعاملات التجارية، وعلى الرغم من ذلك فهي ليست اللغة الرسمية الوحيدة، حيث تشاركها لغة "توك بيجين" ولغة "هيري موتو" صفة اللغة الرسمية في غينيا الجديدة.
تُعد لغة "توك بيجين" اللغة الأكثر انتشارًا في الحياة اليومية، والتي تسمى أيضًا بلغة بيجين المالينيزية أو المالينيزية الجديدة، وهي لغة خليطة تجمع بعض قواعد اللغات المحلية، وبعض الألمانية، وبالطبع عناصر من اللغة الإنجليزية.
لغة "هيري موتو" هي اللغة الرسمية الثالثة في البلاد، وهي لغة تجارية مبسطة، تستخدم في الأساس من قبل سكان المناطق الواقعة حول مدينة "بورت مورسبي".
إضافة للغات الرسمية الثلاث، توجد في بابوا غينيا الجديدة أكثر من 800 لغة محلية، وهي تنتمي إلى مجموعتين لغويتين أساسيتين: الأولى هي اللغات الأسترونيزية، وتنتشر في المناطق الساحلية وفي الجزر، تضم هذه العائلة اللغوية حوالي 200 لغة فرعية.
المجموعة اللغوية الثانية هي مجموعة اللغات غير الأسترونيزية أو لغات البابوا، والتي تنتشر في المناطق الداخلية، وتمثل لغات أكثرية السكان، وهناك حوالي 550 لغة فرعية منها، يُعتبر معظمها لغات خاصة بالمجتمعات المحلية الصغيرة، أهم هذه اللغات من ناحية عدد المتحدثين بها هي: إنغان وميلبا وكومان، والتي يبلغ عدد المتحدثين بكل منها حوالي 100 ألف متحدث فقط.
الديانة الرسمية في غينيا الجديدة
منذ القرن التاسع عشر، بدأت البعثات التبشيرية الغربية بنشر المسيحية بين سكان بابوا غينيا الجديدة، حيث سمحت الحكومة الاستعمارية لعدد من البعثات الكنسية بالعمل في مناطق جغرافية مختلفة.
نشطت كل بعثة تتبع كنيسة معينة في منطقة محددة، وذلك يعود للتباين السكاني والإثني بين المناطق المختلفة في بابوا غينيا الجديدة، وهذا مانتج عنه اختلاف الانتماء الكنسي للسكان المحليين باختلاف انتمائهم العرقي واللغوي.
إلى جانب كونها الدين السائد بلا منازع، تُعتبر الديانة المسيحية هي الديانة الرسمية في غينيا الجديدة، حيث أن دستور البلاد يحضّ على الالتزام بالمبادئ المسيحية، ولكنه في نفس الوقت يُقِرُّ بالحرية الدينية، وحقّ كل مواطن بالتعبير عن انتمائه الديني، وممارسة الشعائر والطقوس الروحية الخاصة بديانته.
تُقدَّر نسبة السكان المسيحيين في البلاد بما يُقارب 95%، وهم يتوزعون على كنائس مختلفة، معظمهم من الكاثوليك (حوالي 26%) والبروتستانت (حوالي 48%).
كما تتواجد في الدولة العديد من الديانات الأخرى، مثل البهائية (0.89% من السكان)، البوذية (0.16%)، الهندوسية (0.01%)، اليهودية (0.01%) وغيرها من الديانات.
تبلغ نسبة السكان المسلمين في بابوا غينيا الجديدة 0.03%، وهم يتركزون في مدن: بورت مورسبي، بيمورو، تشيمبو، دارو، مارشول لاغوون، ووادي موسا، وفي جزر بريطانيا الجديدة وإيرلندة الجديدة.
ربما تُعد أشهر الطقوس الدينية المحلية في بابوا غينيا الجديدة هي أكل لحم البشر، وهي وعلى الرغم من تراجعها بشكل كبير، مازالت تُمارس من قبل عدد صغير من القبائل، وهو طقسٌ يعود إلى التقاليد المحلية القديمة، والتي ترى أن أكل لحم المتوفي يُعبّر عن الاحترام والحب، وأنّه ومن خلال أكل كل جزء من الميت، حتى وجهه وعظامه، فإنه سوف يعيش إلى الأبد.
الإسلام في بابوا غينيا الجديدة
منذ حوالي خمسين سنة، كان تواجد الإسلام في بابوا غينيا الجديدة خجولًا وغير ملحوظ، وقد بقي عدد معتنقيه ثابتًا خلال السنين السبع التي أعقبت استقلال البلاد، وكان معظمهم من العمال الأفارقة والهنود.
في عام 1983 نجح هؤلاء العمال المهاجرون في إنشاء منظمة "المجتمع الإسلامي في بابوا غينيا الجديدة"، وذلك بعد ثلاث سنوات من محاولة كسب الاعتراف الرسمي بهم من قبل الحكومة.
خلال السبع عشرة سنة اللاحقة، كان عدد المعتنقين الجدد للإسلام من سكان البلد الأصليين يتزايد ببطء، ولكن بوتيرة ثابتة، وفي عام 2000، طرأ ارتفاعٌ ملحوظ على معدل اعتناق الإسلام في بابوا غينيا الجديدة، حيث أن عدد المسلمين من السكان الأصليين ازداد أكثر من ثماني أضعاف بحلول عام 2008، أي خلال ثماني سنوات.
يتركز نمو الإسلام في بابوا غينيا الجديدة في منطقة "الأراضي المرتفعة"، وخصوصًا في مقاطعة "سيمبو"، وغالبًا ما يكون معتنقوه الجدد من السكان الأصليين، وتحديدًا أولئك الذين لم يعتنق أجدادهم المسيحية في السابق.
يعتقد العديد من القادة المسلمين في البلاد، أن إقبال السكان على دين الإسلام يرجع لكونه أكثر قربًا للتقاليد المحلية، وذلك عند مقارنته مع الديانة المسيحية، حيث يراه السكان الأصليون أكثر توافقًا مع قيمهم وعاداتهم، ومن ذلك: تعدد الزوجات والفصل بين الجنسين ومحورية دور الرجل في الأسرة.
حاليًا يوجد 15 مركزًا إسلاميًا في بابوا غينيا الجديدة، وهي تُدار من قبل أئمة مسلمين، كما يتلقى الشباب المحلي المسلم منحًا دراسية للالتحاق بالمدارس الإسلامية في السعودية وماليزيا وإندونيسيا وفيجي، يعود هؤلاء الشباب إلى بلدهم بعد انتهاء دراستهم في الخارج، ليصبحوا مدرسين للقرآن وللتعاليم الدينية في مجتمعاتهم المحلية.
كم عدد المسلمين في بابوا غينيا الجديدة؟
يبلغ عدد المسلمين في بابوا غينيا الجديدة حوالي 4000 شخص، وهو عددٌ مستمرٌ بالارتفاع باطراد.
في الحقيقة كان هذا العدد يُقدر بـ 120 شخصًا فقط في عام 1976، وكان أغلبهم من المهاجرين الأفارقة والهنود، وقد ازداد عدد المسلمين بعد ذلك بوتيرة بطيئة، حيث أصبح في العام 2000، حوالي 280 مسلمًا من المهاجرين، و476 مسلمًا من السكان الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا.
منذ عام 2000 وحتى 2008، ارتفع عدد المعتنقين الجدد للإسلام بشكل سريع، ليبلغ عدد المسلمين في بابوا غينيا الجديدة مايزيد عن 4000 مسلم بحلول عام 2008، ولكن تبقى نسبة عدد المسلمين من مجمل عدد سكان البلاد نسبة صغيرة.
الفرق بين غينيا بيساو وغينيا الاستوائية
إضافة إلى دولة غينيا الواقعة في أفريقيا، ودولة بابوا غينيا الجديدة، توجد دولتان كذلك يتضمن اسمهما كلمة "غينيا"، هاتان الدولتان هما غينيا بيساو وغينيا الاستوائية وتقع كلتا الدولتين في أفريقيا.
غينيا بيساو والتي تُعرف كذلك باسم غينيا البرتغالية، تقع على الساحل الغربي لأفريقيا، بين السنغال وغينيا، وعاصمتها "بيساو"، وقد كانت مستعمرة برتغالية سابقًا.
غينيا الاستوائية تقع أيضًا على الساحل الأفريقي الغربي، ولكن بين الكاميرون والغابون، وهي تشمل جزءًا قاريًا وخمس جزر، إحدى هذه الجزر تحتضن عاصمة البلاد "مالابو"، وكانت هذه الدولة تحت السيطرة الاستعمارية الإسبانية.
اقرأ/ي أيضًا:
متى تم اكتشاف بابوا غينيا الجديدة؟
كم عدد الدول في مجموعة دول الكومنولث؟